40 مشكل الحديث
شارك عبدالله البلوشي ابوعيسى ونورس
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——-”
——-‘——‘——-”
ورد في بعض روايات حديث رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين اللذين زنيا أن البينة كانت شهود. شهدوا على الزنا
فيشكل كون الشهود من الكفار لأن الكافر فاسق. فكيف تقبل شهادته
——-‘——‘—–‘
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (اضواء البيان) (5/ 385 – 387):
ولا خلاف بين أهل العلم أن شهادة الكفار كالذميين لا تقبل على المسلم بالزنى.
واختلف هل تقبل على كافر مثله؟ فقيل: لا، والنبي صلى الله عليه وسلم «إنما رجم اليهوديين باعترافهما بالزنى لا بشهادة شهود من اليهود عليهم بالزنى». والذين قالوا هذا القول زعموا أن شهادة الشهود في حديث جابر: أنها شهادة شهود مسلمين، يشهدون على اعتراف اليهوديين المذكورين بالزنى. وممن قال هذا القول: ابن العربي المالكي.
وقال بعض أهل العلم: تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعض إن تحاكموا إلينا.
وقال القرطبي: الجمهور على أن الكافر لا تقبل شهادته على مسلم، ولا على كافر لا في حد ولا في غيره، ولا فرق بين السفر والحضر في ذلك. وقيل: شهادتهم جماعة من التابعين، وبعض الفقهاء إذا لم يوجد مسلم، واستثنى أحمد حالة السفر إذا لم يوجد مسلم.
وأجاب القرطبي عن الجمهور عن واقعة اليهوديين بأنه صلى الله عليه وسلم نفذ عليهم ما علم أنه حكم التوراة وألزمهم العمل به ظاهراً لتحريفهم كتابهم، وتغييرهم حكمه أو كان ذلك خاصاً بهذه الواقعة.
وقال ابن حجر بعد نقله كلام القرطبي المذكور كذا قال: والثاني مردود، ثم قال: وقال النووي الظاهر أنه رجمهما بالاعتراف، فإن ثبت حديث جابر فلعل الشهود كانوا مسلمين وإلا فلا عبرة بشهادتهم، ويتعين أنهما أقرا بالزنى.
ثم قال ابن حجر قلت: لم يثبت أنهم كانوا مسلمين، ويحتمل أن يكون الشهود أخبروا بذلك بقية اليهود، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم كلامهم، ولم يحكم فيها إلا مستنداً لما أطلعه الله تعالى عليه، فحكم بالوحي، وألزمهم الحجة بينهم كما قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ} [يوسف: 26] وأن شهودهم شهدوا عليهما عند إخبارهم بما ذكر، فلما رفعوا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم استعلم القصة على وجهها فذكر كل من حضره من الرواة ما حفظه في ذلك، ولم يكن مستند حكم النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما أطلعه الله عليه.
انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر في فتح الباري.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي رجحانه بالدليل، هو مذهب الجمهور من عدم قبول شهادة الكفار مطلقاً لأن الله يقول في المسلمين الفاسقين {وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وأولئك هُمُ الفاسقون} [النور: 4]. وإذا نص الله جل وعلا في محكم كتابه على عدم قبول شهادة الفاسق، فالكافر أولى بذلك كما لا يخفى، وقد قال جل وعلا في شهود الزنا، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منه {واللاتي يَاتِينَ الفاحشة مِن نِّسَآئِكُمْ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ} [النساء: 15] فخص الأربعة بكونهم منا، ويمكن أن يجيب المانع بأن أول الآية فيه من نسائكم، فلا نتناول نساء أهل الذمة ونحوهم من الكفار، وأنه لا تقبل شهادة كافر في شيء إلا بدليل خاص كالوصية في السفر، إذا لم يوجد مسلم، لأن الله نص على ذلك بقوله {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] الآية.
والتحقيق أن حكمها غير منسوخ، لأن القرآن لا يثبت نسخ حكمه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، والآيات التي زعم من ادعى النسخ: أنها ناسخة لها كقوله {ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ} [الطلاق: 2] وقوله {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدآء} [البقرة: 282] وقوله {وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} [النور: 4] أعم منها.
