32 جامع الأجوبة ص47
بإشراف سعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة في مجموعات السلام1،2،3 والمدارسة ، والاستفادة. والسلف الصالح، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
وممن شارك أحمد بن علي، وعبدالرحمن الشيخ وعبدالرحمن المشجري، وسعيد الجابري
من وجد فائدة أو تعقيب فليفدنا
مسألة : حكم الكلب ولعابه
—————–
جواب الأخ أحمد بن علي
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن وما قول العلماء فيه؟
فأجاب: أما الكلب فللعلماء فيه ثلاثة أقوال معروفة:
أحدها: أنه نجس كله حتى شعره، كقول الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
والثاني: أنه طاهر حتى ريقه، كقول مالك في المشهور عنه.
والثالث: إن ريقه نجس، وإن شعره طاهر، وهذا مذهب أبي حنيفة المشهور عنه، وهذه هي الرواية المنصورة عند أكثر أصحابه،. وهو الوراية الأخرى عن أحمد وهذا أرجح الأقوال. فإذا أصاب الثوب أو البدن رطوبة شعره لم ينجس بذلك، وإذا ولغ في الماء أريق، وإذا ولغ في اللبن ونحوه: فمن العلماء من يقول يؤكل ذلك الطعام كقول مالك وغيره
ومنهم من يقول يراق كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
فأما إن كان اللبن كثيرا فالصحيح أنه لا ينجس. وله في الشعور النابتة على محل نجس ثلاث روايات:
إحداها: إن جميعها طاهر حتى شعر الكلب والخنزير، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز.
والثانية: إن جميعها نجس، كقول الشافعي.
والثالثة: أن شعر الميتة إن كانت طاهرة في الحياة كان طاهرا كالشاة والفأرة، وشعر ما هو نجس في حال الحياة نجس: كالكلب والخنزير، وهذه هي المنصوصة عند أكثر أصحبه.
والقول الراجح هو طهارة الشعور كلها: شعر الكلب والخنزير وغيرهما، بخلاف الريق، وعلى هذا فإذا كان شعر الكلب رطبا وأصاب ثوب الإنسان فلا شيء عليه، كما هو مذهب جمهور الفقهاء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه: وذلك لأن الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليل….ثم قال : فإذا قيل: إن البول أعظم من الريق، كان هذا متوجها.
وأما إلحاق الشعر بالريق فلا يمكن؛ لأن الريق متحلل من باطن الكلب، بخلاف الشعر، فإنه نابت على ظهره.
والفقهاء كلهم يفرقون بين هذا، وهذا.
واما شعره فيه هذا النزاع: هل هو نجس؟
على روايتين عن أحمد:
إحداهما: أنه طاهر، وهو مذهب الجمهور كأبي حنيفة والشافعي ومالك.
والرواية الثانية:
أنه نجس، كما هو اختيار كثير من متأخري أصحاب أحمد، والقول بطهارة ذلك هو الصواب .
وأيضا فإن لعاب الكلب إذا أصاب الصيد لم يجب غسله في أظهر قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد؛
——————-
جواب الأخ عبدالرحمن المشجري :
حيث أن نقل عن الشيخ البسام أنه يرجح جميع بدن الكلب. واعتبره ابن عثيمين أحوط.
أ -قال العلامة عبد الله البسام رحمه الله : اختلف العلماء هل نجاسة الكلب خاصة بفمه ولعابه ، أو عامة بجميع بدنه وأعضائه ؟
ذهب الجمهور إلى أن نجاسته عامة لجميع بدنه ، وأن الغسل بهذه الصفة عام أيضا ، وذلك منهم إلحاقا لسائر بدنه بفمه .
وذهب الإمام مالك وداود إلى قصر الحكم على لسانه وفمه ؛ وذلك أنهم يرون أن الأمر بالغسل تعبدي لا للنجاسة ، والتعبدي يقصر على النص فلا يتعداه لعدم معرفة العلة .
والقول الأول هو الراجح لأمور :
1 – أنه يوجد في بدنه أجزاء هي أنجس وأقذر من فمه ولسانه .
2 – أن الأصل في الأحكام التعليل فيحمل على الأغلب .
3- أنه ظهر الاّن أن نجاسة الكلب نجاسة مكروبية فلم تصبح مما لا تعقل علته ، وإنما أصبحت الحكمة ظاهرة.
قال الشافعي : جميع أعضاء الكلب يده أو ذنبه أو رجله أو أي عضو إذا وقع في الإناء غسل سبع مرات بعد إهراق ما فيه . انتهى كلام الشيخ البسام.
