399 جامع الأجوبة الفقهية ص 433
شارك ناصر الريسي وأحمد بن علي وأحمد بن خالد وأسامة وعمر الشبلي وعدنان البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
144 ،145، 146 الأحاديث
مسألة: أخر وقت الظهر
اختلف العلماء في تحديد آخر وقت لصلاة الظهر، على عدة أقوال أشهرها أربعة وهي كالتالي:
القول الأول: أن آخر وقت الظهر هو مصير ظل كل شيء مثله، سوى الظل الذي يكون عند الزوال وهذا قول جمهور العلماء، وهو مذهب الشافعي وأحمد ومالك، والدوري، والأوزاعي، وغيرهم.
واستدل أصحاب هذا القول بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر” (رواه مسلم).
القول الثاني: أن وقت الظهر يمتد إلى آخر وقت العصر، أصحاب هذا القول: قال به عطاء وطاوس.
القول الثالث: أن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير الظل مثليه وهذا قول أبي حنيفة.
واستدل بحديث أن جبريل صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، وفرغ من الصلاة عندما صار ظل الشيء مثليه.
القول الرابع: أن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، وبعده قدر أربع ركعات وقت للظهر والعصر ثم يتمحص الوقت للعصر، وهذا قول إسحاق وأبي ثور ابن جرير والمزني.
ابن قدامة في “المغني” (1/447): “فإذا صار ظل كل شيء مثله خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر، ولا اشتراك بينهما، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف ومحمد وأحمد”.
النووي في “المجموع” (3/24): “وأما آخر وقت الظهر فهو إذا صار ظل الشيء مثله غير الظل الذي يكون عند الزوال، وإذا خرج هذا دخل وقت العصر متصلاً به، ولا اشتراك بينهما، هذا مذهبنا”.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (7/ 173): “والمشهور في مذهب الشافعي: أن الظهر له وقت فضيلة وهو أوله، ووقت اختيار: إلى آخره، ووقت عذر لمن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير، فيصلي الظهر في وقت العصر عند الجمع. وذهب مالك إلى أن الوقت الاختياري للظهر: إلى بلوغ ظل كل شيء مثله، ووقته الضروري حين الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير، فيصلي الظهر بعد بلوغ الظل مثله، إلى ما قبل غروب الشمس بوقت لا يسع إلا صلاة العصر” انتهى.
وجاء في معالم السنن (1/ 123): وقال أبو حنيفة آخر وقت الظهر إذا صار الظل قامتين. وقال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه آخر وقت الظهر أول وقت العصر. واحتج بعض من قاله بأن في بعض الروايات أنه صلى الظهر من اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر من اليوم الأول، وقد نسب هذا القول محمد بن جرير الطبري إلى مالك بن أنس وقال لو أن مصليين صليا أحدهما الظهر والآخر العصر في وقت واحد صحت صلاة كل واحد منهما. انتهى
قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء (1/ 394): واختلفوا في آخر وقت الظهر. فقالت طائفة: إذا صار كل شيء مثله بعد الزوال، فجاوز ذلك فقد خرج وقت الظهر، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأبي ثور. وقال يعقوب، ومحمد: “وقت الظهر من حين تزول الشمس إلى أن يكون الظل قامة”.
وقال عطاء: لا يفرط للظهر حتى تدخل الشمس صفرة. وقال طاؤوس: لا يفوت الظهر والعصر حتى الليل.
وقال قائل: إذا صار الظل قامتين فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر كذلك قال النعمان.وبالقول الأول أقول. انتهى
قال ابنُ حزمٍ: (أوَّل وقت الظهر أخْذ الشمس في الزوال والميل؛ فلا يحلُّ ابتداء الظهر قبل ذلك أصلًا، ولا يُجزئ بذلك، ثم يتمادَى وقتها إلى أن يكون ظلُّ كلِّ شيء مثلَه؛ لا يعدُّ في ذلك الظلِّ الذي كان له في أول زوال الشمس؛ ولكن ما زاد على ذلك). ((المحلى)) (2/197)، ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/100)، ((المغني)) لابن قدامة (1/271)،
وروايةٌ عن أبي حنيفة قال الكاسانيُّ: (وأمَّا آخِره – أي: الظهر – فلم يُذكر في ظاهر الرواية نصًّا، واختلفت الرواية عن أبي حنيفة…) فذكر آخره مصير ظل الشيء مثله والعصر أولها مصير ظل الشيء مثليه فيكون على من اختاره بينهما وقت مهمل . وأيضا له قول أن آخر وقت الظهر مصير ظل الشئ مثليه ((بدائع الصنائع)) (1/122)،
تنبيه 1: ينتبه في الكتب حصول تصحيف بين مثله بدل مثليه أو العكس
تنبيه 2 : في الموسوعة لم يذكروا لأبي حنيفة إلا القول بأن آخر وقتها مصير ظل الشئ مثليه
مَبْدَأُ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنِهَايَتُهُ:
٨ – لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ زَوَال الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ تُجَاهَ الْغَرْبِ، وَلاَ يَصِحُّ أَدَاؤُهَا قَبْل الزَّوَال….
