31 مشكل الحديث 31
مجموعة عبدالحميد البلوشي وإبراهيم البلوشي وطارق أبي تيسير وعبدالله البلوشي أبي عيسى وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وعبدالملك
بإشراف سيف بن غدير النعيمي وسيف بن دورة الكعبي
———-‘———‘———
[ومن كتاب فضائل الصحابة]
مشكل الحديث رقم: {31}
جاء في كتاب السنة لأبي عاصم قوله لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه (إلا أنك لست نبيا بعدي إلا أنك خليفتي على كل مؤمن بعدي)
مع حديث (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)
وجه الإشكال:
استدلوا بهذه النصوص أن علي بن أبي طالب هو الخليفة بعده صلى الله عليه وسلم.
تنبيه: حديث: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
صحيح البخاري: (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب … ) فتح الباري 7/ 71،ح3706، وصحيح مسلم: (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب … ) 4/ 1870،ح2404، والمسند للإمام أحمد 6/ 438، 6/ 369
————
عبدالله البلوشي ابوعيسى:
قال ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة (المجلد الخامس):
فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير علي، كما اعتمر عمرة الحديبية وعلي معه وخليفته غيره، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة الفتح وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وغزا حنينًا والطائف وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره، [وحج حجة الوداع وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره]، وغزا غزوة بدر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره.
وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث، وكان علي معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال.
فإن قيل: استخلافه يدل على أنه لا يستخلف إلا الأفضل، لزم أن يكون علي مفضولًا في عامة الغزوات، وفي عمرته وحجته، لا سيما وكل مرة كان يكون الاستخلاف على رجال مؤمنين، وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلا على النساء والصبيان ومن عذر الله، وعلى الثلاثة الذين خلفوا أو متهم بالنفاق، وكانت المدينة آمنةً لا يخاف على أهلها، ولا يحتاج المستخلف إلى جهاد كما يحتاج في أكثر الاستخلافات.
وكذلك قوله: ” «وسد الأبواب كلها إلا باب علي» ” فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة، فإن الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال في مرضه الذي مات فيه: ” «إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلًا ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر» ” ورواه ابن عباس أيضًا في الصحيحين، ومثل قوله: ” «أنت وليي في كل مؤمن بعدي» ” فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والذي فيه من الصحيح ليس هو من خصائص الأئمة، بل ولا من خصائص علي، بل قد شاركه فيه غيره، مثل كونه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ومثل استخلافه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى، ومثل كون علي مولى من النبي – صلى الله عليه وسلم – مولاه فإن كل مؤمن موال لله ورسوله، ومثل كون (براءة) لا يبلغها إلا رجل من بني هاشم ; فإن هذا يشترك فيه جميع الهاشميين، لما روي أن العادة كانت جاريةً بأن لا ينقض العهود ويحلها إلا رجل من قبيلة المطاع.
__________
*وقال بعدها بصفحات:*
فإن قوله «وقد خلفه في بعض مغازيه فقال له علي: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». ليس من خصائصه ; فإنه استخلف على المدينة غير واحد، ولم يكن هذا الاستخلاف أكمل من غيره. ولهذا قال له علي: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان في كل غزاة يترك بالمدينة رجالًا من المهاجرين والأنصار إلا في غزوة تبوك فإنه أمر المسلمين جميعهم بالنفير، فلم يتخلف بالمدينة إلا عاص أو معذور غير النساء والصبيان. ولهذا كره علي الاستخلاف، وقال: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ يقول تتركني مخلفًا لا تستصحبني معك؟ فبين له النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الاستخلاف ليس نقصًا ولا غضاضةً ; فإن موسى استخلف هارون على قومه لأمانته عنده، وكذلك أنت استخلفتك لأمانتك عندي، لكن موسى استخلف نبيًا وأنا لا نبي بعدي. وهذا تشبيه في أصل الاستخلاف فإن موسى استخلف هارون على جميع بني إسرائيل، والنبي – صلى الله عليه وسلم – استخلف عليًا على قليل من المسلمين، وجمهورهم استصحبهم في الغزاة. وتشبيهه بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبي بكر وعمر: هذا بإبراهيم وعيسى، وهذا بنوح وموسى ; فإن هؤلاء الأربعة أفضل من هارون، وكل من أبي بكر وعمر شبه باثنين لا بواحد، فكان هذا التشبيه أعظم من تشبيه علي، مع أن استخلاف علي له فيه أشباه وأمثال من الصحابه.
