398 جامع الأجوبة الفقهية ص 432
شارك ناصر الريسي وأحمد بن علي وأحمد بن خالد وأسامة وعمر الشبلي وعدنان البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
144 ،145، 146 الأحاديث
مسألة: كيفية معرفة زوال الشمس
بعد أن نقلنا إجماع العلماء على وقت الظهر وأنه وقت الزوال فكيف يتم معرفة زوال الشمس؟
الذي يظهر من كلام أهل العلم أن زوال الشمس يعني ميلها عن كبد السماء إلى جهة الغرب، ويعرف ذلك من خلال مراقبة تغير طول الظل.
قال الشافعي رحمه الله: ” وأول وقت الظهر إذا استيقن الرجل بزوال الشمس عن وسط الفلك، وظل الشمس في الصيف يتقلص حتى لا يكون لشيء قائم معتدل نصف النهار ظل بحال، وإذا كان ذلك، فسقط للقائم ظل، ما كان الظل؛ فقد زالت الشمس، وآخر وقتها في هذا الحين إذا صار ظل كل شيء مثله، فإذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيءٍ، ما كان؛ فقد خرج وقتها ودخل وقت العصر، لا فصل بينهما إلا ما وصفت.
والظل في الشتاء والربيع والخريف مخالف له فيما وصفت من الصيف ، وإنما يعلم الزوال في هذه الأوقات بأن ينظر إلى الظل ويتفقد نقصانه، فإنه إذا تناهى نقصانه زاد، فإذا زاد بعد تناهي نقصانه فذلك الزوال، وهو أول وقت الظهر” انتهى من “الأم” (1/90).
وحكى ابن المنذر مثل ذلك عن ابن المبارك ويحيى بن آدم وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أهل العلم. ينظر: “الأوسط” (3/19).
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (2/10): “ومعنى زوال الشمس، ميلها عن كبد السماء، ويعرف ذلك بطول ظل الشخص، بعد تناهي قِصَرِهِ، فمن أراد معرفة ذلك؛ فليقدر ظل الشخص، ثم يصبر قليلا، ثم يقدره ثانيًا؛ فإن كان دون الأول، فلم تزل، وإن زاد ولم ينقص؛ فقد زالت”. انتهى
جاء في “مواهب الجليل في شرح مختصر خليل” (1/383): “أن أول وقتها زوال الشمس أي ميلها عن وسط السماء، ويعرف ذلك بزيادة الظل؛ لأن الظل في أول النهار يكون ممتدًا ولا يزال ينقص ما دامت الشمس في جهة المشرق إلى أن تصير الشمس في وسط السماء، فإذا مالت الشمس إلى جهة المغرب أخذ الظل في الزيادة وذلك هو الزوال، ولا بد أن يزيد الظل زيادة بينة فحينئذ يدخل وقت الظهر، فإن الزوال عند أهل الميقات يحصل بميل مركز الشمس عند خط وسط السماء، والزوال الشرعي إنما يحصل بميل قرص الشمس عن خط وسط السماء”. انتهى
قال في “المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية” (ص:70): “وهو ميلها عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب في الظاهر لنا بزيادة الظل أو حدوثه لا نفس الميل، فإنه يوجد قبل ظهوره لنا وليس هو أول الوقت”. انتهى
قال البهوتي الحنبلي في “المبدع شرح المقنع” (1/286): “فإذا انتهت الشمس إلى وسط السماء وهي حالة الاستواء انتهى نقصانه، فإذا زاد الظل أدنى زيادة فهو الزوال، فهو إذا ميلها عن وسط السماء”. انتهى
جاء في “الدرر السنية في الكتب النجدية” (5/219): “ومعنى زوال الشمس: ميلها عن وسط السماء، وإنما يعرف ذلك بطول الظل بعد تناهي قصره، لأن الشمس حين تطلع يكون الظل طويلاً، وكلما ارتفعت الشمس قصر الظل، فإذا مالت عن كبد السماء شرع في الطول، فذلك علامة زوال الشمس؛ فمن أراد معرفة ذلك فليقدر ظل شيء، ثم ليصبر قليلاً ثم يقدر ثانيا، فإن نقص لم يتحقق، وإن زاد فقد زالت الشمس، وكذلك إن لم ينقص، لأن الظل لا يقف فيكون قد نقص”. انتهى
تنبيه :
وما جاء في حديث جبريل عليه السلام ليس تحديدا، وإنما وقع ذلك اتفاقا في مكة في فصل معين.