(توضيح الأحكام من بلوغ المرام ج1 ص94 طبعة دار ابن الهيثم)
ب – قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : ” قال بعض الظاهرية : إن هذا الحكم فيما إذا ولغ الكلب ، أما بوله وروثه فكسائر النجاسات ؛ لأنهم لا يرون القياس .
وجمهور الفقهاء قالوا : إن روثه وبوله كولوغه ، بل هو أخبث …
والفرق : أن لعاب الكلب فيه دودة شريطية و لا يتلفها إلا التراب .
ولكن هذه العلة إذا ثبتت طبيا ، فهل هي منتفية عن بوله وروثه ؟ يجب النظر في هذا ، فإذا ثبتت أنها منفية فيكون لهذا القول وجه من النظر ، وإلا فالأحوط ما ذهب إليه الفقهاء . (الشرح الممتع ج1 ص254 طبعة دار الإمام مالك دار المستقبل).
——————–
جواب الأخ سعيد الجابري:
وقد ذهب جماهيرالعلماء أن سؤر الكلب نجس.
وذهب الإمام مالك والمالكية، إلى أن سؤر الكلب طاهر، وهو اختيار البخاري رحمه الله، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح صيد الكلب المعلم، ومن المعلوم: أنه إذا صاد الفريسة فلا بد من أن يكون فيها شيء من لعابه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل لعاب الكلب، فقالوا: دل هذا على طهارته.
لكن هذا ليس بواضح، والأمر بغسل ما ولغ فيه صريح في نجاسته، أما مكان عض المصيد فإنه قد يقطع، لأنه معروف أن عظة الكلب يقطع بسببها شيء يسير من الصيد، ثم إن النار تذهب أثر أنيابه؛ لأن النار تقتل الجراثيم.
♢حكم بول الكلب :
وأما بوله فأشد؛ لأن الكلب كله نجس، لكن إذا مس المرء الكلب وهو جاف فلا يؤثر ذلك عليه، لكن إذا كان رطبا فلابد من غسل اليد، وكذلك إذا كانت اليد فيها رطوبة،
-لكن السبع المرات في غسل الإناء من ولوغه.
(شرح سنن النسائي للراجحي )
♢حكم الماء الذي يلغ فيه الكلب :
واختلفوا في طهارة الماء الذي يلغ فيه الكلب
١- فقالت طائفة: الماء طاهر يتطهر به للصلاة ويغسل الإناء كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الزهري يقول: إذا لم يجد غيره توضأ به، وكذلك قال مالك والأوزاعي،
٢- أن يتوضأ بالماء الذي ولغ فيه الكلب ثم يتيمم بعده، روي هذا القول عن عبدة بن أبي لبابة وبه قال سفيان الثوري وعبد الملك الماجشون ومحمد بن مسلمة.
٣- وقالت طائفة: الماء الذي ولغ فيه الكلب نجس يهراق ويغسل الإناء سبعا أولاهن أو أخراهن بالتراب، هذا قول الشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي.
(الأوسط )(ج1 ص306 )
قلت( سيف ) سيأتي القول الراجح في جوابي إن شاءالله .
فتاوى اللجنة الدائمة رقم (١٧٥٥٨) في حكم لعاب الكلب.
س٤: ما حكم لعاب الكلب إذا وقع على جسم الإنسان، وإذا وقع على الثياب؟
وما حكم الثياب التي تغسل مع تلك الثياب في غسالة واحدة وماء واحد؟
ج ٤: لعاب الكلب نجس يجب غسل ما أصابه من إناء أو ثوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب . والثياب إذا ألقيت في الماء الطهور وغسلت حتى زال أثر النجاسة عنها طهرت جميعا من نجاسة الكلب وغيره، بشرط أن يتكرر غسلها من نجاسة الكلب سبع مرات، تكون أولاهن بالتراب أو ما يقوم مقامه كالصابون والأشنان.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
——————-
جواب سيف بن دورة الكعبي :
وقفت على بحث بعنوان الفوائد العِذاب فيما جاء في الكلاب . وذكر أحاديث غسل الإناء من ولوغ الكلب وقال :
فوائد الأحاديث:
1 – نجاسة ما ولغ فيه الكلب، لأنَّ إراقة الماء إضاعة له، وهو قول جماهير العلماء.
2 – لا فرق بين أنْ يكون في الإناء ماءٌ أو لبنٌ أو زيتٌ أو طعامٌ لعموم قوله: (فليُرِقْه) وعموم قوله (طُهُورُ إِنَاءِ) وعليه فتفريق المالكية بين إناء الماء فيراق ويغسل وبين إناء الطعام فيؤكل ثم يغسل الإناء تعبداً مما لا دليل عليه.
