: 4 . فتح المنان في جمع مسائل أصول الإيمان (مصحح)
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——‘—–‘——
مسألة: مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية:
من جحد ربوبية الله أصلا وإنكار وجوده
أو
جحد بعض خصائص الرب وإنكار بعض معاني ربوبيته كمن ينفي قدرة الله على إماتته أو إحيائه بعد موته.
أو
إعطاء شيء من خصائص الربوبية لغير الله سبحانه. فمن اعتقد وجود متصرف مع الله عزوجل في أي شيء من تدبير الكون من إيجاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفع شر أو غير ذلك من معاني الربوبية فهو مشرك بالله العظيم.
أرجو التوضيح وبسط المسألة
_____
توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله، بمعنى الإقرار بأن الله وحده الخالق لكل شيء، الرب، المالك، المحيي، المميت، الرازق، المدبر، النافع، الضار، إلى غير ذلك من خصائص الربوبية.
هناك طائفة من أهل الضلال و الإنحراف أنكرت وجود الخالق [الدهرية و الشيوعية]:
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يخبر تعالى عن قول الدَّهريَّة من الكفار ومَن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: 24]؛ أي: ما ثَم إلا هذه الدار، يموت قومٌ ويعيش آخرون، وما ثَم معادٌ ولا قيامةٌ، وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون للمعاد، ويقوله الفلاسفة الإلهيون منهم، وهم ينكرون البداءة والرجعة، ويقوله الفلاسفة الدَّهريَّة الدورية المنكرون للصانع، المعتقدون أن في كل ستةٍ وثلاثين ألف سنةٍ يعود كل شيءٍ إلى ما كان عليه، وزعموا أن هذا قد تكرر مراتٍ لا تتناهى، فكابَروا المعقول، وكذبوا المنقول؛ ولهذا قالوا: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]، قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24]؛ أي: يتوهَّمون ويتخيَّلون؛ (تفسير ابن كثير جـ 12 صـ 363). انتهى
قال الألباني: وإن كل من ينظر إلى تاريخ البشر على مر العصور ليجد أن كل البشر يؤمنون بإله خالق مدبر وحكيم، إلا قلة نادرة من الملحدين على مر العصور كانوا يُسمَّون دهريين قديماً، ويسمون اليوم ملاحدة أو زنادقة أو شيوعيين، هؤلاء نسبتهم قليلة جداً بالنسبة لبقية البشر. [دروس للشيخ الألباني].
من أعتقد أن الكواكب لها تصرف وتدبير، و أن فلانا له تصرف في الكون وقعوا في شرك الربوبية، و صرفوا ما يختص الله به، فالله هو مدبر الأمور وهذه من خصائص الربوبية.
قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: شرك من جعل معه إلها آخر ولم يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير الى النور و حوادث الشر إلى الظلمة
ومن هذا شرك كثير ممن يشرك بالكواكب العلويات ويجعلها مدبرة لأمر هذا العالم كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم
قلت: ويلتحق به من و جه شرك غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت فيقضون الحاجات ويفرجون الكربات وينصرون من دعاهم ويحفظون من التجأ اليهم ولاذ بحماهم فإن هذه من خصائص الربوبية كما ذكره بعضهم في هذا النوع. ” تيسير العزيز الحميد” (28).
قال زيد بن خالد الجهني: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء من الليل -يعني: على إثر مطر-، فأقبل علينا بوجهه فقال عليه الصلاة والسلام: أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)، فقوله: (كافر بي) هـذا فيه تفصيل: فإن اعتقد أن للنجم تأثيرا في إنزال المطر فهذا كفر أكبر؛ لأنه شرك في الربوبية، أما إذا اعتقد أن منزل المطر هـو الله ولكن النجم سبب فهذا كفر أصغر لا يخرج من الملة، فيكون صاحبه ضعيف الإيمان.
شرح الإيمان لأبي عبيد للراجحي.
قال ابن القيم: (وأهل التعطيل المحض عطلوا الشرائع, وعطلوا المصنوع عن الصانع, وعطلوا الصانع عن صفات كماله، وعطلوا العالم عن الحق الذي خلق له وبه، فعطلوه عن مبدئه ومعاده وعن فاعله وغايته) ((إغاثة اللهفان)) (2/ 268).
