42 – كتاب الرُّؤْيَا
1 – (2261) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ – وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ – حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا، غَيْرَ أَنِّي لَا أُزَمَّلُ، حَتَّى لَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ»
1 – وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَعَبْدِ رَبِّهِ، وَيَحْيَى، ابْنَيْ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِمْ قَوْلَ أَبِي سَلَمَةَ: كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا، غَيْرَ أَنِّي لَا أُزَمَّلُ.
1 – وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كِلَاهُمَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا أُعْرَى مِنْهَا، وَزَادَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ «فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ، حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»
2 – (2261) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» فَقَالَ: «إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ جَبَلٍ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَمَا أُبَالِيهَا»
2 – وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَإِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَابْنِ نُمَيْرٍ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ: «وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ»
3 – (2261) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالرُّؤْيَا السَّوْءُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، لَا تَضُرُّهُ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً، فَلْيُبْشِرْ وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ»
4 – (2261) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ، فَقَالَ: وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ»
5 – (2262) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ»
6 – (2263) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ” قَالَ: «وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ» فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ ”
6 – وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَيُعْجِبُنِي الْقَيْدُ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
6 – حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
6 – وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَهُ: وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، إِلَى تَمَامِ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْ «الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
7 – (2264) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ – وَاللَّفْظُ لَهُ – حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
7 – وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ
8 – (2263) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُسْلِمِ يَرَاهَا أَوْ تُرَى لَهُ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ كِلَاهُمَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
8 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ
9 – (2265) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: جَمِيعًا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
9 – وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
9 – وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ، وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ كِلَاهُمَا، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
الفوائد
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
– قال العقيلي: وذكر الحديث في ضعفائه من حديث أنس: وهذا يروى عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جيدة.
-نقل بعض الباحثين فوائد في الرؤى المنامية:
- الرؤيا الصادقة وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. (البخاري 6472 ومسلم 4201)
قلت: وسيأتي إن شاء الله في الدرس القادم تفصيل ذلك.
وبعض الباحثين فرق بين الرؤيا الصالحة والصادقة فقال: الرؤيا الصالحة هي المبشرة، وليست هي الرؤيا الصادقة التي تتحقق بخير أو شر، وذلك لعدة أسباب:
أ- وصفها بأنها من المبشرات، وهل المنبئات بالشر تعتبر مبشرات؟
قلت: قد يكون فيها تنبيه وتبشير، فابن عمر رضي الله عنهما رأى أنه يساق إلى بئر فيها نار، فقيل: إنك لست من أهلها …. فحصل له خير من هذه الرؤية.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بقراً تذبح، وقال: (والله خير) فإذا البقر ما أصاب المسلمون في غزوة أحد …
ب- ورد (تُرى له) تدل على أن غير الرائي يستبشر بها
ج- صدق الرؤيا يقع للكافر كما يقع للمسلم، ومنه قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَاكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43))،وكذلك رؤيا السجينين وبوب عليه البخاري في صحيحه باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك
د- ورد (لم تكد) تدل أن بعض الرؤى ليست صادقة والراجح نفي الكذب عنها أصلاً؛ لأن حرف النفي الداخل على (كاد) ينفي قرب وصوله كقوله تعالى: (إذا أخرج يده لم يكد يراها)، يعني لم يرها ولا يكاد، نقله ابن حجر عن الطيبي في باب القيد في المنام من شرحه للصحيح، وكذلك القرطبي في تفسير الآية نقله عن الزجاج وأبي عبيدة لكن ورد (وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً) ينبغي أن يقال الرؤيا التي لا تكذب هي تمييزاً لها عن أضغاث الأحلام وهذا مقيد بأنها تأتي بأمر حسن، وأن ظاهرها ليس فيه ما يكره الرائي أو يقلقه، لأنها لو كانت فيها مثل هذا كانت حلم من الشيطان.
