37 – بَابُ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لَا يَقَعُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ
130 – (1337) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ»
130 – وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ سَوَاءً.
131 – (1337) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي كِلَاهُمَا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ يَعْنِي الْحِزَامِيَّ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كِلَاهُمَا، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّهُمْ، قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ» وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ «مَا تُرِكْتُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ثُمَّ ذَكَرُوا نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
132 – (2358) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»
133 – (2358) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: – أَحْفَظُهُ كَمَا أَحْفَظُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ – الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»
133 – وحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلَاهُمَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ «رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَقَّرَ عَنْهُ» وَقَالَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدًا
134 – (2359) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ السُّلَمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، قَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ: فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، قَالَ: غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ، قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. قَالَ: فَقَامَ ذَاكَ الرَّجُلُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ فُلَانٌ». فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]
135 – (2359) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ فُلَانٌ» وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] تَمَامَ الْآيَةِ
136 – (2359) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى لَهُمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ قَبْلَهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ، فَوَاللهِ لَا تَسْأَلُونَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا» قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» فَلَمَّا أَكْثَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» بَرَكَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْلَى، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا، فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ، لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ: مَا سَمِعْتُ بِابْنٍ قَطُّ أَعَقَّ مِنْكَ؟ أَأَمِنْتَ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَدْ قَارَفَتْ بَعْضَ مَا تُقَارِفُ نِسَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَفْضَحَهَا عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ: وَاللهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ.
136 – حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كِلَاهُمَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَحَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ، مَعَهُ. غَيْرَ أَنَّ شُعَيْبًا، قَالَ: عَن /25ِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ أُمَّ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ، قَالَتْ: بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ
137 – (2359) حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «سَلُونِي، لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ. قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، عَائِذًا بِاللهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، إِنِّي صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ»
137 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، كِلَاهُمَا، عَنْ هِشَامٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ
138 – (2360) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «سَلُونِي عَمَّ شِئْتُمْ» فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ»، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَضَبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللهِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ قَالَ: مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ»
الفوائد
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
معاني الكلمات من شرح القرطبي والنووي:
(أرم) سكتوا، وأصله من المرمة، وهي الشفه؛ فكأنهم اطبقوا مرماتهم
(ثم أنشأ رجل من المسجد كان يلاحى فيدعي لغير أبيه) يعير ويذم، خاصة في الجاهلية كان النكاح على أنحاء أربعة زنا، وواحد كنكاح الناس. … فقال لأحدهما: أبوك حذافة، وقال للآخر: أبوك سالم؛ فتحقق نسبهما، وزالت معرتهما.
قوله (أولى) هي كلمة تهديد بمعنى القرب وهي من الولي كما في قوله تعالى (أولى لك فأولى)
(خنين) صوت البكاء بغنه، وروي (حنين) بكاء مع تردد الصوت.
وقيل غير ذلك
قال النووي:
وقولها: (فتفضحها) معناه لو كنت من زنا فنفاك عن أبيك حذافة فضحتني، وأما قوله: (لو ألحقني بعبد للحقته) فقد يقال: هذا لا يتصور، لأن الزنا لا يثبت به النسب. ويجاب عنه بأنه يحتمل وجهين: أحدهما أن ابن حذافة ما كان بلغه هذا الحكم، وكان يظن أن ولد الزنا يلحق الزاني. والثاني أنه يتصور الإلحاق بعد وطئها بشبهة، فيثبت النسب منه. انتهى بحذف بعضه
أولاً من ناحية الأسانيد:
1 – حديث أبي هريرة متفق عليه
2 – حديث أبي موسى متفق عليه
3 – حديث أنس متفق عليه دون الشطر الاول.
4 – حديث سعد بن أبي وقاص متفق عليه
5 – ورد في أثناء حديث أنس قال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله قال حدثني رجل من أهل العلم أن أم عبد الله بن حذافة قالت ..
فعلم أن من أسقط الرجل المبهم فقد أرسله.
والرجل من أهل العلم لا نعلم إن كان صحابيا أو تابعيا وعلى الثاني ما درجة ضبطه؟
لعله من أجل ذلك قد أسقطه البخاري في صحيحه حين روى حديث أنس.
ولعل الصواب التوقف في صحته والله أعلم. ولم أجد كلاما يشفي.
قلت سيف: سيأتي: والحديث الذي أوردوه ورد في مسند أحمد 16/ 314 من حديث أبي هريرة.
وحديث ابن أبي عدي عن حميد عن أنس 19/ 101 وابن أبي عدي شيخ لأحمد فهو من ثلاثياته.
ثانياً تبويبات الأئمة:
بوب البخاري:
باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه.
قلت سيف: وبوب مرة باب قوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
وذكر تحته حديث أنس رضي الله عنه الذي في الباب، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل: من أبي؟ داود ويقول الرجل – تضل ناقته -: أين ناقتي؟ فأنزل الله هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}
وبوب مرة باب التعوذ من الفتن
بوب معمر بن راشد في جامعه:
باب مسألة الناس.
