37 – التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
37 – قال الإمام أحمد رحمه الله {ج3ص152}: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَا خَالُ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ” فَقَالَ: أَوَ خَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا بَلْ خَالٌ “، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، قَالَ: خَيْرٌ لِي؟ قَالَ: ” نَعَمْ ”
هذا حديث صحيح
* وقال الإمام أحمد أيضا {ج3ص154}: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: ” يَا خَالُ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ” فَقَالَ: أَخَالٌ أَمْ عَمٌّ؟ فَقَالَ: ” لَا، بَلْ خَالٌ “، قَالَ: فَخَيْرٌ لِي أَنْ أَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” نَعَمْ ”
* الحديث أخرجه أبويعلى {ج6ص227}: حدثنا زهير، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الأنصار فقال: ” يا خال، قل: لا إله إلا الله “. فقال: خال أم عم؟ قال: لا، بل خال. وقال: خير لي أن أقولها؟ قال: «نعم»
* واخرجه البزار كما في”كشف الاستار” {ج1ص373} فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَ: «يَا خَالُ! قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ» ، قَالَ: خَالٌ، أَمْ عَمٌ؟ ” قَالَ: «بَلْ خَالٌ» ، قَالَ: وَخَيْرٌ لِي أَنْ أَقُولَهَا، قَالَ: «نَعَمْ» .
————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
* أخرجه الضياء المقدسي في المختارة برقم 1641.
* قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 68): رواه أبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح، وقال في موضع آخر (5/554): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
* قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (2/ 427): رواه أبو يعلى والبزار بسند الصحيح.
* قال الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز (1/ 11): أخرجه الامام أحمد (3/ 152، 154، 268) بإسناد صحيح على شرط مسلم.
* قال محققو المسند (20/18)(20/31): عن رواية عبدالصمد ورواية حسن بن موسى: إسناده صحيح على شرط مسلم.
* جاء في مسند أحمد من رواية عفان عن حماد به (21/328): قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
* قال حسين سليم أسد في مسند أبي يعلى (6/ 227) : إسناده صحيح.
* أخرج الضياء في المختارة برقم 1992 عن حميد عن أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من بني النجار يا خال أسلم قال أجدني كارها قال وإن كنت له كارها فأكرهت عليه رواه أبو حاتم الرازي عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد ورواه أبو سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر عن حميد أيضا آخر إسناده صحيح.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 28) برقم 1454: قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين ، و هو عند أحمد ثلاثي .
وقال محققو مسند أحمد ط الرسالة (19/ 117) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
*ثانياً : الشرح :
مقدمة :
الثبات عند الممات:
أما أهل الكفر والفجور فإنهم يحرمون الثبات في أشد الأوقات كربة فلا يستطيعون التلفظ بالشهادة عند الموت، وهذا من علامات سوء الخاتمة كما قيل لرجل عند موته: قل لا إله إلا الله فجعل يحرك رأسه يمينًا وشمالًا يرفض قولها.
وآخر يقول عند موته: «هذه قطعة جيدة، هذه مشتراها رخيص»، وثالث يذكر أسماء قطع الشطرنج. ورابع يدندن بألحان أو كلمات أغنية، أو ذكر معشوق.
ذلك لأن مثل هذه الأمور أشغلتهم عن ذكر الله في الدنيا.
أما أهل الصلاح والسنة فإن الله يوفقهم للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين.
وقد يُرى من هؤلاء تهلل وجه أو طيب رائحة ونوع استبشار عند خروج أرواحهم.
وهذا مثال لواحد ممن وفقهم الله للثبات في نازلة الموت، إنه أبو زرعة الرازي أحد أئمة أهل الحديث وهذا سياق قصته:
قال أبو جعفر محمد بن علي ورّاق أبي زرعة: حضرنا أبا زرعة بما شهران قرية من قرى الري وهو في السَّوْق أي عند احتضاره وعنده أبو حاتم وابن واره والمنذر بن شاذان وغيرهم، فذكروا حديث التلقين (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه، فقالوا تعالوا نذكر
الحديث، فقال ابن واره: حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح، وجعل يقول ابن أبي – ولم يجاوزه – فقال أبو حاتم: حدثنا بُندار حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، لم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو زرعة وهو في السَّوْق «وفتح عينيه» حدثنا بُندار حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد عن صالح ابن أبي غريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) وخرجت روحه رحمه الله. سير أعلام النبلاء ١٣/٧٦-٨٥.
ومثل هؤلاء قال الله فيهم: ﴿إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ ألّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا وأبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فصلت /٣٠.
