364 جامع الأجوبة الفقهية ص 392
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
132 – عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض, فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «إن دم الحيض دم أسود يعرف, فإذا كان ذلك فأمسكي من الصلاة, فإذا كان الآخر فتوضئي, وصلي». رواه أبو داود, والنسائي, وصححه ابن حبان, والحاكم, واستنكره أبو حاتم.
133 – وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود: لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا, وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا, وتغتسل للفجر غسلا, وتتوضأ فيما بين ذلك.
134 – وعن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة, فأتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – أستفتيه, فقال: «إنما هي ركضة من الشيطان, فتحيضي ستة أيام، أو سبعة، ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين، أو ثلاثة وعشرين، وصومي وصلي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، ثم تغتسلي حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعا، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي. وتغتسلين مع الصبح وتصلين». قال: «وهو أعجب الأمرين إلي». رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه الترمذي, وحسنه البخاري.
مسألة: كيف تصنع المستحاضة؟
المستحاضة: إما أن تكون مبتدئة وإما أن تكون معتادة
والمبتدئة إما أن تكون مميزة أو غير مميزة
وكذلك المعتادة إما أن تكون مميزة أو غير مميزة
?- تعريف الاستحاضة لغة:
جاء في اللسان (7/ 142): “الاستحاضة: أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد.
يقال: استحيضت فهي مستحاضة، وهو استفعال من الحيض.
وقال أيضاً: والمستحاضة: التي لا يرقأ دم حيضها، ولا يسيل من المحيض، ولكنه يسيل من عرق يقال له: العاذل. وقال أيضاً: إذا سال – يعني الدم – في غير أيامه المعلومة، ومن غير عرق المحيض قيل: استحيضت فهي مستحاضة”. انتهى
وعرفه في المصباح (ص: 85) فقال: دم غالب ليس بالحيض. انتهى
?- تعريف الاستحاضة اصطلاحاً:
قال في مغني المحتاج (1/ 108): “الاستحاضة دم علة يسيل من عرق من أدنى الرحم يقال له العاذل، وسواء خرج أثر حيض أو لا” انتهى
وقال في كشاف القناع (1/ 196) “سيلان الدم في غير أوقاته، من مرض وفساد من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل”. انتهى
?- المبتدأة: المرأة التي جاءها الحيض، ولم يتقدم لها حيض قبل ذلك.
قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 204): “المبتدأة، التي رأت دماً، ولم تكن حاضت في سن تحيض لمثله كبنت تسع سنين فأكثر … ”
وقال – أي البهوتي- المعتادة: هي التي تعرف شهرها ووقت حيضها ووقت طهرها. انتهى
?- جاء في الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات (1/ 141):
المستحاضة – وهي التي تجاوز دمها أكثر الحيض – على قسمين:
القسم الأول: أن تكون مبتدأة: وأشار إليه بقوله: وإن جاوزه أي: جاوز دم المبتدأة أكثر الحيض، فهي مستحاضة؛ لأنه لا يصلح أن يكون حيضا، ولا تخلو من حالين:
1 – أن يكون لها تمييز، فتجلس أي: تدع نحو صوم وصلاة، زمن الدم المتميز إن كان أي: إن وجد التمييز، بأن كان بعض دمها أحمر وبعضه أسود، أو بعضه ثخينا وبعضه رقيقا، أو بعضه منتنا وبعضه غير منتن، وصلح الأسود أو الثخين أو المنتن أن يكون حيضا، بألا يتجاوز أكثر الحيض، ولا ينقص عن أقله، فتجلس ذلك في الشهر الثاني ولو لم يتكرر، والأحمر والرقيق وغير المنتن استحاضة؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت: يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: «إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي» [البخاري 306، ومسلم 333]، وفي رواية: «إذا كان الحيض، فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو دم عرق» [أبو داود 286، والنسائي 216].
2 – وإلا يكن هناك تمييز صالح، فتجلس عن الصلاة ونحوها أقل الحيض من كل شهر، حتى تتكرر استحاضتها ثلاثة أشهر؛ لأن العادة لا تثبت بدونه كما سبق، ثم إذا تكرر تجلس غالبه أي: غالب الحيض ستا أو سبعا بتحر فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها، من كل شهر، من أول وقت ابتدائها إن علمته، وإلا فمن أول كل شهر هلالي؛ لحديث حمنة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي» [أحمد 27474، أبو داود 278، والترمذي 128، ابن ماجه 627].
واختار شيخ الإسلام: أن المبتدأة تجلس ما تراه من الدم ما لم يطبق عليها الدم، فتكون مستحاضة؛ لأن الأصل: أن كل ما خرج من رحم المرأة أنه حيض حتى يقوم الدليل عل أنه استحاضة، ولأن الله تعالى علق حكم الحيض بوجود الأذى وهو الدم، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
والقسم الثاني: أن تكون مستحاضة معتادة: وهي التي تعرف شهرها ووقت حيضها وطهرها منه، ولا تخلو من أمرين:
1 – أن تكون غير مميزة: فتعمل بعادتها، بلا خلاف في المذهب.