وأهل هذا التعطيل هم الملاحدة الدهرية الطبائعية الذين ينكرون ما سوى هذا الوجود الذي يشاهده الناس ويحسونه، وهو وجود الأفلاك وما فيها، وقالوا: (إن العالم دائم لم يزل ولا يزال، ولا يتغير ولا يضمحل، وإن الأشياء ليس لها أول البتة) ((درء تعارض العقل والنقل)) (5/ 168).
* [الفلاسفة] *
(واعلم) أنهم على كثرة فرقهم واختلاف مذاهـبهم ثلاثة اقسام: الدهـريون والطبيعيون والالهيون.
(فأما) الدهـريون: فهم طائفة من الأقدمين جحدوا الصانع المدبر للعالم وزعموا أن العالم لم يزل موجودا كذلك بنفسه وكذلك يكون أبدا وهـؤلاء الزنادقة.
(وأما) الطبيعيون فهم أكثروا بحثهم عن عالم الطبيعة وعجائب الحيوان والنبات وأكثروا في علم تشريح الأعضاء فرأوا فيها العجائب فاضطروا إلى الاعتراف بقادر حكيم لكنهم جحدوا الآخرة وهـؤلاء ايضا الزنادقة.
(وأما) الإلهيون: وهـم المتأخرون منهم سقراط وهـو استاذ افلاطون وأفلاطون أستاذ إرسطاطاليس هـو الذي رتب لهم المنطق وهـذب العلوم وهـؤلاء ردوا على الصنفين الأولين ثم رد إرسطاطاليس على أفلاطون وسقراط ومن قبله من الإلهيين إلا أنه استبقى أيضا من رذائل كفرهـم فوجب تكفيرهـم وتكفير متبعيهم من المتفلسفة الإسلاميين كابن سينا والفارابي وغيرهـما.
(جلاء العينين للالوسي)
ذكر الشهرستاني في كتابه الملل والنحل معطلة العرب وهم اصناف:
معطلة العرب
وهم أصناف:
1 – منكرو الخالق، والبعث، والإعادة:
فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة. وقالوا بالطبع المحيي، والدهر المفني، وهم الذين أخبر عنهم القرآن المجيد: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا}، إشارة إلى الطبائع المحسوسة في العالم السفلي، وقصرا للحياة والموت على تركبها وتحللها، فالجامع هو الطبع، والملك هو الدهر: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}. فاستدل عليهم بضرورات فكرية وآيات فطرية في كم آية وكم سورة، فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ}، وقال: {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}، فأثبت الدلالة الضرورية من الخلق على الخالق؛ وأنه قادر على الكمال ابتداء وإعادة.
2 – منكرو البعث، والإعادة:
وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق والإبداع، وأنكروا البعث والإعادة، وهم الذين أخبر عنهم القرآن: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} 1، فاستدل عليهم بالنشأة الأولى، إذ اعترفوا بالخلق الأول، فقال عز وجل: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وقال: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
3 – منكرو الرسل: عبّاد الأصنام:
وصنف منهم أقروا بالخالق, وابتداء الخلق ونوع من الإعادة، وأنكروا الرسل، وعبدوا الأصنام، وزعموا أنهم شفعاؤهم عند الله في الدار الآخرة، وحجوا إليها، ونحروا لها الهدايا، وقربوا المقربين، وتقربوا إليها بالمناسك والمشاعر, وأحلوا وحرموا، وهم الدهماء من العرب، إلا شرذمة منهم نذكرهم، وهم الذين أخبر عنهم التنزيل: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} -إلى قوله- {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}. فاستدل عليهم بأن المرسلين كلهم كانوا كذلك. قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}. انتهى
قال محمد أمان الجامي: وأما الصراخ المنكر والقول الهجين الذي سمعته الدنيا لأول مرة في الآونة الأخير، والذي ينادي بكل وقاحة، بإنكار وجود الله تعالى مكابرة، وأنه ليس هو الذي خلق هذا الكون، وأن الدين إنما يقصد به تخدير الشعوب إلى آخر تلك المغالطة، فإنها تهدف إلى تضليل متعمد إذ لا مستند له من العقل والفطرة السليمة بله الشرع، ولا أرى مناقشته هنا.