وسيأتي أخبار السلف في آخر البحث ممن كان يتعاطى العلم في ساعات الاحتضار :
دراسة الحديث درايةً:*
* بوب في كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 373): بَابٌ: تَلْقِينُ الْمَيِّتِ «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ»
* بوب الهيثمي في كتاب المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (1/ 185): باب تلقين الميت: لا إله إلا الله.
* قال النووي رحمه الله شرحه على مسلم (6/ 219):
” قوله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله معناه من حضره الموت والمراد ذكروه لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه كما في الحديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة والأمر بهذا التلقين أمر ندب وأجمع العلماء على هذا التلقين وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه ويتكلم بما لا يليق قالوا وإذا قاله مرة لا يكرر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر فيعاد التعريض به ليكون آخر كلامه “.
بينما كره بعض الفقهاء أمره مباشرة قالوا :
ينبغي لملقن الشهادة للمحتضر أن لا يقول له: (قل لا إله إلا الله). بأسلوب مباشر، وإنما يطلب منه النطق بذلك بطريقة غير مباشرة، كأن يهلل أمامه، أو يخبره عن بعض الصالحين الذين ماتوا وهم يقولونها، ونحو ذلك من الطرق الحسنة، والعلة في ذلك أن المحتضر في حالة كرب شديد، فيخشى عليه من الضجر إذا طلب منه النطق بالشهادة بأسلوب مباشر، وربما يرفض النطق بالشهادة، أو ينطق بكلام لا يحسن، فيكون الملقن هو المتسبب في ذلك.
* جاء في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (8/ 418):
قال أحمد بن عبد الله العجلي: حدثني أبي، قال: لما احتضر ابن المبارك، جعل رجل يلقنه، قل: لا إله إلا الله، فأكثر عليه، فقال له: لست تحسن، وأخاف أن تؤذي مسلما بعدي، إذا لقنتني، فقلتُ: لا إله إلا الله، ثم لم أحدث كلاما بعدها، فدعني، فإذا أحدثت كلاما، فلقني حتى تكون آخر كلامي”.
* قال الشيخ الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز: تلقين المحتضر
13 – فإذا حضره الموت، فعلى من عنده أمور:
أ – أن يلقنوه الشهادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) “.
وكان يقول:” من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة “، وفي حديث آخر: ” من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة “.أخرجها مسلم في صحيحه، والزيادة في الحديث الأول عند ابن حبان (719 موارد) [ولها شاهد من حديث معاذ بن جبل، وسنده حسن كما بينته في ” إرواء الغليل ” (679) وسيأتي لفظه في علامات حسن الخاتمة ” المسألة 25 “.].
ب، ج – أن يدعوا له، ولا يقولوا في حضوره إلا خيرا، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ” أخرجه مسلم والبيهقي (3/ 384) وغيرهما.
14 – وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه، بل هو أمره بأن يقولها خلافا لما يظن البعض، والدليل حديث أنس رضي الله عنه: ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الانصار، فقال: يا خال! قل: لا إله إلا الله، فقال: أخال أم عم؟ فقال: بل خال، فقال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم “.أخرجه الامام أحمد (3/ 152، 154، 268) بإسناد صحيح على شرط مسلم.
15 – وأما قراءة سورة (يس) عنده، وتوجيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث، بل كره سعيد بن المسيب توجيهه إليها، وقال: ” أليس الميت امرأ مسلما!؟ ” وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة. فأفاق، فقال: حولتم فراشي!؟ فقالوا نعم، فنظر إلى أبي سلمة فقال: أراه بعلمك (1)؟ فقال: أنا أمرتهم! فأمر سعيد أن يعاد فراشه.أخرجه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (4/ 76) بسند صحيح عن زرعة.
16 – ولا بأس في أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض الاسلام عليه، رجاء أن يسلم، لحديث أنس رضي الله عنه قال: ” كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار، (فلما مات، قال: صلوا على صاحبكم) “. أخرجه البخاري والحاكم والبيهقي وأحمد (3/ 175، 227، 280 260) والزيادة له في رواية” ا.ه
* قال الساعاتي في الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني (1/ 57): ” خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ ( خال ) لأنه من بني النجار، وبنو النجار أخوال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خير دور الأنصار دار بني النجار فهم أوسط دور الأنصار وأخوال عبد المطلب”؟
* ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (5/246-248) مسألتين في تلقين الميت:
المسألة الأولى: هل يؤمر المحتضر بقول ( لا إله إلا الله) أم تذكر هذه الجملة عنده:
قال الشيخ رحمه الله:
” الجواب: ينبغي في هذا أن ينظر إلى حال المريض، فإن كان المريض قوياً يتحمل، أو كان كافراً فإنه يؤمر فيقال: قل: لا إله إلا الله، اختم حياتك بلا إله إلا الله، وما أشبه ذلك.
