41 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه :
(31) باب حسن إسلام المرء
41 – قال مالك أخبرني زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا سعيد الخدري أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها وكان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها
42 – حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها .
————‘———-‘———-‘
فوائد الباب:
1- قوله (حسن إسلام المرء) يشير رحمه الله تعالى إلى حديث (إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) أخرجه الترمذي 2317 وابن ماجه 3976 وابن حبان في صحيحه 229 من طريق قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا فذكره، وإسناده فيه قرة بن عبد الرحمن قال الحافظ ابن حجر صدوق له مناكير ، وقال الترمذي غريب، تابعه عبد الرزاق بن عمر عن الزهري به أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 359 قال الحافظ في التقريب متروك الحديث عن الزهري ، وقال الطبراني عقبه لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن أبي سلمة إلا عبد الرزاق بن عمر، وقرة بن عبد الرحمن
وأخرجه الترمذي 2318 من طريق مالك – وهو في الموطأ- عن الزهري عن علي بن الحسين مرفوعا به، قال الترمذي وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري عن الزهري عن علي بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك مرسلا وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة وكذا قال البيهقي في شعب الإيمان. وسبقه العقيلي فذكر عدة أسانيد كما في ترجمة خالد بن عبد الرحمن الخراساني ثم قال والصحيح حديث مالك، وكذلك قال الدارقطني.
2- قال الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة قلت: أخطأ فيه قرة، والمحفوظ: مالك، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مرسلاً كما في “الموطأ”.
3- قال أبو داود يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث فذكر أحدها من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وقال أبو المطرف القنازعي (ت 413ه) كما في تفسير الموطأ له وهَذا الحَدِيثُ هُوَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ الَّتي هِيَ دَعَائِمُ الإسْلَام.
4- وقال ابن عبد البر كما في الاستذكار ثلاث وأي ثلاث ما أجمعها للخير قال الله تعالى (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصدقين) التوبة 119، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دين لمن لا أمانة له، وأول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة، وقال : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
5- هذا “من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة وهو مما لم يقله أحد قبله والله أعلم” قاله ابن عبد البر في التمهيد.
6- قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية في زمانه أنه قال جماع آداب الخير وأزمته تتفرع من أربعة أحاديث فذكره أحدها.
7- قيل: لما أثبت لِلْإِسْلَامِ صفة الْحسن، وَهِي زَائِدَة عَلَيْهِ، دلّ على اخْتِلَاف أَحْوَاله. وَإِنَّمَا تخْتَلف الْأَحْوَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأعمال، وَأما التَّوْحِيد فواحد. قاله ناصر الدين ابن المنير في المتواري على أبواب البخاري.
8- إحسان الإسلام تفسر بمعنيين: أحدهما: بإكمال ( واجباته) واجتناب محرماته. ومنه الحديث المشهور المروي في ” السنن “: ” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه فكمال حسن إسلامه – حينئذ – بترك ما لا يعنيه وفعل ما يعنيه. ومنه حديث ابن مسعود الذي خرجاه في ” الصحيحين ” أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل: أنؤاخذ بأعمالنا في الجاهلية؟ فقال: ” من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر “. فإن المراد بإحسانه في الإسلام: فعل واجباته والانتهاء عن محرماته، وبالإساءة في الإسلام: ارتكاب بعض محظوراته التي كانت ترتكب في الجاهلية …… والمعنى الثاني – مما يفسر به إحسان الإسلام أن تقع طاعات المسلم على أكمل وجوهها وأتمها بحيث يستحضر العامل في حال عمله قرب الله منه واطلاعه عليه فيعمل له على المراقبة والمشاهدة لربه بقلبه. قاله ابن رجب في فتح الباري له.
9- فيه فضل السكوت عن كل ما لا يعنيه، وترك الخوض فيه قاله البيهقي في شعب الإيمان.
10- فيه الإعراض عن اللغو قاله البيهقي في شعب الإيمان.
11- ٌ فيه كَفُّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ قاله ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان له 45.
