38 – التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
38 – قال الامام احمد رحمه الله {ج3ص183}:حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن هشام عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم ان قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسلة فليغرسها.
*-وقال رحمه الله {ج3ص191}: ثنا بهز ثنا حماد ثنا هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم ان قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فان استطاع ان لا يقوم حتى يغرسها فليفعل.
هذا حديث صحيح
………………….
شرح الحديث :
(إن قامت الساعة) أي القيامة سميت به لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها أو لطولها فهو تلميح كما يقال في الأسود كافورا ولأنها عند الله تعالى على طولها كساعة من الساعات عند الخلائق .
(وفي يد أحدكم) أيها الآدميون (فسيلة) أي نخلة صغيرة إذ الفسيل صغار النخل وهي الودي (فإن استطاع أن لا يقوم) من محله أي الذي هو جالس فيه (حتى يغرسها فليغرسها) نديا قد خفي معنى هذا الحديث على أئمة أعلام منهم ابن بزيزة فقال: الله أعلم ما الحكمة في ذلك انتهى.
قال الهيثمي: ولعله أراد بقيام الساعة أمارتها فإنه قد ورد إذا سمع أحدكم بالدجال وفي يده فسيلة فليغرسها فإن للناس عيشا بعد والحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة وذلك بهذا القصد لا ينافي الزهد والتقلل من الدنيا وفي الكشاف كان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما فيهم من عسف الرعايا فسأل بعض أنبيائهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى الله إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي وأخذ معاوية في إحياء أرض وغرس نخل في آخر عمره فقيل له فيه فقال: ما غرسته طمعا في إدراكه بل حملني عليه قول الأسدي:
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به. . . ولا يكون له في الأرض آثار
ومن أمثالهم : ( أمارة إدبار الأمارة كثرة الوباء وقلة العمارة ) وحكي أن كسرى خرج يوما يتصيد فوجد شيخا كبيرا يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال: أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى: زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له: أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى: زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعا وقال: إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا .
” فيض القدير ” (3/30)
قال ابن باز رحمه الله : والمعنى: التَّشجيع على العمل، وإلا فمعلومٌ عند قيام الساعة ما يتمكَّن أن يُسوي شيئًا، لكن المقصود التشجيع على العمل، وأن الإنسان ينبغي أن يعمل، وفيه حثٌّ على الزراعة والغراس، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون ذا عملٍ، ليس ذا بطالةٍ وكسلٍ كما يفعل بعضُ الناس، لا، ينبغي للمؤمن أن يكون ذا عملٍ، ذا نشاطٍ، ذا همَّةٍ في الزراعة، في غرس الأشجار، في أنواع المكاسب: من نجارة، من حدادة، من غراسة، من كتابة، من غير ذلك، لا يبقى مُعطلًا، بل يعمل.
وفي “الصحيح” عن النبي ﷺ أنه قال: على كل سُلامى منكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، فإن لم يجد؟ ما عنده مال، قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدَّق. وقال عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزنَّ الحديث رواه مسلم. وقال ﷺ في أول هذا الحديث: المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، ومن قوة المؤمن وكمال دينه: العمل والجد والنَّشاط في طلب الرزق.
ومن ذلك يقول ﷺ لما سُئل: أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.
ومن هذا ما رواه البخاري في “الصحيح” أنَّ النبي ﷺ قال: ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإنَّ داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده.
( الموقع الرسمي لابن باز رحمه الله )
قال المناوي رحمه الله :
” أَرَادَ بِقِيَام السَّاعَة أماراتها بِدَلِيل حَدِيث : ” إِذا سمع أحدكُم بالدجال وَفِي يَده فسيلة فليغرسها فَإِن للنَّاس عَيْشًا بعد ” ، ومقصوده الْأَمر بالغرس لمن يَجِيء بعد ، وَإِن ظَهرت الأشراط وَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا الْقَلِيل ” انتهى من “التيسير” (1/ 372) .
وروى البخاري في “الأدب المفرد” (480) عن داود بن أبى داود قال : ” قال لي عبد الله بن سلام : إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت على وَدِيَّة تغرسها ، فلا تعجل أن تصلحها ؛ فإن للناس بعد ذلك عيشا ” .
ويحمل أنه كلام خرج منه صلى الله عليه وسلم مخرج ضرب المثل الذي يراد لمعناه ، فكأنه يقول : إذا يئست من ثمرة العمل أن تحصلها ؛ فلا تترك العمل ، عسى أن تنفع ثمرته غيرك ، فلا يقتصر همك في الحياة على مجرد حاجاتك ، ولكن اعمل لك ولمن بعدك .
عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : ” سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي : ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي : أنا شيخ كبير أموت غدا ، فقال له
عمر : أعزم عليك لتغرسنها ؟ فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي “.
انظر “الصحيحة” (1 /8) .