(42) (914) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(للأخ؛ سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة.
وممن شارك صاحبنا سيف بن غدير وزكي أبوكيسة.
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
914 – قال الإمام النسائي أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن ربيِّع بنت معوذ قال: قلت لها: حدثيني حديثك. قالت: اختلعت من زوجي، ثم جئت عثمان فسألته: ماذا علي من العدة؟ فقال: لا عدة عليك إلا أن تكوني حديثة عهد به، فتمكثي حتى تحيضي حيضة. قال: وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالِيَّة، كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فاختلعت.
هذا حديث حسن
————–
الحديث يتكلم عن أحكام الخلع ونرتبها كالتالي:
تعريف الخلع: قال ابن عثيمين: الخلع قوله: «الخلع» بالفتح والضم، أما بالضم فهو المعنى، وأما بالفتح فهو الفعل، مثل: الغَسل، والغُسل، الغُسل للمعنى، والغَسل للفعل.
وأصل الخلع من خَلَعَ الثوب إذا نزعه، والمراد به اصطلاحاً فراق الزوج زوجته على عوض.
وزاد في الفقه الميسر: بألفاظ مخصوصة
مشروعية الخلع: الخلع مشروع؛ لقوله تعالى (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) ويدل على مشروعيته أحاديث سنذكرها إن شاءالله عند ذكر المسائل
نقل سيف بن غدير النعيمي نقولات خاصة من ابن عثيمين، وزدت زيادات قليلة عليها:
وقد نقل العلامة ابن حجر في فتح الباري إجماع الأمة على جواز الخلع ثم قال (9/ 396): (وضابطه شرعاً فراق الرجل زوجته ببذل قابل للعوض يحصل لجهة الزوج. وهو مكروه إلا في حال مخافة أن لا يقيما – أو واحد منهما – ما أمر به، وقد ينشأ ذلك عن كراهة العشرة إما لسوء خُلُقٍ أو خَلْقٍ، وكذا ترفع الكراهة إذا احتاجا إليه خشية حِنْثٍ يؤول إلى البينونة الكبرى) كالطلاق الثلاث المشروط بأمر.
وقال الإمام مالك رحمه الله في المدونة (2/ 241): (أرأيت النشوز إذا كان من قبل المرأة أيحل للزوج أن يأخذ منها ما أعطته على الخلع؟ قال: نعم, إذا رضيت بذلك ولم يكن منه في ذلك ضرر لها).
والخلع على المذهب له ألفاظ معلومة، كلفظ الخلع، أو الفداء، أو الفسخ، أو ما أشبه ذلك، فإن وقع بلفظ الطلاق صار طلاقاً.
قلت (سيف الكعبي) أفتت اللجنة الدائمة أن الخلع يعتبر طلاقا، ونقل الطحاوي الإجماع أنه إذا نوى بالخلع الطلاق وقع الطلاق وإن لم يتلفظ بالطلاق قال ابن قدامة في المغني 10/ 275:هذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق، ولم ينوه
قال ابن عثيمين: واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه ليس له ألفاظ معلومة؛ لأن المقصود به هو فداء المرأة نفسها من زوجها، وعلى هذا فكل لفظ يدل على الفراق بالعوض فهو خلع، حتى لو وقع بلفظ الطلاق، بأن قال مثلاً: طلقت زوجتي على عوض قدره ألف ريال، فنقول: هذا خلع، وهذا هو المروي عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن كل ما دخل فيه العوض فليس بطلاق، قال عبد الله ابن الإمام أحمد: كان أبي يرى في الخلع ما يراه عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أي: أنه فسخ بأي لفظ كان، ولا يحسب من الطلاق.
ويترتب على هذا مسألة مهمة، لو طلق الإنسان زوجته مرتين متفرقتين، ثم حصل الخلع بلفظ الطلاق، فعلى قول من يرى أن الخلع بلفظ الطلاق طلاق تكون بانت منه، لا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، وعلى قول من يرى أن الخلع فسخ ولو بلفظ الطلاق، تحل له بعقد جديد حتى في العدة، وهذا القول هو الراجح.