12- فيه ذمّ الْجِدَال والخصومات فِي الدّين قاله أبو المظفر السمعاني في كتاب الانتصار لأصحاب الحديث 4
13- قال أبو سليمان الخطابي: قال بعض الحكماء: من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه، ومن لم يستغن بما يكفيه فليس في الدنيا شيء يغنيه. كما في كتاب العزلة له 96.
14- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رواه البخاري معلقا كما ترى ووصله النسائي في السنن الصغرى وصححه الألباني.
15- قوله (فحسن إسلامه) قد فسره حين سئل ما الإحسان؟ فقال: أن تعبد الله كأنك تراه – أراد مبالغة الإخلاص لله بالطاعة والمراقبة له. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
16- قوله ( قال مالك) هكذا رواه معلقا ووصله النسائي في السنن الصغرى 4998 من طريق الوليد بن مسلم، وابن الأعرابي في معجمه 491 من طريق أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْأَحْوَلُ، وابن مندة في الإيمان 374 من طريق عبد الله بن وهب والبيهقي في شعب الإيمان 24 من طريق الحسن بن علي بن زياد السري كلهم عن مالك به.
17- ذكره الدارقطنى فى غريب حديث مالك، ورواه عنه من تسعة طرق قاله ابن بطال في شرحه. وقال الحافظ في مقدمة الفتح وقد سقته من طريق عشرة أنفس عن مالك بسنده.
18- فاتفق هَؤُلَاءِ وهم عشرَة على هَذَا الْإِسْنَاد وَخَالفهُم معن بن عِيسَى عَن مَالك فَجعله عَن أبي هُرَيْرَة لَكِن الرَّاوِي لَهُ عَن معن بن عِيسَى ضَعِيف وَخَالف مَالِكًا سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَأرْسلهُ لم يذكر فِيهِ أَبَا سعيد وَلَا أَبَا هُرَيْرَة….. وَهَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَغَيره عَن ابْن عُيَيْنَة، وَهَذَا الْإِرْسَال لَيْسَ بعلة قادحة لِأَن مَالِكًا أحفظ لحَدِيث أهل الْمَدِينَة من غَيره فَقَوله أولى وَالله أعلم قاله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق.
19- تابع مالكا سفيان بن عيينة لكن بإسقاط الصحابي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 25.
20- قوله (يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها) وذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه ” أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله” رواه مسلم 121.
21- وفي غير البخاري من طريق مالك ” كتب الله له كل حسنة كان أزلفها” أي قبل إسلامه ومن طريق سفيان بن عيينة ” يقبل الله منه كل حسنة زلفها “، ويشهد له حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه المتفق عليه فعن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم * أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية هل لي فيها من شيء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما أسلفت من خير والتحنث التعبد . وترجم عليه البخاري فقال باب من تصدق في الشرك ثم أسلم وأيضا باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم
22- قوله (إلا أن يتجاوز الله عنها) ومن طريق سفيان بن عيينة ” أو يمحوها الله عز وجل ” وعند سمويه في “فوائده” وأخرجه من طريقه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق: “إلا أن يغفر الله وهو الغفور” – وأورده السيوطي في جامع الأحاديث بلفظ يعفو بدلا من يغفر وكأنه تصحيف- ، و” فيه رد على من أنفذ الوعيد على العصاة المؤمنين؛ لأن قوله “إلا أن يتجاوز الله عنها” يدل أنه قد يؤاخذ بها، وقد يتجاوز عنها إذا شاء، وهذا مذهب أهل السنة”. قاله ابن بطال في شرحه.
23- ذكر الإخبار عما تفضل الله على المحسن في إسلامه بتضعيف الحسنات له قاله ابن حبان في صحيحه.
24- ذكر ما يدل على درجات المرء المسلم المحسن قاله ابن مندة في كتاب الإيمان.
25- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه البخاري ومسلم
26- قوله (بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف) هو من باب التكثير والتضعيف لا من باب حصر العدد قاله البغوي في شرح السنة 4148
27- والظاهر أن كثرة المضاعفة تكون بحسب حسن الإسلام…. فالمضاعفة للحسنة بعشر أمثالها لا بد منه والزيادة على ذلك تكون بحسب إحسان الإسلام وإخلاص النية. قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم وقوله هذا يظهر موضع الشاهد في استدلال البخاري رحمه الله تعالى فالناس يتفاضلون في تحسين إسلامهم وإيمانهم لذا فالأجر يتفاوت تبعا لذلك.