وهذا التشبيه ليس لهذين فيه شبيه، فلم يكن الاستخلاف من الخصائص، ولا التشبيه بنبي في بعض أحواله من الخصائص.
“””””””””””””””””””””””””””””
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وأما ما ادعاه الرافضة من الدلالة على اختصاص علي بالوزارة
والوصاية والخلافة فغير صحيح، حيث لم يبق بالمدينة إلا النساءوالصبيان وأصحاب الأعذار، فشق ذلك على علي، فجاء للنبي وقال له: أتخلفني في النساءوالصبيان. فقال له النبي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى.
وقيل: إن بعض المنافقين قال: إنما خلفه لأنه يبغضه فقال له النبي ذلك انظر: تاريخ الطبري 3/ 103 – 104، والبداية والنهاية لابن كثير 5/7.
قال النووي: «وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم، بل فيه إثبات فضيلة لعلي ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله، وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده، لأن النبي إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة فيغزوة تبوك ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياةموسى، وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص، قالوا وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة
شرح صحيح مسلم 13/ 174.
ــــــــــــــــــــــ
وقال ابن حزم بعد أن ذكر احتجاج الرافضة بالحديث: «وهذا
لايوجب له فضلاً على من سواه، ولا استحقاق الإمامة بعده
– لأن هارون لم يل أمر بني إسرائيل بعد موسى عليهما السلام، وإنما ولي الأمر بعد موسى — يوشع بن نون فتى موساوصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام، كما ولي الأمر بعد رسول الله صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة، وإذا لم يكن علي نبياً كما كان هارون نبياً، ولا كان هارون خليفة بعد موت موسى على بني إسرائيل فصح أن كونه — من رسولالله بمنزلة هارون من موسى إنما هو في القرابة فقط، وأيضا فإنما قال له رسول اللههذا القول إذ استخلفه على المدينة في غزوة تبوك … ثم قد استخلف — قبل تبوك، وبعدتبوك في أسفاره رجالاً سوى علي، فصح أن هذا الاستخلاف لا يوجب لعلي فضلاً على غيره، ولا ولاية الأمر بعده، كما لم يوجب ذلك لغيره من الفصل 4/ 159 – 160.
وانظر منهاج السنة 7/ 330 – 332، وانظر: أيضاً 5/ 34 من الكتاب نفسه، ومجموع الفتاوى 4/ 416 وقد سبق نقل كلامه
———‘———
تنبيه:
وهنا أيضا تعليق بسيط، فالمعلوم أن أولي العزم من الأنبياء هم أفضل الأنبياء وهذا بإجماع الأمة إذا فإبراهيم وموسى ونوح وعيسى، أفضل من هارون عليهم السلام جميعا
فما قول الإثني عشرية بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) * وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * وإن مثلك يا عمر مثل موسى قال: * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم) * وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال: * (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا)
كتاب المغازي – مصنف ابن أبي شيبة 38، والبيهقي في كتاب قسم الفيء والغنيمة 12623، مسند الإمام أحمد عن عبدالله بن مسعود
حكم عليه الألباني بالانقطاع فأبو عبيدة لم يسمع من أبيه كما في الارواء 1218
————
فتح الباري لإبن حجر العسقلاني
و بن سعد من حديث البراء بن أرقم في نحو هـذه القصة (قال بلى يا رسول الله قال فإنه كذلك وفي أول حديثهما أنه عليه الص ة والس م قال لعلي بد أن أقيم أو تقيم فأقام علي فسمع ناسا يقولون إنما خلفه لشيء كرهـه منه فاتبعه فذكر له ذلك فقال له) …. الحديث
وإسناده قوي ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال قال معاوية لسعد ما منعك أن تسب أبا تراب قال أما ما ذكرت ث ثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه فذكر هـذا الحديث
واستدل بحديث الباب على استحقاق علي للخ فة دون غيره من الصحابة فإن هـارون كان خليفة موسى؛ وأجيب بأن هـارون لم يكن خليفة موسى إ في حياته بعد موته نه مات قبل موسى باتفاق أشار إلى ذلك الخطابي
