377 جامع الأجوبة الفقهية ص 413
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
141 – وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء تقعد في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد نفاسها أربعين. رواه الخمسة إلا النسائي, واللفظ لأبي داود.
وفي لفظ له: ولم يأمرها النبي – صلى الله عليه وسلم – بقضاء صلاة النفاس. وصححه الحاكم.
مسألة: أقل النفاس.
تخريج الحديث:
أخرجه: ابن أبي شيبة (17627)، وأحمد 6/ 300، والدارمي (995)، وأبو داود (311)، وابن ماجه (648)، والترمذي (139)، وأبو يعلى (7023)، والدارقطني 1/ 221، والحاكم 1/ 176، والبيهقي 1/ 341. وقال الترمذي 1/ 169: هذا حديث غريب؛ لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة. اهـ.
واختلف أهل العلم في الحكم على هذا الحديث فمنهم من حسنه ومنهم من ضعفه:
قال النووي في “الخلاصة” 1/ 240: حديث حسن. اهـ. وكذا قال في “المجموع” 2/ 525.
وحسن إسناده أيضًا الشيخ الألباني رحمه الله كما في “الإرواء” 1/ 222.
وقال ابن حزم في “المحلى” 2/ 204: ذكروا روايات عن أم سلمة من طريق مسة وهي مجهولة. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه “بيان الوهم والإيهام” 3/ 329: علة الخبر المذكور مسة المذكورة وهي تكنى أم بسة ولا تعرف حالها ولا عينها، ولا تعرف في غير هذا الحديث قال الترمذي في “علله”: فخبرها هذا ضعيف الإسناد ومنكر المتن، فإن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة وزوجِيَتُها كانت قبل الهجرة؛ فإذن لا معنى لقولها: قد كانت المرأة من نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – تقعد في النفاس أربعين يومًا. إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه، من بنات وقريبات وسُريته. مارية. اهـ.
تعريف النفاس:
النفاس لغة:
قال في تاج العروس (9/ 18): “النِّفاس بالكسر: ولادة المرأة” انتهى.
وفي المصباح المنير (ص: 317): “مأخوذ من النَّفس، وهو الدم، ومنه قولهم: “لا نفس له سائلة: أي: لا دم له يجري، وسمي الدم نفساً؛ لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان، قوامها بالدم. والنفساء من هذا” اهـ.
وفي الاصطلاح:
قال في مغني المحتاج (1/ 108): “النفاس: هو الدم الخارج بعد فراغ الرحم من الحمل”. فخرج بها ذكر: “دم الطلق، والخارج مع الولد، فليسا بحيض؛ لأن ذلك من آثار الولادة، ولا نفاس لتقدمه على خروج الولد، بل ذلك دم فساد.” انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين في رسالة في الدماء الطبيعية للنساء (ص: 48):
النفاس هو: دم يرخيه الرحم بسبب الولادة، إما معها أو بعدها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطَّلق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” ما تراه حين تشرعُ في الطلق فهو نفاس ولم يقيده بيومين أو ثلاثة، ومراده طلْق يعقبه ولادة وإلا فليس بنفاس “.
اختلف اهل العلم في أقل النفاس على عدة أقوال:
الأول: لا حد لأقله، وهو مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم، وابن تيمية.
الثاني: أقله يوم. وهو رواية عن أحمد.
الثالث: أقله ثلاثة أيام، وهو قول الثوري، ورواية عن أحمد.
ودليل الجمهور على أنه لا حد لأقله هو عدم ورود الدليل وتحديد أقل النفاس لا يصح إلا بتوقيف. ولم يأت دليل على التحديد. وإذا لم يرد دليل تحديده من الشرع فالمرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلاً وكثيراً.
قال ابن الهمام في شرح فتح القدير (1/ 187): “قال شيخ الإسلام في مبسوطه: اتفق أصحابنا على أن أقل النفاس ما يوجد، فإنها إذا رأت الدم ساعة ثم انقطع عنها الدم فإنها تصوم وتصلي، وكان ما رأت نفاساً لا خلاف في هذا بين أصحابنا” انتهى
وفي البناية للعيني (1/ 695): “وأما إطلاق جماعة من أصحابنا أن أقله ساعة، ليس معناه أن الساعة التي هي جزء من اثني عشر جزءاً من النهار، بل المراد اللحظة فيما ذكر الجمهور. هذا هو الصحيح” انتهى
قال ابن رشد في المقدمات (1/ 129): “وأما النفاس فلا حد لأقله عندنا، وعند أكثر الفقهاء”. انتهى
قال في الشرح الكبير المطبوع بهامش حاشية الدسوقي (1/ 174): “وأقله – يعني النفاس – دفعة”. انتهى
وقال الماوردي في الحاوي (1/ 436): “فأما أقل النفاس فليس للشافعي في كتبه نص عليه، وإنما روى أبو ثور عنه أنه قال: أقل النفاس ساعة. فاختلف أصحابنا هل الساعة حد لأقله أو لا؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي العباس وجميع البغدادين أنه محدود الأقل بساعة، وبه قال محمد بن الحسن وأبو ثور. الثاني: وهو قول البصريين: أن لا حد لأقله، وإنما ذكر الساعة تقليلاً وتفريقاً. لا أنه جعله حداً. وأقله مجة”. انتهى
قال الشيخ تقيُّ الدين في رسالته في الأسماء التي علَّق الشارع الأحكام بها ص: 37: ” والنفاس لا حدَّ لأقله ولا لأكثره فلو قدر أن امرأة رأتْ الدم أكثر من أربعين أو ستين أو سبعين وانقطع فهو نفاس لكن إن اتصل فهو دم فساد وحينئذ فالحد أربعون فإنه منتهى الغالب جاءت به الآثار “. انتهى
تنبيه: انظر في المسألة التالية كلام ابن عثيمين لبيان كلام شيخ الإسلام تقي الدين
والله أعلم …