وإن كان مسلماً ضعيفاً فإنه لا يؤمر، وإنما يذكر الله عنده حتى يسمع فيتذكر، وهذا التفصيل مأخوذ من الأثر، والنظر.
أما الأثر فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر عمه أبا طالب عند وفاته أن يقول: لا إله إلا الله، قال: يا عم قل: لا إله إلا الله» .
وأما النظر: فلأنه إن قالها فهو خير، وإن لم يقلها فهو كافر، فلو فرض أنه ضاق صدره بهذا الأمر ولم يقلها فهو باق على حاله لم يؤثر عليه شيئاً، وكذا إذا كان مسلماً وهو ممن يتحمل فإن أمرناه بها لا يؤثر عليه، وإن كان ضعيفاً فإن أمرناه بها ربما يحصل به رد فعل بحيث يضيق صدره، ويغضب فينكر وهو في حال فِراق الدنيا، فبعض الناس في حال الصحة إذا قلت له قل: لا إله إلا الله، قال: لن أقول: لا إله إلا الله، فعند الغضب يغضب بعض الناس حتى ينسى، فيقول: لا أقول: لا إله إلا الله، فما بالك بهذه الحال؟”.
المسألة الثانية: لم تذكر شهادة أن محمداً رسول الله في تلقين المحتضر:
قال الشيخ رحمه الله: ” قوله: «تلقينه لا إله إلا الله» ولم يقل: محمداً رسول الله؛ لأن هذا هو الذي ورد فيه الحديث: «لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله» ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة» . فكلمة التوحيد مفتاح الإِسلام، وما يأتي بعدها فهو من مكملاتها وفروعها.
ولو جمع بين الشهادتين؛ فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا يمنع هذا من أن يكون آخر كلامه من الدنيا «لا إله إلا الله»؛ لأن الشهادة للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة تابع لما قبلها ومتممٌ له، ولهذا جعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الشهادة لله بالألوهية ركناً واحداً، فلا يعاد تلقينه، وظاهر الأدلة أنه لا يكفي قول المحتضَر: أشهد أن محمداً رسول الله، بل لا بد أن يقول: لا إله إلا الله”. ا.ه
قال النووي في فتاويه :
واستحب جماعةٌ من أصحابنا معها: محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يذكره الجمهور
* سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: [من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء بخطابهم رقم (508) في 29 /10/1417هـ، وقد طبعت في كتاب. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 13/ 93).]
س: ما هي طريقة التلقين؟
فأجاب رحمه الله: يقال للمحتضر قل: لا إله إلا الله، اذكر ربك يا فلان، وإذا قالها كفى، ولا يضجر المحتضر حتى يثبت على الشهادة، وإذا ذكر الله عنده، وقلده المحتضر كفى والحمد لله.
* وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في موضع آخر من موقعه الرسمي:
” وأما ما يتعلق بالتلقين فهو مستحب، لقوله ﷺ: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فيستحب تلقين الميت أن يقال له: اذكر الله أو الجالس يقول: لا إله إلا الله حتى يتأسى به المريض، فيقول مثل قوله، ولو مات ولم يلقن فلا شيء مادام مات على التوحيد، فالحمد لله لا يضره ذلك، إذا مات على التوحيد ولو ما لقنه أحد ولو ما قال شيء عند الموت، فهو على توحيده وعلى عقيدته التي مات عليها، يرجى له الخير العظيم.
لكن إذا قال: لا إله إلا الله، أو أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله عند الموت، فهذه بشارة خير، وهذا فيه فضل عظيم، في الحديث يقول ﷺ: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، يعني: مع الإيمان والتقوى.
أما لو قال: لا إله إلا الله وهو مصر على المعاصي؛ فهذا تحت مشيئة الله على خطر، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه على معاصيه التي مات عليها، لم يتب؛ لقول الله سبحانه في كتابه العظيم في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فعلق ما دون الشرك بالمشيئة، قال: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ، يعني: دون الشرك لِمَنْ يَشَاءُ، فدل ذلك على أن الذي يموت على المعاصي: كالزنا أو السرقة أو الخمر أو العقوق للوالدين أو أحدهما، حكمه أنه معلق حكمه معلق بمشيئة الله، إن شاء الله سبحانه غفر له وعفا عنه، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، إذا كان لم يتب قبل الموت، نعم.”.
وفي بعض الفتاوى :
والأفضل أن يلقنها – يعني الشهادة – له من يحبه
ولا يلزمه أن يعيد الشهادة إذا ذكر ما يتعلق بها من سؤال الجنة والتعوذ من النار أو سؤال حب لقيا الله
* بعض الأحاديث الدالة على تلقين المحتضر سواء المؤمن أو الكافر:
- عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله». رواه مسلم 916 .
- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة ) رواه أحمد (21529) وأبو داود (3116) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (3/ 149).
- جاء في الصحيحة برقم 467 – ” أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله ، قبل أن يحال بينكم و بينها و لقنوها موتاكم ” .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ؛ فإنه من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر ، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه ) رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع (5150).
- وعند الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعاً «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه ليس من مسلم يقولها عند الموت إلا نجته»
قال الشيخ سيف في مجموعة السلام (1/85): ” قلت: حديث أبي هريرة الراجح فيه الوقف، ثم إن محمد بن إسماعيل الفارسي زاد زيادة لم يذكرها غيره راجع علل الدارقطني 11/ 240، والحديث ضمن ترجمته في اللسان. (تحقيق كشف الاستار حديث رقم 3)
وحديث ابن عباس فيه انقطاع، لكن ورد عن عدة من الصحابة لعلها بمجموعها تحسن وراجع تحقيق المسند 17/ 19 “.
* ينظر مجموعة السلام (1/85-89) فيه بحث منشور عن تلقين الميت وهل التلقين للمحتضر قبل موته أم الميت، مع بيان الصحيح منها والضعيف.
* للفائدة: جاء في مسند أبي يعلى 70: عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو كئيب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما لي أراك كئيبا ؟ قلت : يا رسول الله كنت عند ابن عم لي البارحة فلان وهو يكيد بنفسه قال : فهلا لقنته : لا إله إلا الله قال : قد فعلت يا رسول الله قال : فقالها ؟ قال : نعم قال : وجبت له الجنة , قال أبو بكر : يا رسول الله كيف هي للأحياء ؟ قال : هي أهدم لذنوبهم ، هي أهدم لذنوبهم.
ولكن قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (2/ 427): رواه أبو يعلى والبزار بسند ضعيف ؛ لضعف زائدة بن أبي الرقاد.
——
أما تلقين الميت فكرهه بعض الأئمة :
منهم الإمام مالك :
فقد جاء فى شرح الرسالة لأبى الحسن ما نصه: وكذا يكره عنده – أى عند مالك – تلقينه بعد وضعه فى قبره –
قال صاحب عون المعبود :
(لَقِّنُوا مَوْتاكُمْ) أيْ ذَكِّرُوا مَن حَضَرَهُ المَوْتُ مِنكُمْ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ أوْ بِكَلِمَتَيِ الشَّهادَةِ بِأنْ تَتَلَفَّظُوا بِها أوْ بِهِما عِنْدَهُ لِيَكُونَ آخِرَ كَلامِهِ كَما فِي الحَدِيثِ مَن كانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ وقالَ السِّنْدِيُّ المُرادُ مَن حَضَرَهُ المَوْتُ لا مَن ماتَ
والتَّلْقِينُ أنْ يَذْكُرَ عِنْدَهُ لا أنْ يَأْمُرَهُ بِهِ
والتَّلْقِينُ بَعْدَ المَوْتِ قَدْ جَزَمَ كَثِيرًا أنَّهُ حادِثٌ والمَقْصُودُ مِن هَذا التَّلْقِينِ أنْ يَكُونَ آخِرُ كَلامِهِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ولِذَلِكَ إذا قالَ مَرَّةً فَلا يُعادُ عَلَيْهِ إلّا إنْ تَكَلَّمَ بِكَلامٍ آخَرَ انْتَهى
قال أعضاء اللجنة الدائمة :
الصحيح من قولي العلماء في التلقين بعد الموت أنه غير مشروع، بل بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما رواه الطبراني في الكبير عن سعيد بن عبد الله الأودي، عن أبي أمامة رضي الله عنه، في تلقين الميت بعد دفنه، ذكره الهيثمي في الجزء الثاني والثالث من مجمع الزوائد، وقال في إسناده جماعة لم أعرفهم اهـ. وعلى هذا لا يحتج به على جواز تلقين الميت، فهو بدعة مردودة
قال باحث :
في الحديث الذي رواه أبو داود في السنن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. وإسناده صحيح.
