4 – الأجوبة المفيدة في مسائل العقيدة 4
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعة السلام 1،2،3 والمدارسة و الاستفادة، والسلف، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
—————-
باب الخلافة وأنها في قريش وشروط الخلافة
ومسألة السمع والطاعة
جمع واختصار حسين بن علي البلوشي
ومسألة السمع والطاعة، إن شاءالله كذلك سنتوسع فيها في مبحث آخر
—————
جواب: حسين بن علي البلوشي:
ورد عن أنس بن مالك قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بيت رجل من الأنصار فأخذ بعضادتي الباب فقال الأئمة من قريش) وهو في السنة لابن أبي عاصم صححه الألباني
فالقرشية من شروط الإمامة وهذا الشرط عند اختيار أهل الحل والعقد أو عند العهد وأما إذا تغلب غير القرشي فوجب السمع والطاعة.
………
جواب أحمد بن علي البلوشي:
الإمامة في قريش؛
يرى الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى أن من شرط الإمام أن يكون قرشيا. دل على هذا المعتقد قول البغدادي: “دلت الشريعة على أن قريشا لا يخلو منهم من يصلح للإمامة، فلا يجوز إقامة الإمام للكافة من غيرهم. فقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا في بعض كتبه وكذلك رواه زرقان عن أبي حنيفة ”
وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة هو مذهب الأئمة الثلاثة قال الإمام مالك: “ولا يكون ـ أي الإمام ـ إلا قرشيا وغيره لا حكم له”.
وقال الإمام أحمد: “الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن يتنازعهم فيها ولا يخرجه عليهم”
وما ذهب إليه أئمة الفقه الأربعة هو قول جماهير أهل العلم.
قال ابن حجر: “ذهب جمهور أهل العلم أن شرط الإمام أن يكون قرشيا”.
والأصل في هذه المسائل ما ثبت في الصحيحين عن جماعة من الصحابة مما يدل على أن الإمامة في قريش. من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش عن معاوية رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنا هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين”
وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان”.
ومن ذلك ما رواه مسلم في كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش.
عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال كلهم من قريش”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم”.
قال النووي في الكلام على هذا الحديث: “إن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم بالأحاديث الصحيحة”
فالمقصود أن اشتراط القرشية أمر متفق عليه بين السلف، ولم يخالفهم إلا المبتدعة كبعض المعتزلة والأشاعرة وغيرهم
أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة
-وقال احمد بن حنبل رضي الله عنه وأرى الصلاة خلف كل بر وفاجر وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج يعني الجمعة والعيدين وأن الفيء يقسمه الإمام فإن تناصف المسلمون وقسموه بينهم فلا باس به وأنه إن بطل أمر الإمام لم يبطل الغزو والحج وأن الإمامة لا تجوز إلا بشروطها النسب والإسلام والحماية والبيت والمحتد وحفظ الشريعة وعلم الأحكام وصحة التنفيذ والتقوى وإتيان الطاعة وضبط أموال المسلمين فإن شهد له بذلك أهل الحل والعقد من علماء المسلمين وثقاتهم أو أخذ هو ذلك لنفسه ثم رضيه المسلمون جاز له ذلك وأنه لا يجوز الخروج على إمام ومن خرج على إمام قتل الثاني ويجوز الإمامة عنده لمن اجتمعت فيه هذه الخصال وإن كان غيره أعلم منه
وكان يقول إن الخلافة في قريش ما أقاموا الصلاة
وكان يقول لا طاعة لهم في معصية الله تعالى
اعتقاد الإمام المبجل ابن حنبل
تنبيه (سيف):المحتد: الأصل، يقال كريم المحتد، يعني كريم الأصل، وفي كتاب المؤتلف للجياني: جعلها في باب الأصل: العنصر والمحتد والمغرس.
