374 جامع الأجوبة الفقهية ص 409
مجموعة ناصر الريسي وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
140 – الحديث سبق
_____
مسألة: إذا طهرت الحائض في آخر وقت الصلاة بمقدار لا يمكنها الغسل حتى يخرج الوقت، فهل تلزمها تلك الصلاة؟
إذا طهرت الحائض في آخر وقت الصلاة، بمقدار لا يمكنها الغسل حتى يخرج الوقت، هل يجب عليها قضاء تلك الصلاة. أو لا تجب عليها تلك الصلاة باعتبار أن تحصيل الطهارة شرط في إدراك الوقت. اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: ليس عليها قضاء تلك الصلاة لأن الفراغ من الطهارة شرط، فإذا لم تتمكن من الغسل والوضوء حتى خرج الوقت، فلا يلزمها قضاء تلك الصلاة.
وهذا مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، واختاره ابن حزم.
القول الثاني: أنها تجب عليها الصلاة، سواء كان الوقت يتسع للطهارة أم لا ما دام أتها طهرت في الوقت. وهو مذهب الحنابلة، وقول في مذهب الشافعية والثوري وقتادة.
انظر: حاشية الدسوقي (1/ 182)، مواهب الجليل، حاشية الخرشي (1/ 219)، المجموع (3/ 67)، مغني المحتاج (1/ 130)، المحلى (مسألة: 259)، المبدع (1/ 354)، المغني (2/ 46).
دليل أصحاب القول الأول:
أن الله عز وجل لم يبح الصلاة إلا بطهور، وقد حد الله للصلاة أوقاتها، فإذا لم يمكنها الطهور، وفي الوقت بقية، فإنها لم تكلف تلك الصلاة التي لم يحل لها أن تؤديها في وقتها.
ونوقش: بأنَّ حلَّ الصلاة وعدمه لا أثر له في إسقاط الواجب، بدليل ما لو استيقظ جُنبًا قبل خروج الوقت بلحظة.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
أن الأحاديث لم تتعرض لاشتراط الطهارة، وما ورد مطلقاً يجب العمل به على اطلاقه، وتخصيص العام، وتقييد المطلق لا يجوز إلا بدليل.
عن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. رواه البخاري
الدليل الثاني:
قالوا: إذا طهرت الحائض في وقت صلاة، وأخذت في غسلها، فلم تفرغ حتى خرج وقت تلك الصلاة، وجب عليها قضاء تلك الصلاة، لأنها في وقتها غير حائض وليس فوت الوقت عن الرجل بمسقط عنه الصلاة إن اشتغل بوضوئه أو غسله حتى فاته الوقت. وكذلك الحائض إذا طهرت لا تسقط عنها الصلاة من أجل غسلها، لأن شغلها بالاغتسال لا يضيع عنها ما لزمها من فرض الصلاة، وإنما تسقط الصلاة عن الحائض ما دامت حائضاً، فإذا طهرت كالجنب، لزمها صلاة وقتها التي طهرت فيه.
قال ابن حزم في المحلى (1/ 395):
فإن طهرت في آخر وقت الصلاة بمقدار ما لا يمكنها الغسل والوضوء حتى يخرج الوقت، فلا تلزمها تلك الصلاة ولا قضاؤها، وهو قول الأوزاعي وأصحابنا. وقال الشافعي وأحمد: عليها أن تصلي. قال أبو محمد: برهان صحة قولنا إن الله عز وجل لم يبح الصلاة إلا بطهور، وقد حد الله تعالى للصلوات أوقاتها، فإذا لم يمكنها الطهور وفي الوقت بقية فنحن على يقين من أنها لم تكلف تلك الصلاة التي لم يحل لها أن تؤديها في وقتها. انتهى
العبرة بإدراك وقت الصلاة هو التحقق من الطهر وليس الاغتسال
السؤال
اغتسلت من العذر الشرعي صباحا بعد خروج وقت صلاة الفجر، فهل علي تأديتها؟ مع العلم أنها قد تنتهي صباحا، وأغتسل ظهرا لعارض كعمل ونحوه، وما الصلوات التي على الحائض تأديتها إن هي اغتسلت بعد العصر أو بعد العشاء؟
جزيتم خيرا، ونفع المولى بكم.
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبرة بإدراك وقت الصلاة هو التحقق من الطهر, وليس الاغتسال, فإذا طهرت الحائض قبل طلوع الشمس بقدر تكبيرة، وجب عليها قضاء صلاة الصبح بعد الاغتسال عند الحنابلة, والشافعية، وعند المالكية تقضي فريضة الفجر إذا طهرت بمقدار ما تغتسل, وتدرك من الوقت ركعة فأكثر قبل طلوع الشمس, وإلا سقطت الفجر؛ جاء في الموسوعة الفقهية: وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الصلاة تجب على الحائض إذا طهرت، وقد أدركت من آخر الوقت قدر تكبيرة، فيجب قضاؤها فقط إن لم تجمع مع التي قبلها، وقضاؤها وقضاء ما قبلها إن كانت تجمع، فإذا طهرت قبل طلوع الشمس، وبقي من الوقت ما يسع تكبيرة لزمها قضاء الصبح فقط، لأن التي قبلها لا تجمع إليها. وإن طهرت قبل غروب الشمس بمقدار تكبيرة لزمها قضاء الظهر والعصر، وكذا إن طهرت قبل طلوع الفجر بمقدار تكبيرة لزمها قضاء المغرب والعشاء. انتهى.
وفي الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: وأما صلاة الصبح: فإن كانت رأت علامة الطهر قبل طلوع الشمس بحيث تدرك الغسل وركعة قبل الطلوع، وجبت عليها، وإلا سقطت. انتهى.
وعلى هذا؛ فإذا كانت السائلة قد طهرت قبل طلوع الشمس فتجب عليها صلاة الصبح على التفصيل المتقدم، ولا يجوز لها تأخير الطهارة لها، وأداؤها تحت أي مبرر، أما إذا كانت طهرت بعد طلوع الشمس فيجوز لها تأخير الغسل إلى وقت الظهر؛ جاء في مجموع الفتاوى للشيخ/ ابن باز -رحمه الله تعالى-: وهكذا الحائض والنفساء لو طهرتا في الليل، ولم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، لم يكن عليهما بأس في ذلك، وصومهما صحيح. ولكن لا يجوز لهما ولا للجنب تأخير الغسل أو الصلاة إلى طلوع الشمس، بل يجب على الجميع البدار بالغسل قبل طلوع الشمس حتى يؤدوا الصلاة في وقتها. انتهى.
والله أعلم …