373 جامع الأجوبة الفقهية ص 408
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
140 – الحديث
——
مسألة: إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها؟
اختلف العلماء في المرأة يدخل عليها وقت الصلاة وهي على طهر ثم يأتيها الحيض قبل أن تصلي فهل يلزمها قضاء تلك الصلاة أم لا يجب عليها قضاؤها فقد ذهبوا إلى عدة أقوال كالتالي:
الأول: عليها القضاء وهو قول الشعبي والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق.
الثاني: إن أمكنها أن تصلي في أول وقتها فعليها القضاء فإن لم يمكنها فلا قضاء عليها وهذا قول الشافعي.
الثالث: قالوا لا قضاء عليها وهو مذهب الحنفية، ورواية في مذهب المالكية، وهو مذهب ابن حزم، وخرجه ابن سريج قولاً في مذهب الشافعية. وهو قول محمد بن سيرين وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
وسبب هذا الخلاف، خلافهم في مسألة أصولية وهي: هل الصلاة تجب في أول الوقت أو في آخره؟
وهل إذا دخل الوقت ومضى معه مقدار ما يسع الأداء أصبحت الصلاة ديناً في ذمته، أو أن الصلاة في أول الوقت سنة وفي آخره واجب، ويلزم منه أن يكون فعل المندوب أفضل من فعل الفرض.
هذا سبب الخلاف، وأدلته تبحث في أصول الفقه … وفي أقسام الواجب في كونه ينقسم إلى قسمين: واجب موسع، وواجب مضيق.
جاء في المبسوط للسرخسي (2/ 24):
“وإذا أدركها الحيض في شيء من الوقت وقد افتتحت الصلاة أو لم تفتتحها سقطت تلك الصلاة عنها أما إذا حاضت بعد دخول الوقت فليس عليها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت عندنا” وقال إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى عليها قضاؤها لأن الحيض يمنع وجوب الصلاة ولا يسقط الواجب وقد وجب عليها بإدراك جزء من أول الوقت بدليل أنها لو أدت كانت مؤدية للفرض. وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا مضى من الوقت مقدار ما يمكنها أن تصلي فيه ثم حاضت فعليها القضاء لأن التمكن من الأداء معتبر لتقرر الوجوب فإذا وجد تقرر وجوب الصلاة عليها فلا تسقط بعد ذلك بالحيض. انتهى
قال شيخ الاسلام ابن تيمية كما في الاختيارات (ص: 53):
“ومن دخل عليه الوقت، ثم طرأ عليه مانع من جنون أو حيض، فلا قضاء عليه، إلا أن يتضايق الوقت عن فعلها، ثم يوجد المانع، وهو قول مالك وزفر، ورواه زفر عن أبي حنيفة” انتهى.
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (23/ 334):
إذا دخل عليها الوقت وهي طاهرة ثم حاضت هل يلزمها قضاء الصلاة أم لا؟ على قولين: أحدهما لا يلزمها كما يقوله مالك وأبو حنيفة. والثاني يلزمها كما يقوله الشافعي وأحمد … والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك أنها لا يلزمها شيء؛ لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء ولأنها أخرت تأخيرا جائزا فهي غير مفرطة. انتهى
قال ابن حزم في المحلى (2/ 175):
برهان قولنا هو أن الله تعالى جعل للصلاة وقتا محدودا أوله وآخره وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة في أول وقتها وفى آخر وقتها، فصح أن المؤخر لها لى آخر وقتها ليس عاصيا، لانه عليه السلام لا يفعل المعصية، فإذ ليست عاصية فلم تتعين الصلاة عليهما بعد ولها تأخيرها، فإذا لم تتعين عليها حتى حاضت فقد سقطت عنها، لو كان الصلاة تجب بأول الوقت لكان من صلاها بعد مضى مقدار تأديتها من أول وقتها قاضيا لها لا مصليا، وفاسقا بتأخيرها عن وقتها، ومؤخرا لها عن وقتها، وهذا باطل لا اختلاف فيه من أحد. انتهى
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (6/ 161) ما يلي:
“إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل خروج وقت الصلاة الضروري لزمتها تلك الصلاة وما يجمع إليها قبلها، فمن طهرت قبل غروب الشمس لزمتها صلاة العصر والظهر، ومن طهرت قبل طلوع الفجر الثاني لزمتها صلاة العشاء والمغرب، ومن طهرت قبل طلوع الشمس لزمتها صلاة الفجر” انتهى.
جاء في مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (11/ 276)
إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد دخول وقت الظهر بنصف ساعة مثلاً فإنها بعد أن تطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) النساء/103. ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: ” أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ ” رواه البخاري (304) ومسلم (80). وأجمع العلماء على أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها في أثناء مدة الحيض. انتهى
وقال رحمه الله في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 432)
لو أن المرأة حاضت بعد دخول وقت الصلاة بمقدار ركعة تلزمها الصلاة إذا طهرت؟
نعم, وعلى القول الثاني: إذا حاضت بعد دخول الوقت بتكبيرة الإحرام لزمتها الصلاة وهذه المسألة – أعني: إدراك الوقت من أوله – فيه خلاف؛ فمن العلماء من يقول: إن المرأة إذا أدركت مقدار ركعة من الوقت ثم حاضت لا تلزمها الصلاة؛ لأنه قد أذن لها أن تؤخر الصلاة إلى آخر الوقت, فإذا حاضت قبل آخر الوقت فلا صلاة عليها, وهذا القول قوي جدًا؛ لأن المرأة لم تفرط حتى نلزمها بالقضاء, وإذا كانت لم تفرط وقد أذن لها أن تؤخر فكيف نلزمها بشيء لم يلزمها, لكن القضاء أحوط. انتهى
قال الشيخ الراجحي في شرح سنن أبي داود (17/ 10):
واختلف العلماء في الصلاة التي دخل وقتها، وهي طاهر ثم حاضت، هل تقضيها أو لا تقضيها، فقال كثير من الفقهاء الحنابلة وغيرهم تقضيها، وقال آخرون: لا تقضيها، فإن قضت احتياطاً فهو حسن. انتهى
والله أعلم …