بوب ابن ماجه:
باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بوب البيهقي في معرفة السنن والآثار:
صفة الامر والنهي.
بوب ابن حبان في صحيحه:
ذكر البيان بأن المناهي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم والاوامر فرض على حسب الطاقة على أمته لا يسعهم التخلف عنها.
بوب ابن بطة في الإبانة الكبرى:
باب ترك السؤال عما لا يغني والبحث والتنقير عما لا يضر جهله والتحذير من قوم يتعمقون في المسائل ويتعمدون إدخال الشكوك على المسلمين.
ثالثاً ما يتعلق بالشرح:
قال الشيخ السعدي في بهجة قلوب الابرار الحديث الحادي والثمانون:
هذه الاسئلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها: هي التي نهى الله عنها في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة:101]
وهي الاسئلة عن أشياء من أمور الغيب، أو من الامور التي عفا الله عنها، فلم يحرمها ولم يوجبها. فيسأل السائل عنها وقت نزول الوحي والتشريع. فربما وجبت بسبب السؤال. وربما حرمت كذلك. فيدخل السائل في قوله صلى الله عليه وسلم: “أعظم المسلمين جرما: من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته”.
وكذلك ينهى العبد عن سؤال التعنت والأغلوطات، وينهى أيضا عن أن يسأل عن الامور الطفيفة غير المهمة. ويدع السؤال عن الامور المهمة. فهذه الاسئلة وما أشبهها هي التي نهى الشارع عنها.
وأما السؤال على وجه الاسترشاد عن المسائل الدينية من أصول وفروع، عبادات أو معاملات، فهي مما أمر الله بها ورسوله، ومما حث عليها, وهي الوسيلة لتعلم العلوم، وإدراك الحقائق، قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الانبياء:7]
وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} [الزخرف:45]
إلى غيرها من الآيات. وقال صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين”. وذلك بسلوك طريق التفقه في الدين دراسة وتعلما وسؤالا.
وقد أمر الله بالرفق بالسائل، وإعطائه مطلوبه، وعدم التضجر منه. وقال في سورة الضحى: {وأما السائل فلا تنهر}
فهذا يشمل السائل عن العلوم النافعة والسائل لما يحتاجه من أمور الدنيا، من مال وغيره.
ومما يدخل في هذا الحديث: السؤال عن كيفية صفات الباري؛ فإن الامر في الصفات كلها كما قال الامام مالك لمن سأله عن كيفية الاستواء على العرش؟ فقال: “الاستواء معلوم. والكيف مجهول. والايمان به واجب. والسؤال عنه بدعة”3.
فمن سأل عن كيفية علم الله، أو كيفية خلقه وتدبيره، قيل له: فكما أن ذات الله تعالى لا تشبهها الذوات، فصفاته لا تشبهها الصفات، فالخلق يعرفون الله، ويعرفون ما تعرف لهم به، من صفاته وأفعاله. وأما كيفية ذلك فلا يعلم تأويله إلا الله.
ثم ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أصلين عظيمين:
أحدهما: قوله صلى الله عليه وسلم: “فإذا نهيتكم عنه فاجتنبوه” فكل ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة: وجب تركه، والكف عنه؛ امتثالا وطاعة لله ورسوله.
ولم يقل في النهي: ما استطعتم لان النهي طلب كف النفس، وهو مقدور لكل أحد، فكل أحد يقدر على ترك جميع ما نهى الله عنه ورسوله. ولم يضطر العباد إلى شيء من المحرمات المطلقة؛ فإن الحلال واسع، يسع جميع الخلق في عباداتهم ومعاملاتهم، وجميع تصرفاتهم. اه
قلت سيف:
وقد ذكر ابن سعدي في هذا المبحث جملة من الأمثلة على شمولية الشريعة، فلا تحتاج لسؤال المتعنتين. فراجعه.
وذكر السعدي في كتابه:
الحديث الحادي والتسعون من أوامر الله ونواهيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً …. ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) رواه مسلم 1715 وشرحه شرح وافي وذكر في قوله (كثرة السؤال): فهذا هو السؤال، المذموم، كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة، والسؤال على وجه التعنت والإعنات، وعن الأمور التي يخشى من ضررها أو عن الأمور التي لا نفع فيها …..