وقال الطيبي: معنى الحديث أنه متصل بي نازل مني منزلة هـارون من موسى وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله إ أنه نبي بعدي فعرف أن ا تصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة بل من جهة مادونها وهـو الخ فة ولما كان هـارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خ فة علي للنبي صلى الله عليه وسلم بحياته والله أعلم
وقد تقدم من حديث أبي سعيد في ع مات النبوة وغير ذلك مما يعرف بالتتبع وأوعب من جمع مناقبه من ا حاديث الجياد النسائي في كتاب الخصائص وأما حديث من كنت مو ه فعلي مو ه فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهـو كثير الطرق جدا وقد استوعبها بن عقدة في كتاب مفرد وكثير من أسانيدهـا صحاح وحسان وقد روينا عن ا مام أحمد قال ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب
………………………………….
قال ابن حجر في فتح الباري:
(قوله باب من قال لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إ ما بين الدفتين)
أي ما في المصحف وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين ن ذلك يخالف ما تقدم من جمع أبي بكر ثم عثمان وهـذه الترجمة للرد على من زعم أن كثيرا من القرآن ذهـب لذهـاب حملته وهـو شيء اختلقه الروافض لتصحيح دعواهـم أن التنصيص على إمامة علي واستحقاقه الخ فة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم كان ثابتا في القرآن وأن الصحابة كتموه وهـي دعوى باطلة نهم لم يكتموا مثل أنت عندي بمنزلة هـارون من موسى وغيرهـا من الظواهـر التي قد يتمسك بها من يدعي إمامته كما لم يكتموا ما يعارض ذلك أو يخصص عمومه أو يقيد مطلقه وقد تلطف المصنف في ا ستد ل على الرافضة بما أخرجه عن أحد أئمتهم الذين يدعون إمامته وهـو محمد بن الحنفية وهـو بن علي بن أبي طالب فلو كان هـناك شيء ما يتعلق بأبيه لكان هـو أحق الناس با ط ع عليه وكذلك بن عباس فإنه بن عم علي وأشد الناس له لزوما واط عا على حاله
[5019] قوله: عن عبد العزيز بن رفيع في رواية علي بن المديني عن سفيان حدثنا عبد العزيز أخرجه أبو نعيم في المستخرج قوله دخلت أنا وشداد بن معقل هـو ا سدي الكوفي تابعي كبير من أصحاب بن مسعود وعلي ولم يقع له في رواية البخاري ذكر إ في هـذا الموضع وأبوه بالمهملة والقاف وقد أخرج البخاري في خلق أفعال العباد من طريق عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل عن عبد الله بن مسعود حديثا غير هـذا قوله أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء في رواية ا سماعيلي شيئا سوى القرآن قوله إ ما بين الدفتين بالفاء تثنية دفة بفتح أوله وهـو اللوح ووقع في رواية ا سماعيلي بين اللوحين قوله قال ودخلنا القائل هـو عبد العزيز ووقع عند ا سماعيلي لم يدع إ ما في هـذا المصحف أي لم يدع من القرآن ما يتلى إ ما هـو داخل المصحف الموجود و يرد على هـذا ما تقدم في كتاب العلم عن علي أنه قال ما عندنا إ كتاب الله وما في هـذه الصحيفة ن عليا أراد ا حكام التي كتبها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينف أن عنده أشياء أخر من ا حكام التي لم يكن كتبها وأما جواب بن عباس وبن الحنفية فإنما أرادا من القرآن الذي يتلى أو أرادا مما يتعلق با مامة أي لم يترك شيئا يتعلق بأحكام ا مامة إ ما هـو بأيدي الناس ويؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت ت وتها وبقي حكمها أو لم يبق مثل حديث عمر الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهـما البتة وحديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة قال فأنزل الله فيهم قرآنا بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا وحديث أبي بن كعب كانت ا حزاب قدر البقرة وحديث حذيفة ما يقرؤون ربعها يعني براءة وكلها أحاديث صحيحة وقد أخرج بن الضريس من حديث بن عمر أنه كان يكره أن يقول الرجل قرأت القرآن كله ويقول إن منه قرآنا قد رفع وليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب ن جميع ذلك مما نسخت ت وته في حياة النبي صلى
الله عليه وسلم
…………………………………….
