4 – 5 نفح الطيب في شرح أحاديث الترغيب والترهيب
نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
4 – (صحيح لغيره)
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاهـا فرب حامل فقه ليس بفقيه
ث ث يغل عليهن قلب امرىء مؤمن إخ ص العمل لله والمناصحة ئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهـم يحيط من ورائهم
رواه البزار بإسناد حسن
——–
قَالَ الْبَزَّارُ: سَعِيدٌ وَعُمَرُ لَمْ يُتَابَعَا عَلَى حَدِيثِهِمَا.
وذكر له إسناد آخر: وفيه ضعف
المهم الحديث له شواهد انظر الحديث التالي
5 – (صحيح)
ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث زيد بن ثابت ويأتي في سماع الحديث إن شاء الله تعالى
قال الحافظ عبدالعظيم: وقد روي هذا الحديث أيضا عن ابن مسعود ومعاذ بن جبل والنعمان بن بشير وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأبي قرصافة جندرة بن خشينة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وبعض اسانيدهم صحيح.
—–
حديث زيد بن ثابت هو في الصحيح المسند 351
وكذلك حديث النعمان بن بشير في الصحيح المسند 1161
===========================
الشرح:
[حديث ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ المسلمين. . .]
ورد الحديث في رياض الصالحين:
الحديث السابع والتسعون عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَاءِهِمْ». رواه الترمذي والشافعي وغيرهما.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: نضر الله يعني حسنه لأن نضر بالضاد من الحسن ومنه قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ناضرة يعني حسنة إلى ربها ناظرة يعني تنظر بالعين إلى الله عز وجل جعلنا الله وإياكم منهم وكذلك أيضا قال الله تبارك وتعالى {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا} أي حسنا وسرورا حسنا في الوجوه وسرورا في القلوب هنا يقول نضر الله امرءا سمع منا يعني مقالا فأداه كما سمعه والمراد بذلك أن النبي دعا للإنسان إذا سمع حديثا عن رسول الله فبلغه كما سمعه أن يحسن الله تعالى وجهه يوم القيامة.
فرب مبلغ أوعى من سامع لأنه ربما يكون الإنسان يسمع الحديث ويبلغه ويكون المبلغ أوعى من السامع يعني أفقه وأفهم وأشد عملا من الإنسان الذي سمعه وأداه وهذا كما قال النبي معلوم تجد مثلا من العلماء من هو راوية يروي الحديث يحفظه ويؤديه لكنه لا يعرف معناه فيبلغه إلى شخص آخر من العلماء يعرف المعنى ويفهمه ويستنتج من أحاديث الرسول أحكاما كثيرة فينفع الناس وقد سبق أن مثل الأول كمثل الأرض التي أمسكت الماء فروى الناس وارتووا لكنها لا تنبت وأما الأرض الرياض التي أنبتت هم الفقهاء الذين عرفوا الأحاديث وفقهوها واستنتجوا منها الأحكام الشرعية. [شرح رياض الصالحين ((5) / (447))].
يَغِلُّ: من الغل: وهو الحقد، والشحناء: أي لا يدخله حقدٌ يزيله عن الحق. والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تصلح بها القلوب، فمن تمسَّك بها طَهُرَ قلبُه، من: الخيانة، والدَّغَل، والشرِّ. [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير ((3) / (381))].
والمعنى المؤمن لا يغل، ولا يخون في هذه الأشياء الثلاثة، أو لا يدخله ضغن يزيله عن الحق حين يفعل شيئًا من ذلك. [شرح المشكاة للطيبي ((2) / (684))].
[وجه التناسب بين قوله: «نضر الله عبدًا» وبين قوله: «ثلاث لا يغل»]
قال الطيبي: وجه التناسب بين قوله: «نضر الله عبدًا» وبين قوله: «ثلاث لا يغل» هو أن يقول: إن النبي لما حث من سمع مقالته على أدائها علمهم أن قلب المسلم لا يغل على هذه الأشياء، خشية أن يضنوا بها على ذوي الإحن والحقد لما يقع بينهم من التحاسد والتباغض، وبين أن أداء مقالته إلى من يسمعها من باب إخلاص العمل لله تعالى والنصيحة للمسلمين، فلا يحل له أن يتهاون به، لأنه يخل بالخلال الثلاث. [شرح المشكاة للطيبي ((2) / (684))].