والحديث رواه أبو داود (393)، والنسائي (524)، والترمذي (149)، وأحمد (3081) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ…).
قال السرخسي رحمه الله: ” والمراد من الفيء مثل الشراك: الفيء الأصلي الذي يكون للأشياء وقت الزوال، وذلك يختلف باختلاف الأمكنة والأوقات؛ فاتفق ذلك القدر في ذلك الوقت” انتهى من “المبسوط” (1/142).
جاء تحديد وقت الظهر في قرار مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي بأنه ” يوافق عبور مركز قرص الشمس لدائرة الزوال، ويمثل أعلى ارتفاع يومي للشمس يقابله أقصر ظل للأجسام الرأسية” انتهى.
واعترض عليه أحد المعاصرين وقال: “هذا يتوافق مع وقت النهي، وليس مع الزوال الذي يبتدئ به وقت صلاة الظهر، ولذا فصواب العبارة أن يقال: “ويوافق عبور كامل قرص الشمس”، وليس: “مركز الشمس”، وهذا يستدعي إضافة دقائق لوقت الاستواء الذي يتوافق مع عبور مركز الشمس” انتهى من بحثه “وقت زوال الشمس” منشور بمجلة الحكمة عدد 42 ص214
وقال: ” وبالنظر لأبرز تقاويم الصلاة في العالم الإسلامي نجد أن معظم التقاويم تجعل وقت الزوال، هو وقت الاستواء، وقد سبق بيان خطأ ذلك ومخالفته للنصوص الشرعية، وبعض التقاويم تضيف دقائق على وقت بلوغ مركز قرص الشمس لدائرة الزوال (الاستواء)، وأكثر ما وقفت عليه إضافة تصل إلى سبع دقائق، كما في التقويم العماني، وبعضها يضيف خمس دقائق كما في التقويم المغربي، وبعضها يضيف دقيقتين كما في التقويم اليمني، وبعضها يضيف ثواني قد تصل إلى ما يقارب دقيقة في بعض أيام السنة، كتقويم أم القرى بالمملكة العربية السعودية.
والذي تحرر لي في هذه المسألة أن أقرب الأقوال –والله أعلم- هو القول بأن الوقت الذي يضاف لبلوغ الشمس خط نصف النهار لتحقيق الزوال الشرعي هو بمقدار ثلاث دقائق، وهو قريب من قول الحطاب المالكي الذي يرى أن يضاف نصف درجة؛ أي دقيقتان، لكن لا يتحقق من ابتداء زيادة الظل بعد تناهي قصره في بعض الأحيان إلا بعد دقيقتين وربع إلى ثلاث دقائق.
وقد ذهبت إلى مدار السرطان (خط عرض 23) أكثر من مرة- وهو الذي تتعامد عليه الشمس وقت الانقلاب الصيفي (21 مايو)، وينعدم فيه الظل وقت استواء الشمس منتصف النهار- ووجدت أن الظل [يكون بعد دقيقتين] وربع، إلى دقيقتين ونصف، ثم إني تحقت من ذلك بتطبيقه على برنامج (the sky astronomy software inc)، فوجدت أن عبور كامل قرص الشمس لخط الزوال يستغرق دقيقتين و26 ثانية، أي أن الوقت الذي يضاف لبلوغ مركز الشمس خط الزوال هو (دقيقة و 13 ثانية)، فإذا جبرنا الثواني أصبح المجموع دقيقتين، وإذا أضفنا لذلك دقيقة للتحقق من الزوال اصبح المجموع ثلاث دقائق، خاصة وأنه في الوقت الحاضر قد اتسعت المدن مقارنة بالسابق، ومركز قرص الشمس يعبر –ظاهريا- ربع درجة طولية في الدقيقة الواحدة” انتهى من البحث المذكور، ص232
وعليه؛ فإذا كانت الصلاة تقام بعد ست دقائق من انتصاف الشمس في كبد السماء، فصل معهم، ولا تتخلف عن الجماعة.
والله أعلم…