قال السيوطي في شرحه على مسلم:
أنت مني بمنزلة هـارون من موسى أي في استخ فك على المدينة في هـذه الغزوة خاصة كاستخ ف موسى هـارون عند ذهـابه إلى الميقات وبهذا تبطل شبهة المعتزلة وا مامية قال القاضي ويؤيده أن هـارون المشبه به لم يكن خليفة موسى بل توفي قبله بمدة فاستكتا بتشديد الكاف أي صمتا
…………………………………….
ونقل صاحب المغتذي على جامع الترمذي
كلام النووي والطيبي وسبق
………………………………..
قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين:
ومن ذلك ما جرى لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه- حين خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهـله في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، اتدعني مع النساء والصبيان، فاق لله: ” أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى إ أنه نبي بعدي” يعني أن أخلفك في أهـلي، كما خلف موسى هـارون في قومه، حينما ذهـب إلى ميقات ربه.
…………………………………
قال الراجحي شرح سنن ابن ماجه:
شرد حديث: (أ ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى)
هـذا في البخاري: (أ ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى، إ أنه نبي بعدي)؛ ن هـارون نبي وموسى نبي، فـ علي هـو أفضل أهـل بيته، وأرسله في حجة أبي بكر يؤذن في الناس ويبلغ عن النبي سورة براءة؛ نه من أهـل بيته، لكنه نبي بعده عليه الص ة والس م، أما هـارون فقد أخلفه موسى لما ذهـب لميقات ربه وهـو نبي، أما علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أ ترضي أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى، إ أنه نبي بعدي).
………………………………
قال العباد قي شرح سنن ابي داود:
قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنت مني بمنزلة هـارون من موسى)).
وقد قال له هـذا لما خلفه في المدينة في غزوة تبوك، نظر علي وإذا به وحده مع النساء والصبيان، مع أنه من أهـل الشجاعة رضي الله عنه، ويريد أن يجاهـد في سبيل الله و يريد أن يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى؟) أي: إني خلفتك في المدينة حتى أرجع كما خلف موسى أخاه هـارون حتى يرجع، وهـذا يدل على أنه أولى من غيره بالخ فة، وإنما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم خلف قريبا له, وأما موسى فقد خلف أخاه والفرق بين المشبه والمشبه به أن المشبه به نبي خلف نبيا، وأما المشبه فنبي خلف قريبه؛ نه نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (أ ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى؟ إ أنه نبي بعدي)، فهذا هـو الفرق بين المشبه والمشبه به، وهـو يعني أنه هـو الخليفة من بعده؛ ن موسى إنما خلف أخاه هـارون مدة غيبته، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خلف عليا رضي الله عنه مدة غيبته، ف يدل هـذا على أنه أحق بالخ فة من غيره، و يدل على أنه أفضل من غيره، وإنما يدل على فضله، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له ذلك ابتداء، وإنما قال له ذلك تطييبا لخاطره لما قال: أتخلفني في النساء والصبيان.
قال: (وفضائله كثيرة، وقد استشهد ليلة الجمعة حدى عشرة ليلة بقيت أو خلت من رمضان سنة أربعين، وهـو حينئذ أفضل من على وجه ا رض.
………………………………..