28 – قال ابن رجب في فتح الباري 1/154 بعد أن ذكر معنيين للإحسان :
وفي حديث ابن مسعود هذا حديث أبي سعيد – الذي علقه البخاري هنا في أول الباب – دليل على أن الإسلام إنما يكفر ما كان قبله من الكفر ولواحقه التي اجتنبها المسلم بإسلامه، فأما الذنوب التي فعلها في الجاهلية إذا أصر عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها، فإنه إذا أصر عليها في الإسلام لم يكن تائبا منها فلا يكفر عنه بدون التوبة منها.
وقد ذكر ذلك طوائف من العلماء من أصحابنا كأبي بكر بن عبد العزيز ابن جعفر وغيره، وهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم وهو اختيار الحليمي.
ثم وجدته منصوصا عن الإمام أحمد؛ فنقل الميموني في ” مسائله ” عن أحمد قال: بلغني عن أبي حنيفة أنه كان يقول: لا يؤاخذ بما كان في الجاهلية، والنبي النبي صلى الله عليه وسلم يقول في غير حديث: ” إنه يؤاخذ “، يعني: حديث شقيق، عن ابن مسعود: أزاد ” إذا أحسنت في الإسلام “. انتهى
وكذلك حكى الجوزجاني عن أهل الرأي أنهم قالوا: إن من أسلم وهو مصر على الكبائر، كفر الإسلام كبائره كلها، ثم أنكر عليهم وجعله من جملة أقوال المرجئة. وخالف في ذلك آخرون، وقالوا: بل يغفر له في الإسلام كل ما سبق منه في الجاهلية من كفر وذنب وإن أصر عليها في الإسلام. وهذا قول كثير من المتكلمين والفقهاء من أصحابنا وغيرهم كابن حامد والقاضي وغيرهما واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ” الإسلام يهدم ما كان قبله “. خرجه مسلم من حديث عمرو بن العاص .
وأجاب الأولون عنه: بأن المراد أنه يهدم ما كان قبله مما ينافيه الإسلام من كفر وشرك ولواحق ذلك مما يكون الإسلام توبة منه وإقلاعا عنه جميعا بينه وبين الحديثين المتقدمين. واستدلوا بقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] .
والاختلاف في هذه المسألة مبني على أصول فذكر أصول وقال :
والأصل الرابع: أن التوبة من الذنب هي الندم عليه بشرط الإقلاع عنه والعزم على عدم العود إليه، فالكافر إذا أسلم وهو مصر على ذنب آخر صحت توبته مما تاب منه وهو الكفر دون الذنب الذي لم يتب منه؛ بل هو مصر عليه.
وهذا يشبه قول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام لما قال له: أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية، هل لي منها من شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أسلمت على ما أسلفت من خير ” خرجه مسلم .
وكلاهما يدل على أن الكافر إذا عمل حسنة في حال كفره ثم أسلم فإنه يثاب عليها ويكون إسلامه المتأخر كافيا له في حصول الثواب على حسناته السابقة منه قبل إسلامه.
ورجح هذا القول ابن بطال والقرطبي وغيرهما. وهو مقتضى قول من قال: إنه يعاقب بما أصر عليه من سيئاته إذا أسلم – كما سبق وحكى مثله عن إبراهيم الحربي. ويدل عليه – أيضا -: أن عائشة لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن جدعان وما كان يصنعه من المعروف هل ينفعه ذلك؟ فقال: ” إنه لم يقل يوما قط: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ” . …..
29 -قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى 26/204 :
وهذا الحديث يدلّ على أن المؤمن لا يُقبل منه عمل صالح إذا لم يقصد به وجه ربّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وهو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110].
فإن كان هذا شأن المؤمن، فماذا يكون حال الكافر بربه، إذا لم يخلص له في عمله؟ الجواب في قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وعلى افتراض أن بعض الكفّار يقصدون بعملهم الصالح وجه اللَّه تعالى على كفرهم، فإن اللَّه تعالى لا يُضيع ذلك عليهم، بل يُجازيهم عليها في الدنيا، وبذلك جاء النصّ الصريح عن رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو قوله – صلى اللَّه عليه وسلم -: “إن اللَّه لا يظلم مؤمنًا حسنةً، يُعطى بها -وفي رواية “يثاب عليها الرزق في الدنيا- ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها للَّه في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يُجزى بها”. رواه مسلم 8/ 135 وأحمد 3/ 125.
