417 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبد الله الديني ونوح
بالتعاون: مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند:
(417) – قال أبو داود (ج (4) ص (285)): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ {ص} فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ» فَنَزَلَ فَسَجَدَ فَسَجَدُوا.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
…………………………….
قال ابن كثير: إسناده على شرط الصحيح.
وعند النسائي ((957)) وصححه الألباني من حديث ابن عباس مرفوعا: ” سجدها داود توبة، ونسجدها شكرا ”
قال السندي رحمه الله:
قوله: «تشزن الناس» بفتح مثناة فوقية ثم شين معجمة وزاي معجمة مشددة أي تأهبوا أو تهيؤوا.
فتح الودود في شرح سنن أبي داود (2) / (113) — السندي، محمد بن عبد الهادي (ت (1138)).
قال الخطابي: قوله تشزن الناس معناه استوفزوا للسجود وتهيؤوا له وأصله من الشزن وهو القلق يقال بات فلان على شزن إذا بات قلقًا يتقلب من جنب إلى جنب.
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله:
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة (ص) وهو على المنبر، فلما جاء عند السجدة نزل من المنبر وسجد، وسجد الناس معه صلى الله عليه وسلم ، ثم إنه قرأها مرة أخرى فرآهم تشزنوا، أي: تهيأوا واستعدوا واحفوفزوا لأن يسجدوا؛ لأنهم قد عرفوا السجدة قبل ذلك؛ لأنه كان على المنبر ونزل وسجد، وهذه المرة هو على المنبر أيضًا، فعلى العادة التي يعرفونها وأخذوها عنه صلى الله عليه وسلم تهيئوا لأن يفعلوا مثل ما فعلوا في المرة السابقة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (إنها توبة نبي، وإنني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل وسجد)، فهذا يدل على ما دل عليه الحديث الذي قبله، وأنها ليست من عزائم السجود، ولكن السجود فيها سنة، وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه يُسجد فيها، وأنها إذا تركت في بعض الأحيان فلا بأس بذلك؛ لأنها ليست واجبة، وكذلك سجدات القرآن كلها ليست بواجبة، من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، كما جاء ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فالحديث أيضًا يدل على ما دل عليه الحديث السابق من أن (ص) فيها سجدة، وأن الإنسان يشرع له أن يسجد فيها عندما يأتي إليها، وإن لم يسجد فلا حرج عليه ولا بأس بذلك.
شرح سنن أبي داود للعباد (171) / (5) — عبد المحسن العباد (معاصر)
قال الخطابي رحمه الله:
واختلف الناس في سجدة صاد فقال الشافعي سجود القرآن أربع عشرة سجدة في الحج منها سجدتان وفي المفصل ثلاثة وليس في صاد سجدة.
وقال أصحاب الرأي في الحج سجدة واحدة وأثبتوا السجود في صاد.
وقال إسحاق بن راهويه سجود القرآن خمس عشرة سجدة وأثبت السجود في «ص» والسجدتين في «الحج».
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن الفرات الرازي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقْرأ عليه القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه.
قلت: فيه من الفقه أن المستمع للقرآن إذا قرئ بحضرته السجدة يسجد مع القارئ. وقال مالك والشافعي إذا لم يكن قعد لاستماع القرآن فإن شاء سجد وإن شاء لم يسجد.
وفيه بيان أن السنة أن يكبر للسجدة وعلى هذا مذهب أكثر أهل العلم. وكذلك يكبر إذا رفع رأسه.
وكان الشافعي وأحمد بن حنبل يقولان يرفع يديه إذا أراد أن يسجد.
وعن ابن سيرين وعطاء إذا رفع رأسه من السجود يسلم وبه قال إسحاق بن راهويه واحتج لهم في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، وكان أحمد بن حنبل لا يعرف التسليم في هذا.
معالم السنن (1) / (284) — الخطابي (ت (388))
قال ابن باز في شرح المنتقى: هذه الأحاديث فيها شرعية سجود التلاوة، ففي حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمسة عشر سجده، وفيه بعض الضعف؛ لأنه من رواية الحارث بن سعيد وهو مجهول، لكنه ينجبر بالأحاديث الأخيرة الدالة على شرعية هذه الخمسة عشر، المتفق عليها.
ويستحب سجود التلاوة للقارئ والمستمع حيث قرأ زيد على النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم فلم يسجد، وكذلك عمر، قال: إن الله لم يأمرنا بالسجود إلا أن نشاء.
وفي الصلاة إذا قرأ التلاوة يكبر لحديث كان يكبر في كل خفض ورفع أما خارج الصلاة فالراجح أنه لا يكبر ولا يسلم، ولا يشترط للوضوء. انتهى من تعليقنا على الصحيح المسند.
نقل ابن عبدالبر الخلاف قال في سجدة [ص]:
فذهب مالك والثووي وأبو حنيفة إلى أن فيها سجودا وروي ذلك عن عمر، وابن عمر وعثمان وجماعة، وبه قال إسحاق وأحمد وأبو ثور واختلف في ذلك عن ابن عباس
وذهب الشافعي إلى أن لا سجود في {ص}، وهو قولُ ابن مسعود وعلقمة.
وذكر عبدالرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود: إنَّما هي توبة نبي ذكرت. وكان لا يسجد فيها.
وقال ابن عباس: ليست سجدة {ص} من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ا هـ.
قلت (سيف): والذي يترجح في هذه المسألة، وهو مِمَّا لاشك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في هذا الموضع كما صحت بذلك الأحاديث، وصحت كذلك آثار عن الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يسجدون عند هذه الآية من سورة {ص} { … وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24].
فعن ابن عباس رضي الله عنهما – قال: [ص] ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها}.
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في {ص}، وقال: (سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً).
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه – أنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر {ص}، فلما بلغ السجدة؛ نزل فسجد، وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر؛ قرأها، فلما بلغ السجدة، تشزَّن الناس للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {إنَّما هي توبة نبي، ولكن رأيتكم تشزّنتم للسجود}،فنزل فسجد وسجدوا}.
وعن أبي رافع قال: صليت مع عمر الصبح فقرأ بـ {ص} فسجد فيها.
وقال ابن عمر – رضي الله عنه وعن أبيه -: في {ص} سجدة.
وكان ابن عباس يسجد في {ص} ويتلو هذه الآية {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام: 90].
وثبت عن الحسن ومسروق أنهما كانا يسجدان في {ص}.
وهل هي سجدة شكر أم تلاوة؟
الصحيح أن سجدة {ص} سجدة تلاوة لارتباطها بتلاوة الآية، ولكنها ليست من عزائم السجود كما قال ابن عباس.
والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلاً، بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لايقول بالوجوب.