نقل نقولات مطولة من كتب الشيعة فيها الكذب على الصحابة وأن الصحابة اعتدوا على آل البيت في أموالهم وأعراضهم. وفي كل هذا كان علي بن ابي طالب ساكتا. مع أن هارون عليه الصلاة والسلام كان من دعاء موسى له (أشدد به أزري) فسكوت علي بن أبي طالب ليس فيه شد أزر للنبي صلى الله عليه وسلم.
———
قال الفوزان: هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم في قضية خاصة أي استخلافه لعلي لما ذهب الى تبوك، شبهه بأستخلاف موسى لهارون لما ذهب موسى الى موعد ربه وقال لأخيه هارون اخلفني في قومي، هذه استخلاف خاص ما هو بعام، هل خفي على الصحابة رضي الله عنهم هذا، أنهم يختارون أبابكر، خفي عليهم حديث الرسول؛ لكن هذا في قضية خاصة ماهي بعامه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية:
قوله: “هو ولي كل مؤمن بعدي” كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن، وكل مؤمن وليه في المحيا والممات، فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان، وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها: والي كل مؤمن بعدي .. فقول القائل: علي ولي كل مؤمن بعدي. كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول: بعدي. وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول: وال على كل مؤمن. انتهى.
وأما توجيه هذه اللفظة إن صحت، فيتبين من تبويب ابن حبان ـ رحمه الله ـ فقد بوب عليه: باب: ذكر البيان بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ناصر لمن انتصر به من المسلمين بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وإذا سلمنا أن الولاية هنا بمعنى تولي الأمر، فالجواب كما قال العصاميفي سمط النجوم العوالي: فقد كان ذلك؛ إذ قد تولى علي – رضي الله عنه – أمر الأمة بالخلافة، وإن كان بَعدَ من كان بعده؛ فقد صدق عليه – رضي الله تعالى عنه – أنه تولى الأمة بعلي – عليه الصلاة والسلام – حقيقةً. …. وقال أيضا: لا يجوز حمله على أنه المولى عقبَ وفاته صلى الله عليه وسلم في الأحاديث كلها؛ لوجوه: الأول: أن لفظ الحديث لفظ الخبر، ممن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولو كان المراد به كذلك، لوقع لا محالة كما وقع كل ما أخبر عنه؛ فلما لم يقع ذلك دَلَّ على أن المراد به غيره. لا يقال: لم لا يجوز أن يكون المراد بلفظ الخبر الأمر؟ لأنا نقول: يلزم على ذلك محذوران: الأول: صرف اللفظ عن ظاهره، وذلك مرجوح، والظاهر راجح؛ فوجب العمل به. الثاني: أن ذلك – يعني: أمر الخلافة- أمر عظيم مهم في الدين، تتوفر عليه دواعي المسلمين، ومثل ذلك لا يكتفى في بالألفاظ المجملة؛ بل يجب فيه التصريح بنص الظاهر. الوجه الثاني: لزوم مفسدة عظيمة في الحمل على ذلك، هي: نسبةُ الأمة إلى الاجتماع على الضلالة، واعتقادُ خطأ جميع الصحابة باجتماعهم على تولية أبي بكر رضي الله تعالى عنهم – وذلك منفي بقوله صلى الله عليه وسلم: ” لا تجتمع أمتي على ضلالة ” وما تدعيه الرافضة: من أن علياً ومن تابعه في ترك المبادرة إلى بيعة أبي بكر؛ إنما بايعوه بعد ذلك تقية؛ فلا إجماع على بيعة أبي بكر في نفس الأمر – فهذا غايةُ الفساد لما يلزم عليه من نسبة القبائح والرذائل. الوجه الثالث – لم لا يجوز أن يكون الولي هنا بمعنى: المحب الموالي، ضد العدو.
