32 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند مسند أحمد؛؛
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
””””””””””””
12509 حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: أخبرني مالك، عن العلاء قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر، فقام يصلي العصر، فلما فرغ من صلاته، تذاكرنا تعجيل الصلاة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ” تلك صلاة المنافقين، ثلاث مرات، يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني شيطان، قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا ”
قلت سيف بن دورة الكعبي:
على شرط الذيل على الصحيح المسند
هو في مسلم 622
لكن هنا زيادة (ثلاث مرات) و (اصفرت الشمس).
_________
(تلك صلاة المنافقين) قال ابن الملك إشارة إلى مذكور حكما أي صلاة العصر التي أخرت إلى الإصفرار، (فكانت) الشمس (بين قرني شيطان) أي قريبا من الغروب. قال الخطابي: اختلفوا في تأويله على وجوه فقال قائل: معناه مقارنة الشيطان الشمس عند دنوها للغروب على معنى ما روي أن الشيطان يقارنها إذا طلعت، فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها فحُرِّمَت الصلاة في هذه الأوقات لذلك، وقيل: معنى قَرن الشيطان: قوته، من قولك: أنا مقرن لهذا الأمر، أي مطيق له قوي عليه، قال الله تعالى: (وما كنا له مقرنين) أي مطيقين وذلك أن الشيطان إنما يقوى أمره في هذه الأوقات؛ لأنه يسول لعبدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات الثلاثة.
وقيل: قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس، يقال: هؤلاء قرن أي شيوخا جاؤوا بعد قرن مضوا.
وقيل: إن هذا تمثيل وتشبيه، وذلك أن تأخير الصلاة إنما هو من تسويل الشيطان لهم وتسويفه وتزيينه ذلك في قلوبهم وذوات القرون؛ إنما تعالج الأشياء وتدفعها بقرونها، فكأنهم لما دفعوا الصلاة وأخروها عن أوقاتها بتسويل الشيطان لهم حتى اصفرت الشمس صار ذلك منه بمنزلة ما تعالجه ذوات القرون وتدافعه بأرواقها والله أعلم
وفيه خامس قاله بعض أهل العلم
وهو أن الشيطان يقابل الشمس حين طلوعها وينتصب دونها حتى يكون طلوعها بين قرنيه وهما جانبا رأسه فينقلب سجود الكفار عبادة له انتهى كلام الخطابي
وهذا الوجه الخامس رجحه شيخنا العلامة الدهلوي (قام) أي إلى الصلاة فنقر (أربعا) أي لقط أربع ركعات وهذا عبارة عن سرعة أداء الصلاة وقلة القرآن والذكر فيها.
قال القارىء فنقر من نقر الطائر الحبة نقرا أي التقطها وتخصيص الأربع بالنقر وفي العصر ثماني سجدات اعتبارا بالركعات وإنما خص العصر. بالذكر؛ لأنها الصلاة الوسطى، وقيل: إنما خصها؛ لأنها تأتي في وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم. انتهى عون المعبود و حاشية ابن القيم (2/ 60).
قال ابن عبد البر: وأما قوله في صلاة المنافقين إنها كانت عند اصفرار الشمس فذلك ذم منه لمن أخر صلاته ذاكراً إلى ذلك الوقت، وتحذيرٌ من التشبه بأفعال المنافقين الذين كانوا لا يأتون الصلاة إلا كسالى.
قال ابن عبدالبر بعد ذلك: وليس يقال: لمن نام فلم ينتبه أو نسي فلم يذكر إلا في ذلك الوقت أنه تحراه وقصده والنهي إنما توجه في هذا الحديث إلى من تحرى ذلك وليس النائم والناسي بمتحر لذلك فلا حجة على مالك والشافعي في هذا الحديث لإجازتهم للنائم والناسي أن يصليا فرضهما في ذلك الوقت كما زعم الكوفيون. انتهى من الاستذكار (1/ 111، 113).
قال العيني: قوله: ” فنقَرَ أربعا ” أي: أَربع ركعات، ونقَر من نقر الديك أو الغراب، وهو كناية عن تخفيفها جدا بحيث لا يمكثُ فيها إلا قدر وضع الديك أو الغراب منقاره فيما يُريد أكله.
قوله: ” لا يذكر الله فيها إلا قليلا ” صفة لقوله: ” أربعَا “؛ وذلك لاستعجاله فيها خوفا من غروب الشمس، لا يقدر أن يأتي بالقراءة كما ينبغي، ولا بالتسبيحات والأدعية على صفتها، وانتصابُ ” قليلاَ ” على أنه صفة لمصدر محذوف والتقدير: لا يَذكر الله فيها إلا ذكرا قليلا. وفيه أيضاذم صريح لمن يخفّف في الصلاة غايةَ بحيث أنه يؤدي إلى ترك الواجبات. شرح ابي داود (2/ 287).
وقال الطيبي: إشارة إلى ما في الذهن من الصلاة المخصوصة، والخبر بيان لما في الذهن.
وفي رواية أبي داود “تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين”. بالتكرار ثلاث مرات، مبالغةً في ذم من يؤخر الصلاة إلى هذا الوقت بدون عذر.