وهل يناقش من ينكر وجود الشمس وهي طالعة؟!! وكيف ينكر وجود الخالق من هو مخلوق له وآية من آياته؟!!
وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد. ” الصفات الإلهية” (80).
شرك النصارى:
*من مظاهر شرك النصارى في الربوبية:*
– جعلوا عيسى عليه السلام جزءا من الخالق والإله.
– ومِن شركهم في الربوبية قولُهم بمحاسبة المسيح عليه السلام الناسَ على أعمالهم في الآخرة
– جعلُ التشريع حقًّا للرؤساء الرُّوحانيِّين في تنظيمهم الكَهَنُوتِيِّ، وإعطاءُ الراهب والقِسِّيسِ حقوقَ الغفران والتوبة
غلاة الصوفية و شركهم في الربوبية:
قال الجامي: والعجب كل العجب أن يحصل في الآونة الأخيرة في المتصوفة من يشرك بالله سبحانه وتعالى في ربوبيته بعد أن كان المشركين يوحدون الله تعالى في ربوبيته، وفي مشايخ الطرق وكثير من الطرق الصوفية اعتقادهم أن الشيخ شيخ الطريقة إذا كان حياً مشغولٌ بالخدمة، وهذه عبارتهم المقصود بالخدمة العبادة، فإذا مات تفرغ ليتصرف في هذا الكون لأتباعه وهو المسؤول عن أرزاقهم وآجالهم وتدبير شؤونهم ناسين رب العالمين سبحانه وتعالى وهذا الكلام الذي نقوله مروٍ في كتب المتصوفة كتب ابن عربي مثل فصوص الحكم وغير ذلك من الكتب لابن الفارض وابن سبعين وابن عجيبه وهؤلاء الأبناء غير البررة تجد في كتبهم الكفر البواح والكفر الذي لم يرتكبه كفار قريش، لذلك يقول الإمام ابن تيميه (أتت فرقة وحدة الوجود بكفر لم يعرفه كفار قريش) لأن في كفار قريش لم يقع ولم يحصل من يقول ليس في الجبة إلا الله، وهذه مقالة ابن عربي وعلى طلاب العلم أن يفرقوا بين ابن عربي وابن العربي، ابن العربي عالمٌ سنيٌ إمام من أهل الحديث مالكي المذهب وهذا معروف ومشهور، أما ابن عربي المنكر هذا هو النكرة، المنكرة هو الذي أنشأ فكرة وحدة الوجود أي نفى الإثنينية على حد تعبيرهم نفى الإثنينية في الكون، الكون شيء واحد قال ابن عربي:
الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبدٌ فذاك حقٌ وإن قلت ربٌ فأنى يكلف
الشاهد التوحيد الذي دعت إليه الرسل وتعبوا في الدعوة إليه، وقامت الخصومة بينهم وبين أتباعهم هو توحيد العبادة وإلا جميع الكفار في جميع الملل كلهم يعترفون بربوبية الله تعالى أي يوحدون الله تعالى بأفعاله ولايعتقدون بأن أحداً شارك الله في خلقه وفي رزق العباد وفي تدبير أمور العباد لذلك يؤمنون بالله بربوبيتة، ولكن يتخذون آلهة من دون الله تعالى لا لأنها تخلق أو ترزق ولكن لتقربهم إلى الله زلفى وسائط وشفعاء وهذا هو شرك المشركين الأولين، ولكن كما قلنا زين الشيطان لكثيرٍ من اتباع المتصوفة فوقعوا في الشركين معاً شرك في توحيد الألوهية وشرك في توحيد الربوبية. [شرح الأصول الثلاثة و أدلتها].