والتقدير: وهو متوليكم ومحبكم بعدي، ويكون المراد بالبعدية هنا: البعدية في الرتبة لا بعدية وفاته صلى الله عليه وسلم أي: المتقدم في تولي المسلمين ومحبتهم: أنا، ثم علي في الدرجة الثانية؛ لمكانته مني وقربه ومناسبته؛ فهو أولى بمحبة من أحبه، وتولي من أتولاه، ونصرة من أنصره، وإجارة من أجيره. انتهى.
ومما جاء في القرآن من استعمال البعدية في الرتبة لا الزمان قوله تعالى: إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ {التحريم:44} وقوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ {القلم:13}.
ومن المعلوم أن أهل السنة يعتقدون اعتقادا جازما فضل علي رضي الله عنه من جهة عمله في نفسه وبذله لدين الله ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من جهة نسبه وكونه أفضل أهل بيت النبوة وهو من هذه الجهة جهة النسب أفضل من بقية الخلفاء الراشدين، وله من هذه الحيثية حق زائد على حقهم، ولذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسورة براءة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليقرأها على الناس في الحج، فلما بلغ ذا الحليفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن غريب. وقال الألباني: حسن الإسناد.
قال المحب الطبري: عادة العرب لم تزل جارية في نقض العهود أن لا يتولى ذلك إلا من تولى عقدها أو رجل من قبيلته. انتهى.
وإن فسرنا البعدية في الحديث ببعدية الزمان، فلا يخفى ما فيها من البشارة الواضحة لعلي رضي الله عنه بثباته واستقامته على حاله بعد موت رسول صلى الله عليه وسلم، وبقاء حقه على كافة المسلمين، وهذا المعنى يناسب سبب ورود الحديث من عيب بعد الصحابة وشكايتهم من علي رضي الله عنه. وقد فصَّل صاحب (الصواعق المحرقة) الكلام على الحديث فليرجع إليه من أراد المزيد.
والله أعلم.
=========”========
مأخوذ من شرحي على صحيح مسلم من باب فضائل علي بن أبي طالب:
شبهه والرد عليها:
ورد عند النسائي: (ألا إنك لست نبيا بعدي إلا أنك خليفتي يعني في كل مؤمن بعدي قال: وسد أبواب المسجد غير باب علي ….. )
قالوا: يدل أنه أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر؟
قال أحد الباحثين متعقبا على رواية الحديث التي فيها إشكال:
ما نقل عن «السنن الكبرى» 8355 للنسائي تحريف لا شك فيه، والحديث وقع في مصادر عدة هكذا: (إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال: وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت وليي في كل مؤمن بعدي).
هكذا جاء في «مسند أحمد» (5/ 180/رقم 3061)، وفي «فضائل الصحابة» له (2/ 849/رقم 1168)، ومن طريقه الضياء المقدسي في «المختارة» (13/ 26/رقم 32)، والآجري في «الشريعة» (4/ 2021/رقم 1488)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 100).
فالذي يظهر أنه سقط على الناسخ أو المصحح ما وضعتُ تحته خط، فصار الكلام هكذا: (إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي وليي في كل مؤمن بعدي). فأصلح الكاتب اجتهاداً منه لفظة (وليي) إلى (يعني) إن لم تكن الكلمة تحرفت عليه. فصارت النتيجة ما ذكرتَه، والله تعالى أعلم.
قلت سيف: راجعت سنن النسائي الكبرى ومسند أحمد والفضائل والمختارة وهو كما قال الباحث. لكن راجعت السنة لابن أبي عاصم ثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة به.
ومحمد بن المثنى هو شيخ النسائي في الحديث هذا وفيه (لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي)
فبرأ الناسخ ونرجع الوهم على أبي بلج وأنه يضطرب فيه
الحديث مدار إسناده على أبي بَلْجٍ الواسطي؛ واسمه يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم، مشهورٌ بكنيته،
وثقه بعض الأئمة
لكن قال البخاري فيه نظر.