– أدلة أهل السنة والجماعة على اشتراط القرشية
قلنا: إن جماهير علماء المسلمين قاطبة ذهبوا إلى اشتراط هذا الشرط وحكى الإجماع عليه من قبل الصحابة والتابعين، وبه قال الأئمة الأربعة -قلت حسين كما سبق ان ذكر أقوالهم الأخ احمد-
– الإجماع:
أما الإجماع: فقد حكاه غير واحد من العلماء منهم: النووي، ومنهم القاضي عياض. فقد نقل عنه النووي قوله: (اشتراط كونه – أي الإمام – قرشيًا هو: مذهب العلماء كافة. قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، قال القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار قال: ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه: يجوز كونه من غير قريش، ولا سخافة ضرار بن عمرو في قوله: إن غير القرشي من النبط وغيرهم يقدم على القرشي لهوان خلعه إن عرض منه أمر وهذا الذي قاله من باطل القول وزخرفه مع ما هو عليه من مخالفة إجماع المسلمين والله أعلم)
وممن حكى هذا الإجماع أيضًا الماوردي …..
ولكن الحافظ ابن حجر يعترض على هذا الإجماع بقوله: (قلت: ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر من ذلك، فقد أخرج أحمد عن عمر بسند رجاله ثقات أنه قال: (إن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل … الحديث). ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش فيحتمل أن يقال: لعل الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيًا
أو تغير اجتهاد عمر في ذلك والله أعلم)
الموسوعة العقدية
انتهى نقل صاحبنا أحمد بن علي
قلت (سيف): الأثر عن عمر رضي الله عنه لم يصح، قال باحث: ضعفه أحمد شاكر في تحقيقه المسند 1/ 201 وذلك بسبب انقطاع سنده؛ لأن شريح بن عبيد لم يدرك عمر، وكذلك راشد بن سعد الحمصي لم يدرك عمر،
وفي مسند الفاروق قال ابن كثير وذكر الإنقطاع بين شريح وراشد وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: وكأن هذا من المستفيض عندهم بالشام إلا أن ذكر استخلاف معاذ بن جبل على الأمة فيه غرابة؛ لأن الأئمة من قريش فلا يجوز أن يكون من غيرهم عند جمهور علماء الأمة والله أعلم وقد رواه أبوبكر الإسماعيلي من طريق أخرى فقال حدثنا الحسن بن سفيان عن أبي عمير بن النحاس عن ضمرة عن السيباني عن أبي العجفاء عن عمر أنه قال: لو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته ثم قدمت على يدي ربي فقال: من استخلفت، قلت: قال عبدك ونبيك: خالد من سيوف الله سله الله على المشركين ثم ذكر أبا عبيدة ومعاذا كما تقدم … وهذا إسناد حسن.
وهذا الإسناد عزاه الألباني في الصحيحة 1091 لأبي نعيم من طريق ثنا أبو حامد ثابت بن عبدالله الناقد حدثنا علي بن إبراهيم بن مطر حدثنا عبدة بن عبدالرحيم حدثنا ضمرة بن ربيعة عن يحيى بن أبي عمرو السيباني به وقال: إسناد جيد وثابت بن عبدالله الناقد لم أعرفه.
قلت: وهو متابع، لكن ضمرة خالفه أبومعاوية عن السيباني عن محمد بن عبدالله الثقفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ بين يدي العلماء رتوة. أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم (عزاه إليهما محققو المسند 1/ 264 وحسنوا الأثر)
المهم: كما قال ابن كثير، الأثر كأنه مستفيض عند أهل الشام؛ لأنه في مسند أحمد عن شريح بن عبيد وراشد وغيرهما قالوا: …
وابن حجر نقل توجيهات على فرض صحته كما في الفتح، ونقلها الشنقيطي في الأضواء.
ومنها: أن الخلافة في قريش ما أقاموا الدين.
وهذا عندي فيه نظر؛ لأن عمر قال ذلك: وأفاضل قريش متوافرون.
فلعل عمر رضي الله عنه: كان يرى أن تقديم الأصلح، على تقديم القرشي. وأنا متردد في صحة الأثر، خاصة أنه في الغالب أخذه شريح وراشد من شيخ واحد.