وقال الشيخ مرة:
واعلم أن الخلع … ليس بطلاق، والله إنما أمر بالطلاق للعدة {{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}} [الطلاق: 1]، ولهذا يجوز أن يخالعها ولو كانت حائضاً،
وقال: لكن مع ذلك ننصح من يكتبون المخالعة أن لا يقولوا: طلق زوجته على عوض قدره كذا وكذا، بل يقولوا: خالع زوجته على عوض قدره كذا وكذا؛ لأن أكثر الحكام عندنا ـ وأظن حتى عند غيرنا ـ يرون أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقاً، ويكون في هذا ضرر على المرأة، فإن كانت الطلقة الأخيرة فقد بانت، وإن كانت غير الأخيرة حُسِبت عليه.
ونقل الأخ زكي أبوكيسة عن صديق حسن خان أنه:
سئل ([هل الخلع فسخ أم طلاق]:فنقل أن الشوكاني اختلف قوله فيه. ثم رجح أنه طلاق.
الروضة الندية (ومعها: التعليقاتُ الرَّضية على «الرَّوضة النّديَّة» 2/ 273، ونقل أنه لا تلازم بين اعتباره طلاق وبين الإعتداد بحيضة؛ لأن بعض المطلقات لا تعتد بالحيض، وكان ذلك مخصصا لعموم العدة، وقد أطال ابن القيم الكلام على ذلك، ورجح أن الخلع فسخ، ولم يأت ببرهان يشفي سوى ما ذكرنا من أمره – صلى الله عليه وسلم – لها أن تعتد بحيضة، انتهى بمعناه
لكن القول بأنه فسخ أقوى
قال العثيمين: والخلع قد يكون بطلب من الزوج، أو بطلب من الزوجة، أو بطلب من وليها، أو بطلب من أجنبي، فيكون بطلب من الزوج بأن يكون الزوج ملَّ زوجته، لكنه أصدقها مهراً كثيراً، وأراد أن تخالعه بشيء ترده عليه من المهر.
وقد يكون ـ وهو الغالب ـ بطلب من الزوجة، فهل للزوجة أن تطلب الخلع أو لا؟
فالجواب: إن كان لسبب شرعي ولا يمكنها المُقَام مع الزوج فلها ذلك، وإن كان لغير سبب فليس لها ذلك، مثال ذلك: امرأة كرهت عشرة زوجها، إما لسوء منظره، أو لكونه سيئ الخلق، أو لكونه ضعيف الدين، أو لكونه فاتراً دائماً، المهم أنه لسبب تنقص به العشرة، فلها أن تطلب الخلع.
ولهذا قالت امرأة ثابت بن قيس بن شماس ـ رضي الله عنهما ـ للنبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ـ فهو مستقيم الدين، مستقيم الخلق ـ ولكني أكره الكفر في الإسلام، تعني بالكفر عدم القيام بواجب الزوج، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير» [(312)]، وليس مرادها أن تكفر بالله ـ عزّ وجل ـ، بل تكفر بحق الزوج، لأنها قالت: في الإسلام، و «في» للظرفية، وهذا يعني أن إسلامها باقٍ، وفي بعض الروايات شددت في هذا حتى قالت: لولا مخافة الله لبصقت في وجهه [(313)]، من شدة بغضها له، ولا يُستغرب، فالنساء لهن عواطف جياشة كرهاً وحباً، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أتردين عليه حديقته»، والحديقة هي المهر، حيث كان قد أمهرها بستاناً، فقالت: نعم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لثابت: «خذ الحديقة وطلقها» فأخذها وطلقها [(314)].
الشاهد: من هذا الحديث أنها قالت: «لا أعيب عليه في خلق ولا دين»، وعلى هذا، فإذا كان الزوج قليل شهود الجماعة في الصلاة، أو قليل الصلاة، أو عاقاً لوالديه، أو يتعامل بالربا، وما أشبه ذلك، فللزوجة أن تطلب الخلع لكراهتها دينه، لا سيما أن بعض الأزواج أولَ ما يخطب تجده يأتي بصورة تروق للناظرين، من حيث الخلق والتدين، ….. وإذا تزوج ضعف، فلا يصلي، إما مطلقاً، أو لا يصلي مع الجماعة، ثم يأتي بالدش لاستقبال القنوات الفضائية، … فلها أن تطلب الخلع.
وهل يلزم الزوج على الخلع: القول الراجح أنه يُلزَم إذا قالت الزوجة: أنا لا مانع عندي، أعطيه مهره، وإن شاء أعطيته أكثر. انتهى كلام ابن عثيمين
وجمهور العلماء على أنه يصح الخلع مع استقامة الحال، إلا أنه يكره إذا لم يكن له سبب.