ثم إننا ننبه إلى أن الحديث الذي قد ورد في تلقين الميت بعد الدفن، حديث ضعيف، قال العجلوني في كتابه كشف الخفاء: تلقين الميت بعد الدفن قال في اللآلئ: حديث تلقين الميت بعد الدفن قد جاء فيه حديث أخرجه الطبراني في معجمه، وإسناده ضعيف. انتهى
وأقر ابن الصلاح التلقين وقال ذكره اصحابنا الخرسانيون وفيه حديث ليس إسناده بالقائم لكن اعتضد بشواهده وبعمل أهل الشام ثم هو مختصر ليس كما يفعله بعض الناس من التطويل ثم انكر ابن الصلاح تلقين الأطفال قال : وأما تلقين الرَّضِيع فَما لَهُ مُسْتَند يعْتَمد ولا نراهُ فتاوى ابن الصلاح
وجعله ابن تيمية من قبيل المباح :
سُئِلَ – يعني ابن تيمية – : هَلْ يَجِبُ تَلْقِينُ المَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ؟ أمْ لا؟ وهَلْ القِراءَةُ تَصِلُ إلى المَيِّتِ؟
الجَوابُ: تَلْقِينُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ واجِبًا، بِالإجْماعِ. ولا كانَ مِن عَمَلِ المُسْلِمِينَ المَشْهُورِ بَيْنَهُمْ عَلى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وخُلَفائِهِ. بَلْ ذَلِكَ مَأْثُورٌ عَنْ طائِفَةٍ مِن الصَّحابَةِ؛ كَأبِي أُمامَةَ، وواثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ.
فَمِن الأئِمَّةِ مَن رَخَّصَ فِيهِ كالإمامِ أحْمَدَ، وقَدْ اسْتَحَبَّهُ طائِفَةٌ مِن أصْحابِهِ، وأصْحابِ الشّافِعِيِّ. ومِن العُلَماءِ مَن يَكْرَهُهُ لِاعْتِقادِهِ أنَّهُ بِدْعَةٌ. فالأقْوالُ فِيهِ ثَلاثَةٌ: الِاسْتِحْبابُ، والكَراهَةُ، والإباحَةُ، وهَذا أعْدَلُ الأقْوالِ.
فَأمّا المُسْتَحَبُّ الَّذِي أمَرَ بِهِ
فَأمّا المُسْتَحَبُّ الَّذِي أمَرَ بِهِ وحَضَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ الدُّعاءُ لِلْمَيِّتِ.
مجموع الفتاوى 3/25
ومرة قال :
وقد ثبت أن المقبور يُسأل ويمتحن، وأنه يؤمر بالدعاء له؛ فلهذا قيل: إن التلقين ينفعه فإن الميت يسمع النداء. كما ثبت في الصحيح ﴿عن النبي ﷺ أنه قال: إنه ليسمع قرع نعالهم﴾ وأنه قال: ﴿ما أنتم بأسمع لما أقول منهم﴾، وأنه أمرنا بالسلام على الموتى. فقال: ﴿ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام﴾.
———
قصص ممن وفقه الله لتعاطي العلم عند الاحتضار ( منقول ) :
فإليك ما وجدنا من خبرهم في ذلك:
خبر أبي يوسف القاضي (١٨٢)
ذكر القرشي في «الجواهر المُضِيَّة» والمولى تقي الدين التميمي في «الطبقات السنية» في ترجمة إبراهيم بن الجراح التميمي مولاهم -تلميذ أبي يوسف وآخر من روى عنه- قال: «أتيته أعوده، فوجدته مغمًى عليه، فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم! أيُّهما أفضل في رمي الجمار، أن يَرْميَها الرجلُ راجلًا أو راكبًا؟
فقلت: راكبًا. فقال: أخطأتَ!.
قلتُ: ماشيًا. قال: أخطأتَ!.
قلت: قل فيها -يرضى الله عنك
قال: أما ما يوقف عنده للدعاء، فالأفضل أن يرميه راجلًا، وأما ما كان لا يوقف عنده، فالأفضل أن يرميه راكبًا.
ثم قمت من عنده، فما بلغتُ بابَ داره حتى سمعتُ الصُّراخَ عليه، وإذا هو قد مات -رحمه الله تعالى-».
خبر أبي حاتم الرازي (٢٧٧)
قال ابنه عبدالرحمن في «تقدمة الجرح والتعديل»: حضرتُ أبي -رحمه الله- وكان في النزع وأنا لا أعلم، فسألته عن عُقبة بن عبدالغافر، يروي عن النبي ﷺ، له صحبة؟ فقال برأسه: لا، فلم أقنع منه، فقلتُ: فهمتَ عني؟ له صحبة؟ قال: هو تابعي.
قلت (ابن أبي حاتم): فكان سيد عمله معرفة الحديث، وناقِلَة الأخبار، فكان في عمره يُقتَبَس منه ذلك، فأراد الله أن يُظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته)) اهـ.
خبر ابن جرير الطبري (٣١٠)
قال المعافى النَّهْرَواني في «الجليس الصالح»: «وحكى لي بعض بني الفرات، عن رجلٍ منهم أو من غيرهم: أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري -رحمه الله- قبل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقلّ منها، فذُكِرَ له هذا الدعاء، عن جعفر بن محمد -رضي الله عنهما – فاستدعى محبرة وصحيفةً فكتبها، فقيل له: أفي هذه الحال؟! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلمِ حتى يموت» اهـ.