وأورد حديث (دعوني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم …. ) متفق عليه
وذكر القرطبي في المفهم: أن سبب غضبه: أن الإكثار من كثرة السؤال يقلل حرمة العالم، ويجرئ على الإقدام عليه، ويحتمل أنه تحقق أنه كان هناك من يسأل تعنتا قصدا للتعجيز كما كان يفعل المنافقون واليهود، فقول النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم: سلوني .. يظهر عجزهم، ويحتمل أن يكون من تلك المسائل ما يكره. انتهى نقلي
قال الخطابي في معالم السنن:
هذا في مسألة من يسأل عبثا وتكلفا فيما لا حاجة به إليه دون من سأل سؤال حاجة وضرورة كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة
وأما من كان سؤاله استبانة لحكم واجب واستفادة لعلم قد خفي عليه فإنه لا يدخل في هذا الوعيد … . اه
قال ابن عبدالبر في التمهيد:
وروي عن الزهري ومجاهد وقتادة وعكرمة بمعنى واحد أنهم قالوا كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه يوما فأكثروا عليه فقام مغضبا وقال سلوني فوالله لا تسألوني أو لا يسألني أحد عن شيء في مقامي هذا إلا أخبرته ولو سألني عن أبيه لأخبرته فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي فقال أبوك حذافة قال الزهري فقالت أمه ما رأيت ولدا أعق منك أكنت تأمن أن تكون أمك قارفت ما قارف أهل الجاهلية فتفضحها وقام رجل فقال الحج واجب في كل عام أم مرة واحدة فقال بل مرة واحدة ولو قلتها لوجبت وقام سعد مولى شيبة فقال من أنا يا رسول الله قال أنت سعد مولى شيبة بن ربيعة وقام رجل من بني أسد فقال أين أنا يا رسول الله قال أنت في النار فقام عمر فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فنزلت عند ذلك يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم الآية. اه
وقال النووي:
فيه أن الجنة والنار مخلوقتان.
قال الحافظ في الفتح:
وأخرج البزار من وجه آخر عن سعد بن أبي وقاص قال كان الناس يتساءلون عن الشيء من الامر فيسألون النبي صلى الله عليه وسلم وهو حلال فلا يزالون يسألونه عنه حتى يحرم عليهم …. قال ابن التين قيل الجرم اللاحق به إلحاق المسلمين المضرة لسؤاله وهي منعهم التصرف فيما كان حلا قبل مسألته.
وقال عياض المراد بالجرم هنا الحدث على المسلمين لا الذي هو بمعنى الاثم المعاقب عليه لان السؤال كان مباحا ولهذا قال سلوني وتعقبه النووي فقال هذا الجواب ضعيف بل باطل والصواب الذي قاله الخطابي والتيمي وغيرهما أن المراد بالجرم الاثم والذنب وحملوه على من سأل تكلفا وتعنتا فيما لا حاجة له به إليه وسبب تخصيصه ثبوت الامر بالسؤال عما يحتاج إليه لقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر فمن سأل عن نازلة وقعت له لضرورته إليها فهو معذور فلا إثم عليه ولا عتب فكل من الامر بالسؤال والزجر عنه مخصوص بجهة غير الاخرى قال ويؤخذ منه أن من عمل شيئا أضر به غيره كان آثما وسبك منه الكرماني سؤالا وجوابا فقال السؤال ليس بجريمة ولئن كانت فليس بكبيرة ولئن كانت فليس بأكبر الكبائر وجوابه أن السؤال عن الشيء بحيث يصير سببا لتحريم شيء مباح هو أعظم الجرم لأنه صار سببا لتضييق الامر على جميع المكلفين فالقتل مثلا كبيرة ولكن مضرته راجعة إلى المقتول وحده أو إلى من هو منه بسبيل بخلاف صورة المسألة
فضررها عام للجميع وتلقى هذا الاخير من الطيبي استدلالا وتمثيلا وينبغي أن يضاف إليه أن السؤال المذكور إنما صار كذلك بعد ثبوت النهي عنه فالإقدام عليه حرام فيترتب عليه الاثم ويتعدى ضرره بعظم الاثم والله أعلم ويؤيد ما ذهب إليه الجماعة من تأويل الحديث المذكور ما أخرجه الطبري من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن الحج أفي كل عام لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتم لضللتم وله من طريق أبي عياض عن أبي هريرة ولو تركتموه لكفرتم وبسند حسن عن أبي أمامة مثله وأصله في مسلم عن أبي هريرة بدون الزيادة وإطلاق الكفر إما على من جحد الوجوب فهو على ظاهره وإما على من ترك مع الاقرار فهو على سبيل الزجر والتغليظ ويستفاد منه عظم الذنب بحيث يجوز وصف من كان السبب في وقوعه بأنه وقع في أعظم الذنوب كما تقدم تقريره والله أعلم وفي الحديث أن الاصل في الاشياء الاباحة حتى يرد الشرع بخلاف ذلك. اه
قال القرطبي: هذا صريح في أن السؤال الذي يكون على هذا الوجه، ويحصل عنه هذا الحرج: هو من أعظم الذنوب
تنبيه: لفظ (ولو تركتموه لكفرتم): فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف، ورواه عبد بن حميد عن الحسن مرسلا. (محقق جامع العلوم تحت الحديث الثالث)
وكذلك حديث سعد بن أبي وقاص الذي أخرجه البزار فيه قيس بن الربيع مختلف فيه. والأقرب ضعفه