وقد أنكروا على أبي بلج هذا الحديث على وجه الخصوص؛ أنكره عليه الإمام أحمد في رواية الأثرم. نقل ذلك ابن الجوزي والذهبي في ديوان الضعفاء والسيوطي في اللآلئ
وذكر عبدالغني بن سعيد المصري الحافظ أن أبا بلج أخطأ في اسم عمرو بن ميمون هذا، وليس هو بعمرو بن ميمون الأودي المشهور، وإنما هو ميمون أبو عبدالله مولى عبدالرحمن بن سمرة، وهو ضعيف.
قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 688) بعد أن نقل كلام عبدالغني بن سعيد المصري:
«وهذا ليس ببعيد» اهـ.
وقبل ذلك قال: أبو بلج يروي عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها حديث طويل في فضل علي.
انكرها الإمام أحمد في رواية الأثرم. وقيل له: عمرو بن ميمون يروي عند ابن عباس؟ قال: ما أدري ما أعلمه. انتهى من شرح العلل
وفي ضعفاء العقيلي: …. ومن حديثه ما حدثناه علي بن الحسين قال حدثنا النفيلي قال حدثنا مسكين بن بكير قال حدثنا شعبة عن أبي صالح عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالابواب كلها تسد إلا باب علي. ليس بمحفوظ من حديث شعبة، ورواه أبو عوانة عن ابن بلج ولا يصح عن أبي عوانة.
وفي جامع الترمذي: قال حديث غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه.
وذكر الذهبي هذا الحديث من مناكيره قال: ومن مناكيره عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي رضي الله عنه
وضعف الحديث الشيخ مقبل في تعليقه على المستدرك ونقل عن البخاري أنه قال في أبي بلج: فيه نظر.
ونقل محققو المسند بعد تضعيفهم للحديث أن شيخ الإسلام قال في المنهاج 5/ 34: وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقصة نوم علي بن ابي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم رويت في كتب السير وليس فيها إسناد قائم.
وقصة تأخر هجرة أبي بكر مخالفة لما وقع في الصحيح في أنهما خرجا معا من بيت أبي بكر أخرجه البخاري في صحيحه 3905
قال ابن كثير في السيرة: وقد حكى ابن جرير عن بعضهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق الصديق إلى غار ثور. وأمر عليا أن يدله على مسيره ليلحقه فلحقه أثناء الطريق وهذا غريب جدا وخلاف المشهور أنهما خرجا معا.
ثم ذكروا أنه لا يصح في سد الأبواب إلا باب علي حديث.
ونقل الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال حديث انت وليي في كل مؤمن بعدي موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث
وباقي الحديث ليس هو من خصائصه مثل كونه يحب الله ورسوله واستخلافه على المدينة وكونه بمنزلة هارون من موسى.
ومثل كون براءة لا يبلغها إلا هاشمي اذ كانت العادة جارية بأنه لا ينقض العهود إلا رجل من قبيلة المطاع. انتهى
—–
حديث سد الأبواب في المسجد إلا باب علي له روايات لا تخلو أسانيدها من مقال، وردها ليس مبنياً على دعوى التعارض فحسب كما يُحاول أن يصوره بعض الناس، وإنما يقوم بالأساس على المطاعن في رواتها لسوء حفظهم أو عدم ضبطهم أو تهمتهم. وقد تصدى الحافظ ابن حجر في «القول المسدد» وفي «الفتح» للدفاع عن بعض تلك الروايات، لكن كما قال المعلمي رحمه الله تعالى في تعليقه على «الفوائد المجموعة» للشوكاني:
«وفي كلامه تسمح، والحق أنه لا تسلم رواية منها عن وهن!»
وقد أجاد الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على هذه المسألة، فانظر ذلك مبسوطاً في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» (ص 487 وما بعدها)، فسيفيدك إن شاء الله تعالى
وذكرنا في التعليق على الصحيح المسند 968 عن قيس بن عباد قال: قلت لعلي: أخبرنا عن مسيرك هذا، أعهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟ فقال: ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولكنه رأيٌ رأيته.
أن عليا ليس بمعصوم فهو يجتهد فيخطأ ويصيب لكنه بين الأجر والأجرين. وان قتاله لم يكن بوحي. فلو كان بوحي لما تخلف عنه بعض الصحابة، ولما قاتله الآخرون.
