36 حاشية على أحاديث معلة ظاهرها الصحة
جمع سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
————–”————”
أحاديث معلة ظاهرها الصحة
37 – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج4ص147) أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ وَذَلِكَ عِنْدَ السُّحُورِ يَا أَنَسُ إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَامَ أَطْعِمْنِي شَيْئًا فَأَتَيْتُهُ بِتَمْرٍ وَإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَذَّنَ بِلَالٌ فَقَالَ يَا أَنَسُ انْظُرْ رَجُلًا يَاكُلْ مَعِي فَدَعَوْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَجَاءَ فَقَالَ إِنِّي قَدْ شَرِبْتُ شَرْبَةَ سَوِيقٍ وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ (وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ) فَتَسَحَّرَ مَعَهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ.
هذا الحديث إذا نظرت إليه قلت هؤلاء ثقات أثبات، ولكن الحافظ ابن رجب يقول في كتاب “شرح علل الترمذي” (ج2ص508) وقال الدارقطني في “العلل”: معمر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش وقال ابن أبى خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول قال معمر جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد. اهـ
وقد نظرت في “تحفة الأشراف” في ترجمة معمر عن قتادة عن أنس فلم أرَ الشيخين أخرجا شيئا بهذا الإسناد إلا حديث واحد عند مسلم في الشواهد.
وفى مقدمة الفتح أن البخاري لم يخرج معمر عن قتادة والأعمش شيئاً إلا تعليقاً. اهـ
وما ذكر في “تهذيب التهذيب” عن معمر أنه قال جلست إلى معمر عن قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه ينقش في صدري فهذا إن صح حُمِلَ على المتن جمعاً بين الروايتين، ثم إن قتادة بصري , وقد قال الحافظ ابن رجب في “شرح علل الحديث” (ج2ص612) قال ابن أبى خيثمة سمعت يحيى ابن معين يقول إذا حدثت معمر عن العراقيين فخفه إلا عن الزهري وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم فأما أهل الكوفة والبصرة فلا وما عمل في حديث الأعمش شيئاً.
———-”
قلت سيف بن دورة الكعبي:
سيأتي كذلك مسألة السحور بعد الفجر … . وهو في احاديث حديث معلة ظاهرها الصحة 117 وهو كذلك حديث معل. وسيأتي التعليق عليه هناك إن شاء الله.
أما رواية معمر:
فبعض المحققين ذكر أن قول معمر: جلست إلى معمر عن قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه ينقش في صدري.
هذا النقل من طريق محمد بن كثير الصنعاني وهو ضعيف
قال العقيلي عن محمد بن كثير الصنعاني: حدث عن معمر بمناكير لا يتابع عليها.
أما: التضعيف:
قال ابن أبى خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول قال معمر جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد.
قلت سيف بن دورة: كذا نقله الشيخ مقبل. كما هو في شرح علل الترمذي. وفتح الباري لابن رجب 1/ 299. وكذلك في تاريخ دمشق 59/ 399
أما في كتاب التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري للباجي: ففيه: قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه (إلا) الأسانيد.
ففيه زيادة حرف (إلا).
وكذلك في إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي بزيادة (إلا).
وكأن الجملة بحذفها أوفق.
قال يعقوب بن شيبة: “سماع أهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب، لأن كتبه لم تكن معه” شرح علل الترمذي 2/ 767.
وقال أبو حاتم: “ما حدث معمر بالبصرة فيه أغاليط” الجرح والتعديل ” 8/ 257.
قال الذهبي: “ومع كون معمر ثقة ثبتاً فله أوهام، لا سيما لما قدم البصرة لزيارة أمه، فإنه لم يكن معه كتبه، فحدّث من حفظه، فوقع للبصريين عنه أغاليط، وحديث هشام ـ يعني ابن يوسف ـ وعبد الرزاق عنه أصح، لأنهم أخذوا عنه من كتبه، والله أعلم” سير أعلام النبلاء 7/ 12
وسأله المروذي عن معمر، كيف هو في الحديث؟ فقال: “هو ثبت إلا أن … في
بعض حديثه شيئاً
العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص49 رقم25.
قلت لأحمد: ما حدّث معمرٌ بالبصرة؟ قال: أخطأ بالبصرة في أحاديث”
مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص409 رقم1921.
والسبب في ذلك أن كتبه لم تكن معه بالبصرة كما ذكر الأثرم عن الإمام أحمد: “حديث عبد الرزاق عن معمر أحبّ إليّ من حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه وينظر، يعني باليمن، وكان يحدثهم بخطأ بالبصرة”.
تهذيب الكمال 18/ 57، شرح علل الترمذي 2/ 767.
وذلك أنه كان يحدثهم بالبصرة من حفظه. قال عبد الله: حدثني أبي قال: “قلت لإسماعيل بن علية: كان معمر يحدثكم من حفظه؟ قال: كان يحدثنا بحفظه”.
العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله 1/ 305 رقم513.
وكان إسماعيل بن علية بصرياً. وذكر الذهبي السبب في ذلك وهو أنه قدم البصرة لزيارة أمه بعد أن استقر باليمن، فلم تكن معه كتبه فحدث من حفظه فوقع للبصريين عنه أغاليط.