قلت: كذا قيدها، ولا يخفى أن هناك رأى تخوف منها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن علم أن عاقبتها إلى خير وسيأتي في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الباحث: وقد يحمل هذا على حقيقتها كما جاءت في المنام وقد تصح بتأويل ودرجة تأويلها تختلف حسب وضوحها فيكون هذا هو المراد بأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً فيكون الصدق هنا عائد على وضوح الرؤيا للتعبير.
قلت: الحديث سبق في أحاديث الباب (َ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة) وحمله بعض العلماء، أن الله عوض هذه الأمة المتأخرة التي ابتعدت عن بشارات الوحي بهذه الرؤى، وبعضهم قال: هذا في زمن عيسى ابن مريم. كما ذكر ابن حجر والقرطبي.
فائدة: قال بعض الأفاضل: من الرؤى التي رآها الصحابة وتحققت:
عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري (أو) حجرتي فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك، وهو خيرها. وهذا منقطع قال أبو عمر يوسف ابن عبد البر كما في التمهيد:
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند يحيى والقعنبي وابن وهب وأكثر رواته. ورواه قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة …
ذكره أبو داود عن قتيبة. انتهى
قلت: تابعه معن، وسويد عن مالك أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك.
وتابع مالكا؛ يحيى أي القطان ويزيد بن هارون، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وعمرو بن الحارث انتهى
قلت: وكذلك قصة عمر لما رأى أن ديكاً نقره وهو في صحيح مسلم 567، وقصة عبدالله بن سلام لَمَّا رأى العروة الوثقى، وقصة الصحابية التي رأت كأنها دخلت الجنة فرأت أنه جيء بفلان بن فلان .. وفلان بن فلان حتى عدت أثنى عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك قالت فجيئ بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم …. وهو في الصحيح المسند 53.
(22) ديسمبر، (2014) (10): (09) م – سيف الكعبي: 2. والرؤيا مبدأ الوحي (البخاري 3، ومسلم 231)
- وصدقها بحسب صدق الرائي، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا. (مسلم 4200)
- وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطئ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيكون للمؤمنين شيء من العوض بالرؤيا التي فيها بشارة لهم أو تصبير وتثبيت على الدّين. (البخاري 6499 وسلم 4200)
ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم.
فائدة: ذكرها لي بعض الأفاضل:
قال شيخ الاسلام ابن تيمية كما في “الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان”
“ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه، ويسد حاجته، ولهذا كانت هذه الامور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة”
- والأحلام ثلاثة أنواع منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي صلى الله عليه وسلم “الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام”. (البخاري 6499 ومسلم 4200)
- ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على تنفيذ أمر الله له في المنام بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقال: (أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من ثم الله يمضه) أخرجه البخاري، وذكر ابن حجر ثلاث احتمالات للشك الوارد في الحديث … الثالث: وجه التردد هل هي رؤيا وحي على ظاهرها وحقيقتها أو هي رؤيا وحي لها تعبير ورجحه.
وسيأتي بعد ثلاث أبواب إن شاء الله رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
- وأما رؤيا غير الأنبياء فتُعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها. وهذا مسألة خطيرة جدا ضلّ بها كثير من المُبتدعة من الصوفية وغيرهم.
قلت: وضل بها بعض الخوارج فيرى أنه المهدي مثلاً فيخرج على ولي الأمر، كما حصل في فتنة جهيمان في الحرم المكي وذكرنا في سنن أبي داود أن المهدي لا يخرج على حاكم شرعي.
- ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرّ الصدق وأكل الحلال والمحافظة على الأمر الشرعي واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم وينام على طهارة كاملة مستقبل القبلة ويذكر الله حتى تغلبه عيناه فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة.
- وأصدق الرؤى رؤى الأسحار فإنه وقت النزول الإلهي واقتراب الرحمة والمغفرة وسكون الشياطين وعكسه رؤيا العَتَمة عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية.