3 – تنجس الإناء، ووجوب تطهيره، لعموم قوله (طُهُورُ إِنَاءِ …).
4 – الأمر بالإراقة لما في الإناء.
وقد تكلم بعض العلماء – كالنسائي وحمزة الكناني وابن عبد البر وابن مندة. انظر: فتح الباري [1/ 365]- على زيادة (فليُرِقْه) عند مسلم، وحكموا عليها بالشذوذ، ولا داعي لهذا فالمعنى فيها صحيح، إذ الحكم بنجاسة الإناء يستلزم الإراقة، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: (طُهُورُ إِنَاءِ…) وراوي هذه الزيادة هو: (علي بن مُسهِر) عن الأعمش وهو ثقةٌ احتج به البخاري ومسلم، ووثقه أحمد وابن معين والعجلي وغيرهم فلا يضر تفرُّده.
قلت( سيف ) : الراجح ضعفها، ومعناها كما ذكر الباحث صحيح.
5 – اقتصار هذا الحكم على الولوغ والشرب، دون الصيد والأكل وإدخال الرأس.
6 – اقتصار الحكم على الولوغ والشرب بالفم دون باقي أجزائه أو أعضائه. فلو أصاب عضوٌ من أعضائه شيئاً طاهراً -سواء في حال الرطوبة أو عدمها – لا يجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب، إذا قلنا بنجاسة الكلب وإذا قلنا بطهارته -كما هو الراجح- لم يجب الغسل أصلاً.
ومثله يقال في بول الكلب وروثه، فإنهما وإنْ كانا نجسين إلا أنهما ليس لهما الحكم نفسه-قال النووي: وقيل: يكفي غسله في غير الولوغ -كالبول والروث- مرة كسائر النجاسات، حكاه المتولي والرافعي وغيرهما، وهذا الوجه متجه وقوي من حيث الدليل. ا.هـ المجموع [2/ 604]-.
7 – العموم في الكلاب، لعموم اللفظ، فيشمل المأذون باتخاذه والمنهي عنه.
وادّعى بعض المالكية -كابن عبد البر- في التمهيد [1/ 336] أنَّ المأمور بالغسل من ولوغه هو: الكلب المنهي عن اتخاذه، دون الكلب المأذون فيه.
والرد على هذا من وجوه: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
أ- يحتاج هذا الأمر إلى ثبوت تقدم النهي عن الاتخاذ على الأمر بالغسل.
ب- ويحتاج إلى قرينة تدل على أنَّ المراد ما لم يؤذن في اتخاذه.
جـ- أنَّ الظاهر من (اللام) في قوله (الكلب) أنها للجنس أو لتعريف الماهية، فيحتاج المدّعي أنها للعهد إلى دليل.ا. هـ (الفتح [1/ 367]).
وقال الإمام النووي:
د- ويدلُّ لإبطال هذا القول رواية عبد الله بن مغفل قال: أمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الكِلاَبِ ثُمَّ قال: (مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الكِلاَبِ) ثُمَّ رَخَّصَ في كَلْبِ الصَّيْدِ وَكَلْبِ الغَنَمِ، وقال: (إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ في الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ) -شرح مسلم [3/ 83] وقد قاس ابن عبد البر سؤر الكلب على سؤر الهرة، وقال: إنَّ الجامع بينهما أنهما من الطوافين علينا!! وهذا إنْ كان صحيحاً فإن النصَّ قد أخرج (الكلب) فبقيت العلة في غيره-.
8 – إذا ولغ كلبان أو أكثر، أو ولغ كلب واحد مرات، فالصحيح أنه يكفيه للجميع سبع مراتٍ أولاهنَّ بالتراب.
12 – ما هو الإناء الذي يراق ما فيه من ولوغ الكلب؟
قال ابن القيم:
وإذا كان لابد لهم مِن تقييد الحديث وتخصيصه ومخالفة ظاهره: كان أسعد الناس به: مَن حمله على الولوغ المعتاد في الآنية المعتادة التي يمكن إراقتها – قلت: وهو يشبه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ. رواه البخاري [10/ 306]، والمراد: الإناء المعتاد. والله أعلم- وهو ولوغٌ متتابعٌ في آنيةٍ صغارٍ يتحلل مِن فم الكلب في كلِّ مرَّةٍ ريقٌ ولعابٌ نجسٌ يخالط الماء، ولا يخالف لونُه لونَه فيظهر فيه التغير، فتكون أعيان النجاسة قائمة بالماء وإن لم تُر. فأمر بإراقته وغسل الإناء، فهذا المعنى أقرب إلى الحديث وألصق به، وليس في حمله عليه ما يخالف ظاهره، بل الظاهر أنَّه أراد الآنية المعتادة التي تتخذ للاستعمال فيلغ فيها الكلاب. ا.هـ (تهذيب سنن أبي داود [1/ 69]).
