380 جامع الأجوبة الفقهية ص 415
مجموعة ناصر الريسي
وشارك أحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
141 – الحديث سبق
——–
مسألة: هل كل وضعِ يثبت به النفاس؟
الدم الخارج بعد أن تضع المرأة يعتبر نفاس، وهذا الملقى من المرأة له أحوال فإما أن يكون نطفة أو علقة أو مضغة وهذه المضغة إما أن تكون مخلقة أو غير مخلقة. فأي من هذه الأحوال أذا وضعته المرأة يعد نفاس؟
وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع بجواب مفصل فقال رحمه الله (1/ 508):
مسألة: هل كل دم يخرج عند الوضع يكون نفاسا؟.
الجواب: لا يخلو هذا من أحوال:
الأولى: أن تسقط نطفة، فهذا الدم دم فساد وليس بنفاس.
الثانية: أن تضع ما تم له أربعة أشهر، فهذا نفاس قولا واحدا؛ لأنه نفخت فيه الروح، وتيقنا أنه بشر، وهذان الطرفان محل اتفاق، وما بينهما محل اختلاف.
الثالثة: أن تسقط علقة. واختلف في ذلك: فالمشهور من المذهب: أنه ليس بحيض ولا نفاس.
وقال بعض أهل العلم: إنه نفاس. وعللوا: أن الماء الذي هو النطفة انقلب من حاله إلى أصل الإنسان، وهو الدم، فتيقنا أن هذا السقط إنسان.
الرابعة: أن تسقط مضغة غير مخلقة.
فالمشهور من المذهب: أنه ليس بنفاس. وقال بعض أهل العلم: إنه نفاس. وعللوا: أن الدم يجوز أن يفسد، ولا ينشأ منه إنسان، فإذا صار إلى مضغة لحم فقد تيقنا أنه إنسان، فدمها دم نفاس.
الخامسة: أن تسقط مضغة مخلقة بحيث يتبين رأسه ويداه ورجلاه. فأكثر أهل العلم ـ وهو المشهور من المذهب ـ أنه نفاس. والتعليل: أنه إذا سقط ولم يخلق يحتمل أن يكون دما متجمدا، أو قطعة لحم ليس أصلها الإنسان، ومع الاحتمال لا يكون نفاسا؛ لأن النفاس له أحكام منها إسقاط الصلاة والصوم، ومنع زوجها منها، فلا نرفع هذه الأشياء إلا بشيء متيقن، ولا نتيقن حتى نتبين فيه خلق الإنسان. انتهى
وقال رحمه الله في رسالة في الدماء الطبيعية للنساء (ص:51):
ولا يثبتُ النفاس إلا إذا وضعتْ ما تبين فيه خلْقُ إنسان، فلو وضعت سقطًا صغيرًا لم يتبين فيه خلْق إنسان فليس دمها دم نفاس، بل هو دم عِرْق فيكون حكمها حكم المستحاضة. انتهى
وفي فتوى للشيخ ابن باز:
نور على الدرب من أحكام السقط
السؤال:
تقول: أنا امرأة حملت وفي الشهر الثالث وزيادة أسبوع سقط الجنين، وأنا لا أعلم ما نوع الجنين،
الجواب:
إذا كان الجنين سقط قبل أربعة أشهر، فلا يسمى وليس له عقيقة، إنما العقيقة والتسمية لمن سقط في الخامس أو بعده ممن نفخ فيه الروح؛ لأنه يكون آدميًا له حكم الأفراط، فيذبح عنه ويسمى ويغسل ويصلى عليه إذا سقط في الخامس فما بعده بعد نفخ الروح فيه.
أما ما يسقط في الرابع أو في الثالث هذا ليس له حكم الأفراط، لكن إذا كانت الخلقة بينة فيه، يعني: قد تبين فيه صفات آدمي من رأس أو يد أو رجل أو نحو ذلك، يكون لأمه حكم النفاس لا تصلي ولا تصوم، وأما هو فليس له حكم الموتى وليس له حكم الأجنة بل يدفن في أي مكان ويكفي ولا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه لا يكون آدميًا ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان قد نفخت فيه الروح في الخامس وما بعده.
أما إن كان دمًا لم يتبين فيه شيء … فإن هذا الدم لا يعتبر وعليها أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة إن كان معها دم، تتوضأ لكل صلاة كسائر الدماء الفاسدة كالمستحاضة، نعم.
قال ابن قدامة في المغني (1/ 253):
إذا رأت المرأة الدم بعد وضع شيء يتبين فيه خلق الإنسان، فهو نفاس. نص عليه وإن رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة، فليس بنفاس. وإن كان الملقى بضعة لم يتبين فيها شيء من خلق الإنسان، ففيها وجهان: أحدهما، هو نفاس؛ لأنه بدء خلق آدمي، فكان نفاسا، كما لو تبين فيها خلق آدمي. والثاني، ليس بنفاس؛ لأنه لم يتبين فيها خلق آدمي، فأشبهت النطفة. انتهى
قال في “كشاف القناع” (1/ 218): ” النفاس، هو دم ترخيه الرحم مع ولادة وقبلها بيومين أو ثلاثة مع أمارة، وبعدها إلى تمام أربعين يوما ويثبت حكم النفاس ولو بتعديها على نفسها بضرب أو شرب دواء أو غيرهما … بوضع ما يتبيّن فيه خلق الإنسان فلو وضعت علقة أو مضغة لا تخطيط فيها لم يثبت لها بذلك حكم النفاس، وأقل ما يتبين فيه خلق الإنسان أحد وثمانون يوما وغالبها على ما ذكره المجد وابن تميم وابن حمدان وغيرهم: ثلاثة أشهر ” انتهى باختصار.
جاء في موسوعة أحكام الطهارة (8/ 215):
إذا القت المرأة نطفة في طورها الأول، فهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم أنه لا يترتب على ذلك الإسقاط حكم من أحكام إسقاط الحمل. وكذلك إذا أسقطت الجنين بعد أربعة أشهر فلا أعلم خلافاً أنها تكون نفساء، واختلف العلماء في العلقة والمضغة. انتهى
وقد علل من قال: بأنه يثبت النفاس إذا تبين فيه خلق إنسان بعدة أمور منها:
الأول: قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. ولم يقل أن يضعن أولادهن.
تعليل آخر: إذا سقط الحمل وهو علقة، أو مضغة لم تتخلق، يحتمل أن يكون دماً متجمداً، أو قطعة لحم ليس أصلها الإنسان، ومع الإحتمال لا يمكن أن تترك الصلاة والصيام.
وسبب ثالث: أن كثيراً من النساء لا ينتبهن إلى أنهن قد أجهضن إذا كان الحمل في دور العلقة أو المضغة، بخلاف ما إذا ألقت الجنين وقد تخلق.
والله أعلم …