خبر ابن سعدون (٣٥٢)
ذكر القاضي عِياض في «ترتيب المدارك» في ترجمة أبي بكر محمد بن وسيم بن سعدون الطُّليطلي أنه كان رأسًا في كلِّ فن، مُتقدِّمًا فيه … قال: ((ودَخَل عليه -وهو في النزع- بعضُ أصحابه، فناداه، فلم يُجِبْه، فقال الآخر: (وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) [سبأ/ ٥٤].
فقال له أبو بكر حين ذلك: نزلت في الكفار، وفيها: (إنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ)
خبر مسرَّة الحضرمي (373)
وذكر عياضٌ في ((المدارك)) -أيضًا- في ترجمة مسرَّة بن مسلم الحَضْرمي ت (373) -وكان من أهل العلم والزهد التام- أنه لما احْتُضِرَ ابتدأ القرآن، فانتهى في (سورة طه) إلى قوله تعالى: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه/ 84]، ففاضت نفسه.
خبر البَيْرُوني الفَلَكِي (440)
ذكر ياقوت في ((إرشاد الأريب)) في ترجمة أبي الريحان محمد ابن أحمد الخُوَارَزْمي ما كان عليه من حرصٍ في تحصيل العلوم، وتصنيف الكتب، ثم ذلك له الفقيه الوَلْوَالجيّ قال: دخلتُ على أبي الرّيحان وهو يجود بنفسه، وقد حَشْرج نفسُه، وضاقَ به صدرُه، فقال لي في تلك الحالة: كيف قلت لي يومًا حساب الجدَّات الفاسِدَة؟ فقلت له -إشفاقًا عليه-: أفي هذه الحالةِ؟! قال لي: يا هذا! أُوَدِّعُ الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ألا يكون خيرًا من أن أُخلِّيها وأنا جاهلٌ بها. فأعدتُ ذلك عليه وحَفِظَ … وخرجتُ من عِنْده، وأنا في الطريق، فسمعتُ الصُّرَاخ)) اهـ.
خبر ابن روزْبَه (633)
وفي ترجمة المُسْنِد أحمد بن عبدالله بن معطي الجزائري ت (666) في ((ذيل التقييد)) للفاسي أنه سَمعَ ((صحيح البخاري)) عَلَى علِيِّ بن أبي بكر بن رُوْزبة في أربعة عشر مجلسًا، وأنه قال لهم يوم الخَتْم: اجتهدوا في إكمال هذا الكتاب، فإنه -والله- ما بقي غيركم يسمعه عليَّ، وتوفي في الليلة المتصلةِ بذلك اليوم.
خبر ابن مالك صاحب الألفية (672)
وفي كتاب ((الفَلاَكة والمفلوكون)) للدَّلَجي في ترجمة الإمام أبي عبدالله جمال الدين محمد بن عبدالله بن مالك النحوي العلامة، قال: ((كان كثير الإشْغَال والاشتغال، حتى أنه حفظ في اليوم الذي مات فيه خمسة شواهد!!)).
خبر الحجَّار (730)
وهذا المعمّر الأعجوبة، شهاب الدين أبو العبَّاس أحمد بن أبي طالب الحجَّار، مُسْند الدنيا ت (730)، فقد ذكر الفاسيُّ أن الطلاب قد قرءوا عليه في يومِ موته، وله مئة سنة وعشر سنين تقريبًا!!
خبر ابن الجوزي (597)
وهذا العلامة المتفنِّن، صاحب التصانيف، أبو الفرج ابن الجوزي (567) يقرأ في آخر عمره وهو في (الثمانين) القراءات العشر على ابن الباقلاني، مع ابنه يوسف.
قال الذهبي -معلِّقًا-: ((فانظر إلى هذه الهمة العالية!)) اهـ.
قلت سيف بن دوره :
ومن المعاصرين الذين كنت أحضر لهم الشيخ ابن عثيمين في الحرم وكان يحاضر في الحرم في رمضان . وفي إحدى الرمضانات ذهبت إلى كرسيه فلم أجده فحزنت . فبينما أنا على ذلك سمعت صوته ولا أراه فبقيت ابحث عنه في الحرم بأكمله فلم أجده فغلب على ظني أنه تسجيل قديم . ثم لما توفي الشيخ انتشر خبر أنه طلب بأن يلقي المحاضرة وهو في الانعاش .
وممن كانوا حريصين على نشر العلم حتى آخر حياتهم الالباني زابن باز ومقبل الوادعي .
ويتداول الناس مقاطع لأحد المشايخ مات وهو جالس على كرسي المحاضرة قبل أن يبدأ .