البرمجة العصبية:
قيل في البرمجة العصبية: أنه شبيه بالفلسفة: وقيل في الفلسفة:
قال شيخ الإسلام في المجموع 2/ 22: (وهذه الطرق فيها فساد كثير من جهة الوسائل والمقاصد أما المقاصد فان حاصلها بعد التعب الكثير والسلامة خير قليل فهى لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ثم انه يفوت بها من المقاصد الواجبة والمحمودة ما لا ينضبط هنا وأما الوسائل فان هذه الطرق كثيرة المقدمات ينقطع السالكون فيها كثيرا قبل الوصول ومقدماتها فى الغالب إما مشتبهة يقع النزاع فيها وإما خفية لا يدركها الا الأذكياء).
وقال ابن القيم في إغاثة اللفهان 1/ 44: (الباب السابع في أن القرآن متضمن لأدوية القلب وعلاجه من جميع أمراضه قال الله عز وجل يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور يونس 57 وقال تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وقد تقدم أن جماع أمراض القلب هي أمراض الشبهات والشهوات والقرآن شفاء للنوعين ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه وليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية من التوحيد وإثبات الصفات وإثبات المعاد والنبوات ورد النحل الباطلة والآراء الفاسدة مثل القرآن فإنه كفيل بذلك كله متضمن له على أتم الوجوه وأحسنها وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانا فهو الشفاء على الحقيقة من أدواء الشبه والشكوك ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه فمن رزقه الله تعالى ذلك أبصر الحق والباطل عيانا بقلبه كما يرى الليل والنهار وعلم أن ما عداه من كتب الناس وآرائهم ومعقولاتهم بين علوم لا ثقة بها وإنما هي آراء وتقليد وبين ظنون كاذبة لا تغني عن الحق شيئا وبين أمور صحيحة لا منفعة للقلب فيها وبين علوم صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها فهي لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل وأحسن ما عند المتكلمين وغيرهم فهو في القرآن أصح تقريرا وأحسن تفسيرا فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد كما قيل لولا التنافس في الدنيا لما وضعت كتب التناظر لا المغني ولا العمد يحللون بزعم منهم عقدا وبالذي وضعوه زادت العقد).
وقال شيخ الإسلام: (وعامة الحدود المنطقية هي من هذا الباب حشو لكلام كثير يبينون به الأشياء وهي قبل بيانهم ابين منها بعد بيانهم فهي مع كثرة ما فيها من تضييع الزمان وإتعاب الفكر واللسان لا توجب إلا العمى والضلال).
بينما قال بعض لجان الفتوى في البرمجة العصبية:
هو علم يبحث في أمرين:
الأول: برمجة الجهاز العصبي لدى الإنسان على القناعات الإيجابية، والتخلص من القناعات السلبية (الاتصال بالذات) ومنه التحكم في التفكير والإدراك والتركيز والقيم.
الثاني: برمجة لغة الاتصال بالآخرين حتى تكون مثمرة وفعالة سواء كانت لغة الكلام أو لغة الحركات والعيون (الاتصال بالآخرين).
ولكل من هذين الأمرين في هذا العلم قواعد وضوابط يطول الحديث بذكرها.
– وهذا العلم قد مر بمراحل حتى وصل إلى ما وصل إليه، فأصبح الآن يدرس في أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية، وله معاهده ومتخصصوه ودارسوه.
– وهذا العلم مفيد في التغيير والتجديد والتطوير والتنمية للذات.
– ومفيد أيضاً في دعوة الآخرين وإقناعهم وكيفية التعامل معهم.
وبناء على ما سبق؛ فإنه لا بأس في دراسة هذا العلم، لما له من الفوائد التي تخدم التعاليم الإسلامية.
– لكن ننبه هنا إلى أن واضعي هذا العلم قد أهملوا جانب اتصال العبد بربه، وإيمانه به وبقدرته وبقدره، لذا فإنهم ينظرون إلى الأحداث نظرة مادية مجردة: (النظر إلى الأسباب دون النظر إلى المسبِّب)، وذلك لأن واضعي هذا العلم هم من النصارى المتحررين، لكن تمكن أسلمة هذا العلم وإضافة ما يتوافق مع المبادئ الإسلامية وحذف ما يتعارض معها منه، مثله مثل علم النفس والاجتماع والمنطق، بل إن الموافقة فيه للإسلام أكثر من هذه العلوم، والمخالفة فيه للإسلام أقل منها بكثير. انتهى كلام اللجنة
فمما أخذ على هذا العلم:
1 – وجود أخطاء شرعية لا بد من اطراحها.