والجمهور على أن الأعم لا ينسخ الأخص خلافاً لأبي حنيفة.
أما حديث جابر المشار إليه الذي يفهم منه قبول شهادة الكفار بعضهم على بعض في حد الزنى. فقد قال فيه أبو داود رحمه الله في سننه: حدثنا يحيى بن موسى البلخي، ثنا أبو أسامة قال مجالد: أخبرنا عن عامر عن جابر بن عبدالله، قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا فقال: ائتوني بأعلم رجلين منكم الحديث. وفيه: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود، فجاءوا بأربعة فشهدوا بأنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما. انتهى محل الغرض منه.
وظاهره المتبادر منه: أن الشهود الذين شهدوا من اليهود كما لا يخفى فظاهر الحديث، دال دلالة واضحة على قبول شهادة الكفار بعضهم على بعض، في حد الزنى، إن كان صحيحاً، والسند المذكور الذي أخرجه به أبو داود لا يصح لأن فيه مجالداً وهو مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل الهمداني أبو عمرو، ويقال أبو سعيد الكوفي، وأكثر أهل العلم على ضعفه، وعدم الإحتجاج به، والإمام مسلم بن الحجاج، إنما أخرج حديثه مقروناً بغيره، فلا عبرة بقول يعقوب بن سفيان، إنه صدوق ولا بتوثيق النسائي له مرة، لأنه ضعفه مرة أخرى، ولا بقول ابن عدي إن له عن الشعبي، عن جابر أحاديث صالحة، لأن أكثر أهل العلم بالرجال على تضعيفه، وعدم الاحتجاج به أما غير مجالد من رجال سند أبي داود فهم ثقات معروفون، لأن يحيى بن موسى البلخي ثقة، وأبو أسامة المذكور فيه هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم، وهو ثقة ثبت، ربما دلس وكان بأخرة يحدث من كتب غيره، وعامر الذي روى عنه مجالد هو الإمام الشعبي وجلالته معروفة
والحاصل: أن مثل هذا السند الذي فيه مجالد المذكور، لا يجب الرجوع إليه عن عموم النصوص الصحيحة المقتضية، أن الكفار لا تقبل شهادتهم مطلقاً، والله تعالى أعلم ..
قلت سيف بن دورة: هو كما قال ففي السند مجالد وورد من مرسل عكرمه ولا يتقوى به. ثم سيأتي تفصيل جيد لابن تيمية.
——
في الفتاوى الكبرى لابن تيمية رحمه الله:
وقوله تعالى {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: 282] يقتضي أنه يقبل في الشهادة على حقوق الآدميين من رضوه شهيدًا بينهم ولا ينظر إلى عدالته كما يكون مقبولًا عليهم فيما ائتمنوه عليه. وقوله تعالى في آية الوصية {اثنان ذوا عدل} [المائدة: 106] أي صاحبا عدل، العدل في المقال هو الصدق الذي هو ضد الكذب والكتمان كما بينه الله تعالى في قوله: {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} [الأنعام: 152] والعدل في كل زمان ومكان وطائفة بحسبها فيكون الشاهد في كل قوم من كان ذا عدل فيهم وإن كان لو كان في غيرهم لكان عدله على وجه آخر. وبهذا يمكن الحكم بين الناس وإلا فلو اعتبر في شهود كل طائفة أن لا يشهد عليهم إلا من يكون قائمًا بأداء الواجبات وترك المحرمات كما كان الصحابة لبطلت الشهادات كلها أو غالبها.
وقال أبو العباس: في موضع آخر إذا فسر الفاسق في الشهادة بالفاجر وبالمتهم فينبغي أن يفرق بين حال الضرورة وعدمها كما قلنا في الكفار
وقال أبو العباس: في موضع ويتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة مثل الحبس، وحوادث البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل. وله أصول منها: قبول شهادة أهل الذمة في الوصية وشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجل وشهادة الصبيان فيما لا يطلع عليه الرجال ويظهر ذلك بالمحتضر في السفر إذا حضره اثنان كافران واثنان مسلمان يصدقان وليسا بملازمين للحدود أو اثنان مبتدعان فهذان خير من الكافرين والشروط التي في القرآن إنما هي في استشهاد التحمل لا الأداء وينبغي أن نقول في الشهود ما نقول في المحدثين وهو أنه من الشهود من تقبل شهادته في نوع دون نوع أو شخص دون شخص كما أن المحدثين كذلك.