تنبيه: وذكر الشنقيطي وجوب تنصيب الإمام، وأحال لمن أراد التحقيق إلى منهاج السنة لابن تيمية. ونسأل الله أن ييسر لنا الوقت لتلخيص كلام ابن تيمية ويرسله لنا لنضيفه.قال صاحبنا حسين بن علي البلوشي:
ولابد هنا من مسائل نتطرق لها:
المسألة الأولى: أن الواجب على الرعية نصب إمام والمبادرة في نصبه فلا يجوز ترك الرعية سدى.
يقول القرطبي المالكي في حكم نصب الإمام:
ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه اهـ.
*شروط الإمامة.
وهنا نذكر خلاصة شروط الإمامة
1_ الإسلام, وهذا لابد منه فلا يمكن أن يتولى غير مسلم أبدا بل لابد أن يكون مسلما فلو استولى عليهم كافر بالقهر فإن ولايته عليهم لا تنفذ ولا تصح. وعليهم أن ينابذوه ولكن لابد من شرط مهم وهو القدرة على إزالته فإن كان لا تمكن إزالته إلا بإراقة الدماء وحلول الفوضى فليصبروا حتى يفتح الله لهم بابا.
2_ الحرية, فيشترط أن يكون حراً. أما الرقيق فلا ولاية له لأن الرقيق قاصر والرقيق مملوك فكيف يكون مالكا؟!
3_ العدالة, والعدالة هي العدل أي يكون عدلا والعدالة في اللغة هي: الاستقامة.
وفي الشرع: الاستقامة في الدين والمروءة يعني: أن يكون مؤديا للفرائض مجتنبا للكبائر وهذا الشرط شرط للابتداء.
4_ السمع, يعني يشترط أن يكون سميعا فإن كان أصم لا يسمع أبدا فإنه لا يصح أن يكون إماما وهذا أيضا شرط في الابتداء.
5_ أن يكون ذا دراية, يعني ذا فطنة ولا يكون من المغفلين غبي يأتيه الصبي فيلعب بعقله.
6_ وأن يكون من قريش.
7_ وأن يكون عالما, يعني ذا علم والمراد بالعلم هنا العلم بأحوال الخلافة وما تتطلبه الخلافة.
8_ وأن يكون مكلفا, يعني بالغا عاقلا.
9_ وأن يكون حاكما , وهذا الشرط يعني أن له قوة شخصية حتى يحكم تماما لأن من الناس من يكون له علم وخبرة وعدالة ومن قريش وغير ذلك من الشروط لكنه ليس بحاكم يلعب به في الحكم فيكون حاكما بلا حكم ومن الشروط أن يكون ذا خبرة.
فهذه شروط عشرة للإمامة واحد منها شرط للابتداء والاستمرار وهو الإسلام ويلحق به أيضا العقل إذ لابد منه فلو جن يجب عزله وإقامة غيره لكن إذا فسق بعد العدالة أو ضعف لكنه يستطيع تدبير الحكم فإنه لا تزول ولايته. يراجع شرح العثيمين على السفارينية
*الطرق التي ينصب بها الإمام.
وأما الطرق التي ينصب بها الإمام هي:
1_ طريق اختيار أهل الحل والعقد الذين هم أهل العلم والرأي والديانة والنصح.
2_ وطريق الاستخلاف والعهد
3_ وهذه الطريقة ليست بيدنا وهي إذا غلب واستقر له الأمر وإن لم تنعقد له الإمامة بالاختيار أو بالعهد لا تجوز منازعته.
قال ابن بطال المالكي رحمه الله: والفقهاء مجمعون على أن الإمام المتغلب طاعته لازمة ما أقام الجمعات والجهاد، وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء اهـ.
وقد حكى الإجماع الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال: وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء اهـ.
وعلى هذا قول أئمة أهل السنة رحمهم الله:
يقول الإمام أحمد رحمه الله في العقيدة التي رواها عنه عبدوس بن مالك العطار: ومن غلب عليهم –يعني: الولاة- بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما برا كان أو فاجرا اهـ. واحتج الإمام أحمد رحمه الله بما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ( .. وأصلي وراء من غلَبَ)
ورى البيهقي في مناقب الشافعي (1/ 448): عن حرملة قال: سمعت الشافعي يقول: كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة اهـ.
