371 جامع الأجوبة الفقهية ص 406
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
139 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما, عن النبي – صلى الله عليه وسلم – -في الذي يأتي امرأته وهي حائض- قال: – يتصدق بدينار, أو نصف دينار – رواه الخمسة, وصححه الحاكم وابن القطان, ورجح غيرهما وقفه.
مسألة: هل على من أتى امرأته حائضاً كفارة؟
في وجوب الكفارة على من أتى امرأته في حال الحيض عامدا عالما بالحيض والتحريم مختارا قولين:
الأول: لا تجب الكفارة وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية ورواية لأحمد والقول الجديد للشافعي وصححه النووي. وبه قال عطاء وبن أبي مليكة والشعبي والنخعي ومكحول والزهري وأبو الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني وسفيان الثوري والليث بن سعد رحمهم الله تعالى أجمعين.
القول الثاني: أنه تجب الكفارة عليه، وهذا هو القول القديم للشافعي وضعفه النووي وهو مروي عن بن عباس والحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة والأوزاعي وإسحاق وأحمد في الرواية الثانية عنه، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
– واختلف الذين أوجبوا الكفارة هل هي عتق رقبة أو دينار أو نصف دينار قال الإمام النووي في شرحه على مسلم (3/ 204): واختلف هؤلاء في الكفارة فقال الحسن وسعيد عتق رقبة وقال الباقون دينار أو نصف دينار على اختلاف منهم في الحال الذي يجب فيه الدينار ونصف الدينار هل الدينار في أول الدم ونصفه في آخره أو الدينار في زمن الدم ونصفه بعد انقطاعه وتعلقوا بحديث ابن عباس المرفوع من أتى امرأته وهي حائض فليتصدق بدينار أو نصف دينار وهو حديث ضعيف باتفاق الحفاظ فالصواب أن لا كفارة والله أعلم. انتهى
– قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 466): “وحجة من لم يوجب عليه كفارة إلا الاستغفار والتوبة، اضطراب هذا الحديث عن ابن عباس وأن مثله لا تقوم به حجة، وأن الذمة على البراءة، ولا يجب أن يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه، ولا مطعن عليه، وذلك معدوم في هذه المسألة”. انتهى
– قال ابن حزم في المحلى (مسألة 263): “ومن وطيء حائضاً فقد عصى الله سبحانه وتعالى، وفرض عليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه في ذلك”.
وقال أيضاً: “إذا لم يصح في إيجاب شيء على واطئ الحائض فماله حرام، فلا يجوز أن يلزم حكماً أكثر مما ألزمه من التوبة من المعصية التي عمل والاستغفار والتعزير، لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده”
– قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 212): “الكفارة لا يجوز إيجابها إلا أن يوجبها الله عز وجل، أو يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه أوجبها، ولا نعلم إلى هذا الوقت حجة توجب ذلك والله أعلم” انتهى
– جاء في فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (19/ 276)، الفتوى رقم (4449)
يحرم جماع الرجل زوجته في قبلها وهي حائض، ومن فعل ذلك فقد أثم، وعليه كفارة عن هذا الجماع، وإذا تكرر ذلك منه تكرر الإثم وتكررت الكفارة بعدد المرات، ولو كان في حيضة واحدة، وكفارة ذلك: دينار أو نصف دينار، ومقدار الدينار: مثقال واحد، وهو: أربعة أسباع الجنيه السعودي، وعليه التوبة والاستغفار والندم على ما فعل والعزم على ألا يعود، عسى الله أن يغفر له. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
– جاء في فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (2/ 74) أنه قال:
وطء الرجل امرأَته وهي حائض حرام بنص الكتاب والسنة قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) والمراد المنع من وطئها في المحيض وهو موضع الحيض وهو الفرج. فإذا تجرأ ووطئها فعليه التوبة وأَن لا يعود لمثلها، وعليه الكفارة وهي دينار أَو نصف دينار على التخيير لحديث ابن عباس مرفوعًا ((فِيْ الَّذِيْ يَاتِيْ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ يَتَصَدَّقٌ بدِيْنَار أَوْ نِصفِ دِيْنَار)) رواه أَحمد وأَبو داود والترمذي. والنسائي. والمراد بالدينار مثقال من الذهب، فإن لم يجده فيكفي قيمته من الفضة.
– قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 478):
وجوب الكفارة من مفردات المذهب – يعني مذهب الحنابلة -، والأئمة الثلاثة يرون أنه آثم بلا كفارة. والحديث صحيح، لأن رجاله كلهم ثقات، وإذا صح فلا يضر انفراد أحمد بالقول به. فالصحيح: أنها واجبة، وعلى الأقل نقول بالوجوب احتياطا. انتهى
– أقوال بعض أهل العلم الذين ضعفوا الحديث
قال الشافعي:” فإن أتى رجل امرأته حائضاً أو بعد تولية الدم ولم تغتسل فليستغفر الله ولا يعد. وقد روي فيه شيء لو كان ثابتاً أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله.” معرفة السنن والآثار للبيهقي “موافق طبعة قلعجي” – (10/ 152)
قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 212)
“وَهَذَا خَبَرٌ قَدْ تُكِلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ”
وقال أيضا – (2/ 212)
فَإِنْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَيْنَ قَبُولِنَا مِنْهُ مَا أَوْجَبُ عَلَى الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَرْقٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا ثَبَتَ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبُتِ الْخَبَرُ وَلَا أَحْسَبُهُ يُثْبَتُ فَالْكَفَّارَةُ لَا يَجُوزُ إِيجَابُهَا إِلَّا أَنْ يُوجِبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا وَلَا نَعْلَمُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ حُجَّةً تُوجِبُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ
قال أبو علي بن السكن “هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه ولا يصح مرفوعا لم يصححه البخاري وهو صحيح من كلام ابن عباس ” شرح علل ابن أبي حاتم ص 38″
قال ابن عبد البر في التمهيد – (3/ 178)
“وحجة من لم يوجب عليه كفارة إلا الاستغفار والتوبة اضطراب هذا الحديث عن ابن عباس وأن مثله لا تقوم به حجة وأن الذمة على البراءة ولا يجب أن يثبت فيها شي لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه وذلك معدوم في هذه المسألة.”
قال عبد العظيم المنذري “وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه فروي مرفوعا وموقوفا ومرسلا ومعضلا ” شرح علل ابن أبي حاتم ”
قال ابن عبد الهادي في شرح علل ابن أبي حاتم ”
وأما الاضطراب في متنه فروى بدينار أو نصف دينار على الشك وروي يتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار وروي فيه التفرقة بين أن يصيبها في الدم أو في انقطاع الدم وروي يتصدق بخمسي دينار وروي يتصدق بنصف دينار وروي إذا كان دما أحمر فدينار وإذا كان دما أصفر فنصف دينار وروي إن كان الدم عبيطا فليتصدق بدينارن وإن كان صفرة فنصف دينار
قال الخطابي قال أكثر العلماء لا شيء عليه ويستغفر الله وزعموا أن هذا الحديث مرسل موقوف على ابن عباس ولا يصح متصلا مرفوعا والذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها
” شرح العلل لابن أبي حاتم ”
قَالَ ابْن الصّلاح فِي «مشكله»: إِنَّه حَدِيث ضَعِيف من أَصله لَا يَصح رَفعه، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف عَلَى ابْن عَبَّاس من قَوْله. قَالَ: وَقد حكم الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي بِأَنَّهُ حَدِيث صَحِيح وَلَا الْتِفَات إِلَى ذَلِك مِنْهُ فَإِنَّهُ خلاف (قَول غَيره من أَئِمَّة الحَدِيث) (وَالْحَاكِم) مَعْرُوف بالتساهل فِي مثل ذَلِك. البدر المنير – (3/ 100)
قال ابن كثير في تفسيره (1/ 587)
“القول الثاني: وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي، وقول الجمهور: أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر الله عز وجل، لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه [قد] روي مرفوعًا كما تقدم وموقوفًا، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث”
قال الحافظ في بلوغ المرام من أدلة الأحكام – (1/ 47)
146 – وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, عَنِ اَلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – -فِي اَلَّذِي يَأْتِي اِمْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ- قَالَ: – يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ, أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ – رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ وَابْنُ اَلْقَطَّانِ, وَرَجَّحَ غَيْرَهُمَا وَقْفَه
وقال في التلخيص الحبير- (1/ 430)
وَالِاضْطِرَابُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ كَثِيرٌ جِدًّا
قَالَ النووي: وَاتفقَ الْحفاظ عَلَى ضعف هَذَا الحَدِيث واضطرابه وتلونه. وَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب»
وَقَالَ فِي «تنقيح»: هَذَا (حَدِيث) ضَعِيف بِاتِّفَاق الْحفاظ، وأنكروا عَلَى الْحَاكِم تَصْحِيحه، وَإِنَّمَا هُوَ من قَول ابْن عَبَّاس مَوْقُوف عَلَيْهِ هَذَا آخر كَلَامه.” البدر المنير – (3/ 100)
وفي مسند أحمد:
2032 حدثنا يحيى عن شعبة ومحمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم: في الذي يأتي امرأته وهى حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار
قال عبد الله قال أبى ولم يرفعه عبد الرحمن ولا بهز.