انظر لما سبق ” مدارج السالكين ” (1/ 50 – 52)
وقال الحافظ ابن حجر:
- جميع المرائي تنحصر على قسمين:
أ. الصادقة، وهي رؤيا الأنبياء ومَن تبعهم مِن الصالحين، وقد تقع لغيرهم بندور (أي نادرا كالرؤيا الصحيحة التي رآها الملك الكافر وعبّرها له النبي يوسف عليه السلام) والرؤيا الصّادقة هي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم.
ب. والأضغاث وهي لا تنذر بشيء، وهي أنواع:
الأول: تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأن يرى أنه قطع رأسه وهو يتبعه، أو رأى أنه واقع في هَوْل ولا يجد من ينجده، ونحو ذلك.
والثاني: أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل المحرمات مثلا، ونحوه من المحال عقلاً.
الثالث: أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه فيراه كما هو في المنام، وكذا رؤية ما جرت به عادته في اليقظة، أو ما يغلب على مزاجه ويقع عن المستقبل غالبا وعن الحال كثيراً وعن الماضي قليلاً.
انظر: ” فتح الباري ” (12/ 352 – 354).
قلت: وفي معنى ذلك حديث عوف بن مالك مرفوعاً: (إن للرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) صحيح، ابن ماجه
قال ابن حجر: فحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء:
أ. أن يحمد الله عليها.
ب. وأن يستبشر بها.
ج. وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره.
وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة أربعة أشياء:
أ. أن يتعوذ بالله من شرها.
ب. ومن شر الشيطان.
ج. وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا.
قلت: ورد البصق والتفل والنفث فلو قلنا نفث مع ريق يسير لكان أقرب للجمع بين الروايات
د. ولا يذكرها لأحد أصلاً.
هـ. ووقع (في البخاري) في باب القيد في المنام عن أبي هريرة خامسة وهي الصلاة ولفظه فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصّه على أحد وليقم فليصلّ ووصله الإمام مسلم في صحيحه.
وزاد مسلم سادسة وهي: التحول من جنبه الذي كان عليه …..
وفي الجملة فتكمل الآداب ستة، الأربعة الماضية، وصلاة ركعتين مثلا والتحوّل عن جنبه إلى النوم على ظهره مثلا.
انظر: ” فتح الباري ” (12/ 370).
- وفي حديث أبي رزين عند الترمذي ولا يقصها إلا على وادّ بتشديد الدال اسم فاعل من الوُدّ أو ذي رأي وفي أخرى ولا يحدِّث بها إلا لبيبا أو حبيبا وفي أخرى ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قال القاضي أبو بكر بن العربي أما العالم فإنه يؤولها له على الخير مهما أمكنه وأما الناصح فإنه يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعْلِمه بما يعوّل عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فإن عرف خيرا قاله وإن جهل أو شك سكت.
انظر: ” فتح الباري ” (12/ 369).
قلت: يمكن أن نضيف فوائد:
12 – : أن التعبير ليس سبباً في تحقيق الرؤيا بل هو محاولة لفهمها. لكن يجب أن نفرق بين الحلم والرؤيا فالحلم من الشيطان أي تخويفه وتهويله فيظل الرائي متخوف، وهو لو طبق الآداب ولم يباله دحر الشيطان، كما قال أبو سلمة (إن كنت أرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل فلما سمعت هذا الحديث كنت لا أباليها)، أما الرؤيا فورد حديث (إن الرؤيا تقع على ما تعبر) صححه الشيخ الألباني 120، وكذلك صححها بعض الباحثين، وورد كذلك حديث (لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح) صححه الألباني الصحيحة 119
قال النووي: وأما كون لا يخبر بها من لا يحب فربما حمله الحسد والبغض على تفسيرها بمكروه، فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد من سوء تفسيرها.
قال الألباني في الصحيحة تحت حديث 120: والحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر، ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم، لأن المفروض فيهما
أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك، لكن مما لا ريب فيه أن ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا و لو على وجه، و ليس خطأ محضاً و إلا فلا تأثير له حينئذ و الله أعلم.
و قد أشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري في ” كتاب التعبير ” من ” صحيحه “بقوله (4/ 362):
” باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب “.
