33 – رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه:
(24) بَابُ عَلاَمَةِ المُنَافِقِ
33 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ”
34 – حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ” تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ
———–”———-”———”
فوائد الباب:
1 – قال الكرماني في الكواكب الدراري 1/ 146:
المنافق هو المظهر لما يبطن خلافه.
وفي الاصطلاح المتقدم هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
وسمى المنافق به لأنه يستر كفره فشبه بالذي يدخل النفق وهو السرب الذي في الأرض وله مخلص إلى مكان آخر فيستتر به وقيل هو من نافقاء اليربوع فإن إحدى جحريه يقال لها النافقاء وهو موضع يرققه بحيث إذا ضرب رأسه عليه ينشق وهو يكتمها ويظهر غيرها فإذا أتى الصائد إليه من قبل القاصعاء وهو جحره الظاهر الذي يقصع فيه أي يدخل فيه ضرب النافقاء برأسه فانتفق أي خرج فكما أن اليربوع يكتم النافقاء ويظهر القاصعاء كذلك المنافق يكتم الكفر ويظهر الإيمان أو يدخل في الشرع من باب ويخرج من آخر ويناسبه من وجه آخر وهو أن النافقاء ظاهره يرى كالأرض وباطنه حفر فيها فكذا المنافق. اهـ
2 – قوله (بَابُ عَلاَمَةِ المُنَافِقِ) ورد عند مسلم من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ” من علامات المنافق … ” ورد من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا بلفظ ” علامة المنافق فذكره مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الباب. أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى899
3 – حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
4 – وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ نِفَاقُ العَمَلِ، وَإِنَّمَا كَانَ نِفَاقُ التَّكْذِيبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قاله الترمذي في سننه.
ولا يقصد الترمذي أنه لا يوجد نفاق تكذيب بعد ذلك لكنه يريد أن يبين صفة نفاق التكذيب. وسيأتي نقل كلام لابن رجب يبين خطأ من حصر نفاق التكذيب بأنه ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
5 – معنى هذا الباب كالأبواب المتقدمة قبله: أن تمام الإيمان بالأعمال، وأنه يدخل على المؤمن النقص فى إيمانه بالكذب، وخلف الوعد، وخيانة الأمانة، والفجور فى الخصام، كما يزيد إيمانه بأفعال البر. قاله ابن بطال في شرحه.
6 – قال أبو الزناد: ولم يُرد النبى (صلى الله عليه وسلم) بالنفاق المذكور فى هذين الحديثين النفاق الذى صاحبه فى الدرك الأسفل من النار، الذى هو أشد الكفر، وإنما أراد أنها خصال تشبه معنى النفاق، لأن النفاق فى اللغة أن يظهر المرء خلاف ما يبطن، وهذا المعنى موجود فى الكذب، وخلف الوعد، والخيانة نقله ابن بطال في شرحه.
وذكر ابن حجر أقوال في معنى الحديث: ورجح قول القرطبي أن المراد بالنفاق نفاق العمل. واستدل له بقول عمر لحذيفة هل تعلم فيَّ شيئا من النفاق.؟ فإنه لم يرد نفاق الكفر.
7 – ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ النِّفَاقِ عَلَى مَنْ أَتَى بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ قاله ابن حبان في صحيحه.
8 – والنفاق ضربان: أحدهما أن يظهر صاحبه الدين وهو مسر يبطن الكفر، وعلى هذا كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والضرب الآخر منه: ترك المحافظة على أمور الدين سرا. ومراعاتها علنا، وهذا يسمى نفاقا قاله الخطابي كما في أعلام الحديث له.
9 – “ذكرُ ما يدلّ على أنّ النّفاق على ضروب: نفاقُ كفرٍ ونفاق قلبٍ ولسانٍ وأفعالٍ وهي دون ذلك” قاله ابن مندة في كتاب الإيمان ثم ذكر حديثي الباب.
10 – وإذا كان الكذب من النفاق، فقد وجب أن يكون الصدق من الإيمان قاله أبو عبد الله الحليمي في المنهاج في شعب الإيمان.
11 – زاد مسلم في حديث أبي هريرة ” وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى, وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ” ففيه التشديد والتركيز على خطورة تلك الصفات الذميمة وأنها تؤثر في إيمان المسلم وتنقص منه نقصا شديدا فالحذر الحذر، أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك، واصدق ولو على نفسك، وإياك والفجور في الخصومة، وإذا وعدت فإنجز.
12 – قوله (كان منافقا خالصا) فيه دليل واضح على أن دركات النفاق تتفاوت، وهو دليل للبخاري في إيراده هذا الباب في كتاب الإيمان.
13 – قوله (كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها) وعند ابن مندة في الإيمان من طريق أبي إسحق الفزاري ” حتى يتوب”
14 – في حديثي الباب من الفوائد الاهتمام بعمل القلب وأهمية الأخلاق في الإيمان فالأعمال المذكورة مرتبطة بالنية وكما ورد في الحديث الصحيح أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.
