4 – بَابُ كَرَاهَةِ قَوْلِ الْإِنْسَانِ خَبُثَتْ نَفْسِي
16 – (2250) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي» هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ وقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ «لَكِنْ»
16 – وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ
17 – (2251) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي»
————————
الفوائد:
– قال أحمد: معنى لقست نفسي يعني: خبثت نفسي، يعني الغثيان (العلل 2/ 25)، قال ابن الأعرابي معناه ضاقت (شرح النووي).
قال الراغب: الخبث يطلق على الباطل في الاعتقاد، والكذب في المقال، والقبيح في الفعال.
– تأديب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حتى في الألفاظ.
– استعمال الألفاظ التي تستلطفها النفوس، ومنه اختيار الأسماء الحسنة، قال ابن القيم: كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك ثم ذكر هذا الحديث (تحفة الودود)
– لا يجوز تخذيل العبد نفسه؛ بل يحسن الظن بالله، ويقترب من الأشياء التي تنشطه سواء أسماء أو أعمال أو أشخاص.
– ورد في أبي داود (لا يقولنَّ أحدُكم جاشت نفسي ولكن ليقل: لقست نفسي)، قال في القاموس: جاشت النفس غثت، ودارت للغثيان.
– لا ينبغي وصف الأولاد بالأوصاف السيئة كأن تقول له (ما فيك خير، كسلان، أو تشبهه بالحمير أو … )
– فيه سد ذريعة اعتياد اللسان على الكلام الفاحش.
– فيه سد ذريعة اتصاف النفس بمعنى هذا اللفظ، فإن الألفاظ تتقاضى معانيها وتطلبها بالمشاكلة والمناسبة. (أعلام الموقعين).
– راجع زاد المعاد 2/ 468، ففيه جملة من الألفاظ الممنوعة، وألف بعض المعاصرين معجماً في ذلك.
– إياك من إطلاق الألفاظ التي تدل عند الغير على معنى فاسد من غير بيان (مجموع الفتاوى 17/ 347).
– لا ينبغي اختيار الكلمات التي فيها قبح ومنه حديث (ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش البذيء).
– فيه معنى قول الله عز وجل (الخبيثات للخبيثين
وقال بعض الأفاضل: وكذلك قول الله عز وجل (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).
– جواز قيام الغير بالإعانة على الوضوء.
– لا يعارض هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي ينام عن الصلاة: فأصبح خبيث النفس كسلان. قال القاضي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم مخبر هناك عن صفة غيره، وعن شخص مبهم مذموم الحال. (شرح النووي)، وقال بعض العلماء: لا يجوز في حق النفس ويجوز في حق الغير.
قلت: كذا أطلق، ولعله يقصد: ممن يستحق هذا الذم من التنفير والتحذير، وإطلاق كلمة خبيث عليه، وإلا لا ينبغي وصف المسلمين الخيِّرِين بهذا الوصف من باب حب لأخيك ما تحب لنفسك.
– قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية:
ومن محاسن الفراسة في الألفاظ:
أن بعض الخلفاء سأل ولده – وفي يده مسواك – ما جمع هذا؟ قال: محاسنك يا أمير المؤمنين. وهذا من الفراسة في تحسين اللفظ.
وهو باب عظيم، اعتنى به الأكابر والعلماء. وله شواهد كثيرة في السنة وهو من خاصية العقل والفطنة.
فقد روينا عن عمر – رضي الله عنه -: أنه خرج يعس المدينة بالليل، فرأى نارا موقدة في خباء، فوقف وقال: ” يا أهل الضوء “. وكره أن يقول: يا أهل النار. وسأل رجلا عن شيء: ” هل كان؟ ” قال: لا. أطال الله بقاءك، فقال: ” قد علمتم فلم تتعلموا، هلا قلت: لا، وأطال الله بقاءك؟ “.
وسئل العباس: أنت أكبر أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله.
وكان لبعض القضاة جليس أعمى، وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام، اذهب مع أبي محمد، ولا يقول: خذ بيده، قال: والله ما أخل بها مرة.
ومن ألطف ما يحكى في ذلك: أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن اسمه؟ فقال: سعد يا أمير المؤمنين فقال: أي السعود أنت؟ قال: سعد السعود لك يا أمير المؤمنين، وسعد الذابح لأعدائك، وسعد بلع على سماطك، وسعد الأخبية لسرك، فأعجبه ذلك.
وأصل هذا الباب: قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم} [الإسراء: (53)] فالشيطان ينزغ بينهم إذا كلم بعضهم بعضا بغير التي هي أحسن، فرب حرب وقودها جثث وهام، أهاجها القبيح من الكلام … ثم ذكر حديث الباب.