وقال ابن حجر في موضع آخر:
وقد استمر جماعة من السلف على كراهة السؤال عما لم يقع لكن عمل الاكثر على خلافه فلا يحصى ما فرعه الفقهاء من المسائل قبل وقوعها وفيه أن الصحابة كانوا يسألون عن الحكم الذي لم ينزل فيه وحي وفيه أن للعالم إذا كره السؤال أن يعيبه ويهجنه وأن من لقي شيئا من المكروه بسبب غيره يعاتبه عليه وأن المحتاج إلى معرفة الحكم لا يرده كراهة العالم لما سأل عنه ولا غضبه عليه ولا جفاؤه له بل يعاود ملاطفته إلى أن يقضي حاجته وأن السؤال عما يلزم من أمور الدين مشروع سرا وجهرا وأن لا عيب في ذلك على السائل ولو كان مما يستقبح. اه
وقال أيضا:
قوله فقال إنا نتوب إلى الله عز وجل زاد في رواية الزهري فبرك عمر على ركبته فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وفي رواية قتادة من الزيادة نعوذ بالله من شر الفتن
وفي هذا الحديث غير ما يتعلق بالترجمة:
– مراقبة الصحابة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وشدة إشفاقهم إذا غضب خشية أن يكون لأمر يعم فيعمهم
– وإدلال عمر عليه
– وجواز الغضب في الموعظة
– وبروك الطالب بين يدي من يستفيد منه وكذا التابع بين يدي المتبوع إذا سأله في حاجة
-ومشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شيء قد يظهر منه قرينة وقوعها
قال بن عبد البر سئل مالك عن معنى النهي عن كثرة السؤال فقال ما أدري أنهى عن الذي أنتم فيه من السؤال عن النوازل أو عن مسألة الناس المال. قال بن عبد البر: الظاهر الاول وأما الثاني فلا معنى للتفرقة بين كثرته وقلته لا حيث يجوز ولا حيث لا يجوز قال: وقيل كانوا يسألون عن الشيء ويلحون فيه إلى أن يحرم قال وأكثر العلماء على أن المراد كثرة السؤال عن النوازل والأغلوطات والتوليدات. اه
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم بعدما أورد جملة من الأحاديث التي سألها بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وغضب من بعضها:
فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101]
»،
نهاهم أن يسألوا مثل الذي سألت النصارى في المائدة، فأصبحوا بها كافرين، فنهى الله تعالى عن ذلك، وقال لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن، فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه. فدلت هذه الاحاديث على النهي عن السؤال عما لا يحتاج إليه ما يسوء السائل جوابه مثل سؤال السائل؛ هل هو في النار أو في الجنة، وهل أبوه ما ينسب إليه أو غيره، وعلى النهي عن السؤال على وجه التعنت والعبث والاستهزاء، كما كان يفعله كثير من المنافقين وغيرهم. وقريب من ذلك سؤال الآيات واقتراحها على وجه التعنت، كما كان يسأله المشركون وأهل الكتاب، وقال عكرمة وغيره: إن الآية نزلت في ذلك. ويقرب من ذلك السؤال عما أخفاه الله عن عباده، ولم يطلعهم عليه، كالسؤال عن وقت الساعة، وعن الروح. ودلت أيضا على نهي المسلمين عن السؤال عن كثير من الحلال والحرام مما يخشى أن يكون السؤال سببا لنزول التشديد فيه، كالسؤال عن الحج: هل يجب كل عام أم لا؟ وفي ” الصحيح ” عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته». «ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللعان كره المسائل وعابها حتى ابتلي السائل عنه قبل وقوعه بذلك في أهله»، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في المسائل إلا للأعراب ونحوهم من الوفود القادمين عليه، يتألفهم بذلك، فأما المهاجرون والانصار المقيمون بالمدينة الذين رسخ الايمان في قلوبهم، فنهوا عن المسألة، كما في ” صحيح مسلم ” عن النواس بن سمعان، قال: أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنة ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه أيضا «عن أنس، قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله ونحن نسمع». وفي ” المسند ” «عن أبي أمامة قال: كان الله قد أنزل: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [المائدة: 101]
قال: فكنا قد كرهنا كثيرا من مسألته واتقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قال: فأتينا أعرابيا، فرشوناه بردا، ثم قلنا له: سل النبي صلى الله عليه وسلم وذكر حديثا». وفي ” مسند أبي يعلى ” عن البراء بن عازب، قال: إن كان لتأتي علي السنة أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فأتهيب منه، وإن كنا لنتمنى الاعراب. وفي ” مسند البزار “، عن ابن عباس قال: ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة، كلها في القرآن: {يسألونك عن الخمر والميسر} [البقرة: 219]
(ضعفه محقق جامع العلوم بأن ابن فضيل وجرير رويا عن عطاء بعد الاختلاط).