مسألة تعدد الأئمة.
ويصح في الاضطرار تعدد الأئمة ويأخذ كل إمام منهم في قطره حكم الإمام الأعظم
قال شيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحدا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم اهـ.
*مسألة الدعاء للسلطان.
وأما الدعاء للسلطان بالإصلاح فهو منهج أهل السنة والجماعة ولما في ذلك من المصالح العظيمة فبصلاح الراعي يصلح حال الرعية إن شاء الله
وهذا هو منهج أهل الحديث والأثر يقول الإمام الصابوني رحمه الله في عقيدة السلف:
ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح اهـ.
*مسألة تعظيم ولي الأمر.
ولابد أن نعرف أن على الرعية تعظيم الحكام والأئمة وتوقيرهم والحذر من إهانتهم وما يقلل قدرهم وتجنب كل ما يخل بهيبتهم.
فتوقير الحكام فيه مصالح راجحة منها: سد باب الفتن لأن الحكام تتعلق بهم مصالح الأنام العامة وفي الذخيرة: ضبط المصالح العامة واجب وهي لا تنضبط إلا بتعظيم الأئمة في نفوس الرعية ومتى اختلفت عليهم نفوس الرعية أو أهينوا تعذر تحقيق المصلحة اهـ.
ومن الأدلة على ذلك:
عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة رضي الله تحت منبر ابن عامر أمير البصرة وهو يخطب وعليه ثياب رقاق فقال: أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفسق فقال أبو بكرة: أسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله] رواه الترمذي وصححه الألباني في الصحيحة: (2297).
*الطاعة في المعروف.
والطاعة للولاة لابد أن تكون في غير معصية الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق] صحيح
*الأدلة على السمع والطاعة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة] متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم (فإن أمر بمعصية .. ) أي لا يطاع في هذه المعصية ولا يخرج عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك] رواه مسلم.
قال النووي: معناه: تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره مما ليس بمعصية فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة قال: (والأثرة) الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم –قال أبو علي وهذا من الحكم بغير ما أنزل الله- اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم اهـ.
وعن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرايت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو الثالثة؟ فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم] رواه مسلم.
-*مسألة النصح للسلطان-
والسنة أن تُبذل النصيحة للإمام سرًّا بعيدًا عن الإثارة والتهويل يدل لذلك ما رواه ابن أبي عاصم وغيره، عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك، وإلا أدى الذي عليه»
كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
وأما النصحية لأئمة المسلمين فهو صدق الولاء لهم وإرشادهم لما فيه خير الأمة في دينها ودنياها، ومساعدتهم في إقامة ذلك، والسمع والطاعة لأوامرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، واعتقاد أنهم أئمة متبوعون فيما أمروا به لأن ضد ذلك هو الغش والعناد لأوامرهم والتفرق والفوضى التي لا نهاية لها ….
الكتاب: الضياء اللامع من الخطب الجوامع
المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين
– أقوال العلماء في المسألة-
قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله
ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر الصلوات والجماعات خلف كل بر وغيره. كما روي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يصلي خلف الحجاج.
وإن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر خلافاً لمن أنكر ذلك. ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم وتضليل من رأى الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الاستقامة.
وندين بإنكار الخروج بالسيف وترك القتال في الفتنة ونقر بخروج الدجال كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن قال الصلاة خلف كل بر وفاجر والجهاد مع كل خليفة ولم ير الخروج على السلطان بالسيف ودعا لهم بالصلاح فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره
شرح السنة للبربهاري
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة).
إعتقاد أهل السنة .. للإمام أبي بكر بن قاسم الرحبي ” ثم السمع والطاعة للأئمة وأمراء المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة بإجماع الناس ورضاهم.
لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ليلة إلا وعليه إمام براً كان أو فاجراً فهو أمير المؤمنين.
والغزو مع الأمراء ماض إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك.
اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث
ومن السنة: السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم، مالم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحدٍ في معصية الله
ومن وَلِىَ الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة وَسُمَّى أمير المؤمنين، وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين.
الواسطية
…. ….
جواب سيف بن غدير النعيمي:
شرح منظومة ” الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية “الشهيرة ” بالعقيدة السفارينية ” للعلامة الشيخ محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني النابلسي الحنبلي المتوفى – رحمه الله تعالى – عام 1188 هـ. رحمه الله.
الباب السادس
في ذكر الإمامة ومتعلقاتها
الشرح:
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
هذا الباب كنا نستهونه في أيام طلبنا، كما كنا نستهون كتاب الجهاد، ….. في مسألة الإمامة كنا نقول: ليس لنا حاجة في أن نبحث في الإمامة، فنحن والحمد لله إمامنا ابن سعود، ولكل بلد إمامه، والأمور مستقرة على ذلك، لكن الآن تبين لنا أنه لابد أن نعرف الحكم، فلابد أن نعرف من هو الإمام، ومن يستحق الإمامة، ولابد أن نعرف ما حق الإمام على رعيته، وما حق الرعية على الإمام.
وذلك لأنه كثر القيل والقال، وخاض في ذلك من هم من الجاهلين، فصاروا يتخبطون خبط عشواء فيما يلزم الإمام وفيما يلزم الرعية، وغالبهم يميل إلى تحميل الإمام ما لا يلزمه حمله، وتبرئة الشعب مما يلزمهم القيام به، هذا حال غالبهم، …
. ينقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلاً خارجياً قال له: يا علي، كيف دان الناس لأبي بكر وعمر ولم يدينوا لك؟
قال: لأن أبا بكر وعمر كان رجالهم أنا وأمثالي، وكان رجالي أنت وأمثالك. فأقام عليه الحجة.
فالمهم أنه لا يمكن أن نطمع في أن يكون ولاة أمورنا كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ونحن على الحال التي تشاهد …
والإمامة نوعان:
إمامة في الدين،
وإمامة في التدبير والتنظيم،
فمن مامة الدين الإمامة في الصلاة، فإن الإمام في الصلاة إمامته إمامة دين، ومع ذلك فله نوع من التدبير، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمتابعته، ونهى عن سبقه والتخلف عنه، فهذا نوع تدبير؛ لأنه مثلاً إذا كبر كبرنا، وإذا ركع ركعنا، وإذا سجد سجدنا. وهكذا.
وأما إمامة التدبير فتشمل الإمام الأعظم ومن دونه، والإمام الأعظم هو الذي له الكلمة العليا في البلاد؛ كالملوك ورؤساء الجمهوريات و ما أشبه ذلك ومن دونه كالوزراء والأمراء و ما أشبه ذلك …
ولهذا قال المؤلف رحمه الله:
171ولا غنى لأمة الإسلام
في كل عصر كان عن إمام
____________________________
الشرح
يعني لا يمكن أن تستغني أمة المسلمين في كل العصور من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا عن أمام، أي عن قائد يقودها ….
وبعض الناس يتوهم انه لا تجب طاعتهم إلا حيث أمروا بما أمر الله به، وهذا وهم باطل؛ لأنهم إذا أمروا بما أمر الله به فأمرهم هذا تأكيد لأمر الله فقط، ولو أمرنا أي واحد بما أمرنا الله به لكانت الطاعة مفروضة علينا؛ لأنه أمر الله.
لكن طاعة ولاة الأمور في غير معصية شيء وراء ذلك، فيجب علينا أن نطيع ولاة الأمور في كل ما أمروا به، ما لم يأمروا بمعصية …
172يذب عنها كل ذي جحود
ويعتني بالغزو والحدود
الشرح:
قوله: (يذب عنها كل ذي جحود) يذب: يعني يطرد عنها. (كل ذي جحود): أي كل ذي كفر. وهذه من مسؤوليات الإمام وهي:
أولاً: أن الإمام يذب أهل الكفر عن بلاد المسلمين، أي يرد ويطرد ويمنع كل ذي جحود من أن يعتدي على بلاد المسلمين، ومن المعلوم أنه ليس يمنع بنفسه ولكن يمنع بجنوده.