ثم ساق حديث الرجل الذي رأى في المنام ظلة و عبرها أبو بكر الصديق ثم قال: فأخبرني يا رسول الله – بأبي أنت – أصبت أم أخطأت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أصبت بعضا، و أخطأت بعضا “.انتهى كلام الألباني ثم ساق حديث تعبير أبي بكر وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً في الصحيحة 121 وهو متفق عليه، وسيأتينا إن شاء الله في باب تأويل الرؤيا.
13 – دفع أسباب العين والحسد، بعدم إخبار الرؤى الطيبة إلا لمن يحب. ومنه قوله تعالى (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67))
14 – التفكير الزائد وعدم اليقين سبب للأمراض النفسية، وهي تجلب الأمراض الجسدية كما حصل لأبي سلمة في قوله (حتى إن كانت لتمرضني)
15 – أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من الشيطان، ومنه حديث (كان يصبح جنباً من غير احتلام … ).
قال ابن كثير: إن أريد بالاحتلام فيض البدن فلا مانع، وإن أريد به ما يحصل من تخبط الشيطان فهو معصوم من ذلك.
لذلك لا يجوز عليه الجنون ويجوز الإغماء.
وقال بعض الباحثين: إضافة الحلم إلى الشيطان بمعنى تناسب صفته من الكذب والتهويل، بخلاف الرؤيا الصادقة فأضيفت إلى الله إضافة تشريف، وإن كان الكل بخلق الله.
16 – ليست كثرة الرؤى علامة على الأفضلية، فكثير من الصديقين لم ير إلا الرؤية والرؤيتين. وسبق نقل كلام ابن تيمية في الكرامات.
17 – الرؤى علم، فلا يجوز التلاعب في تفسيرها، ومنه قوله تعالى (وعلمناه من تأويل الأحاديث)،
18 – لا بأس لمن كان عالماً أن يحاول تفسير الرؤى كما حاول أبوبكر الصديق بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تفسير رؤيا، بعد استئذان النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فلما فسرها قال: هل أصبت يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً ….
19 – قال بعض الباحثين: من تقدم لخطبتها رجل فتستشير وتستخير، ولا تبني الرفض على الرؤى؛ لأن التعبير قد يكون مخالفاً للحال، أو مجانباً للحقيقة، فالمعبرون بشر يخطئون ويصيبون. وبعض الرأي تكون فيها وضوح خاصة إذا أتت من شخص لا تمته علاقة بالشخص الذي رؤيت فيه الرؤية.
تنبيه: لعلنا في الأبواب القادمة إن شاء الله نتعرض لشيء من فقه الرؤى.
68 الفوائد المنتقاة من شرح مختصر صحيح مسلم –
رقم 68
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف بن دورة الكعبي)
وممن شارك الأخ أبوصالح والديني وغيرهم بفوائد قيمة.
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1، والاستفادة
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(مختصر مسلم لعبدالحق الأشبيلي)
7 – (2264) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ – وَاللَّفْظُ لَهُ – حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
7 – وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ
8 – (2263) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُسْلِمِ يَرَاهَا أَوْ تُرَى لَهُ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
8 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ كِلَاهُمَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
8 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ
9 – (2265) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: جَمِيعًا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
9 – وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
9 – وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ، وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ كِلَاهُمَا، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
الفوائد
——————-
– نقل الدارقطني الخلاف في بعض أسانيد الحديث، ورجح الرفع. (العلل للدارقطني 10/ 30)
-نقل الأخ الديني: قال ابن قتيبة الدينوري رحمه الله:
” وليس فيما يتعاطى الناس من فنون العلم, ويتمارسون من صنوف الحكم شيء هو أغمض وألطف, وأجل وأشرف, وأصعب مرارا, وأشد إشكالا من الرؤيا ; لأنها جنس من الوحي, وضرب من النبوة.