تتمة كلام ابن رجب:
{يسألونك عن الشهر الحرام} [البقرة: 217]
يسألونك عن اليتامى (البقرة: 22)، وذكر الحديث. وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يسألونه عن حكم حوادث قبل وقوعها، لكن للعمل بها عند وقوعها، كما قالوا له: إنا لاقوا العدو غدا، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ وسألوه عن الامراء الذين أخبر عنهم بعده، وعن طاعتهم وقتالهم، وسأله حذيفة عن الفتن، وما يصنع فيها. فبهذا الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم» يدل على كراهة المسائل وذمها، ولكن بعض الناس يزعم أن ذلك كان مختصا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم لما يخشى حينئذ من تحريم ما لم يحرم، أو إيجاب ما يشق القيام به، وهذا قد أمن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. ولكن ليس هذا وحده هو سبب كراهة المسائل، بل له سبب آخر، وهو الذي أشار إليه ابن عباس في كلامه الذي ذكرنا بقوله: ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن، فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه. ومعنى هذا: أن جميع ما يحتاج إليه المسلمون في دينهم لابد أن يبينه الله في كتابه العزيز، ويبلغ ذلك رسوله عنه، فلا حاجة بعد هذا لاحد في السؤال، فإن الله تعالى أعلم بمصالح عباده منهم، فما كان فيه هدايتهم ونفعهم، فإن الله تعالى لابد أن يبينه لهم ابتداء من غير سؤال كما قال: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: 176]
وحينئذ، فلا حاجة إلى السؤال عن شيء، ولا سيما قبل وقوعه والحاجة إليه، وإنما الحاجة المهمة إلى فهم ما أخبر الله به ورسوله، ثم اتباع ذلك والعمل به، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن المسائل؛ فيحيل على القرآن، كما «سأله عمر عن الكلالة، ” فقال يكفيك آية الصيف». وأشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره، واجتناب نهيه شغلا عن المسائل، «فقال: إذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم»، فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الامور العلمية، وإن كان من الامور العملية، بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الاوامر، واجتناب ما ينهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك؛ لا إلى غيره. وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة. فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الامر والنهي إلى فرض أمور قد تقع، وقد لا تقع، فإن هذا مما يدخل في النهي، ويثبط عن الجد في متابعة الامر. اه
قال ابن كثير في التفسير:
ثم قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) هذا تأديب من الله [تعالى] لعباده المؤمنين، ونهي لهم عن أن يسألوا عن أشياء) مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها ; لأنها إن أظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها، كما جاء في الحديث: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر “.
قال الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك في تطريز رياض الصالحين:
في هذا الحديث:
– الحث على البكاء
– والتحذير من إكثار الضحك
– واستحباب تغطية الوجه عند البكاء.
رابعاً الفوائد غير ما ذكر:
– فيه أن صلاة الظهر بعدما تزيغ الشمس.
– الأصل في النهي أنه للتحريم.
– الأصل في الأوامر الإتيان بها على القدر المستطاع.
– كثرة المسائل إن لم تكن للتعلم فهي تضر ولا تنفع.
– اختلاف الأمم السابقة على أنبيائها كان سببا لهلاكهم.
– فيه ما كان عليه الصحابة من رقة الأفئدة وقوة الإيمان.
– فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وأن الله يطلعه على ما شاء من أمور الغيب وذلك في قوله: (فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) و قوله: (فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا).
– فيه أن المرء إذا رأى في صاحبه الغضب أن يحاول تهدئته.
– فيه أن المسلم ينبغي له ألا يضحك كثيراً وأن يكون في تفكر دائم لما سيقبل عليه من أمور عظام وأهوال جسام.
– فيه جواز استخدام المنبر لغير خطبة الجمعة.
– فيه أن الولد ينبغي له أن يحسن الظن بآبائه وألا يعرّض بهم، حتى لو كانت هناك بعض القرائن برا بهما.
– فيه ستر الولد على والده.
– فيه أن الإلحاح في المسائل قد تغضب الشيخ.
– فيه أن التلميذ إذا رأى شيخه غاضبا ألا يسأله حتى تهدأ نفسه.
– فيه أن بين يدي الساعة أمورا عظاما من الفتن والآيات.
– فيه أن المسلم يجب عليه أن يرضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً.
– فيه قدرة الله سبحانه وأنه قادر على عرض أمور الغيب في عرض الحائط أو أي مكان شاء سبحانه.
– فيه الاستعاذة بالله من الفتن.
– فيه التوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه عند الغضب والفتن.
– فيه بيان جرم من حُرّم شيء من أجل مسألته، وأن وزره عظيم.
– فيه التذكير بالآخرة والفتن والآيات.
قلت: سيف:
تتمات: من الفوائد:
– فيه التكلم بلسان من حضر خاصة إذا كان لجلب مصلحة ودفع مفسدة.
– اطلاعه صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار قال القرطبي: وقع مرتين هذه وكانت في صلاة الظهر حيث ورد أنه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم بعدما زاغت الشمس، فصلى بهم الظهر ثم قام فخطب.
وفي صلاة الكسوف كذلك. انتهى معنى كلامه
وأظن يقصد في الصلاة وإلا ثبت أنه رأى الجنة والنار في الإسراء والمعراج، وكذلك في المنام.
– إذا رأى أحد رؤيا سوء فلا يسأل عن تفسيرها؛ لأنها من الشيطان. ولو كانت رؤيا تخويفيه فيأمر صاحبها بتقوى الله والانكفاف عن المعصية ولا تفسر لصاحبها، وهكذا كان ابن سيرين يسأل عن مائة رؤية فلا يفسرها بل يؤمر صاحبها بتقوى الله والانكفاف عن المعصية.