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ بُلُوغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال، بِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُْمَمِ كَانَ بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْل التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا. ثُمَّ أُوتِيَ أَهْل الإِْنْجِيل الإِْنْجِيل فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ، فَعَمِلَنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَال: أَهْل الْكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا؟ قَال: قَال اللَّهُ عز وجل: هَل ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ، قَالُوا: لاَ. قَال: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ
دَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْعَصْرِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ الظُّهْرِ وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا كَانَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ الْمِثْلَيْنِ.
وَاسْتَدَل لأَِبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَالإِْبْرَادُ لاَ يَحْصُل إِلاَّ إِذَا كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، لاَ سِيَّمَا فِي الْبِلاَدِ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ
الموسوعة الفقهية الكويتية 173-3/172
أجاب البيهقي في الخلافيات عن استدلالهم بحديث بقاء الأمم فقال :
وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ النَّصَارَى مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَلِذَلِكَ قَالُوا: مَا بَالُنَا أَكْثَرَ عَمَلًا. وَقَوْلُهُ: «ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ الْإِنْجِيلَ» يَرْجِعُ إِلَى تَارِيخِ بِعْثَةِ عِيسَى وَنُزُولِ الْإِنْجِيلِ عَلَيْهِ لَا إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَمنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ يَكُونُ زَمَانَ الْيَهُودِ؛ فَلِذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَثَلِ: مَا بَالُنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ أَجْرًا….إلى أن قال :
وَالرُّجُوعُ فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ إِلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي سِيقَتْ لَهَا لَا لِمَا سِيقَ لِمَعْنًى آخَرَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قال النووي بعد أن ذكر دليلهم :
وَاحْتَجُّوا بِأَقْيِسَةٍ وَمُنَاسِبَاتٍ لَا أَصْلَ لَهَا وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْأَوْقَاتِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِمْ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ صَحِيحٌ المجموع 3/23
قال الشنقيطي :
وأجيب عن هذا الاستدلال بأن المقصود من هذا الحديث ضرب المثل، لا بيان تحديد أوقات الصلاة، والمقصود من الأحاديث الدالة على انتهاء وقت الظهر عندما يصير ظل الشيء مثله هو تحديد أوقات الصلاة، وقد تقرر في الأصول أن أخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها، مع أن الحديث ليس فيه تصريح بأن أحد الزمنين أكثر من الآخر، وإنما فيه أن عملهم أكثر، وكثرة العمل لا تستلزم كثرة الزمن؛ لجواز أن يعمل بعض الناس عملا كثيرا في زمن قليل، ويدل لهذا أن هذه الأمة وضعت عنها الآصار والأغلال التي كانت عليهم.
قال ابن عبد البر: خالف أبو حنيفة في قوله هذا الآثار والناس، وخالفه أصحابه.
قال الاتيوبي :
قال النوويّ رحمه الله: واحتج الجمهور عليهم بحديث ابن عباس رضي الله عنهما يعني حديث جبريل عليه السلام فقال إمام الحرمين: عمدتنا حديث جبريل، ولا حجة للمخالف إلا حديث ساقه ﷺ مساق ضرب الأمثال، والأمثال مظنة التوسعات والمجاز، ثمَّ التأويل متطرق إلى حديثهم، ولا يتطرق إلى ما اعتمدناه تأويل، ولا مطمع في القياس من الجانبين.
وأجابوا عن حديث ابن عمر بأربعة أجوبة:
أحدها: هذا الذي ذكره إمام الحرمين.
الثاني: أن المراد بقولهم: أكثر عملًا: أن مجموع عمل الفريقين أكثر.
الثالث: أن ما بعد صلاة العصر مع التأهب لها بالأذان، والإقامة، والطهارة، وصلاة السنة، أقل مما بين العصر ونصف النهار.
الرابع: قال الإصطخري: كثرة العمل لا يلزم منها كثرة الزمان؛ فقد يعمل الإنسان في زمن قصير أكثر مما يعمل غيره في زمن مثله، أو أطول منه. انتهى المقصود من كلام النوويّ رحمه الله ببعض تصرف (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تبيّن مما تقدم من الأدلة الكثيرة ترجيح مذهب الجمهور، وهو أن آخر وقت الظهر صيرورة ظل كل شيء مثله، وأنه لا اشتراك بين الظهر والعصر في الوقت، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وراجع الكوكب الدراري شرح البخاري حديث 533
وغيره من شروح صحيح االبخ
قال ابنُ حزمٍ: (اتَّفقوا أنَّ ما بين زوال الشمس إلى كون ظلِّ كل شيء مثله بعدَ طرْح ظل الزوال وقت الظهر). ((مراتب الإجماع)) (ص 26). قال ابن المغلِّس في كتابه ((الموضح)) – كما نقَل عنه ابنُ القطَّان -: (اتَّفق المسلمون إلَّا من شذ أنه إذا تجاوز كون ظلِّ الشيء مثلَه بشيءٍ ما: أنَّ وقت الظهر قد خرج؛ فدلَّ على أنَّ وقت العصر قد دخَل). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/308).
ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (2/96): “ينتهي وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله، فإذا زاد على ذلك دخل وقت العصر”.