ثم إن المنافق إما محمول على حقيقته بأن يكون بيانًا لصلاته، أو يكون تغليظًا، يعني أن من أخر صلاة العصر إلى قبيل الغروب، فقد شبه نفسه بالمنافق، فإن المنافق لا يعتقد حقية الصلاة، بل إنما يصلي لدفع السيف عن نفسه، ولا يبالي بالتأخير، إذ لا يطلب فضيلة، ولا ثوابًا، والواجب على المسلم أن يخالف المنافق. انتهى “مرعاة” جـ 2 ص 302.
قال النووي: قال بعضهم المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين قال: فأما إذا وقع الدفن بلا تعمد في هذه الأوقات فلا يكره انتهى.
وهو اختيار ابن تيمية في الاختيارات الفقهية.
وجاء النهي فيمن تعمد تأخير الصلاة الى وقت اصفرار الشمس، روى عقبة بن عامر يقول: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن نصلى فيها أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف للغروب حتى تغرب).
” ألا أخبركم بصلاة المنافق؟ أن يؤخر العصر حتى إذا كانت الشمس كثرب البقرة
صلاها “.
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 4/ 326:
أخرجه الدارقطني في ” سننه ” (ص 94) و الحاكم (1/ 195) من طريق عبد السلام
ابن عبد الحميد حدثنا موسى بن أعين عن أبي النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج
يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. (ثرب البقر) أي إذا تفرقت و خصت موضعا دون موضع عند المغيب. شبهها بـ (
الثرب) مفرد (الأثرب) و هي الشحم الرقيق الذي يغشى الكرش و الأمعاء.
و هذا جمع القلة، و جمع الجمع (الأثارب) كما في ” النهاية “.
قال أبو محمد: قد بينا قبل أن الصلاة المنهى عنها في هذه الاوقات إنما هي التطوع المتعمد ابتداؤه قصد إليه، وكذلك كل صلاة فرض مقضية تعمد تركها إلى ذلك الوقت وهو يذكرها فقط، لا كل صلاة مأمور بها أو مندوب إليها. المحلى (5/ 115).
قال العباد وأما التأخير إلى أن يخرج الوقت الاختياري ويبدأ الوقت الاضطراري الذي هو عند اصفرار الشمس فقال عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تلك صلاة المنافقين) يعني: الذين يفرطون ويقصرون ويخرجون الصلاة عن وقتها، فإذا اصفرت الشمس وكانت قريبة من الغروب قام الواحد منهم ونقر صلاة العصر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً.
قوله: (يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان).
فسر هذا بأن الشيطان يكون عند غروبها مقارناً لها؛ ليكون سجود من يسجد لها له، ومن المعلوم أن من يعبد غير الله إنما يعبد الشيطان، وعبادته عبادة لغير الله عز وجل، والذين يعبدون الشمس هم يعبدون غير الله، ولكنه يريد من الذين يسجدون للشمس أن يكون سجودهم له، ولهذا جاء النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند قيامها في الظهيرة وعند غروبها، وذلك لأنها تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، ففسر ذلك بهذا، وفسر بغير هذا أيضاً. شرح سنن ابي داود.
الخلاصة:
1 – لا يجوز تأخير صلاة العصر الى اصفرار الشمس، و قد يقع تساهل من الرجال و النساء في تأخير صلاة العصر و خاصة من كان موظفا فينام من غير اتخاذ الوسائل في إيقاظه، فيقع في النهي.
2 – النهي لا يقع على النائم و لا الناسي و إنما يقع في النهي فيمن تحرى و تعمد ذلك و أخرها إلى الغروب.
3 – فيه المحافظة على الصلوات و المبادرة في أول وقتها
4 – جاء الذم و الوعيد فيمن ترك صلاة العصر، قال ابن بطال رحمه الله: ” باب من ترك العصر، وفيه: بُرَيْدَةَ: أنه قَالَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ: (بَكِّرُوا بِصَلاةِ الْعَصْرِ، فَإِنَّ نَّبِيَّ الله قَالَ: مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ). قال المهلب: معناه من تركها مضيعًا لها، متهاونًا بفضل وقتها مع قدرته على أدائها، فحبط عمله فى الصلاة خاصة، أى لا يحصل على أجر المصلى فى وقتها، ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة ” انتهى من “شرح صحيح البخاري لابن بطال” (2/ 176).
قال ابن القيم:
والذي يظهر في الحديث والله أعلم بمراد رسوله: أن الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبداً، فهذا يحبط العمل جميعه، وترك معين في يوم معين، فهذا يحبط عمل ذلك اليوم؛ فالحبوط العام في مقابلة الترك العام , والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين ” انتهى من ” الصلاة وأحكام تاركها” (ص/65).
5 – الصلاة الوسطى هي صلاة العصر على الأرجح كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ” تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها، فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهى التي فرضت على من كان قبلنا، فضيعوها ” انتهى من “مجموع فتاوى شيخ الإسلام” (22/ 54).
6 – الحذر من التشبه بصفات صلاة المنافقين، قال ابن القيم: فهذه ست صفات في الصلاة من علامات النفاق: الكسل عند القيام إليها, ومراءاة الناس في فعلها, وتأخيرها, ونقرها, وقلة ذكر الله فيها, والتخلف عن جماعتها. (الصلاة و أحكام تاركها) (123).