– بوب الشيخ مقبل في نشر الصحيفة باب الاستعاذة من علم لا ينفع، وذم الجدل والخصومات في الدين، وباب ما يكره من السؤال وتكلف ما لا يعنيه. وأورد تحت كل باب أحاديث، ومنها أحاديث الباب
– ذكر باحث الرأي المذموم ومن الآراء المذمومة: قال:
[النوع الخامس] الرأي في المسائل المسكوت عنها، والتي لم تنزل، ولم تقدَّر،
قال ابن عبد البر: ((وهو من القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان، والظنون، والاشتغال بحفظ المعضلات، والأغلوطات، ورد الفروع بعضها على بعض قياسا، دون ردها على أصولها والنظر في عللها واعتبارها، فاستعمل فيها الرأي قبل أن ينزل، وفرعت وشققت قبل أن تقع، وتكلم فيها قبل أن تكون بالرأي المضارع للظن. قال أكثر أهل العلم: وفي الاشتغال بهذا والاستغراق فيه تعطيل السنن، والبعث على جهلها، وترك الوقوف على ما يلزم الوقوف عليه منها، ومن كتاب الله عز وجل ومعانيه)).
وذكر من طريق أبي داود: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ ثَنَا عِيسَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الأغُلُوطَاتِ، وفسره الأوزاعي: يعني صعاب المسائل.
وقال أبو عمر: واحتجوا أيضا بحديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وبحديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ. وقال الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة: وَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَنْ لا أَسْأَلَهُمْ عَنْ شَيءٍ، وَلا يَسْأَلُونِي يَتَكَاثَرُونَ بِالمَسَائِلِ، كَمَا يَتَكَاثَرُ أَهْلُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ.
وقال سُفْيَانُ بن عيينة عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ: أُحَرِّجُ بِاللهِ عَلَى رَجُلٍ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ بَيَّنَ مَا هُوَ كَائِنٌ. انتهى
تنبيه: حديث نهى عن الأغلوطات ضعفه الألباني في تمام المنة وراجع ضعيف الجامع
-وفي معنى أحاديث الباب؛ حديث: (اقرؤوا القرآن ما اجتمعت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم في فهم معانيه، فتفرقوا لئلا يتمادى بكم الخلاف إلى الشر).
قال عياض: يحتمل أن يكون النهي خاصا بزمنه – صلى الله عليه وسلم – لئلا يكون ذلك سببا لنزول ما يسؤوهم كما في قوله تعالى: (لا يتأسلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) [المائدة: 101].
ويحتمل أن يكون المعنى: اقرؤوا والزموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف، أو عرض عارض شبهة يقتضي المنازعة الداعية للافتراق، فاتركوا القراءة، وتمسكوا بالمحكم الموجب للألفة، وأعرضوا عن المتشابه المؤدي للفرقة.
وهو كقوله –
صلى الله عليه وسلم -: ” فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم “.
تطبيقات الصحابة للحديث: أخرج البيهقي في الكبرى
12435 – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ سَأَلَهُ يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الضَّوَالِّ فَقَالَ: مَا تَرَى في الضَّوَالِّ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنَ الضَّوَالِّ فَهُو ضَالٌّ. قَالَ: مَا تَرَى في الضَّوَالِّ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنَ الضَّوَالِّ فَهُو ضَالٌّ ثُمَّ سَكَتَ الرَّجُلُ وَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِى النَّاسَ يَقُولُ أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ فَتْوًى كَثِيرَةً لاَ أَحْفَظُهَا فَقَالَ الأعرابي: أَرَاكَ قَدْ أَصْدَرْتَ النَّاسَ غَيْرِى أَفَتُرَى لي تَوْبَةً قَالَ: وَيْلَكَ لاَ تَسْأَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: وَمَا أَشَدَّ مَسْأَلَتَكَ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَجْلَ مَا صَنَعْتُ. قَالَ: أَتَدْرِى مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتِهْزَاءً فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِى وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتَهُ أَيْنَ ناقتي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ هَذِهِ الآيَةَ. رَوَاهُ البخاري في الصَّحِيحِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مُخْتَصَرًا.