2 – أن تكون مميزة: فتقدم عادتها على التمييز إن وجد، واختاره شيخ الإسلام، فتجلس عادتها، ثم تغتسل بعدها وتصلي وتتوضأ لوقت كل صلاة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي» [البخاري 325، ومسلم 334]، ولم يستفصل هل هي مميزة أو غير مميزة؟ والقاعدة: (أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال، ينزل منزلة العموم في المقال). وأما حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: «إذا كان الحيض، فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو دم عرق»، فيحمل على أنه لا تمييز لها؛ جمعا بين الأدلة. انتهى
?- قال ابن العربي من المالكية في تحفة الأحوذي (1/ 210،209): “المستحاضة على قسمين: مبتدأة ومعتادة، وهما على قسمين: مميزة وغير مميزة، فهي إذاً على أربعة أقسام: الأول: مبتدأة مميزة، ثم قال: “فحيضها مدة تميزها بشرط أن لا يزيد على أكثر الحيض، فإن زاد على أكثره لم يكن حيضاً”. انتهى
?- قال ابن عبد البر في التمهيد، كما في فتح البر (3/ 489): “قال ابن القاسم: ما رأت المرأة بعد بلوغها من الدم فهو حيض، تترك له الصلاة، فإن تمادى بها قعدت عن الصلاة خمسة عشر يوماً، ثم اغتسلت وكانت مستحاضة، تصلي وتصوم، وتوطأ، إلا أن ترى دماً لا تشك فيه أنه دم حيض فتدع له الصلاة” ثم قال: “والنساء يعرفن ذلك بريحه ولونه، وقال: إذا عرفت المستحاضة إقبال الحيض وإدبارها وميزت دمها اعتدت به من الطلاق” الخ كلامه. انتهى
?- قال الصاوي في الشرح الصغير (1/ 213): ومفهوم قول المصنف “فإن ميزت بعد طهر تم” أنها إذا لم تميز فهى مستحاضة أبداً، ويحكم عليها بأنها طاهر، ولو مكثت طول عمرها. انتهى
?- قال الرملي في نهاية المحتاج (1/ 345): “ويحكم للمعتادة المميزة بالتمييز، لا العادة المخالفة له في الأصح”. انتهى
?- قال الخرشي (1/ 206): “المستحاضة إن لم تميز بين الدمين، فلا إشكال أنها على حكم الطاهر، ولو أقامت طول عمرها، وتعتد عدة المرتابة، وإن كانت تميزه فالمميز من الدم إما أن يكون قبل طهر تام – التام: ما بلغ خمسة عشر يوماً فأكثر – فلا حكم له، وإما أن يكون بعد طهر تام من يوم حكم لها بالاستحاضة فالمميز حيض بالعبادة اتفاقاً، وفي العدة على المشهور، ثم قال: والدم المميز برائحة أو لون، أو رقة أو ثخن لا بكثرة أو قلة، لأنها تابعات للأكل والشرب، والحرارة والبرودة، ومفهوم قوله “مميز” لو لم يميز فهو استحاضة ومفهوم” بعد الطهر “أن المميز قبل طهر تام استحاضة” انتهى.
?- قال في الإنصاف (2/ 412):
إذا كانت المستحاضة لها عادة تعرفها، ولم يكن لها تمييز، فإنها تجلس العادة بلا نزاع، وإن كان لها تمييز يصلح أن يكون حيضا، ولم يكن لها عادة، أو كان لها عادة وتمييز، فتارة يتفقان ابتداء وانتهاء، فتجلسهما بلا نزاع، وتارة يختلفان، إما بمداخلة بعض أحدهما في الآخر، أو مطلقا، فالصحيح من المذهب أنها تجلس العادة، وعليه جماهير الأصحاب. انتهى
?- سؤال للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في اللقاء الشهري (50/ 24)
السؤال: أنا امرأة كبيرة كان عدد أيام الحيض في بداية الدورة سبعة أيام، ثم أصبت بمرض قبل مدة عشر سنوات فأصبح دم الحيض يستمر نزوله مدة ما يقارب الخمسة والعشرين يوماً أو العشرين أو الخمسة عشر يوماً، فكم يوماً أجلس بدون صلاة؟ وأحياناً قبل نزول الدم أرى خيوطاً حمراء بغزارة، فهل أصلي عند رؤية هذه الخيوط أما لا؟ أفدني أفادك الله.
فأجاب رحمه الله:
ما دام الدم يستمر معها إلى خمسة وعشرين يوماً أو عشرين يوماً فهذه استحاضة، ترجع إلى عادتها الأولى قبل أن تصاب بهذا المرض، ثم تجلس العادة وتغتسل وتصلي، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي لها عادة سابقة أن ترجع إلى عادتها ثم تغتسل وتصلي ولو كان الدم يجري، ولا يضرها هذا الدم، وكذلك ما تراه المرأة من صفرة أو كدرة قبل ابتداء الحيض فلا عبرة به، قالت أم عطية رضي الله عنها: [كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً] وفي لفظ البخاري: [كنا لا نعدها شيئاً] بدون تقييد بعد الطهر. انتهى
والله أعلم …
تنبيه: سبق التوسع في مسألة المستحاضة والحكم على الأحاديث في
باب نواقض الوضوء
مسألة 3: صاحب سلس البول.
وراجع أيضا تخريج سنن أبي داود لسيف بن دورة الكعبي وصاحبه.