31 لطائف التفسير
جمع سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3
والاستفادة والمدارسة
=======
لطيفة:
قد تقصد بدعائك أمرا معين فيجعل الله لك في هذا الدعاء أمورا ليست في الحسبان.
قوله تعالى {قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} سورة القصص 22
قال ابن كثير: أي الطريق الأقوم، ففعل اللّه به ذلك، وهداه إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة، فجعله هادياً مهديا
ومنه قوله تعالى: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
قال ابن كثير:
وقوله تعالى: (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) يعني: أن فرعون لما رآه هم بقتله خوفا من أن يكون من بني إسرائيل فجعلت امرأته آسية بنت مزاحم تحاج عنه وتذب دونه، وتحببه إلى فرعون، فقالت: (قرة عين لي ولك) فقال: أما لك فنعم، وأما لي فلا. فكان كذلك، وهداها الله به، وأهلكه الله على يديه، وقد تقدم في حديث الفتون في سورة ” طه ” هذه القصة بطولها، من رواية ابن عباس مرفوعا عن النسائي وغيره.
وقوله “: (عسى أن ينفعنا)، وقد حصل لها ذلك، وهداها الله به، وأسكنها الجنة بسببه. وقولها: (أو نتخذه ولدا) أي: أرادت أن تتخذه ولدا وتتبناه، وذلك أنه لم يكن لها ولد منه.
وقوله تعالى: (وهم لا يشعرون) أي: لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه، من الحكمة العظيمة البالغة، والحجة القاطعة.
قال السعدي:
فلما التقطه آل فرعون، حنَّن اللّه عليه امرأة فرعون الفاضلة الجليلة المؤمنة ” آسية ” بنت مزاحم ” وَقَالَتِ ” هذا الولد {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ} أي: أبقه لنا، لِتقرَّ به أعيننا، ونستر به في حياتنا.
{عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي: لا يخلو، إما أن يكون بمنزلة الخدم، الذين يسعون في نفعنا وخدمتنا، أو نرقيه منزلة أعلى من ذلك، نجعله ولدا لنا، ونكرمه، ونجله.
فقدَّر اللّه تعالى، أنه نفع امرأة فرعون، التي قالت تلك المقالة، فإنه لما صار قرة عين لها، وأحبته حبا شديدا، فلم يزل لها بمنزلة الولد الشفيق حتى كبر ونبأه اللّه وأرسله، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به، رضي اللّه عنها وأرضاها.
قال اللّه تعالى هذه المراجعات [والمقاولات] في شأن موسى: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ما جرى به القلم، ومضى به القدر، من وصوله إلى ما وصل إليه، وهذا من لطفه تعالى، فإنهم لو شعروا، لكان لهم وله، شأن آخر.