ونقل البيهقي في المدخل كلام الشافعي قال: كانت المسائل فيما لم ينزل، إذ كان ينزل الوحي مكروهة … ثم نقل البيهقي أحاديث وآثار ثم قال:
299 – وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ , أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِلْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ غَرَضُ الْعَالِمِ مِنْ جَوَابِهِمِ تَنْبِيهِهِمْ وَإِرْشَادُهُمْ إِلَى طَرِيقِ النَّظَرِ وَالْإِرْشَادِ، لَا لِيعْمَلُوا
[ص:228]
300 – قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَضَعَ الْفُقَهَاءُ مَسَائِلَ الْمُجْتَهَدَاتِ , وَأَجْرُوا بِآرَائِهِمْ فِيهَا , لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِرْشَادِ الْمُتَفَقِّهَةِ , وَتَنْبِيهِهِمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الِاجْتِهَادِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
299 – وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ , أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِلْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ غَرَضُ الْعَالِمِ مِنْ جَوَابِهِمِ تَنْبِيهِهِمْ وَإِرْشَادُهُمْ إِلَى طَرِيقِ النَّظَرِ وَالْإِرْشَادِ، لَا لِيعْمَلُوا
[ص:228]
300 – قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَضَعَ الْفُقَهَاءُ مَسَائِلَ الْمُجْتَهَدَاتِ , وَأَجْرُوا بِآرَائِهِمْ فِيهَا , لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِرْشَادِ الْمُتَفَقِّهَةِ , وَتَنْبِيهِهِمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الِاجْتِهَادِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
نقل عبدالله بن عقيل كلام البيهقي السابق وقال: وقال في الحاشية: خالف تلك النصائح الحكيمة كثير من الفقهاء، فاخترعوا من الأسئلة ما يندر أن يقع، وما لا يقع، وما يستحيل أن يقع، وتكلفوا الجواب عنه، فكثر الفضول في كتبهم، واشتغل بها الكثيرون عن العلم النافع والعمل، وسموها مع ذلك دينًا، وما هي إلا آراء ما أنزل اللَّه بها من سلطان.
فلا يغترن أحد بكلمة البيهقي عفا اللَّه عنا وعنه، على أنه لا يعني كل ما أشرنا إليه. انتهى.
– حديث أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه …. ) رواه البخاري ومسلم وهو الحديث التاسع من الأربعين النووية وقد توسع ابن رجب في شرحه، وسبق بعض النقل
-وفي بعض فتاوى لجان الفتوى:
ـ[ما هي نوعية الأسئلة المرادة في الآية 101 من سورة المائدة، وهل كل سؤال ينتظر من إجابته مشقة على النفس يدخل في هذا الباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأسئلة المقصودة في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {المائدة:101}، هي التي لا فائدة منها وقد تسيء السائل إن ظهر له جوابها أو شق عليه، قال الطبري: إذا بدا لكم حقيقة ما تسألون عنه ساءكم إبداؤه، كالذي سأل من أبي؟ فقيل له: أبوك فلان، أو الذي سأل أين أبي؟ فقيل له: في النار، أو الذي قال: أفي كل عام يا رسول الله، قال: لا، ولو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. فذلك مما روي في سبب نزول تلك الآية ومثله أسئلة الاستهزاء والتعنت، كما قال ابن حجر.
قال الشوكاني: ولا بد من تقييد النهي في الآية بما لا تدعو إليه حاجة؛ لأن الأمر الذي تدعو الحاجة إليه في أمور الدين والدنيا قد أذن الله بالسؤال عنه.
وقال ابن عبد البر: السؤال اليوم لا يخاف أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله، فمن سأل مستفهما راغباً في العلم ونفي الجهل عن نفسه باحثاً عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه فلا بأس به، فإنما شفاء العي السؤال، ومن سأل متعنتاً غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليله ولا كثيره. اهـ
قال ابن العربي والشوكاني، وأما السؤال لأجل الاستهزاء أو التعنت وعما لا يفيد المسلم فإنه مما تشمله الآية، وجاءت السنة بالنهي عنه
وفي جواب آخر:
قال ابن حجر في فتح الباري: قال بعض الأئمة: والتحقيق في ذلك أن البحث عما لا يوجد فيه نص على قسمين، أحدهما: أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها فهذا مطلوب لا مكروه بل ربما كان فرضا على من تعين عليه من المجتهدين، ثانيهما: أن يدقق النظر في وجوه الفروق فيفرق بين متماثلين بفرق ليس له أثر في الشرع مع وجود وصف الجمع أو بالعكس بأن يجمع بين متفرقين بوصف طردي مثلا فهذا الذي ذمه السلف، ورأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته، ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في الكتاب ولا السنة ولا الإجماع وهي نادرة الوقوع جدا، فيصرف فيها زمانا كان صرفه في غيرها أولى ولاسيما إن لزم من ذلك إغفال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه، وأشد من ذلك في كثرة السؤال، البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها، ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس، كالسؤال عن وقت الساعة وعن الروح وعن مدة هذه الأمة، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف.
والكثير منه لم يثبت فيه شيء فيجب الإيمان به من غير بحث، وأشد من ذلك ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة. اهـ.
فلا ينبغي لك أيها السائل الكريم أن تشغل نفسك بهذه المسائل، ولو قدر أن رجلاً مات بالمريخ فلا شك أن الله قادر على بعثه، ولا حاجة لنا للتكلف والبحث هل سيرسل الله عليه مطراً – كما يرسله على غيره من الموتى فينبتون منه كما في حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين – أم يبعثه بغير ذلك. انتهى
-ويدخل فيه سؤال أمك عن ماضيها هل كانت ذات صلة بالرجال الأجانب، وكذلك سؤال الزوجة التائبة عن ماضيها.