و قال الطيبي: «قض»: قوله: «ثلاث» استئناف تأكيد لما قبله، فإنه لما حضر على تعليم السنن ونشرها قفاه برد ما عسى أن يعرض مانعًا- وهو الغل- من ثلاثة أوجه: أحدها أن تعلم الشرائع ونقلها ينبغي أن يكون خالصًا لوجه الله، مبرأ عن شوائب المطامع والأغراض الدنيوية، وما كان كذلك لا يتأثر عن الحقد والحسد.
وثانيها أن أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم، وهي من وظائف الأنبياء، فمن تعرض لذلك وقام به كان خليفة لمن يبلغ عنه، وكما لا يليق بالأنبياء أن يهملوا أعاديهم ولا ينصحوهم لا يحسن من حامل الأخبار وناقل السنن أن يمنحها صديقه ويمنع عدوه.
وثالثها أن التناقل ونشر الأحاديث إنما يكون غالبًا بين الجماعات، فحث على لزومها، ومنع عن التأبي عنها لحقد وضغينة يكون بينه وبين حاضريها ببيان ما فيها من الفائدة العظمى، وهي إحاطة دعائهم من ورائهم، فيحرسهم عن مكائد الشيطان وتسويله.
وأقول [الطيبي]: يمكن أن يقال- والله أعلم-: إن قوله: «ثلاث» استئناف، وهي المقالة التي استوصى في حقها أن يبلغ، والكلام السابق كالتوطئة والتمهيد لها اعتناء بشأنها، والعض عليها بالنواجذ، كأن قائلًا لما سمع تلك التوصية البليغة اتجه له أن يقول: ما تلك المقالة التي استوجبت ذلك الدعاء المرغب في أداء ما سمع؟ أجيب هن ثلاث. وإنما استوجبت هذه التوصية البليغة؛ لأنها جمعت بين التعظيم لأمر الله تعالى، فإن إخلاص العمل هي مقدمة مطلوبة في كل أعمال صالحة- وبين الشفقة على خلق الله من النصيحة لهم إن كان فوقهم، ومن التبرك بدعائهم والانخراط في سلكهم وأداء حقوقهم إن كان دونهم. ولعل رواية «يغل» – بالضم- من الإغلال، يقال: غل شيئًا من المغنم غلولا، وأغل إغلالا، إذا أخذه في خفية- أرجح؛ لأن الخيانة في إخلاص العمل هي رؤية الغير، قال الله تعالى: {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} وفي حق المسلمين ترك نصيحتهم وإرادة الخير لهم. فإن النصيحة حق لهم عليه، فإن تركها خانهم. وفي حق نفسه أن يحرمها من تركه دعاء المؤمنين، وإخراجه من زمرتهم، فيكون كالغنم القاصية عن القطيع متعرضًا لمكائد الشيطان وتسويله.
قوله: «فإن دعوتهم» «نه»: الدعوة المرة الواحدة من الدعاء، أي تحوطهم وتثبتهم وتحفظهم، يريد بهم أهل السنة والجماعة. وكلام صاحب النهاية يرشد إلى أن الصواب فتح «من» موصولًا مفعولًا لـ «تحيط». وقد يجوز أن يكون تقدير الكلام: فعليه أن يلزم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم.
قال محيي السنة: اختلف أهل العلم في نقل الحديث بالمعنى، فرخص فيه جماعة، قال واثلة ابن السقع: إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم. وإليه ذهب الحسن، والشعبي، والنخعي. قال أيوب عن ابن سيرين: كنت أسمع الحديث من عشرة، واللفظ مختلف، والمعنى واحد. قال مجاهد: انقص من الحديث إن شئت ولا تزد فيه. قال سفيان الثوري: إن قلت: إني حدثتكم كما سمعت فلا تصدقوني، فإنما هو المعنى. وقال وكيع: إن لم يكن المعنى واسعًا فقد هلك الناس. وذهب قوم إلى إتباع اللفظ، منهم ابن عمر، وهو قول القاسم بن محمد، وابن سيرين، ورجاء بن حيوة، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، ووهيب، وبه قال أحمد، ويحيى.
قال محيي الدين النواوي: قال مسلم في حديث أبي معاوية قال: قال رسول الله : وفي حديث وكيع يرفعه. وهذا الذي فعله مسلم من احتياطه، ودقيق نظره، وغزير علمه، وثقوب فهمه، فإن أبا معاوية ووكيعًا اختلفت روايتهما، فقال أحدهما: قال أبو هريرة: قال رسول الله، وقال الآخر: عن أبي هريرة يرفعه. وهذا بمعنى ذلك عند أهل العلم، ولكن أراد مسلم أن لا يروى بالمعنى؛ فإن الرواية بالمعنى حرام عند جماعات من العلماء، وجائزة عند الأكثرين، إلا أن الأولى اجتنابها.
