4 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
715 حدثنا معاوية بن عمرو، وأبو سعيد قالا: حدثنا زائدة، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي، قال: ” جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقربة، ووسادة أدم حشوها إذخر ” قال أبو سعيد: ليف.
(1/ 111) وقال الطبراني (عن عطاء) ثقة اختلط في آخر عمره فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح مثل سفيان وشعبة وزهير وزائدة, نقله ابن حجر في (تهذيب التهذيب 7/ 207) ثم قال: قلت فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهيرا وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح.
وتابعه محمد بن فضيل عند ابن ماجة 4152 من طريق واصل بن عبد الأعلى بنحوه, وعند البزار 757 من طريق يوسف بن موسى بأتم منه.
قال سيف: هذا الحديث هو على الشرط.
«أَنَّهُ جهَّز فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيل وقِرْبَة وَوِسَادَةِ أدَمٍ»
الْخَمِيلُ والخَمِيلَةُ: القَطيفَة، وَهِيَ كُلُّ ثَوْب لَهُ خَمْل مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وقِيل: الخَمِيلُ الأسْوَد مِنَ الثِّيَاب. النهاية لابن الاثير (2/ 81).
قال أبو حاتم البستي: الخميلة: قطيفة بيضاء من الصوف
قال العلامة الزرقاني: “وأخرج” الإمام “أحمد في المناقب عن علي” قال: “كان جهاز فاطمة رضي الله عنها، خميله” باللام والهاء، بساط له خمل، أي: هدب رقيق، والجمع خميل بحذف الهاء، “وقربة ووسادة،” بكسر الواو، مخدة “من أدم” جلد “حشوها ليف،” أي: وسريرا مشروطا، كما في الرواية السابقة، ومر أن في رواية: أربع وسائد، وأنه يجمع بأن واحدة على السرير، وثلاثة في البيت، ومر أن فرشهما ليلة عرسهما كان جلد كبش، وأنه كان لهما فراشان، ولا معارضة؛ لأن الجهاز مجموع ذلك، فبعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.
وروي عن الحسن البصري قال: كان لعلي وفاطمة قطيفة، إذا لبسوها انكشفت ظهورهما، وإذا لبسوها بالعرض انكشفت رءوسهما، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم مكث ثلاثة أيام لا يدخل عليهما بعد البناء، ثم دخل في الرابع في غداة باردة وهما في لحاف واحد، فقال: “كما أنتما”، وجلس عند رأسهما، ثم أدخل قدميه وساقيه بينهما، فأخذ علي أحدهما فوضعها على صدره وبطنه، ليدفيهما، وأخذت فاطمة الأخرى فوضعتها على صرها وبطنها لتدفيهما، وطلبت خادما فأمرها بالتسبيح والتحميد والتكبير.
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (2/ 367).
الحديث فيه منقبة لفاطمة رضي الله عنه، فقد بوب الامام البخاري باب مناقب فاطمة
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني» رواه البخاري
و أورد الامام مسلم في صحيحه [أن المسور بن مخرمة، حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يقول: «إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها».
عن عائشة، ح وحدثني زهير بن حرب، واللفظ له حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن أبيه، أن عروة بن الزبير، حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت» فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، ثم سارك فضحكت؟ قالت: «سارني فأخبرني بموته، فبكيت، ثم سارني، فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت».
قال الحافظ في الفتح [7/ 105]: أي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها وأمها خديجة عليها السلام ولدت فاطمة في الإسلام وقيل قبل البعثة وتزوجها علي رضي الله عنه بعد بدر في السنة الثانية وولدت له وماتت سنة إحدى عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة وقيل بل عاشت بعده ثمانية وقيل ثلاثة وقيل شهرين وقيل شهرا واحدا ولها أربع وعشرون سنة وقيل غير ذلك فقيل إحدى وقيل خمس وقيل تسع وقيل عاشت ثلاثين سنة وسيأتي من مناقب فاطمة في ذكر أمها خديجة في أول السيرة النبوية وأقوى ما يستدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات هو في حياتها فكان في صحيفتها وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدته منصوصا قال أبو جعفر الطبري في تفسير آل عمران من التفسير الكبير من طريق فاطمة بنت الحسين بن علي إن جدتها فاطمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة فناجاني فبكيت ثم ناجاني فضحكت فسألتني عائشة عن ذلك فقلت لقد علمت أأخبرك بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركتني فلما توفي سألت فقلت ناجاني فذكر الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين وأنه قال أحسب أني ميت في عامي هذا وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثل مارزئت فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا فبكيت فقال أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت قلت وأصل الحديث في الصحيح دون هذه الزيادة قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة سيدة نساء أهل الجنة هو طرف من حديث وصله المؤلف في علامات النبوة وعند الحاكم من حديث حذيفة بسند جيد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ملك وقال إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وقد تقدم في آخر أحاديث الأنبياء ما
ورد في بعض طرقه من ذكر مريم عليها السلام وغيرها مشاركة لها في ذلك.
و من فوائد الحديث:
جواز تجهيز الاب أبنته و الإحسان اليها و تتطيب خاطرها، وفيه أن من أسباب البركة قلة المهر، و لا يجوز للمرأة أن تمنع نفسها من الزواج بسبب قلة المهر بل عليها الصبر لعل الله يفرج عنها، و فيه اشفاق الاب على الاولاد و حبهم و هذا من الحب الطبيعي، وفيه الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بأن ييسروا على الخاطب، وان لا يكلفوه أكثر من طاقته من أجل الرياء والسمعة كما سمعنا وشاهدنا من اناس يعانون من المغالاة في المهور، وساضرب لكم قصة جميلة فيها عبر وفوائد ذكرها الامام الذهبي في سير اعلام النبلاء (4/ 233):
[أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين]
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ (1).
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ (2).
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ:
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَعْنِي: كَثِيْراًقَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا.
فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَنَا، فَشَهِدْنَاهَا.
ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟
قَالَ: أَنَا.
فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
و ابْنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً، فَتَزَوَّجْتَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَدَفَعَهَا فِي البَابِ، وَرَدَّ البَابَ.
فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ، فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ، ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ، ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ، فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ، فَجَاؤُوْنِي، فَقَالُوا: مَا شَانُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُم، وَنَزَلُوا إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي، فَجَاءتْ، وَقَالَتْ:
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ.
فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ المَجْلِسُ.
فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ، وَيَكْرَهُ العَدُوُّ.
قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ، فَالعَصَا.
فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