38 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
5026 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” لَا آكُلُهُ، وَلَا آمُرُ بِهِ، وَلَا أَنْهَى عَنْهُ ”
قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين. شعبة: هو ابن الحجاج، ويعلى بن حكيم: هو الثقفي، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وقدسلف برقم (4497).
قال السندي: قوله: لا آكله، أي: الضب، وقيل: المراد به الثوم والبصل، والأول أقرب، كما سلف من الروايات، والله تعالى أعلم.
قلت سيف:
هو في مسلم 1943 لكن في مسند أحمد زياده (لا آمر به) ثم وجدت ابوعوانه 7691 في مسنده ذكرها وقد ساق مسلم إسنادها
وإنما نذكرها في كتابنا على الذيل لتظهر المتون التي لم يذكرها مسلم إنما اكتفى بذكر اسانيدها، لأن المتون يوضح بعضها بعضا.
___
حكم أكل الضب
اختلف أهل العلم على ثلاثة اقوال:
الاول: حلال،
والقول الثاني: مكروه،
القول الثالث: محرم
و الصواب هو القول الاول، فيما جاء عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد بن المغيرة:” أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم , فأتى بضب محنوذ , فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده , فقال بعض النسوة اللاتى فى بيت ميمونة: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه.
فقيل: هو ضب يا رسول الله , فرفع يده , فقلت: أحرام هو يا رسول الله ل فقال: لا , و لكنه لم يكن بأرض قومى , فأجدنى أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته , و رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر “. أخرجه البخارى (4/ 18) و مسلم (6/ 67).
قال ابن بطال:
والصواب فى ذلك قول من قال: إنه حلال؛ للخبر الصحيح عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه أكل على مائدته وبحضرته. ولو كان حراما لم يترك (صلى الله عليه وسلم) أحدا ياكله؛ إذ غير جائز أن يرى (صلى الله عليه وسلم) منكرا ولا يغيره، ولا يقر أحدا على انتهاك شيء من محارم الله، فدل أنه إنما تركه؛ لأنه عافه كما قال عمر، ولم يأت خبر صحيح بتحريمه، بل قال له عمر: (أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا). عمدة القاري (5/ 448)
قال الطبرى: قال بهذا الخبر جماعة من السلف وأحلوا أكل الضب، روى ذلك عن عمر بن الخطاب وعائشة وابن مسعود، وقال أبو سعيد الخدرى: إن كان أحدنا لتهدى إليه الضب المكونة أحب إليه من أن تهدى إليه الدجاجة السمينة. رووى عن ابن سيرين، وهو قول مالك والأوزاعى والشافعي.
قال ابن عبدالبر في التمهيد (6/ 251): وفيه أن أكل الضب حلال وأن من الحلال ما تعافه النفوس وفيه دليل على أن التحليل والتحريم ليس مردودا إلى الطباع ولا إلى ما يقع في النفس وإنما الحرام ما حرمه الكتاب والسنة أو يكون في معنى ما حرمه أحدهما ونص عليه.
قال الألباني في الصحيحة 2390: تحت حديث (نهى عن أكل الضب):
قال الحافظ ابن حجر (9/ 665):
و الأحاديث الماضية، و إن دلت على الحل تصريحا و تلويحا، نصا و تقريرا، فالجمع بينها و بين هذا يحمل النهي فيه على أول الحال عند تجويز أن يكون الضب مما مسخ، و حينئذ أمر بإكفاء القدور، ثم توقف فلم يأمر به و لم ينه عنه، و حمل الإذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا نسل له، ثم بعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله و لا يحرمه، و أكل على مائدته فدل على الإباحة، و تكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره، و تحمل أحاديث الإباحة على من لا يتقذره، و لا يلزم من ذلك أنه يكره مطلقا “.
قال الألباني: و بالجملة، فالحديث ثابت، و كونه معارضا لما هو أصح منه لا يستلزم ضعفه، فهو من قسم المقبول، فيجب التوفيق بينه و بين ما هو أصح منه، على النحو الذي عرفته في كلام الحافظ، و خلاصته أنه محمول على الكراهة لا على التحريم، و في حق من يتقذره، و على ذلك حمله الطبري أيضا. و الله أعلم.
