41 جامع الأجوبة الفقهية ص77
بإشراف واختصار سعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي
مسألة : ميتة ما ليس له نفس سائلة.
ومسألة :حكم الطعام والشراب الذي وقع فيه الذباب .
================
♢-جواب حمد الكعبي :
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد :
(…فإن الميتة إنما حرمت لاحتقان الرطوبات والفضلات والدم الخبيث فيها والذكاة لما كانت تزيل ذلك الدم والفضلات كانت سبب الحل وإلا فالموت لا يقتضي التحريم فإنه حاصل بالذكاة كما يحصل بغيرها وإذا لم يكن في الحيوان دم وفضلات تزيلها الذكاة لم يحرم بالموت ولم يشترط لحله ذكاة كالجراد ولهذا لا ينجس بالموت ما لا نفس له سائلة كالذباب والنحلة ونحوهما والسمك من هذا الضرب فإنه لو كان له دم وفضلات تحتقن بموته لم يحل لموته بغير ذكاة ولم يكن فرق بين موته في الماء وموته خارجه إذ من المعلوم أن موته في البر لا يذهب تلك الفضلات التي تحرمه عند المحرمين إذا مات في البحر ولو لم يكن في المسألة نصوص لكان هذا القياس كافيا والله أعلم)اه
♢-قال ابن قدامه رحمه الله في الشرح الكبير :
(..وماله نفس سائلة من الحيوان غير الآدمي ينقسم قسمين (أحدهما) ميتة طاهرة وهو السمك وسائر حيوان البحر الذي لا يعيش إلا في الماء فهو طاهر حيا وميتا لانه لو كان نجسا لم يبح أكله
(القسم الثاني)
مالا تباح ميتته غير الآدمي كحيوان البر المأكول وغيره وحيوان البحر الذي يعيش في البر كالضفدع والحية والتمساح ونحوه فكل ذلك ينجس بالموت وينجس الماء القليل إذا مات فيه والكثير إذا غيره وهذا قول ابن المبارك والشافعي وأبي يوسف، وقال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن في الضفدع لا تفسد الماء إذا ماتت فيه لانها تعيش في الماء أشبهت السمك ولنا أنها تنجس غير الماء فنجست الماء كحيوان البر ولانه حيوان له نفس سائلة لا تباح ميتتة أشبه طير الماء وبهذا فارق السمك ..)
♢-قال الشيخ العباد حفظة الله في شرح سنن أبي داود وذكر حديث غمس الذباب إذا وقع في الإناء :
إذاً: هذا دليل على أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه.
وقد قال ابن القيم : (إن أول من عرف عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه هو إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده)انتهى
وهي عبارة تشتمل على قاعدة من القواعد الفقهية في الطهارة، وهي: أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وكل شيء لا دم فيه أو ليس مشتملا على دم إذا مات في ماء فإن ذلك الماء يكون طاهرا.)انتهى كلام الشيخ العباد وكلام ابن القيم هذا في زاد المعاد
♢-قال ابن تيميه رحمه الله في شرح عمدة الفقة :
(..وما لا نفس له سائله…. وهو قسمان أحدهما المتولد من النجاسة مثل صراصير الكنيف فهو نجس حيا وميتا لانه متولد من نجس فكان نجسا كالكلب والثاني ما هو متولد من طاهر كالذباب والبق والعقرب والقمل والبراغيث والديدان والسرطان سواء لم يكن له دم او كان له دما غير مسفوح فهذا لا ينجس بالموت ولا ينجس المائع اذا وقع فيه لما روى ابو هريرة – وذكر حديث غمس الذباب ….وقال :ولأنه ليس له دم سائل فأشبه دود الخل والباقلا )اه
قال أحمد في رواية المروزي: صراصر الكنيف والبالوعة إذا وقع في الإناء أو الحب صب، وصراصر البئر ليست بقذرة ولا تأكل العذرة .اهـ
———————-
♢-جواب احمد بن علي:
قال ابن عبد البر في التمهيد:
وأما القملة والبرغوث فأكثر أصحابنا يقولون لا يؤكل طعام ماتت فيه قملة أو برغوث لأنهما نجسان وهما من الحيوان الذي عيشه من دم الحيوان لا عيش لهما غير الدم فهما نجسان … وقال غيره من أصحابنا وغيرهم إن القملة كالذباب سواء فأما الماء فالأصل فيه عندنا ما ذكرنا وأوضحنا في هذا الباب وقد علم أن الذباب يعيش من الدم ويتناول من الأقذار ما تتناول القملة وفيه من الدم مثل ما في القملة أو أكثر وقد حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تقدم ذكرنا له وهذا ما لم يكن فيه دم لأن الحديث إنما يدل على أن النجس من الحيوان ما له دم سائل وكذلك قال إبراهيم ما ليس له نفس سائلة فليس بنجس يعني بالنفس الدم .اهـ
♢-قال ابن نجيم المصري في البحر الرائق شرح كنز الدقائق (فقه حنفي):
موت حيوان ليس له دم سائل في الماء القليل لا ينجسه اهـ
قال جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس المالكي في عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة:
والميتات كلها على النجاسة إلا دواب البحر، وما (ليس له نفس) سائلة من دواب البر، وكذا الآدمي على أحد القولين.