ولأن كل علم يطلب فأصوله لا تختلف … خلا التأويل , فإن الرؤيا تتغير عن أصولها باختلاف أحوال الناس في هيآتهم وصناعاتهم وأقدارهم وأديانهم وهممهم وإرادتهم وباختلاف الأوقات والأزمان فلأنها مرة مثل المضروب يعتبر بالمثل النظير, ومرة مثل المضروب يعتبر بالضد والخلاف, ومرة تنصرف عن الرائي لها إلى الشقيق أو النظير أو الرئيس, ومرة تكون أضغاثا.
ولأن كل عالم بفن من العلوم يستغني بآلة ذلك العلم لعلمه، خلا عابر الرؤيا؛ فإنه يحتاج إلى أن يكون عالما بكتاب الله عزوجل، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ليتعبرهما في التأويل، وبأمثال العرب، والأبيات النادرة، واشتقاق اللغة، والألفاظ المبتذلة عند العوام. وأن يكون مع ذلك أديبا لطيفا ذكيا عارفا بهيآت الناس وشمائلهم وأقدارهم وأحوالهم عالما بالقياس حافظا الأصول. ولن تغني عنه معرفة الأصول إلا أن يمد الله بتوفيق يسدد حكمه للحق، ولسانه للصواب ولن يحضره الله تعالى تسديده حتى يكون طيب الطعمة نقيا من الفواحش، طاهرا من الذنوب …. // تعبير الرؤيا للدينوري (72) – (76)
-قال الأخ أبوصالح: قال ابن عبد البر في التمهيد: ” اختلاف آثار هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا من النبوة ليس ذلك عندي باختلاف تضاد وتدافع والله أعلم ?نه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة …. على حسب ما يكون الذي يراها من صدق الحديث وأداء الامانة والدين المتين وحسن اليقين … ”
وقال ابن بطال في شرحه:
يعني تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق. انتهى
وسيأتينا إن شاء الله في الباب القادم نقلاً للأخ أبي صالح عن بعض الأئمة يوضح معنى حديث (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)
– قال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين؛
فصل المرتبة العاشرة من مراتب الهداية الرؤيا الصادقة وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
وقد قيل في الجمع بينهما إن ذلك بحسب حال الرائي فإن رؤيا الصديقين من ستة وأربعين ورؤيا عموم المؤمنين الصادقة من سبعين والله أعلم. انتهى
وقال أيضاً: والرؤيا مبدأ الوحي وصدقها بحسب صدق الرائي، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا، وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطئ كما قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيتعوض المؤمنون بالرؤيا، وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا.
وإذا تواطأت رؤيا المسلمين لم تكذب، وقد قال النبي _صلى الله عليه وسلم-لأصحابه لما أروا ليلة القدر في العشر الأواخر قال: أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في العشر الأواخر من رمضان.
والرؤيا كالكشف منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام، والذي هو من أسباب الهداية هو الرؤيا التي من الله خاصة.
ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا.
وأما رؤيا غيرهم فتعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها، فإن قيل فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو تواطأت.
قلنا متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي بل لا تكون إلا مطابقة له منبهة عليه أو منبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه لم يعرف الرائي اندراجها فيه فيتنبه بالرؤيا على ذلك ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق.
فصل المرتبة التاسعة مرتبة الإلهام قال تعالى … (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)
وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ لحصير بن منذر الخزاعي لما أسلم قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي.
والتحديث أخص من الإلهام فإن الإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فكل مؤمن، فقد ألهمه الله رشده الذي حصل له به الإيمان، فأما التحديث فالنبي _صلي الله عليه وسلم – قال فيه إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر يعني من المحدثين فالتحديث إلهام خاص وهو الوحي إلى غير الأنبياء،
إما من المكلفين كقوله تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) وقوله (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي) وإما من غير المكلفين كقوله تعالى (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) فهذا كله وحي إلهام … إلى آخر ما قال رحمه الله.
وقال: فصل:
وهو – يعني الإلهام – على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: نبأ يقع وحيا قاطعا مقرونا بسماع إذ مطلق النبأ الخبر الذي له شأن فليس كل خبر نبأ وهو نبأ خبر عن غيب معظم ويريد بالوحي والإلهام الإعلام الذي يقطع من وصل إليه بموجبه إما بواسطة سمع أو هو الإعلام بلا واسطة.