-قال الباحث :
فلماذا أمر بغسل ما ولغ به، ولم يأمر بغسل ما أمسكه مع أن عليه لعابه؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
لعاب الكلب إذا أصاب الصيدَ لم يجب غسله، في أظهر قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، لأنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – لم يأمر أحداً بغسل ذلك، فقد عُفي عن لعاب الكلب في موضع الحاجة، وأمر بغسله في غير موضع الحاجة، فدلَّ على أنَّ الشارع راعى مصلحة الخلق، وحاجتهم. ا. هـ
(مجموع الفتاوى [21/ 620]. وانظر [19/ 25 – 26]).
وقال الشيخ ابن عثيمين:
الرسولُ – صلى الله عليه وسلم – قال: «إِذَا وَلَغَ»، ولم يقل: «إذا عضَّ»، فقد يخرج مِن معدته عند الشرب أشياء، لا تخرج عند العضِّ. وظاهر حالِ الصحابةِ أنَّهم لا يغسلون اللحمَ سبعَ مرَّاتٍ، إحداها بالتراب، وإذا كان معفوّاً عنه شرعاً؛ زال ضرَرُه قَدَراً، فمثلاً: الميتةُ نجسةٌ، ومحرَّمةٌ، وإذا اضطر الإنسان إلى أكلها: لم يتضرر، والحمار قبل أن يُحرَّم: طيب الأكل، ولما حُرِّم صار خبيثاً نجساً.
فالصحيح: أنَّه لا يجب غسل ما أصابه فم الكلب عند صيده؛ لما تقدم؛ ولأنَّ صيد الكلب مبنيٌّ على التيسير.
ا. هـ (الشرح الممتع [1/ 357]).
قال الحافظ:
واستُدلَّ به على طهارة سؤر كلب الصيد دون غيره مِن الكلاب، للإذن في الأكل مِن الموضع الذي أكل منه، ولم يذكر الغسل، ولو كان واجباً؛ لبيَّنه؛ لأنَّه وقت الحاجة إلى البيان.
وقال بعض العلماء: يعفى عن مَعضِّ الكلب، ولو كان نجساً، لهذا الحديث.
وأجاب مَن قال بنجاسته: بأنَّ وجوب الغسل كان قد اشتُهر عندهم، وعُلم، فاستُغني عن ذكره.
وفيه نظرٌ؛ وقد يتقوَّى القول بالعفو، لأنَّه بشدة الجري يجف ريقه، فيؤمن معه ما يخشى من إصابة لعابه موضع العضِّ. ا. هـ (الفتح [9/ 752]).
بقي أن نقول :
– ما معنى حديث ابن عمر:كَانَتِ الكِلاَبُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ في المَسْجِدِ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرشُّونَ شَيْئاً مِنْ ذلكَ. رواه البخاري [1/ 369].
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:
أشكل هذا الحديث على العلماء -رحمهم الله- واختلفوا في تخريجه:
فقال أبو داود: إنَّ الأرض إذا يَبِست طَهُرت واستدل بهذا الحديث وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام فإنَّه ذكر أنَّ الأرض تطهر بالشمس والريح، واستدل بهذا الحديث.
وذهب بعض العلماء إلى أنَّ قوله: (وَتَبُولُ) يعني: في غير المسجد وأنَّ الذي في المسجد إنما هو الإقبال والإدبار. لكنَّ هذا التخريجَ ضعيفٌ، لأنها لو كانت لا تبول في المسجد لم يكن فائدة في قوله: (وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئاً مِنْ ذلكَ).
وقال ابن حجر في فتح الباري: والأقرب أنْ يقال أنَّ ذلك في أول الأمر قبل أنْ يؤمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها. والذي يظهر لي: أنَّ كلام شيخ الإسلام هو الصحيح وأنَّ الأرض إذا أصابتْها النجاسة فيبست حتى زال أثرها فإنها تطهر لأنَّ الحكم يدور مع علته، فإذا لم يبق للنجاسة أثرٌ صارت معدومة فتطهر الأرض بذلك. ا. هـ- انظر “مجموع فتاوى ابن عثيمين” [ص247].