وكذلك دود الطعام طاهر ولا يحرم أكله مع الطعام، وكل ما ليس له نفس سائلة لا ينجس بالموت، ولا ينجس ما مات فيه من ماء أو مائع..اهـ
♢-قال البيجيرمي الشافعي في حاشية البيجيرمي على شرح المنهج:
قوله ( لا يسيل دمها ) ولو احتمالا ودخل ما له دم لكنه لا يسيل كالوزغ شوبري قوله ( كذباب وخنفساء ) وكالبق المعروف بمصر والقمل والبراغيث والسحالي وهي نوع من الوزغ ذكره ابن العماد وأقره المصنف .ا هـ
—————————
♢-جواب سعيد الجابري :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى :
علم أن علة نجاسة الميتة إنما هو احتباس الدم فيها، فما لا نفس له سائلة ليس فيه دم سائل، فإذا مات لم يحتبس فيه الدم فلا ينجس، فالعظم ونحوه أولى بعدم التنجيس من هذا، فإن العظم ليس فيه دم سائل، ولا كان متحركا بالإرادة إلا على وجه التبع.
♢-قال الحافظ ابن حجر في الفتح : واستشكل بن دقيق العيد إلحاق غير الذباب به في الحكم المذكور بطريق أخرى فقال ورد النص في الذباب فعدوه إلى كل ما لا نفس له سائلة وفيه نظر لجواز أن تكون العلة في الذباب قاصرة وهي عموم البلوي به وهذه مستنبطة أو التعليل بأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء وهذه منصوصة وهذان المعنيان لا يوجدان في غيره فيبعد كون العلة مجرد كونه لا دم له سائل بل الذي يظهر أنه جزء علة لا علة كاملة انتهى وقد رجح جماعة من المتأخرين أن ما يعم وقوعه في الماء كالذباب والبعوض لا ينجس الماء وما لا يعم كالعقارب ينجس وهو قوي.
♢-وقال الإمام الصنعاني في سبل السلام : وأن الذباب إذا مات في مائع فإنه لا ينجسه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه.
♢-فائدة: وقال الصنعاني : وقد ذكر غير واحد من الأطباء أن لسعة العقرب والزنبور إذا دلك موضعها بالذباب نفع منه نفعا بينا، ويسكنها، وما ذلك إلا للمادة التي فيه من الشفاء.
♢-تنبيه: يدخل في هذا الحديث كل ما يسمى شرابا.
وقال أبو الفتح القشيري: ورواية “إناء أحدكم” أعم وأكثر فائدة من لفظ الشراب والطعام. (التلخيص الحبير )
—————————
جواب سيف بن دورة الكعبي :
قال الصنعاني في سبل السلام : ثم عدى هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة، كالنحلة، والزنبور، والعنكبوت، وأشباه ذلك، إذ الحكم يعم بعموم علته، وينتفي بانتفاء سببه، فلما كان سبب التنجيس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته، وكان ذلك مفقودا فيما لا دم له سائل انتفى الحكم بالتنجيس؛ لانتفاء علته. انتهى
ومسألة حكم الطعام والشراب الذي وقع فيه الذباب :
قال ابن المنذر في الأوسط : عوام أهل العلم : إن الماء لا يفسد بموت الذباب والخنفساء، وما أشبه ذلك فيه وهذا قول مالك بن أنس وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وروي معنى هذا القول عن النخعي والحسن وعكرمة وعطاء.
ولا أعلم أحدا قال غير ما ذكرت؛ إلا الشافعي في أحد قوليه، والقول الذي يوافق السنة، وقول سائر أهل العلم أولى به. انتهى مختصراً من شرح لبعض شيوخنا
ويقصد بالسنة الموافقة للقول بعدم التنجيس حديث( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء ) أخرجه البخاري 3320.