قال: أما حصوله بواسطة سمع فليس ذلك إلهاما بل هو من قبيل الخطاب وهذا يستحيل حصوله لغير الأنبياء وهو الذي خص به موسى إذ كان المخاطب هو الحق عز و جل،
وأما ما يقع لكثير … من سماع فهو من أحد وجوه ثلاثة لا رابع لها:
-أعلاها أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا فإن هذا يقع لغير الأنبياء فقد كانت الملائكة تخاطب عمران بن حصين بالسلام فلما اكتوى تركت خطابه، فلما ترك الكي عاد إليه خطاب ملكي وهو نوعان:
أحدها: خطاب يسمعه بأذنه وهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين.
والثاني: خطاب يلقى في قلبه يخاطب به الملك روحه كما في الحديث المشهور (إن للملك لمة بقلب ابن آدم وللشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالوعد ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد ثم قرأ (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا).
تنبيه (سيف):الحديث رجح أبوحاتم وأبو زرعة وقفه، لكن قال البخاري: وأرى رفعه غير أبي الأحوص عن عطاء بن السائب وهو حديث أبي الأحوص.
قلت: رجح الترمذي وغيره تفرده بالرفع، وكذلك ورد من طريق الزهري موقوفا. (راجع حاشية الجريسي على علل ابن أبي حاتم 2224) انتهى التنبيه
قال ابن القيم: وقال تعالى (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) قيل في تفسيرها: قووا قلوبهم وبشروهم بالنصر، وقيل: احضروا معهم القتال والقولان حق فإنهم حضروا معهم القتال وثبتوا قلوبهم.
ومن هذا الخطاب واعظ الله عز و جل في قلوب عباده المؤمنين كما في جامع الترمذي ومسند أحمد من حديث النواس بن سمعان عن النبي-صلى الله عليه وسلم- (إن الله تعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما وعلى كنفتي الصراط سوران لهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعو فوق الصراط فالصراط المستقيم الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله فلا يقع أحد في حد من حدود الله حتى يكشف الستر والداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن) أخرجه أحمد قلت (سيف) وهو في الصحيح المسند 1179
فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة
وأما وقوعه بغير واسطة فمما لم يتبين بعد والجزم فيه بنفي أو إثبات موقوف على الدليل والله أعلم
فصل: النوع الثاني من الخطاب المسموع: خطاب الهواتف من الجان وقد يكون المخاطب جنيَّا مؤمناً صالحا، وقد يكون شيطان، وهذا أيضاً نوعان:
أحدهما: أن يخاطبه خطاب يسمعه بإذنه
والثاني: أن يلقى في قلبه عند ما يلم به ومنه وعده وتمنيته حين يعد الإنسي ويمنيه ويأمره وينهاه كما قال تعالى (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقال (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء) وللقلب من هذا الخطاب نصيب وللأذن أيضا منه نصيب والعصمة منتفية إلا عن الرسل ومجموع الأمة
فمن أين للمخاطب أن هذا الخطاب رحماني أو ملكي بأي برهان أو بأي دليل والشيطان يقذف في النفس وحيه ويلقى في السمع خطابه فيقول المغرور المخدوع: قيل لي وخوطبت صدقت لكن الشأن في القائل لك والمخاطب وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لغيلان بن سلمة وهو من الصحابة لما طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك …
فصل: النوع الثالث: خطاب حالي تكون بدايته من النفس وعوده إليها
فيتوهمه من خارج وإنما هو من نفسه منها بدا وإليها يعود
وهذا كثيرا ما يعرض للسالك فيغلط فيه ويعتقد أنه خطاب من الله كلمه به منه إليه …
فهذه الوجوه الثلاثة هي وجوه الخطاب ومن سمع نفسه غيرها فإنما هو غرور وخدع وتلبيس وهذا الموضع مقطع القول وهو من أجل المواضع لمن حققه وفهمه والله الموفق للصواب. انتهى كلام ابن القيم بحذف بعض العبارات
-ويؤيد كلام ابن القيم أن الوحي التشريعي لا يكون إلا للأنبياء ما قال الأخ أبوصالح: أن جبريل عليه السلام الذي هو مكلف بالوحي لا ينزل إلا على الأنبياء.