أقول- والله أعلم-: في قول محيي السنة: رخص بعضهم، وفي قول محيي الدين: الأولى، إيذانًا بأن العزيمة هو الاحتياط، وأداء اللفظ بعينه، وعليه دل ظاهر الحديث من وجوه أحدها: نفس الدعاء، فإنه ينبئ عن عدم التغيير، لأنه لو وضع موضع «نضر الله» رحم الله، أو غفر الله له، وما شاكلهما، لفاتت المناسبة، فإن من حفظ ما سمعه ووعاه وأداه كما سمع من غير تغيير كأنه جعل المعنى غضًا طريًا، ومن بدل وغير فقد جعله مبتذلًا ذاويًا.
وثانيها: اختصاص العبد بالذكر دون امرئ مسلم، بمعنى الاستكانة والمضي لأمر الله تعالى ورسوله بلا امتناع، وعدم استنكاف من أداء ما سمع إلى من هو أعلم منه، فإن حقيقة العبودية مشعرة بذلك، ومن ثم ورد قوله: «بين العبد والكفر ترك الصلاة» ولم يقل: بين الإيمان والكفر ترك الصلاة، وهو الظاهر.
وثالثها: المقالة خصت من بين الكلام، والحديث، والخبر، لأن حقيقة القول هو المركب من الحروف المبرزة، مفردًا كان أو مركبًا، ليدل على وجوب أداء اللفظ المسموع، وينصره الحديث الآتي: «فيبلغه كما سمعه».
ورابعها: أن إرداف «ووعاها» «حفظها» مشعر بمزيد التقرير؛ لأن الوعي إدامة الحفظ وعدم النسيان. وأوثر «أدائها» على «رواها» و «بلغها» ونحوهما دلالة على أن تلك المقالة مستودعة عنده، واجب أداؤها إلى من أهو أحق بها وأهلها، غير مغير ولا متصرف فيها.
وخامسها: تخصيص ذكر الفقه دون العلم؛ ليؤذن بأن الحامل غير عار عن العلم؛ إذ الفقه علم بدقائق العلوم المستنبطة من الأقيسة، ولو قيل: غير عالم، لزم جهله.
وسادسها: تكرير «رب»، وإناطة كل بمعنى يخصها، فإن السامع أحد رجلين: إما أن لا يكون فقيهًا فيجب عليه أن لا يغير؛ لأنه غير عارف بالألفاظ المترادفة، فيخطئ فيه، أو يكون عارفًا بها، لكنه غير بليغ، فربما يضع أحد المترادفين موضع الآخر، ولا يقف على رعاية المناسبات بين لفظ ولفظ، فإن المناسبة لها خواص ومعان لا يقف عليها إلا ذو دراية بأقانين النظم؛ لأنه يستنبط من ذلك اللفظ المغير أحكامه وأسرارًا لا يستنبطها غيره. [شرح المشكاة [(2) / (684) – (686)].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهَذِهِ الثَّلاثُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ وقَواعِدَهُ وتَجْمَعُ الحُقُوقَ الَّتِي لِلَّهِ ولِعِبادِهِ، وتَنْتَظِمُ مَصالِحَ الدُّنْيا والآخِرَةِ.
وبَيانُ ذَلِكَ أنَّ الحُقُوقَ قِسْمانِ: حَقٌّ لِلَّهِ وحَقٌّ لِعِبادِهِ، فَحَقُّ اللَّهِ أنْ نَعْبُدَهُ ولا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، كَما جاءَ لَفْظُهُ فِي أحَدِ الحَدِيثَيْنِ؛ وهَذا مَعْنى إخْلاصِ العَمَلِ لِلَّهِ، كَما جاءَ فِي الحَدِيثِ الآخَرِ.
وحُقُوقُ العِبادِ قِسْمانِ: خاصٌّ وعامٌّ؛ أمّا الخاصُّ فَمِثْلُ بِرِّ كُلِّ إنْسانٍ والِدَيْهِ، وحَقِّ زَوْجَتِهِ وجارِهِ؛ فَهَذِهِ مِن فُرُوعِ الدِّينِ؛ لِأنَّ المُكَلَّفَ قَدْ يَخْلُو عَنْ وُجُوبِها عَلَيْهِ؛ ولِأنَّ مَصْلَحَتَها خاصَّةٌ فَرْدِيَّةٌ.