——-
وممن ذكر أنه مات على ذكر أو في سجود :
عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر قال دخلنا على *ورقاء بن عمر اليشكري* وهو في الموت فجعل يهلل ويكبر ويذكر الله عز و جل وجعل الناس يدخلون عليه أرسالا فيسلمون عليه فيرد عليهم فلما أكثروا التفت إلى ابنه فقال يا بني اكفني رد السلام على هؤلاء لا يشغلوني عن ربي عز و جل.
تاريخ بغداد (13/ 517)
عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن أيوب بن بشير الصائغ أخبرني ان *ابن قتيبة* أكل هريسة فأصاب حرارة ثم صاح صيحة شديدة ثم اغمى عليه إلى وقت صلاة الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ *فما زال يتشهد إلى وقت السحر ثم مات* وذلك أول ليلة من رجب سنة ست وسبعين.
تاريخ بغداد (10/ 170)
عن سعيد بن جبير، قَالَ: مات *ابن عباس* بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر *لا يرى من تلاها: {يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}*
تاريخ بغداد ت بشار (15/ 187)
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله أَحْمَد بْن *يَحْيَى الجلاء،* قَالَ: مات أبي، فلما وضع عَلَى المغتسل رأيناهُ *يضحك* فالتبس عَلَى الناس أمره، فجاءوا بطبيب وغطوا وجهه، فأخذ مجسه، فقال: هذا ميت، فكشفوا عَن وجهه الثوب فرأوه يضحك، فقال الطبيب: ما أدري حي هُوَ أو ميت، وكان إذا جاء إنسان ليغسله لبسته منه هيبة لا يقدرُ عَلَى غسله، حتى جاء رجلٌ من إخوانه فغسله، وكُفن وصلوا عَلَيْهِ ودفن.
تاريخ بغداد ت بشار (16/ 297)
قال لي الأزهري: توفي أبو أحمد وقد بلغ اثنين وثمانين سنة.
حَدَّثَنِي أبي رضى الله تعالى عنه، قال: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الرقي، يقول: رأيت في منامي *أبا أحمد الفرضي* بهيئة جميلة أجمل مما كنت أراه في دار الدنيا، فقلت له: يا أبا أحمد، كيف رأيت الأمر؟ فقال: *الفوز والأمن للذين قالوا {رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} ثم لقيت الرقي،* وكان من أهل الدين والقرآن، فحَدَّثَنِي بهذه الحكاية من لفظه، كما حَدَّثَنِيها عنه أبي رحمه الله
تاريخ بغداد ت بشار (12/ 113)
حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز الهمذاني بها، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن خيران، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبْد اللَّه بْن عبيد الْفَقِيه بِبَغْدَادَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَان ابن السندي أَبَا الْحَسَن، يَقُولُ: *قَالَ لي أَبُو الْعَبَّاس بْن سريج فِي علته التي مات فيها:* أريت البارحة فِي المنام كَانَ قائلا يَقُولُ لي: هَذَا ربك تعالى يخاطبك، قَالَ: فسمعت ب {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}، قَالَ: فقلت: بالإيمان والتصديق، قَالَ: فقيل: ب {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}، قَالَ: فوقع فِي قلبي أنه يراد مني زيادة فِي الجواب، فقلت: *بالإيمان والتصديق، غير أنا قد أصبنا من هَذِهِ الذنوب.فَقَالَ: أما إني سأغفر لك.*
تاريخ بغداد ت بشار (5/ 471)
أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عُمَر الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن بحر الحربي، يقول: سمعت جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصائغ، يقول: بصر عيني، وإلا فعميتا، وسمع أذني وإلا فصمتا: *أَحْمَد بْن نصر الخزاعي حيث ضربت عنقه يقول رأسه لا اله إلا اللَّه،* أو كما قَالَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الحذاء المقرئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن سلم الختلي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر المروذي، قَالَ: *سمعت أبا عَبْد اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَد بْن حَنْبَل، وذكر أَحْمَد بْن نصر، فَقَالَ: رحمه اللَّه ما كَانَ أسخاه لقد جاد بنفسه.*
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يَعْقُوب، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي، قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس السياري، يقول: سمعت أبا الْعَبَّاس بْن سَعِيد، قلت: وليس بابن عقدة هذا شيخ مروزي، قَالَ: لم يصبر فِي المحنة إلا أربعة كلهم من أهل مرو: أَحْمَد بْن حَنْبَل أَبُو عَبْد اللَّهِ، وأَحْمَد بْن نصر بْن مالك الخزاعي، ومحمد بْن نوح بْن ميمون المضروب، ونعيم بْن حماد، وقد مات فِي السجن مقيدا.