قلت: – ويدل عليه الحديث الذي أخرجه البخاري 2641 عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَاخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَامَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ
وأخرج مسلم 2454 عن أنس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (انطلق بنا إلى أم ايمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهينا إليها بكت فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم إن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.
-سئلت اللجنة الدائمة: هل في إمكان إنسان أن يصل إلى درجة تمكنه من التلقي عن الله مباشرة وهو غير نبي ولا رسول؟
ج5: ليس هناك من البشر من يتلقى عن الله مباشرة شيئا من الوحي إخبارا أو تشريعا سوى الأنبياء أو الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإلا الرؤيا الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له مناما لا يقظة فإنها جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحي، وإلا الفراسة الصادقة فإنها نوع من الإلهام كما كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن الرؤيا المنامية والفراسة من غير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لا تعتبر أصلا في التشريع ولا يجب التصديق بها، فإن المنامات والفراسات يكثر فيها التخليط والتباس الصادق منها بالكاذب، فلا يعتمد عليها إلا إذا كانت من الرسل أو الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولذا لم يعول عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى ما كان منها من عمر رضي الله عنه، إنما عول على ما نزل عليه من الوحي.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
– وقال بعض لجان الفتوى:
وأما الاطلاع على بعض غيب الله، فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء الله تعالى من عباده فقد أطلع الأنبياء بطريق الوحي على كثير من المغيبات.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر”. والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات. كأنما حدثوا بها.
كذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل فيحصل الأمر كما رأى الرائي
ويجب التنبه لأمور:
1 – يجب على المسلم أن يعرف الفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية حتى لا يقع في شرَك المبطلين. فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد والقول والعمل. وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين.
2 – أن حصول المكاشفات والإلهامات الإلهية لأحد أولياء الله لا يعني أنه أفضل من سواه ممن لم يحصل له ذلك. بل قد يحصل للمفضول من ذلك ما لم يحصل لمن هو أفضل منه بكثير.
3 – أن المدرك الوحيد لأخذ الأحكام الشرعية هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح لهذه الأمة. أما غير ذلك من المكاشفات والإلهامات فليس مدركاً للأحكام البتة، فلا ينبني عليه حكم شرعي إطلاقاً. انتهى
وقالوا مرة: -وأما الإلهام والتحديث فهو واقع في الأمم السابقة ويقع أيضا في هذه الأمة، وقد اختلف في معناه على أقوال فقيل: هو الإصابة بغير نبوة، وقيل: المحدَّث هو الملهم بالصواب الذي يُلْقَى على فيه. وقيل غير ذلك،
ومدار الأمر على استقامة الحال وسلامة المعتقد، فإن جنس هذا العلم يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، والمحدَّث والكاهن. (قلت: راجع كلام ابن القيم الذي سبق أن نقلناه فهو يؤيد ذلك، وعلم الكهنة كما في كتاب التوحيد مما تلقيه الشياطين إذا استرقوا السمع، فيكذب الكاهن معها مائة كذبة)
وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة.
وعليه فقد يلقي الشيطان بعض الأمور الغيبية على لسان شخص ما، ليفتتن به الناس، لا سيما إذا كانوا جهالا مولعين بالقبور وأهلها، يثبتون الولاية والكرامة بأوهى سبب. فالحذر الحذر من مكر الشيطان وحيله.
وفق الله الجميع لما يجب ويرضى. والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وقد ذكر الله تعالى أنواعَ جنسِ تكليمه لعباده في قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ)، فجعل ذلك ثلاثة أنواع … وذكر الأنواع المذكورة في الآية
” جامع المسائل ” (5/ 284، 285).