انتهى من مسند أحمد. فالامام أحمد محتمل يقصد التعليل. بقوله (ولم يرفعه عبدالرحمن ولا بهز)
قال محققو المسند:
إلا أنه روي موقوفا ومرفوعا والموقوف والموقف أصح. (3/ 473)
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 50) عن أبيه: اختلفت الرواية، فمنهم من يروي عن مقسم عن ابن عباس موقوفا، ومنهم من يروي عن مقسم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وأما حديث شعبة، فإن يحيى بن سعيد أسنده وحكى أن شعبة قال: أسنده لي الحكم مرة ووقفه مره، وقال أبي: لم يسمع الحكم من مقسم هذا الحديث.
نقل هذا النص ابن عبد الهادي في شرح العلل ص49 كما هنا. ونقله ابن دقيق العيد في الإمام 3/ 259 وابن الملقن في البدر المنير. وابن حجر في التلخيص
قال البيهقي: وكذلك رواه مسلم بن إبراهيم. وحفص ابن عمر الحوضي، وحجاج ابن منهال، وجماعة عن شعبة موقوفا على ابن عباس. . السنن الكبرى 1/ 314
ورواه الدارمي (1/ 254) عن أبي الوليد وعن سعيد بن عامر، كلاهما عن شعبة موقوفا، قال شعبة: أما حفظي، فهو مرفوع، وأما فلان وفلان، فقالا: غير مرفوع، قال بعض القوم: حدثنا بحفظك، ودع ما قال فلان وفلان، فقال: والله ما أحب أني أعمرت في الدنيا عمر نوح وأني حدثت بهذا وأسكت عن هذا.
ونقل البيهقي أنه قيل لشعبة: إنك ترفعه! قال إني كنت مجنونا فصححت. ثم قال البيهقي: فقد رجع شعبه عن رفع الحديث. وجعله من قول ابن عباس. آه
قال أبوداود بعد أن ذكر رواية شعبة المرفوعة: هكذا الرواية الصحيحة قال: دينار أو نصف دينار. وربما لم يرفعه شعبه.
فذهب ابن القيم في التهذيب إلى أن أبا داود يصححه. وقال واعله ابن حزم بمقسم وضعفه وهذا تعليل فاسد إنما العلة المؤثرة وقفه.
ثم ذكر رواية السبيعي عن زيد بن عبدالحميد عن أبيه أن عمر وطئ جارية فإذا بها حائض. ….
ورد على ابن حزم تعليله الحديث بعبدالملك بن حبيب وبالسبيعي قال ابن القيم: هذا تعليل باطل. فإن عبدالملك أحد الإعلام.
وقال أبوداود في مسائله لأحمد 177 سمعت أحمد سئل عن الرجل يأتي امرأته وهي حائض؟ قال: ما أحسن حديث عبدالحميد فيه!! قلت: فتذهب إليه؟ قال: نعم، إنما هو كفارة. قلت: فدينار أو نصف دينار؟ قال: كيف شئت. أ ه
وتقدم تعليل الإمام أحمد أن عبدالرحمن وبهز لم يرفعوه
فربما تراجع الإمام أحمد عن تصحيحه.
والله أعلم …