35.لطائف التفسير
جمع: سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ) الآية (50) سورة الأحزاب.
———–
قال ابن كثير: فوحد لفظ الذكر لشرفه وجمع الإناث لنقصهن كقوله (عن اليمين والشمائل) النحل 48. (يخرجهم من الظلمات إلى النور) البقرة 257 (وجعل الظلمات والنور) الأنعام 1 وله نظائر كثيرة
كلام أبي بكر ابن العربي في ((أحكام القرآن)): (قَوْلُهُ: {وَبَنَاتِ عَمِّك}:فَذَكَرَهُ مُفْرَدًا. وَقَالَ: {وَبَنَاتِ عَمَّاتِك} فَذَكَرَهُنَّ جَمِيعًا. وَكَذَلِكَ قَالَ: وَبَنَاتِ خَالِك فَرْدًا وَبَنَاتِ خَالَاتِك جَمْعًا. وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَمَّ وَالْخَالَ فِي الْإِطْلَاقِ اسْمُ جِنْسٍ كَالشَّاعِرِ وَالرَّاجِزِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ. وَهَذَا عُرْفٌ لُغَوِيٌّ؛ فَجَاءَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِغَايَةِ الْبَيَانِ لِرَفْعِ الْإِشْكَالِ؛ وَهَذَا دَقِيقٌ فَتَأَمَّلُوهُ).
ومثل ذلك قرر القرطبي وابن عاشور
ومن كلام المعاصرين حول المسألة قول الدكتور فاضل السامرائي في كتابه (لمسات بيانية): ((الرسول_صلى الله عليه وسلم_ له خالات وله خال واحد. يذكرون من خالاته فريعة بنت وهب، ويذكرون خالة اسمها فاختة، وله خال واحد، وهناك سؤال آخر عن العم والعمات في قوله تعالى (وبنات عمك وبنات عماتك) الرسول_صلى الله عليه وسلم_ له عمّات وبناتهم متزوجات، وله أعمام كثيرون بناتهم متزوجات، لكنه قال (وبنات عمك). ذكروا من أعمام الرسول_صلى الله عليه وسلم_ العباس وحمزة، وعندهم بنات غير متزوجات، لكن هؤلاء (العباس وحمزة) إخوان الرسول _صلى الله عليه وسلم_ من الرضاعة، فإذن لا تحلّ للرسول_صلى الله عليه وسلم_ بناتهم وذكروا أبو طالب عنده أم هانئ فيكون له عمّ واحد فقط له ابنة والباقي متزوجات)).
قال السايس في (تفسير آيات الأحكام): ((قالوا في الحكمة في إفراد العم والخال وجمع العمة والخالة كلاما كثيرا، بل إنّ من العلماء من ألف في ذلك كتابا برأسه. فمنهم من زعم أن العم والخال لم يجمعا لوقوعهما على وزن المصدر، وهو لا يجمع. وقيل: بل إن عدم الجمع في العم والخال جاء على الأصل من إرادة العموم عند الإضافة، وأما العمة والخالة وإن كانتا مضافين فجمعا لمكان تاء الوحدة فيهما، وهي تأبى العموم في الظاهر وجمع الكل في سورة النور في قوله تعالى: أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أخوالكم [النور: 61] لا يسأل عن علته، لمجيئه على الأصل في نسق واحد. ويرى بعضهم أنّ الخطاب لما كان للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يكن له إلا عمّ واحد تحل بناته له، وهو أبو طالب، أما حمزة والعباس فقد كانا أخويه من الرضاعة، فقد أفرد العم من أجل ذلك، وجمعت العمات لأنهنّ كثيرات.
ويرى البعض أن الذي جرى هنا من الإفراد في العم جرى على نحو مألوف العرب، فإنك لا تكاد تجد في كلام العرب العم مضافا إليه الابن أو البنت مفردين أو مجموعين إلا مفردا، كما قيل:
إن بني عمك فيهم رماح. وكما قيل: قالت بنات العمّ يا سلمى.
وجاء الكلام في الخال والخالة على مثاله، وفي هذا القدر كفاية).
قال تقي الدين السبكي في فتاويه: ((سئلت عن إفراد العم وجمع العمة في قوله تعالى (وبنات عمك وبنات عماتك) وكنت قد سمعت فيه شيئا، فخطر لي شيء لم أسمعه، فأردت أن أكتبه لينظر فيه، وسميته (بذل الهمة في إفراد العم وجمع العمة) …. إنما يكون قصد بإفراد العم الأدب مع العباس حتى لا يذكر معه غيره، والقرآن بحر لا ساحل له مع ما فيه من مراعاة النظم في اللفظ والمعنى فيه من الآداب ما تعجز العقول عنه، … وإنما أسلم من عماته صفية وأروى وعاتكة، وكان يكون ذلك غضاضة على صفية رضي الله عنها وبناتها، فكان في جمعهن أدب مع صفية كما كان في إفراد العم أدب مع العباس.