15 – قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 2/ 482:
وهذا الحديث قد حمله طائفة ممن يميل إلى الإرجاء على المنافقين الذين كانوا على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم -، فإنهم حدثوا النبي – صلى الله عليه وسلم – فكذبوه، وائتمنهم على سره فخانوه، ووعدوه أن يخرجوا معه في الغزو فأخلفوه، وقد روى محمد المحرم هذا التأويل عن عطاء، وأنه قال: حدثني به جابر، عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وذكر أن الحسن رجع إلى قول عطاء هذا لما بلغه عنه، وهذا كذب، والمحرم هذا شيخ كذاب معروف بالكذب. وقد روي عن عطاء هذا من وجهين آخرين ضعيفين أنه أنكر على الحسن قوله: ثلاث من كن فيه فهو منافق، وقال: قد حدث إخوة يوسف فكذبوا، ووعدوا فأخلفوا، وائتمنوا فخانوا ولم يكونوا منافقين، وهذا لا يصح عن عطاء، والحسن لم يقل هذا من عنده وإنما بلغه عن النبي – صلى الله عليه وسلم -. فالحديث ثابت عنه – صلى الله عليه وسلم – لا شك في ثبوته وصحته، والذي فسره به أهل العلم المعتبرون أن النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان خلافه، وهو في الشرع ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم -، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار.
والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك. وأصول هذا النفاق ترجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث، وهي خمسة:
أحدها: أن يحدث بحديث لمن يصدقه به وهو كاذب له …
الثاني: أن يعد ومن نيته أن يفي، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف …
والثالث: إذا خاصم فجر ويعني بالفجور أن يخرج عن الحق عمدا حتى يصير الحق باطلا والباطل حقا …
الرابع: إذا عاهد غدر، ولم يف بالعهد، وقد أمر الله بالوفاء بالعهد …
الخامس: الخيانة في الأمانة … اهـ
16 – قال ابن علان في دليل الفالحين 2/ 493:
فإن قيل: ظاهر الحديث الحصر في الثلاث، وقد جاء في الحديث الآخر «أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً».
فالجواب ما قاله القرطبي: لعله تجدد له من العلم بخصالهم ما لم يكن عنده. وقال الحافظ العسقلاني: لا منافاة بين الخبرين لأنه لا يلزم من عدّ الخصلة كونها علامة، على أن في رواية لمسلم في حديث أبي هريرة ما يدل على عدم الحصر، فإن لفظه: من علامة المنافق ثلاث، فيكون أخبر ببعضها في وقت وببعضها في وقت آخر (إذا حدث كذب) الجملة خبر بعد خبر أو بدل مما قبله بدل مفصل من مجمل بتقدير سبق العطف على الإبدال وهذه الخصلة أقبح الثلاث. اهـ
17 – قال ابن باز في الحلل الإبريزية 1/ 22:
نفاق العمل، وهو الذي ارتضاه شيخ الإسلام وابن القيم رحمها الله تعالي.
18 – قال ابن العثيمين في شرح رياض الصالحين 2/ 470:
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر لأمرين:
الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الذميمة؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤدياً إلى نفاق في الاعتقاد والعياذ بالله، فيكون الإنسان منافقاً نفاقاً اعتقادياً فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر فأخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام لنحذر من ذلك.
الأمر الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات، وبعض الناس إذا وعدته قال لك وعد إنجليزي أم عربي. مع أن الإسلام بحذر من الخلف ووفاء الإنجليز بالوعد لا يبتغون به وجه الله، لكن يبتغون به أن يحسنوا صورتهم عند الناس ليغتر الناس بهم.
والمؤمن في الحقيقة هو الذي يفي تماماً فيمن أوفي بالوعد؛ فهو مؤمن، ومن أخلف الوعد؛ كان فيه من خصال النفاق.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النفاق العملي والعقدي، أنه جواد كريمٌ. اهـ
19 – قوله (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ) تابعه قتيبة بن سعيد كما عند البخاري ومسلم والنسائي في السنن الكبرى11062، تابعه محمد بن سلام كما عند البخاري6095، تابعه يحيى بن أيوب كما عند مسلم تابعه علي بن حجر كما عند الترمذي 2631 والنسائي في السنن الصغرى 5065 تابعه شعيب كما عند ابن مندة في الإيمان 527
20 – قوله (حدثنا إسماعيل بن جعفر) ولإسماعيل إسناد آخر فقد رواه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه مسلم في صحيحه. وتابعه على هذه الطريق محمد بن جعفر بن أبي كثير أخرجه مسلم أيضا. تابعهما يحيى بن محمد بن قيس أبو زكير أخرجه مسلم والترمذي 2631
21 – قوله (عن أبيه) هو مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ تابعه سعيد بن المسيب كما عند مسلم تابعه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَعْقُوب والد العلاء كما عند مسلم
22 – قال الترمذي عقبه وَفِي البَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأنَسٍ، وَجَابِرٍ.
23 – حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه الستة إلا ابن ماجة.
24 – قوله (حدثنا قبيصة بن عقبة) تابعه عبيد الله بن موسى كما عند الترمذي 2632 تابعه وكيع عند مسلم 58
25 – قوله (حدثنا سفيان هو الثوري) تابعه شعبة كما قال المصنف وقد وصله أيضا 2459، تابعه عبد الله بن نمير كما عند مسلم 58 وأبي داود 4688والترمذي 2632 تابعه جرير كما عند البخاري 3178 تابعه أبو إسحق الفزاري كما عند ابن مندة في الإيمان 526