لكن الذي اختاره العثيمين هو اختيار ابن تيمية وابن حزم لحديث (لا ضرر ولا ضرار) وحديث (أيما أمرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنة) (مجموع الفتاوى 32/ 282، والمحلى 1982)
قلت (سيف بن دورة الكعبي)
تنبيه: اللفظة الذي أوردها ابن عثيمين وفيه أنها كادت تبصق في وجهه ضيعف، قال بعض مشايخنا: فيه الحجاج بن أرطأة ضعيف ومدلس، فالحديث صحيح بدونها، وكذلك رواية (كان أول خلع في الإسلام) ضعيف لأنها أيضا من طريق الحجاج.
وكذلك لفظة (وأمره بطلاقها) أخرجها البخاري 5273 وقال: ولا يتابع فيه عن ابن عباس، ثم ذكره من مراسيل عكرمة، ثم ذكر رواية جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس متصله وليس فيه لفظة وأمره بطلاقها إنما فيه (وأمره ففارقها) لكن ذكر بعدها رواية حماد عن أيوب عن عكرمة مرسلة، فكأنه يشير لإعلالها.
وأعله كذلك الدارقطني في التتبع بالإرسال ص488، والبيهقي في الكبرى 7/ 313.
وأخرج أبوداود 2224 أن التي طلبت الخلع من ثابت هي حبيبة بنت سهل وهو صحيح، لذا قال البيهقي: اضطرب الحديث في تسمية امرأة ثابت، ويمكن أن يكون الخلع تعدد من ثابت.
ووردت لفظة عدتها حيضة من حديث ابن عباس 2226 لكن ذكر أبوداود بعده مرسلاً مشيرًا لإعلاله. لكن سبق في حديث الباب، وممن قال تعتد بحيضة ابن باز وابن عثيمين وقبلهما ابن تيمية وابن القيم والشوكاني كما في الدراري، لكن قال ابن باز: إن اعتدت بثلاث حيض فهو أحوط.
وورد من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد بحيضة، أخرجه الترمذي والنسائي وإسناده حسن
-ولا يجوز أن يخبب رجل امرأة على زوجها، ولا يخدعه بالخلع بأن يزين له المال:
وسئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن رجل قال لآخر: طلق زوجتك لأتزوجها بكذا وكذا من الدراهم، فأنكر هذا إنكاراً شديداً، وقال: أيفعل هذا أحد؟! لا يجوز.
و قال العثيمين:
مسألة: إذا اشترط الخيار في الخلع مدة العدة أو الاستبراء، فهذه المسألة فيها خلاف، المذهب أنه لا يصح شرط الخيار فيه؛ لأنه ليس عقد معاوضة محضة،
القول الثاني: أنه يصح شرط الخيار فيه، وإذا اختار أحدهما الرجوع فإنه يرجع؛ لأن الحق لهما، والذي يظهر أنه يصح الشرط؛ لأن هذه ليست كالمسألة الأولى، فالرجعة في المسألة الأولى للزوج، أما هذا فالخيار لهما جميعاً، مع أنه قد يقول قائل: إذا اختار الزوج فإن الزوجة تجبر على الموافقة، وحينئذٍ نعود إلى أنه كشرط الرجعة تماماً، إلا أن الرجعة من جانب واحد، وهذا من جانبين.
قلت (سيف الكعبي):يقصد بالمسألة الأولى كون الخيار للزوج فقط فرجح صحة الخلع وبطلان الشرط؛ وهو مذهب الحنابلة؛ لأنها قد تغتر عند عقد الخلع ثم تندم
قال العثيمين:
مسألة مهمة، لو أننا ما تمكنا من الجمع بين الزوجين بأي حال من الأحوال، فأبى أن يطلق، وأبت هي أن تبقى عنده، فذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الخلع حينئذ بشرط أن ترد عليه المهر كاملاً، ذهب إلى هذا بعض علماء الحنابلة، وشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ يقول عنه تلميذه ابن مفلح: إن شيخنا اختلف كلامه في هذه الصورة، هل يجب الخلع أو لا؟ لح لثابت ـ رضي الله عنه ـ: «خذ الحديقة وطلقها»، وقالوا: الأمر للواجب؛
قلت: وراجع الإنصاف 8/ 383،ومجموع الفتاوى 32/ 283