وأمّا الحُقُوقُ العامَّةُ فالنّاسُ نَوْعانِ: رُعاةٌ ورَعِيَّةٌ؛ فَحُقُوقُ الرُّعاةِ مُناصَحَتُهُمْ؛ وحُقُوقُ الرَّعِيَّةِ لُزُومُ جَماعَتِهِمْ؛ فَإنَّ مَصْلَحَتَهُمْ لا تَتِمُّ إلّا بِاجْتِماعِهِمْ، وهُمْ لا يَجْتَمِعُونَ عَلى ضَلالَةٍ؛ بَلْ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ ودُنْياهُمْ فِي اجْتِماعِهِمْ واعْتِصامِهِمْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا؛ فَهَذِهِ الخِصالُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ. وقَدْ جاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي الحَدِيثِ الَّذِي رَواهُ مُسْلِمٌ عَنْ تَمِيمٍ الداري قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ {الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قالُوا: لِمَن يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسُولِهِ ولِأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ}.
فالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسُولِهِ تَدْخُلُ فِي حَقِّ اللَّهِ وعِبادَتِهِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، والنَّصِيحَةُ لِأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ هِيَ مُناصَحَةُ وُلاةِ الأمْرِ ولُزُومُ جَماعَتِهِمْ، فَإنَّ لُزُومَ جَماعَتِهِمْ هِيَ نَصِيحَتُهُمْ العامَّةُ، وأمّا النَّصِيحَةُ الخاصَّةُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُمْ بِعَيْنِهِ، فَهَذِهِ يُمْكِنُ بَعْضُها ويَتَعَذَّرُ اسْتِيعابُها عَلى سَبِيلِ التَّعْيِينِ. [مجموع الفتاوى ((1) / (18) – (19))].
وقال الشيخ السعدي رحمه الله: قال الشيخ شمس الدين ابن القيم: أي لا يبقى في القلب غل ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله، وتنقيه منه، وتخرجه منه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل. وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة والضلال. فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح، ومتابعة السنة. انتهى.
أي فمن أخلص أعماله كلها لله، ونصح في أموره كلها لعباد الله، ولزم الجماعة بالائتلاف، وعدم الاختلاف، وصار قلبه صافيا نقيا، صار لله وليا، ومن كان بخلاف ذلك، امتلأ قلبه من كل آفة وشر، والله أعلم.
[بهجة قلوب الابرار ((198))]
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(1) – (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو بيان فضل من بلّغ علمًا، وهو واضح.
(2) – (ومنها): أن فيه الإخبار بأن رواة الأحاديث في وجوههم نضرة بسبب دعوة النبيّ – – لهم بذلك.
(3) – (ومنها): أن الشرط في رواية الحديث كونه حافظًا له، لا كونه فقيهًا، عالمًا بمعناه.
(4) – (ومنها): بيان تفاوت العلماء في الأفهام، فإنه ربما يكون الشيخ أقلّ علمًا وفهمًا
من تلميذه.
(5) – (ومنها): بيان فائدة تبليغ الحديث، وذلك أن السامع ربما لا يستطيع أن يستنبط منه العلوم، فإذا بلغه من هو أفهم له منه استنبط منه فوائد كثيرة، تنتفع بها الأمة.
6 – (ومنها): الحثّ على هذه الأشياء المذكورة في الحديث، وأنه ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها، فمنها: إخلاص العمل، وهو الركن الأساسيّ لقبوله، فإنه إذا لم يوجد كان العمل هباء منثورًا، ومنها: مناصحة ولاة الأمور، فإن فيه مصالح عظيمة؛ إذ يستلزم ذلك مناصحة كل الأمة؛ لكونهم القادة، فإذ لم ينصح لهم فقد أساء إليهم وإلى الرعيّة جميعًا، ويؤخذ من هذا أن الرئيس الأعلى للأمة هو النبي – -، فنصيحته مطلوبة بالدرجة الأولى؛ إذ نصيحته تتضمن نصيحة أمته جميعًا، فمن نصيحته نشر سنته بين الأمة، والذبّ عنها، وقمع البدعة، ومقاطعة أهلها.
7 – (ومنها): أن فيه بيان فضل لزوم الجماعة؛ إذ فيه الانتظام في سلكهم، ونيل بركتهم؛ إذ دعواتهم تحيط بهم، فمن خرج عنهم خرج عن السُّورِ المحيط بهم، وصار عُرْضة للشيطان؛ لأنه ذئب الإنسان، فيحبّ المنفرد عن الجماعة، كما يحب الذئب الشاة القاصية من الغنم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل. [مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه ((4) / (379)) — محمد آدم الأثيوبي].