ونبأ الفاسق ليس بمردود بل هو موجب للتبين عند خبر الفاسق الواحد ولم يؤمر به عند خبر الفاسقين وذلك أن خبر الاثنين يوجب من الاعتقاد ما لا يوجبه خبر الواحد. أما إذا علم أنهما لم يتواطآ فهذا قد يحصل العلم وترد الشهادة بالكذبة الواحدة وإن لم نقل هي كبيرة وهو رواية عن أحمد ومن شهد على إقرار شرعية قدح ذلك في عدالته ولا يستريب أحمد فيمن صلى محدثًا أو إلى غير القبلة أو بعد الوقت أو بلا قراءة أنه كبيرة.
ويحرم اللعب بالشطرنج وهو قول أحمد وغيره من العلماء كما لو كان بعوض أو تضمن ترك واجب أو فعل محرم إجماعًا وهو شر من النرد وقاله مالك. ومن ترك الجماعة فليس عدلًا ولو قلنا هي سنة.
وتحرم محاكاة الناس المضحكة ويعزر هو ومن يأمر به لأنه أذًى ومن دخل قاعات العلاج فتح على نفسه باب الشر وصار من أهل التهم عند الناس لأنه اشتهر عمن اعتاد دخولها وقوعه في مقدمات الجماع أو فيه، والعشرة المحرمة والنفقة في غير الطاعة وعلى كافر والأمرد منع منها ومن عشرة أهلها ولو بمجرد خوف وقوع الصغائر فقد بلغ عمر أن رجلًا يجتمع إليه الأحداث فنهى عن الاجتماع به بمجرد الريبة.
وتقبل شهادة الكافر على المسلم في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيره وهو مذهب أحمد ولا تعتبر عدالتهم وإن شاء لم يحلفهم بسبب حق لله ولو حكم حاكم بخلاف آية الوصاية لنقض حكمه فإنه خالف نص الكتاب بتأويلات سمعة.
وقول أحمد أقبل شهادة أهل الذمة إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم هذه ضرورة يقتضي هذا التعليل قبولها في كل ضرورة حضرًا وسفرًا وصيةً وغيرها وهو منحة كما تقبل شهادة النساء في الحدود إذا اجتمعن في العرس والحمام ونص عليه أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه ونقل ابن صدقة في الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق ولا يحضره إلا النساء هل تجوز شهادتهن في الحقوق.
والصحيح قبول شهادة النساء في الرجعية فإن حضورهن عنده أيسر من حضورهن عند كتابة الوثائق وعن أحمد في شهادة الكفار في كل موضع ضرورة غير المنصوص عليه روايتان لكن التحليف هنا لم يتعرضوا له فيمكن أن يقال لا تحليف لأنهم إنما يحلفون حيث تكون شهادتهم بدلًا في التحميل بخلاف ما إذا كانوا أصولًا قد علموا من غير تحميل.
قال أبو العباس في موضع آخر، ولو قيل تقبل شهادتهم مع أيمانهم في كل شيء عدم فيه المسلمون لكان وجهًا وتكون شهادتهم بدلًا مطلقًا وإذا قبلنا شهادة الكفار في الوصية في السفر فلا يعتبر كونهم من أهل الكتاب وهو ظاهر القرآن
وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وهو رواية عن أحمد اختارها أبو الخطاب في انتصاره ومذهب أبي حنيفة وجماعة من العلماء ولو قيل إنهم يحلفون مع شهادتهم بعضهم على بعض كما يحلفون في شهادتهم على المسلمين في وصية السفر لكان متوجهًا وشهادة الوصي على الميت مقبولة قال في ” المغني “: لا نعلم فيه خلافًا ….