372 جامع الأجوبة الفقهية ص 408
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
140 – وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم » متفق عليه في حديث.
———–
مسألة: الحائض تترك الصلاة والصيام ثم تقضي الصوم.
إذا حاضت المرأة، فإن الصلاة لا تجب عليها أثناء الحيض بإجماع أهل العلم، وقد نقل الإجماع كثيرون منهم:
ابن عبد البر في التمهيد (16/ 67) حيث يقول: “فبان بذلك أن الحائض لا تصلي، وهذا إجماع”.
وقال في الاستذكار (1/ 338): “وهذا نص ثابت عنه عليه الصلاة والسلام، في أن الحيض يمنع من الصلاة، وهذا إجماع من علماء المسلمين، نقلته الكافة، كما نقلته الآحاد العدول، ولا مخالف فيه إلا طائفة من الخوارج، يرون على الحائض الصلاة”. انتهى
بل نقل الاجماع على (تحريم) الصلاة عليها في حال الحيض، قال النووي في المجموع (2/ 383): “أجمعت الأمة على أنه يحرم عليها -الحائض- الصلاة فرضها ونفلها”. انتهى
وقد استند العلماء لإجماعهم على النصوص التالية:
الأول: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: “لا، إن ذلك عرق, ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي”.
• وجه الدلالة: أن فاطمة -رضي اللَّه عنها- قالت: (أفأدع الصلاة)، يعني تفعل في الاستحاضة كالحيض، فقال عليه الصلاة والسلام: “لا”، فدل بالمفهوم أنها تدع الصلاة للحيض.
الثاني: سئلت عائشة -رضي اللَّه عنها-، ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: “أحرورية أنت؟ ” فقالت: لست بحرورية، ولكني أسأل، فقالت عائشة: “كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.
• وجه الدلالة: أن عائشة -رضي اللَّه عنها- ذكرت أنهنّ كنَّ لا يؤمرن بقضاء الصلاة، مما يدل على عدم وجوبها عليهن.
أيضاً إذا حاضت لا تصوم أثناء حيضتها ونقل الاجماع على ذلك:
قال النووي في المجموع (2/ 386): “فأجمعت الأمة على تحريم الصوم على الحائض والنفساء، وعلى أنه لا يصح صومها”.
قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 348): “والحديث يدل على عدم وجوب الصوم والصلاة على الحائض حال حيضها، وهو إجماع”.
وقد استند العلماء لإجماعهم على عدم جواز الصيام أيام الحيض بحديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-، الذي فيه: “أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم”. رواه البخاري
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نص على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم أثناء الحيض.
وعليه فإنه إذا حاضت المرأة في رمضان، فإن قضاء هذا الصوم الذي يفوتها وهي حائض فرض لازم عليها بخلاف الصلاة فإنها لا تقضيها وذلك بالإجماع:
قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 107): “وهذا إجماع أن الحائض لا تصوم في أيام حيضتها، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، لا خلاف في شيء من ذلك”. انتهى
قال الترمذي في سننه (1/ 172): “وقد روي عن عائشة من غير وجه، أن الحائض لا تقضي الصلاة، وهو قول عامة الفقهاء، لا اختلاف بينهم في أن الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة”. انتهى
قال ابن حزم في المحلى (1/ 394): “ولا تقضي الحائض إذا طهرت شيئًا من الصلاة التي مرت في أيام حيضها، وتقضي صوم الأيام التي مرت لها في أيام حيضها، وهذا نص مجمع لا يختلف فيه أحد”. انتهى
قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 291): “لأن في قضاء الصلاة حرجًا بتكررها في كل يوم، وتكرر الحيض في كل شهر، بخلاف الصوم؛ فإنه يجب في السنة شهرًا واحدًا، وعليه انعقد الإجماع”. انتهى
واستدلوا على ذلك بالاحاديث التالية:
الأول: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، أنها قالت: “كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.
• وجه الدلالة: أن عائشة -رضي اللَّه عنها- ذكرت أنهن كنّ يؤمرن بالقضاء، وهذا يدل على مسألتنا بالمطابقة.
الثاني: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: “كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان، وذلك لمكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-“. رواه البخاري
• وجه الدلالة: أن عائشة -رضي اللَّه عنها-، ذكرت أنه كانت تقضي رمضان، وأنها كانت لا تستطيع أن تتم القضاء إلا في شعبان، مما يدل على أنها واجب عليها، وإلا لما سمته قضاءً، ولما حرصت أن تقضي قبل رمضان.
والله أعلم …