وكذلك ذكرنا تحت حديث 1466 من الصحيح المسند
عن سعيد بن وهب قال نشد عليٌّ الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعليُّ مولاه.
الحديث اخرجه أحمد (23107) وقال محققو المسند: إسناده صحيح.
قال الحافظ فى ” الفتح ” 7/ 74: هو كثير الطرق جدا، و قد استوعبها ابن عقدة فى كتاب مفرد، و كثير من أسانيدها صحاح و حسان.
قال ابن تيمية الفتاوى (4/ 414)
فضائل الصديق – رضي الله عنه – التي تميز بها لم يشركه فيها غيره وفضائل علي مشتركة وذلك أن قوله: ” {لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا} وقوله: ” {لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت؛ إلا خوخة أبي بكر} وقوله: ” {إن أمن الناس علي في صحبته وذات يده أبو بكر} وهذا فيه ثلاث خصائص لم يشركه فيها أحد: (الأولى: أنه ليس لأحد منهم عليه في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر. (الثانية: قوله: ” {لا يبقى في المسجد}. . . إلخ ” وهذا تخصيص له دون سائرهم
وقال ابن تيمية الفتاوى (4/ 418)
وقوله: ” {من كنت مولاه فعلي مولاه} فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره؛ ومنهم من حسنه فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصا بها؛ بل ولاية مشتركة وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم ففيه رد على النواصب.
قال ابن تيمية رادا على من يطعن في الصحابة:
وأيضا فهؤلاء الذين نقلوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا فضائل علي وغيره. فالقدح فيهم يوجب أن لا يوثق بما نقلوه من الدين، وحينئذ فلا تثبت فضيلة لا لعلي ولا لغيره، والرافضة جهال ليس لهم عقل ولا نقل ولا دين ولا دنيا منصورة، فإنه لو طلب منهم الناصبي الذي يبغض عليا ويعتقد فسقه أو كفره كالخوارج وغيرهم أن يثبتوا إيمان علي وفضله لم يقدروا على ذلك، بل تغلبهم الخوارج فإن فضائل علي إنما نقلها الصحابة الذين تقدح فيهم.
مناسبة حديث ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه ”
لقد بعث النبي عليًّا أميرًا على جيشٍ إلى اليمن، فوقع بينه وبين بعض من معه من الجيش جفوة وخِلاف، وقد أكثروا من الشكوى منه عند النبي.
قال البيهقي بعد أن شكك في صحته: والمراد به: ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضا ولا يعادي بعضهم بعضا ” إهـ.
(فائدة):
قال الفضيل بن مرزوق: سمعت الحسن المثنى بن الحسن بن علي يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا.
فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته!
فقال: ويحك! لو كان الله مانعًا بقرابة من رسول الله أحدًا بغير طاعةِ الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أبًا وأمًّا، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، وإني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين، ويلكم اتقوا الله وقولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضى به منكم.
ثم قال: لقد أساء بنا آباؤنا إن كان هذا الذي تقولون من دين الله ثم لم يُطلِعونا عليه ولم يرغِّبونا فيه؟!!!
فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله عليه السلام لعلي: ” من كنت مولاه فعلي مولاه “؟!
فقال: أما والله أن لو يعني بذلك الإمرة والسلطان لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ولقال لهم: “أيها الناس هذا وليكم من بعدي”، فإن أنصح الناس كان للناس رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولو كان الأمر كما تقولون: إن الله ورسوله اختارا عليا لهذا الأمر والقيام بعد النبي عليه السلام، إنْ كان لأعظم الناس في ذلك خطيئةً وجُرْمًا إذْ تَرَك ما أمرَهُ به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يقوم فيه كما أمره أو يعذر فيه إلى الناس” إهـ.
أخرجه ابن سعد في (الطبقات) (5/ 319) واللفظ له، واللالكائي في (إعتقاد أهل السنة) (2690) وابن عساكر (13/ 67 – 68، 70) وإسناده حسن