و قد خالف الطحاوي الحنفية في هذه المسألة، فقد عقد فيها بابا خاصا في كتابه ” شرح المعاني ” (2/ 314 317) و ذكر الأحاديث الواردة فيها إباحة و كراهة إلا هذا الحديث فلم
يسقه ثم ختم الباب بقوله: ” فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب، و هو القول عندنا “. فمن شاء التفصيل فليرجع إليه. انتهى النقل من الصحيحة.
وقد جاء في تبويب النووي على مسلم (باب لايعيب الطعام)
قوله (ماعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط كان إذا اشتهى شيئا أكله وإن كرهه تركه) هذا من آداب الطعام المتأكدة وعيب الطعام كقوله مالح قليل الملح حامض رقيق غليظ غير ناضج ونحو ذلك وأما حديث ترك أكل الضب فليس هو من عيب الطعام إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه.
النووي على مسلم (14/ 26).
قال ابن القيم: وكذلك كان هديُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسيرتُه في الطعام، لا يردُّ موجوداً، ولا يتكلف مفقوداً، فما قُرِّبَ إليه شيءٌ من الطيبات إلا أكله، إلا أن تعافَه نفسُه، فيتركَه من غير تحريم، وما عاب طعاماً قطُّ، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، كما ترك أكل الضَّبِّ لمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ ولم يحرمه على الأمة، بل أُكِلَ على مائدته وهو ينظر. انظر: زاد المعاد (1/ 147).
قال العباد: والضب هو من دواب البر، وجاءت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في حله، حيث أقر وأذن بأكله صلى الله عليه وسلم، ولم يأكله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، فكان يعافه، ونفسه لا تشتهيه ولا تقبله، لأنه لم يألف ذلك، ولكنه حلال مباح؛ لأن خالد بن الوليد أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل، فلو كان غير حلال لما أذن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما أقر على أكله بين يديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: [(أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمناً وأضباً وأقطاً، فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذراً)]. يعني: أنه ما قبلته نفسه وما اشتهاه، ومعلوم أن النفوس تتفاوت، فيكون الشيء تكرهه بعض النفوس وتحبه بعض النفوس وتشتهيه، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم ما أكله، وخالد رضي الله عنه أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وأكل على مائدته، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم)] يعني: لو كان حراماً ما أكل على مائدته؛ لأنه لا يقر على باطل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ومن المعلوم أن السنة هي كل قول قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكل فعل فعله رسول الله، وكذلك ما فعل بحضرته وأقره وسكت عليه ولم ينكره، فإن هذا يفيد أنه سائغ وجائز؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على باطل. [شرح سنن أبي داود]
تنبيه:
قال العلامة العثيمين: هاهنا مسالة أحب التنبيه عليها وهو أن بعض الناس يسيء في الحصول علي الضبان بأن يعذبها تعذيبا بالغا يمكن إدراكها بدونه ومعلوم أن الإنسان إذا كان يمكنه أن يتوصل إلي مقصوده من هذه البهائم بشيء أسهل فإنه لا يجوز له أن يستعمل ما هو أصعب لقول النبي صلي الله علية وسلم (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) فمثلاً إذا كان يمكن استخراج الضب من جحره بالماء فانه لا يجوز إخراجه بالنار لان النار اشد ألما وأذية له من الماء وإذا كان يمكن أن يصاد بالبندق أي بالرصاص فإنه لا يصاد بالحجر ونحوه لان الحجر ربما يقتله وإذا مات بقتل الحجر فإنه يكون محرم الأكل لأنة وقيذ المهم إن الإنسان يجب أن يحصل على الضبان وعلى غيرها مما أباح الله عز وجل بأسهل طريق ممكن ولا يحل له أن يتبع الأصعب مع إمكان الأسهل. [فتاوى نور على الدرب]