ثانياً: قال: (ويعتني بالغزو) يعني غزو الكفار، والشطر الأول للمدافعة، والشطر الثاني للمهاجمة، فالإمام يعتني بغزو الكفار ومقاتلتهم؛ لأن الواجب على المسلمين أن يقاتلوا الكفار، وذلك فرض كفاية، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله …..
إذاً فلابد من مقاتلة الكفار، قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (الأنفال:39)، وهذا فرض كفاية، ومعلوم أن فرض الكفاية يحتاج إلى شرط وهو القدرة.
ثالثاً: قال رحمه الله: (والحدود) يعني من مهمات الإمام إقامة الحدود،
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:
وفعل معروف وترك نكر
ونصر مظلوم وقمع كفر
___________________________
الشرح
قال رحمه الله: (وفعل معروف) هذا هو الرابع من مسؤوليات الإمام، يعني ويعتني بفعل المعروف؛ بأن يفعل هو المعروف؛ وأن يأمر بالمعروف، أي بكلا الأمرين ……
وقوله: (وترك نكر) فترك النكر أيضاً المسؤولية فيه على الإمام وهذا هو الخامس من مسؤوليات الإمام، وليعلم أن ترك المعروف وفعل المنكر إذا كان مستتراً عن الإمام فليس من مسؤوليته، فمسؤوليته المنكر الظاهر، فالمنكرات التي في البيوت إذا لم يطلع عليها فليست من مسؤوليته؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ….
سادساً: نصر المظلوم، فمن مسؤوليات الإمام نصر المظلوم، لذا قال المؤلف: (ونصر مظلوم)، فيجب على الإمام وعلى غيره أيضاً نصر المظلوم، لكن على الإمام بالدرجة الأولى ….
سابعاً: قال المؤلف رحمه الله: (وقمع كفر) يعني إذا ظهر، وهذا غير ذب الجحود، لأن ذب الجحود يعني دفعه ومنعه، أما هذا فقمع الكفر بعد وقوعه ….
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:
وأخذ مال الفيء والخراج
ونحوه والصرف في منهاج
___________________________
الشرح
ثامناً: قال (وأخذ مال الفيء والخراج) أي ويعتني أيضاً بأخذ مال الفيء والخراج، وهذان مادة بيت المال، وبيت المال هو عبارة عن الخزانة التي تودع فيها أموال المسلمين، ومنها مال الفيء …..
ثم قال رحمه الله: (ونحوه)،
ونحوه بمعنى مثله، وهي كلمة واسعة عامة كثيرة ..
وقوله رحمه الله: (والصرف في منهاج) أي الصرف في طريق شرعية، فصرف المال في طريق شرعي هذا من مسؤوليات الإمام ……
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى::
178 – فكن مطيعاً أمره فيما أمر
ما لم يكن بمنكر فيحتذر
___________________________
الشرح
تطيعه في جميع ما يأمر به، (ما لم يكن بمنكر) فإن أمر بمنكر فلا طاعة له.
والنصوص في هذا من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم معلومة مستفيضة مشهورة ….
لكنه يقول: (ما لم يكن بمنكر)
والمنكر نوعان:
إما فعل محرم وإما ترك واجب، فلو أمر بترك الواجب، وقال: لا تصلوا مع الجماعة مثلاً. فإنه يقال: لا سمع ولا طاعة، ونصلي مع الجماعة.
ولو أمر بمنكر بأن قال مثلاً: يا فلان في البلد نصارى كثيرون، والنصارى لا يحرمون شرب الخمر، فافتح لهم معملاً للخمر حتى يشربوا، كما أنك تشرب المرطبات، وما أشبهها، فلا يطاع في ذلك حتى ولو أمر به …
أما إن اكرهوا على المعصية، مثل أن يقولوا: احلق لحيتك وإلا حبسناك، فإنه تباح المعصية للإكراه؛ لأن الله أباح الكفر للإكراه، لكن بشرط أن يكون القلب مطمئناً بالإيمان …