*فأما أَحْمَد بْن نصر، فضربت عنقه، وهذه نسخة الرقعة المعلقة فِي إذن أَحْمَد بْن نصر بْن مالك: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا رأس أَحْمَد بْن نصر بْن مالك دعاه عَبْد اللَّهِ الإمام هارون وَهُوَ الواثق بالله أمير المؤمنين إِلَى القول بخلق القرآن، ونفى التشبيه فأبي إلا المعاندة، فجعله اللَّه إِلَى ناره،* وكتب مُحَمَّد بْن عَبْد الملك، ومات مُحَمَّد بْن نوح فِي فتنة المأمون، وَالمعتصم ضرب أَحْمَد بْن حَنْبَل، وَالواثق قتل أَحْمَد بْن نصر، وكذلك نعيم بْن حماد.
ولما جلس المتوكل دخل عَلَيْهِ عَبْد العزيز بْن يَحْيَى المكي، فَقَالَ: *يا أمير المؤمنين، ما رؤي أعجب من أمر الواثق قتل أَحْمَد بْن نصر، وكَانَ لسانه يقرأ القرآن إِلَى أن دفن، قَالَ: فوجد المتوكل من ذلك، وساءه ما سمعه فِي أخيه،* إذ دخل عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الزيات، فَقَالَ له: يا ابْن عَبْد الملك فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين أحرقني اللَّه بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا، قَالَ: ودخل عَلَيْهِ هرثمة، فَقَالَ يا هرثمة: فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين قطعني اللَّه إربا إربا إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا، قَالَ: ودخل عَلَيْهِ أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد، فَقَالَ: يا أَحْمَد فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين ضربني اللَّه بالفالج إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا، قَالَ المتوكل: *فأما ابْن الزيات فأَنَا أحرقته بالنار،* وأما هرثمة فإنه هرب، وتبدى، واجتاز بقبيلة خزاعة، فعرفه رَجُل فِي الحي، فَقَالَ: ” *يا معشر خزاعة هذا الَّذِي قتل ابْن عمكم أَحْمَد بْن نصر فقطعوه إربا إربا*، *وأما ابْن أَبِي دؤاد فقد سجنه اللَّه فِي جلده.*
تاريخ بغداد ت بشار (6/ 397)
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: حدثنا محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، قال: حضرت *إبراهيم بن هانئ* عند وفاته، فجعل يقول لابنه إسحاق: يا إسحاق، ارفع الستر، قال: يا أبه، الستر مرفوع، قال: أنا عطشان، فجاءه بماء، قال: غابت الشمس؟ قال: لا، قال: *فرده، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون، ثم خرجت روحه.*
تاريخ بغداد ت بشار (7/ 160)
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، قالا: أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل المعدل، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثني أبو علي المقدسي، قال: لما حضرت *آدم بن أبي إياس* الوفاة *ختم القرآن وهو مسجى،* ثم قال: بحبي لك إلا رفقت بي لهذا المصرع، كنت أؤملك لهذا اليوم كنت أرجوك، ثم قال: لا اله إلا الله، ثم قضى.
تاريخ بغداد ت بشار (7/ 486)
ذكر مُحَمَّد بن مأمون البلخي، أَنَّهُ سمع أبا عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ، يقول: حضرت وفاة *أَبِي مُحَمَّد جَعْفَر المرتعش* فِي مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، فَقَالَ: انظروا ديوني؟ فنظروا، فقالوا: بضعة عشر درهما.
فَقَالَ: انظروا خريقاتي؟ فلما قربت منه، قَالَ: اجعلوها فِي ديوني.
وأرجو أن اللَّه يعطيني الكفن.
ثم قَالَ: سألت اللَّه ثلاثا عند موتي فأعطانيها، سألته أن يميتني عَلَى الفقر رأسا برأس، وسألته أن يجعل موتي فِي هذا المسجد فقد صحبت فيه أقواما، وسألته أن يكون حولي من آنس به وأحبه، وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمه اللَّه.
تاريخ بغداد ت بشار (8/ 137)
قلت سيف بن دوره :وحدثتني أمي أن جدتها من جهة أبيها : توفيت وهو شاهده وبقيت ميتة في سجودها حتى جاء ابنها وهو جدي فحركها فسقطت.
فلله الحمد
وهناك من المشايخ ممن رصدتهم الكاميرات على كرسي المحاضرة فماتوا عليه. وهناك أناس كثر ماتوا على خير لا نعلمهم لكن الله يعلمهم .
ولو تتبعنا سير العلماء لجمعنا قصص كثيرة من حرصهم على العلم في آخر حياتهم وما لم ينقل لنا أكثر .
وكذلك لو تتبعنا من مات في ذكر أو سجود لطال البحث .
وأما الرؤى المنامية فأكثر من أن تحصر.
فلعل ما سبق فيه عبرة لمن أراد الإعتبار .