(40) (912) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(للأخ؛ سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي،
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
912 عن عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول والله ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن لا أكون أوعى
أصحابه عنه, ولكني أشهد لسمعته يقول: (من قال علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار) حسن.
وقال الامام أحمد رحمه الله: حدثنا عبدالكبير بن عبدالمجيد أبوبكر الحنفي, حدثنا عبدالحميد بن جعفر, عن أبيه, عن محمودبن لبيد, عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من تعمد علي كذبا فليتبوأ بيتا في النار)).
حديث حسن.
——————–
-هو حديث متواتر أخرجه البخاري (110،1291،6197،) ومسلم (3004) عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم.
ونقل السخاوي في شرح التقريب ص (421) في كلامه على الحديث المتوتر: أنه رواه أكثر من مائة صحابي وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة،
وللحافظ الطبراني جزء خرج فيه رواياته وطرقه.
*ونقل سيف بن غدير عن بعض أهل العلم أنه قال في تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد:
وإنما وجد في كلام المخالفين ليقسموا الكلام إلى متواتر وآحاد، فيردوا الآحاد في باب العقائد، نقول: إذا أمنت هذه الفتنة وهذه الشبهة فلا مانع من تقسيم الكلام إلى متواتر وآحاد، والآحاد إذا صح إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فالإجماع قائم عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم على أنه حجة في جميع أبواب الدين حتى العقائد، ووجدنا هذا الكلام أعني المتواتر والآحاد في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وكلام شيوخنا قاطبة وشيوخهم وأئمة الدعوة كلهم يقولون بتقسيم الكلام إلى متواتر وآحاد، أما كونه يندر وجوده في كلام أهل الحديث وليس من مباحثهم؛ لأن هذا النوع من الأخبار لا يدخل تحت صناعتهم؛ لأنهم يبحثون في علوم الحديث وفي صناعتهم ما يمكن أن يثبت، وما يمكن أن ينفى، فيثبتونه من خلال صحة سنده، وينفونه من خلال ضعفه، وأما المتواتر فلا يحتاج إلى بحث. انتهى باختصار
*قال الرّاغب: الكذب يقال في المقال والفعال:
قال عزّ وجلّ (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُون) َ (المنافقون/1) وكذبهم في اعتقادهم.
وقال تعالى (يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) (يوسف/ 17)،
وقال تعالى (وجاءوا على قميصه بدم كذب).
فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل.
-استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ ومنه حديث (كذب أبو السنابل)
– لا يجوز أن يكذب في الحديث النبوي ويدعي الإصلاح كمن وضع أحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل كل سورة وادعي أنه يريد أن يرغب الناس في قراءة القرآن. حيث جوزت فرقة الكرامية الوضع في الترغيب والترهيب. وهو مذهب باطل.
*قال النووي في التقريب والتيسير ص (169):
وهو خلاف إجماع المسلمين الذين يعتد بهم، ووضعت الزنادقة جملاً فبين جهابذة الحديث أمرها ولله الحمد، وربما أسند الواضع كلاماً لنفسه أو لبعض الحكماء وربما وقع في شبه الوضع بغير قصد ومن الموضوع الحديث المروي عن أبي بن كعب في فضل القرآن سورة سورة، وقد أخطأ من ذكره من المفسرين انتهى.
قال السخاوي في شرحه على تقريب النووي: أو يعني منسوب للأطباء … أو من الإسرائيليات مما لا نطيل بأمثلته.
وذكر مثال على الخطأ وهو أن شريك كان يحدث فلما دخل ثابت الزاهد قال شريك (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) فظنه بعض من حضر متن السند الذي ذكره شريك انتهى بمعناه.
نقل سيف بن غدير عن بعض العلماء أنه قال:
يستدلون أيضاً برواية: ((ليضل الناس))
فقالوا: ما قصدنا إضلال الناس، وهذه الرواية ضعيفة، بل حكم بعضهم ببطلانها، ولو قدر ثبوتها لقلنا: إن اللام ليست للتعليل، وإنما هي لام العاقبة والصيرورة، كما في قوله -جل وعلا-: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [(8) سورة القصص] فما اتخذه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً، إنما اتخذوه رجاء الانتفاع به، لكن صارت العاقبة أن صار عدواً لهم، وحزناً عليهم.
بل قال الأصمعي: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) شرح السخاوي على التقريب ص (348) وهناك تتمة في شرحه حول اللحن فراجعه.
*وذكر الشيخ الألباني: أن الذي يحدث بالأحاديث التي فيها المكذوب والصحيح وهو لا يميز يدخل في هذا الحديث. بمعناه
وفي اختصار علوم الحديث قال ابن كثير في نوع معرفة الموضوع: وعلى ذلك شواهد كثيرة: منها إقرار واضعه على نفسه … ، وركاكة ألفاظه، وفساد معناه، أو مجازفة فاحشة أو مخالفة لما ثبت بالكتاب والسنة الصحيحة
ثم ذكر أنواع الوضاعين فمنهم: زنادقة، ومنهم متعبدون يضعون في الترغيب والترهيب من الكرامية واعتبرهم أشر من فعل ذلك للإغترار بهم. انتهى باختصار.