2 – فيه مبالغة في إيجاد الثقة في النفس وقضايا قد تؤثر على التوكل لاسيما من غير المؤصل شرعيا.
3 – فيه اتجاه متهور من المتدربين نحو الدورات الخاصة به مع ارتفاع اسعارها، وهذا نوع من السرف، وكذا الاعتقاد العجيب بأهمية هذا العلم، بينما هناك إهمال وتكاسل عن حضور الدورات العلمية في مهمات الدين أو في دراسة الفنون الشرعية وعلوم الآلة.
سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
سئل فضيلة الشيخ: هل إنكار الخالق كفر؟
فأجاب بقوله: الظاهر أن هذا السؤال كمن يسأل هل الشمس شمس؟
وهل الليل ليل؟ وهل النهار نهار؟ فمن الذي يشكل عليه أن منكر الخالق لا يكون كافرًا، مع أن هذا، أعني إنكار الخالق ما وجد فيما سلف من الإلحاد، وإنما وجد أخيرًا، وكيف يمكن إنكار الخالق والأدلة على وجوده – جل وعلا – أجلى من الشمس.
وكيف يصح في الأذهان شيء … إذا احتاج النهار إلى دليل؟
وأدلة وجود الخالق والحمد لله موجودة في الفطر والعقول، والشاهد والمحسوس، ولا ينكره إلا مكابر بل حتى الذين أنكروه قلوبهم مطمئنة بوجوده،، كما قال الله – تعالى – عن فرعون الذي أنكر الخالق وادعى الربوبية لنفسه قال: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وقال – جل ذكره – عن موسى وهو يناظر فرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}
ثم إن هؤلاء الذين ينكرون الخالق هم في الحقيقة منكرون لأنفسهم، لأنهم هم الآن يعتقدون أنهم ما أوجدوا أنفسهم ويعلمون ذلك، ويعتقدون أنه ما أوجدتهم أمهاتهم، ولا أوجدهم آباؤهم، ولا أوجدهم أحد إلا رب العالمين -سبحانه وتعالى – كما قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} وتعجب جبير بن مطعم على أنه لم يؤمن بعد أن سمع هذه الآية يقرؤها النبي، عليه الصلاة والسلام، قال: “كدت أطير” من كونها دليلًا قاطعًا ظاهرًا على وجود الخالق – سبحانه وتعالى -، وهؤلاء المنكرون للخالق إذا قيل: لهم من خلق السماوات والأرض؟
ما استطاعوا سبيلًا إلا أن يقولوا: الذي خلقها الله، لأنها قطعًا لم تخلق نفسها، وكل موجود لا بد له من موجد واجب الوجود وهو الله.
لو أن أحدًا من الناس قال: إن هذا القصر المشيد المزين بأنواع الثريات الكهربائية وغيرها إنه بنى نفسه، لقال الناس: إن هذا أمر جنوني. ولا يمكن أن يكون فكيف بهذه السماوات والأرض، والأفلاك والنجوم السائرة على هذا النظام البديع الذي لا يختلف منذ أن خلقه الله عز وجل إلى أن يأذن الله بفناء هذا العالم، وأعتقد أن الأمر أوضح من أن يقام عليه الدليل.
وبناء على ذلك فإنه لا شك أن من أنكر الخالق فإنه مختل العقل كما أنه لا دين عنده وأنه كافر لا يرتاب أحد في كفره.
وهذا الحكم ينطبق على المقلدين لهذا المذهب الذين عاشوا في الإسلام؛ لأن الإسلام ينكر هذا إنكارًا عظيمًا، ولا يخفى على أحد من المسلمين بطلان هذا الفكر وهذا المذهب، وليسوا معذورين لأن لديهم من يعلمهم، بل هم لو رجعوا إلى فطرهم ما وجدوا لهذا أصلًا. ” مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (2/ 142).