ففي بعض الفتاوى:
لا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقصد بالحديث أنت ابن أبيك وأمك إن صدقت أمك؟ وهل يجوز سؤال الابن لأمه هذا السؤال وليس عليه إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم أن هذا الكلام حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإن كان معناه صحيحاً، وهو أن الإنسان لا يكون حقيقة ابن أبيه الذي ينسب إليه إلا إذا صدقت أمه في عدم تمكينها لغير أبيه، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة …
ولا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال فإن ذلك يؤذيها، ولذلك فقد ورد في رواية للإمام أحمد: فقال عبد الله بن حذافة من أبي يا رسول الله؟ قال: حذافة بن قيس، فرجع إلى أمه، فقالت له: ما حملك على الذي صنعت؟ فقد كنا في جاهلية، فقال إني كنت لأحب أن أعلم من هو أبي من كان من الناس، ونزل قول الله تبارك وتعالى بالنهي عن هذه الأسئلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ … [المائدة:101].
والله أعلم.
والحديث الذي أوردوه ورد في مسند أحمد 16/ 314 من حديث أبي هريرة.
وحديث ابن أبي عدي عن حميد ع أنس 19/ 101 وابن أبي عدي شيخ لأحمد فهو من ثلاثياته.
وفي إلحاح زوج، واعتراف زوجته، كان الجواب لبعض أهل الفتوى:
طلب الزوج من زوجته أن تبوح له بماضيها يدل على ضعف فهمه وسوء تقديره، فلا العقل يطلب ذلك البحث والتنقير، ولا الشرع يقبله. وقد أخطأت الزوجة في استجابتها لطلبه خطأ كبيرا، كثيرا ما يتكرر بين الأزواج.
هذا ما يجب أن يعرفه كل زوج وزوجة، فالحذر الحذر أيها الأزواج من هذا الفعل السيء فإنكم تفعلون ما لا يحل لكم شرعاً، وليس هذا من فعل العقلاء الشرفاء، واحذرن أيتها الزوجات، واستترن بستر الله تعالى، ولا تفضحن أنفسكن في لحظة حمق يعيشها الزوج معكن، يطلب منكن أن تبحن بأسرار الماضي إرضاء لغيرة عمياء عنده، أو تسلية بأخبار الزمان!!
وليس من شك في أن هذا الجهر بتلك المعاصي التي سترها الله تعالى على الزوجة من شأنه أن يشكك الزوج في تصرفات زوجته اللاحقة، ويُدخل الشيطان عليه أشكالاً من الريبة في حديثها، وهيئتها، ومن هنا نرى كثيراً ممن فقدوا معنى الرجولة، وقلَّ دينهم، يعيِّر زوجته بماضيها …. انتهى
واستعمال هذ النصوص في الفتاوى كثيرة لأن كثير من الناس يتكلف الأسئلة بلا فائدة بل بلا عمل فقط يتشدق ليظهر الفهم أو ليفتى على هواه أو ….
حتى قال ابن تيمية:
قال في منهاج السنة:
((ومن العلوم علوم لو علمها كثير من الناس لضرهم ذلك, ونعوذ بالله من علم لا ينفع, وليس اطلاع كثير من الناس بل أكثرهم على حكمة الله في كل شيء نافعا لهم,, بل قد يكون ضارا قال تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
ولا يقصد ابن تيمية العلوم الطبية والعلوم التي فيها أخذ القوة
قال الشاطبي في الموافقات بعد أن ذكر آثار في ذم المسائل بعده: و الحاصل منها – يعني الآثار الكثيرة – أنّ كثرة السؤال و متابعة المسائل بالأبحاث العقلية و الاحتمالات النظرية مذموم.
وذكر باحث أن الشاطبي ذكر عشرة مواضع يكره فيها السؤال: وذكر الأدلة ولولا الإطالة لذكرنا الأدلة، لكن نكتفي بما يحتاج لتوضيح:
أولا السؤال عما لا ينفع في الدين
ثانيا السؤال بعد بلوغ الحاجة
فالنص الشرعي قد يكون واضحاً وظاهراً، ثم بعدما يبلغه العلم يبدأ يشق على نفسه، ويسأل بعدما بلغ من العلم حاجته، كالرجل الذي سأل عن الحج: أفي كل عام يا رسول الله؟
ثالثا السؤال في غير وقت الحاجة
يعني: أن يسأل وهو غير محتاج إلى جوابه في ذلك الوقت.
رابعا السؤال عن صعاب المسائل وشرارها كالأغلوطات
خامسا السؤال عن علة الحكم
يعني هنا الحكم الشرعي من الأمور التعبدية التي لا يعقل معناها، وهي لها معنى وحكمة وإن لم يطلع على ذلك، كتقبيل الحجر الأسود، وبعض مناسك الحج ومعاذة رضي الله عنها قالت: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: (أحرورية أنت؟!)
سادسا بلوغ السؤال حد التكلف والتعمق
سابعا ظهور معارضة الكتاب والسنة بالرأي من السؤال
ثامنا السؤال عن المتشابهات
تاسعا السؤال عما شجر بين السلف الصالح
عاشرا سؤال التعنت وقصد غلبة الخصم
– ترك الخصومات وكثرة الأسئلة يذكرها العلماء أنها من خصائص أهل السنة، وكذلك يذكرونها في الكتب التي تذكر آداب طالب العلم