وانظر شرح أحمد شاكر عليه، فنقل أن أكذب فرقة الرافضة ومنهم الخطابية، وتكلم على من ألف في الموضوعات كابن الجوزي، وضرب أمثلة على أنواع الوضع.
*نقل سيف بن غدير عن بعض العلماء:
-ورد في رواية (يُرَى أنه كذب)
هذا الحديث فيه التحذير من التهاون بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يظن أو يعلم أنه كذب، (من حدث عني بحديث وهو يرى)، يرى بفتح الياء يعني: يعلم، أو (وهو يرى) بالضم بمعنى: يظن.
(فهو أحد الكاذبين) بالتثنية، أي: أنه شارك في الإثم: أحد الوضاعين، روي هذا وهذا، وهو أحد الكاذبين، يعني: الكاذب الأول الذي كذب وهو الثاني؛ لأنه حدث به وهو يظن أو يعلم أنه كذب فهو أحد الكاذبين: وهو من جملة الكاذبين ومن جملة الوضاعين، هذا فيه التحذير الشديد.
وإذا كان يعلم يكون أشد وأشد، فلا يحدث بالضعيف أو الموضوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على وجه البيان بأنه ليس بصحيح.
قال النووي: المشهور روايته بصيغة الجمع، أي: فهو واحد من جملة الوضاعين الواضعين للحديث.
والكذاب أشد من الكاذب صيغة مبالغة. انتهي.
-حكم الكذب:
ذكر الإمامان ابن حجر والذّهبيّ الكذب (الّذي لا رخصة فيه) من الكبائر، وأفحش الكذب ما كان كذبا على اللّه عزّ وجلّ أو رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد صرّح العلماء بعدّ هذين النّوعين (الكذب على اللّه والكذب على الرّسول) من الكبائر، وذهب بعضهم إلى أنّ الكذب على الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم كفر،
*قال ابن حجر: ولا ريب أنّ تعمّد الكذب على اللّه ورسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنّما الكلام في الكذب عليهما فيما سوى ذلك.
وقد ذكر الذّهبيّ أنّ الكذب في الحالتين السّابقتين كبيرة، وأنّ الكذب في غير ذلك أيضا من الكبائر في غالب أحواله.
ونقل بعض المشايخ المعاصرين في شرحه لمقدمة ابن ماجه: أن الذي يكذب في الحديث ليس بكافر إلا إذا استحل الكذب. انتهى بمعنى كلامه. أرسله لي سيف بن غدير
– ورد التكذيب الكفري في قوله تعالى: (فمن أظلم ممن كذب بآيات الله .. )
وفي الحديث (يقال للكفار من كنتم تعبدون، فاليهود يقولون عزير: فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد … ) بمعناه،
ومنه (حديث كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك … وأما تكذيبه أياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان … )
-أما الكذب الذي هو من الكبائر فمنه الذي يحدث بكل ما سمع فاعتبر كذابا: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكلِّ ما سمع)) [2164] رواه مسلم.
وورد في الحديث ( … واهل النار خمسة: وذكر منهم البخل أو الكذب).
من معاني كلمة «الكذب» في القرآن الكريم:
1 – بمعنى النّفاق: (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُون) َ (البقرة/ 10) أي ينافقون.
2 – بمعنى الإنكار: (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (النجم/ 11) أي ما أنكر.
3 – بمعنى خلف الوعد: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (الواقعة/ 2) أي ردّ وخلف.
4 – بمعنى الكذب اللّغويّ: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ.
الكذب في القرآن:
جاء بذكر تكذيب الكفار للرسل والآيات والكتب والحسنى ووصفهم الرسل بالكذب وافترائهم التشريعات الكاذبة كالبحيرة، واعترافهم بالكذب في الآخرة وعاقبتهم الجحيم والخسران، وإن تكذيبهم إنما عن جحود فتكذيبهم كان بغير بينة وإلا هم يعلمون صدق نبيهم، وأن الله عزوجل لا يوفق في الغالب من بادر بتكذيب الرسل لقبول الحق، وأن الكاذب يضيف لصفة الكذب صفات أخرى ذميمة، وأمر الله عزوجل رسوله بالصبر على المكذبين وعدم الركون إليهم، وأن الله عزوجل سوف يسألهم عن كذبهم، وإلزامهم بالآيات.
وجاء في القرآن ذكر الكذب في الأقوال.
وجاء ذكر الكذب في الأفعال ومنه النفاق
وجاء نفي الكذب عن رسله وعن الساعة وأنها حق.