وهذه هي القاعدة في هذه المسألة أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعًا في الدنيا، فلا تنفعه حسناته في الآخرة، ولا يُخفّف عنه العذاب بسببها، فضلاً عن أن ينجو منه.
وهذا في حسنات الكافر الذي يموت على كفره، كما هو ظاهر الحديث، وأما إذا أسلم، فإن اللَّه تبارك وتعالى يكتب له كلّ حسناته التي كان عمل بها في كفره، ويجازيه بها في الآخرة، كما جاء بذلك أحاديث كثيرة، كحديث أبي سعيد الخدريّ – رضي اللَّه عنه – مرفوعًا: “إذا أسلم العبد، فحسن إسلامه، كتب اللَّه له كلّ حسنة كان أزلفها، ومُحيت عنه كلّ سيئة كان أزلفها، ثم كان بعد ذلك القصاص، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، والسيّئة بمثلها إلا أن يتجاوز اللَّه عنها”. حديث صحيح، أخرجه مالك في “الموطإ”، والنسائيّ، والبيهقيّ في “شُعَب الإيمان”.
ولا يعارض ما ذُكر ما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدريّ – رضي اللَّه عنه – أن رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – ذُكر عنده عمه أبو طالب، فقال: “لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيُجعل في ضَحضَاح من نار، يبلغ كعبيه، يَغلِي منه دماغه”؛ لأن ذلك بسبب شفاعة النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم -، لا بعمله، ويؤيّده قوله – صلى اللَّه عليه وسلم -: “ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار”. رواه مسلم، وهو مخصوص من عموم قوله تعالى في الكفّار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدّثّر: 48] .
والحاصل أن ذلك من خصائص النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم -، فهو بشفاعته، لا بعمله الصالح، فلا يعارض النصوص المتقدّمة، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان. اهــ
30 – قال ابن الملقن في التوضيح 3/106 :
قوله: (“زلفها”) هو بتشديد اللام كما ضبطه النووي، يقال: زلفه يزلفه تزليفا إذا قدمه، وأزلفه إزلافا مثله، ويقع في بعض النسخ: أزلفها.
قال ابن سيده: زلف الشيء وزلفه: قدمه. عن ابن الأعرابي، وأزلف الشيء: قربه.
وفي “الجامع”: الزلفة تكون القربة من الخير والشر، وفي “الصحاح”: الزلف: التقدم عن أبي عبيد. وتزلفوا وازدلفوا أي: تقدموا ، وفي “الجمهرة”: الزليف -بياء مثناة تحت قبل الفاء- ثم فسره بالتقدم من موضع إلى موضع. قلت: فمعنى أزلفها هنا: اكتسبها وقدمها وقربها قربة إلى الله تعالى، وازدلفت مثل أزلفت، وازدلفت القوم: (جمعتهم) ، ومنه سميت المزدلفة؛ لجمعها الناس، وقيل: لقرب أهلها من منازلهم…
ثم حديث الباب حجة لمذهب أهل الحق أن أصحاب المعاصي لا يقطع عليهم بالنار، بل هم في المشيئة، ومناسبة التبويب زيادة الحسن على الإسلام واختلاف أحواله بالنسبة إلى الأعمال. اهــ
31- قوله ( حدثنا إسحاق بن منصور) تابعه محمد بن رافع كما عند مسلم في صحيحه 129 تابعه الإمام أحمد في مسنده 8217 تابعه العباس بن عبد العظيم كما عند ابن حبان في صحيحه 228 تابعه أحمد بن يوسف السلمي كما عند أبي عوانة في مستخرجه 308 وابن مندة في كتاب الإيمان له 373 والبيهقي في الأسماء والصفات 120 تابعه أبو عبد الله محمد بن حماد الطهران كما عند ابن مندة في كتاب الإيمان له 373
32 – زاد مسلم وغيره في آخره ” حتى يلقى الله عز وجل”.
======
======