سير أعلام النبلاء 7/ 12.
وقد ذكر الإمام أحمد أن البصريين الذين سمعوا من معمر بالبصرة هم الغرباء الذين استوطنوها.
قال الفضل بن زياد: “سمعت أبا عبد الله قيل له: عبد الله ـ يعني
ابن المبارك ـ سمع من معمر؟ قال: سمع منه بمكة. قيل له: فلم يسمع منه بالبصرة شيئاً؟ قال: لا، لم يكتب عن معمر بالبصرة إلا الغرباء، مثل إسماعيل بن علية، ويزيد بن زريع”. المعرفة والتاريخ 2/ 199.
نقل هذه النقولات صاحب كتاب منهج الإمام أحمد في إعلال الحديث
قال مالك: وأي رجل. لولا انه يروي تفسير قتادة. التعديل والتجريح للباجي 2/ 742
========
وهذه مناقشة لمتخصصين حول رواية معمر:
ـ[باحث]
رواية معمر عن قتادة قد تكلم فيها غير واحد من المحدثين.
فممن تكلم فيها الدارقطني في العلل (ق 4/ 40) _ كما ذكرتَ _ وقال: (سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش).
وقال الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 281): (حدثني محمد بن أحمد بن أبي السري حدثنا عبدالرزاق قال: سمعت مالكاً يقول _ وسألته عن معمر _، فقال: (إنه لولا!!) قلت: لولا ماذا؟ قال: (لولا روايته عن قتادة).
ويدل أيضاً على ما سبق هو أنه قد تكلم في رواية معمر عن البصريين، وقتادة منهم:
قال ابن أبي خيثمة _ كما في شرح علل ابن رجب والتهذيب _: سمعت يحيى بن معين يقول: (إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه، إلا عن الزهري وابن طاوس فإنه حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً.
قال يحيى: وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام).
ولا شك أن قول أئمة الحديث في نقدهم لحديث الراوي يقدم على قوله عن نفسه!
أما ما أجاب به أخي الفاضل (الدارقطني) فإن جوابه ينطبق على كل حديث لمعمر، فإن في حديثه تفصيل كما لا يخفى، فيختلف الحديث في القوة بحسب الرواة عنه، وبحسب روايته هو عن شيوخه.
والمقصود من الجواب على هذا السؤال هو روايته عن قتادة خصوصاً، والله أعلم.
ـ[باحث]
ليست هذه المقولات من الأئمة قاعدة مطردة بحيث يرد بها كل رواية معمر عن قتادة، ولكن متى ما خالف معمر الثقاة، أو جاء بأصل قد انفرد به جاءت هذه العلة ولها وزنها، وأما بدون ما ذكر فالأصل أن قتادة إمام، وروايته صحيحه، والسلف لم يكن لهم قاعدة يطردونها في جميع الروايات بل لكل مقام مقال، ويعملون القرائن في النظر إلى الأسانيد، فلنحذر من أخذ كلامهم على أنه قاعدة مطردة في جميع الأوقات.
والله أعلم
ـ[باحث آخر]
نعم معلوم أن رواية معمر عن العراقيين تكلم فيها وخصوا منهم خمسة:
– ثابت بن أسلم
– قتادة بن دعامة
– عاصم ابن أبي النجود
– هشام بن عروة
– الأعمش
ولم تطمئن نفسي -لجملة قرآئن- لضعفه عن العراقيين مطلقاً بل الذي يظهر قبول روايته عنهم ما لم يثبت خطؤه.
وأذكر مما يدفعني للقول بأن تضعيفه عن العراقيين مطلقاً بعيد مجموع أمور منها:
– جل عبارات أئمة الجرح والتعديل تفيد بأن له أخطاء في روايته عن العراقيين، ومثل هذا لايخرجه روايته عن القبول، فوجود الأخطاء معهود عند كثير من المقبلوين بل لا يخلو منها حافظ، وبخاصة إذا صدر هذا الحكم عمن عرف بالشدة في نقد الرجال كأبي حاتم، الذي ذكر أن روايته عنهم فيها أغاليط، ومثل هذا لا يفيد التضعيف المطلق. ويشهد لهذا قول الذهبي: له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن.
– إطلاق بعض الأئمة توثيقه (أعني ابن حبان) بدون قيد، مع روايته له عن العراقيين في صحيحه، بل روايته عمن من ضعف فيهم كثابت، مما يفيد أنه مقبول عنده عنه.
وللفائدة فقد خرج له أصحاب الصحاح جميعاً عن من تكلموا في روايته عنهم من العراقيين!
-تصحيح الترمذي لأحاديث من روايته عنهم وهذا كثير في سننه.
– جل من طعنوا في روايته عنهم مخرج له في الصحيحين عنهم بل احتج بروايته مسلم عن جلهم. ولو رد بأن الشيخين ينتقيان لكان هذا محتملاً لو لم يقترن بهذا الوجه غيره مما ذكرت.
الشاهد من هذه المدارسة هو أن في النفس شيء من تضعيف روايته عن العراقيين ما لم يقم الدليل على خطئه في موضع بعينه.