الأحاديث الواردة في ذم الكذب:
-تكذيب الكفار ومنه حديث (إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا دعا قريشا كذّبوه واستعصوا عليه، فقال: «اللّهمّ أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف … ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية لما أبوا أن يكتب محمد رسول الله قال (والله إني رسول الله وإن كذبتموني … )، وكذبوه في الإسراء والمعراج، وشبه نفسه بالنذير العريان فمن كذبه هلك، والله عزوجل برأ نبيه من الكذب، والنبي صلى الله عليه وسلم برأ نفسه من أن يكذب على الله عزوجل، وبين العلماء أدلة صدقه صلى الله عليه وسلم ومنها: أن الله عزوجل حفظ دعوته وجعلها مستمرة.
-الكذب من صفات المنافقين واليهود ومنه حديث (آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب)، وهلك رأس المنافقين في حادثة الأفك.
وحديث (أنّ اليهود جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فذكروا له أنّ رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما تجدون في التّوراة في شأن الرّجم؟» فقالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبد اللّه بن سلام: كذبتم. إنّ فيها الرّجم … )، ولما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب النار كذبوه.
– والكذب من صفات الكهنه فلما تسترق له الجن الخبر يكذب معه مائة كذبه.
-ومن الكذب المذموم أن يَكْذِب المِلك فهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة.
-الدعاء على الكاذب مستجاب، وهو مفضوح، وقرائن الكذب تلوح في وجهه خاصة إذا نسب النعمة لنفسه، بل يمحق الله بركة ماله كما في حديث الأعرج والأصلع والأعمى.
-حتى الأعضاء يطلق عليها الكذب ومنه حديث (كذب بطن أخيك وصدق الله، اسقه عسلا)
ومنه حديث (والفرج يصدق ذلك ويكذبه)
– الكذب في معاملات الناس يذهب البركه للحديث الوارد (البيعان …. وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما … ) وحديث (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب …)
-وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تارك الكذب بالجنة (أنا زعيم … ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا … )
– قد يقول الرجل الصدق ويكذب، فالنبي صلى الله عليه وسلم أصدق الناس وكذَّبه الكفار.
والصحابة لما أخذوا غلام لبني الحجاج فكانوا يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه … ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائم يصلّي- فلمّا رأى ذلك انصرف. قال: «والّذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم»
وكاد أبي بن كعب أن يكذب النبي صلى الله عليه وسلم لما اختلفت قراءته مع قراءة صحابي آخر، ولكن الله عزوجل لطف به بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
وزيد بن أرقم لما نقل أن ابن سلول يقول: ليخرجن الأعز منها الأذل، للنبي صلى الله عليه وسلم، كاد بعض الصحابة أن يكذبوه فأنزل الله (إذا جاءك المنافقون … )
ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة بتكذيب المرأة التي ادعت أنها أرضعته وزوجه بل أمره بفراقها.
ومنه حديث (المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه … )
ورد التحذير من الكذب فيما سقناه من معاني الآيات، وكذلك ورد في عدة أحاديث منها:
-جاء في الحديث أن الكذب ريبة. وجاء كذلك أنه يهدي للفجور.
-وجاء التحذير من الكذب في حق المتلاعنين.
-صار الكذب عار على الكاذبين، ومنه الكذابون الثلاثون الذين يدعون النبوة، ومنه حديث المبير والكذاب الذي يخرج في ثقيف، ومنه تحذير النبي صلى الله وسلم من كذابين يأتون يحدثون الناس بما لم يسمعوا.
-والكذاب رآه النبي صلى الله عليه وسلم يعذب يشرشر شدقه إلى قفاه فلما سأل عنه قالوا: هذا الرجل يكذب الكذبه فتبلغ الآفاق. بل قال (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب .. )
-الكاذب لا يضر إلا نفسه ومن صدقه، ومنه حديث (لا يزال من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من كذبهم … )
– كذب الدجال مفضوح ففي إحدى عينيه عور.
– وفي الحديث (ومن حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال)
-تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من قول الزور واعتبره أكبر الكبائر وهو من الكذب، وحذر أن يتشبع بما لم يعط.
*يستثني من الكذب:
-يرخص في الكذب في ثلاث مواضع وفيه حديث.
(قال بعض أهل العلم):ومنه للإصلاح، مثلاً إذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله، أو أخذ ماله، وأخفى ماله، وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه. وكذا الوديعة … إلى أن قال والأحوط في هذا كلّه أن يورّي. انتهى.
قلت: ومنه كذبات ابراهيم عليه الصلاة والسلام. فهي كانت تورية.
ومنه حديث (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس … ) فيحاول أن يوري.
– وكان الصحابة من أبعد الناس عن الكذب حتى كانوا يقلون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم خشية الوقوع في الكذب.