31 جامع الأجوبة في الفقه ص 44
بإشراف واختصار : سعيد الجابري
وسيف بن دورة الكعبي
وممن شارك زكي أبوكيسة وسعيد الجابري وأحمد بن علي
هل الماء المستعمل طاهر أم نجس ؟
””””””'””””””””””””””
■-قلت : (سعيد ) ومعنى الاستعمال: أن يمر الماء على العضو، ويتساقط منه، وليس الماء المستعمل هو الذي يغترف منه. بل هو الذي يتساقط بعد الغسل به.
مثاله: غسلت وجهك، فهذا الذي يسقط من وجهك هو الماء المستعمل.
(الشرح الممتع )
——————-
جواب زكي أبو كيسة :
قال باحث :فيه خلاف:
القول الأول: أنه طاهر، وبه قال عامة الفقهاء سلفا وخلفا، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، ورواية عن أبي حنيفة هي المشهورة عنه، وقول محمد بن الحسن الشيباني من الحنفية.
■-قلت( سيف )قال بعض شيوخنا :قال ابن المنذر : وروي عن علي، وابن عمر، وأبي أمامة، وعطاء، والحسن، ومكحول، والنخعي، أنهم قالوا فيمن نسي مسح رأسه، فوجد بللا في لحيته : يكفيه مسحه بذلك البلل.
قال ابن المنذر :يعني يرون المستعمل مطهرا، وبه أقول. انتهى واختاره ابن تيمية وغيره.
الأدلة:
1 – استدلوا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر وهما ماشيان، فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه علي فأفقت » . . . الحديث أخرجه الشيخان.
2 – قول النبي صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء » أخرجه الترمذي وغيره، وقد صححه النووي، قالوا: فيبقى على عمومه إلا ما خصه الدليل.
قلت( سيف ) ومنه عموم قوله تعالى( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا )
3 – أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، كانوا يتوضئون ويتقاطر على ثيابهم ولا يغسلونها. فدل على طهارة الماء المستعمل.
4 – أن الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يتبادرون إلى فضل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فيتمسحون به للتبرك به
5 – ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونساءه كانوا يتوضئون في الأقداح، قال إبراهيم النخعي: لو كان المستعمل نجسا لنجس الماء الذي يقع فيه.
6 – قالوا: ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا،والمحدث طاهر لحديث 🙁 إن المسلم لا ينجس) متفق عليه.
القول الثاني: أن الماء المستعمل نجس، وهو رواية عن أبي حنيفة رواها أبو يوسف، والحسن بن زياد، إلا أن أبا يوسف رأى أن نجاسته مخففة، والحسن رأى أنها مغلظة.
الأدلة:
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة » قالوا: فقرن فيه بين البول فيه والاغتسال منه، والبول ينجسه فكذلك الاغتسال، وقالوا أيضا: حرم الاغتسال في الماء القليل، ولولا أنه ينجس بالاغتسال بنجاسة الغسالة لم يكن للنهي معنى؛ لأن إلقاء الطاهر في الطاهر ليس بحرام، أما تنجيس الطاهر فحرام، فكان هذا نهيا عن تنجيس الماء الطاهر بالاغتسال؛ وذا يقتضي التنجيس به.
2 – قالوا: إن المحدث قد خرج شيء نجس من بدنه به، فإذا توضأ انتقلت تلك النجاسة إلى الماء فيصير الماء نجسا.
المناقشة للأدلة:
نوقش استدلالهم بالحديث وأجيب عنه بعدة أجوبة ملخصها ما يلي:
1- أن دلالة الاقتران ضعيفة قد قال بها أبو يوسف والمزني وخالفهما غيرهما من الفقهاء والأصوليين، ومما يرد عليهما قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فلا يلزم من اقتران الأكل بإيتاء الزكاة وجوب الأكل.
■- قال(صاحبنا أحمد بن علي ): اعترض العيني على ابن حجر ففي :
– باب البول في الماء الدائم
ذكر حديث: “لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في اْلمَاءِ الدَّائِمِ. . الحديث.
■-قال ابن حجر : استدل به بعض الحنفية على تنجيس الماء المستعمل؛ لأنّ البول ينجس الماء فكذلك الإغتسال، وقد نهى عنهما معًا وهو للتحريم، فدل على حصول النّجاسة فيهما، ورد بأنّها دلالة اقتران وهي ضعيفة، وعلى تقدير تسليمها فلا يلزم التسوية، فيكون النّهي عن البول لئلا ينجسه، وعن الإغتسالات لئلا يسلبه الطهورية.
■-قال (العيني ): هذا عجيب منه؛ لأن دلالة الإقتران عندهم صحيحة، فكيف يرد على القائل بها، مع أن مذهب أكثر أصحاب إمامه كالحنفية والتفصيل الذي ذكره تحكم.
■- قلت : (سعيد ) وأما استدلالهم (الأحناف) في النهي عن الاغتسال في الماء الدائم والبول فيه لأنه ينجسه، فلا دلالة له على ذلك؛ لأن علة النهي عن التطهير به ليست كون ذلك الماء مستعملا؛ بل كونه ساكنا، وعلة السكون لا ملازمة بينها وبين الاستعمال. فإن حديث لا يبولن أحدكم. ..لا يدل عليه، لأن النبي ﷺ لم يتعرض لحكم الماء إطلاقا وإنما وجه الخطاب لمن يغتسل، وأما الماء فلم يتعرض له.
(فتح ذي الجلال والإكرام لابن عثيمين)
2 – أن رواية الحفاظ من أصحاب أبي هريرة لهذا الحديث هي كما أخرجه الشيخان ولفظهما «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه » وفي رواية لمسلم «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب » فقيل لأبي هريرة كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولا
أما الرواية المستدل بها عند أبي يوسف والحسن بن زياد فيما يرويانه عن أبي حنيفة، فإنها مما أخرجه أبو داود ولفظها مخالف لما في الصحيحين. وهذا ما أشار إليه البيهقي في سننه ورجح ما في الصحيحين على رواية أبي داود.
3 – وقيل: إن وجه النهي في الحديث ليس لأنه ينجسه، وإنما لأجل أنه يقذره ويؤدي إلى تغيره.
■-قلت( سيف ) نقل بعض شيوخنا : أنه قال بهذا الجواب ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 21/46، وكذلك الشوكاني في النيل
وهذه الأجوبة ملخصة من المجموع للنووي والمغني لابن قدامة وطرح التثريب للعراقي وغيرها.
——————–
■- قلت: (سعيد ) ولا يمكن نقل الماء عن وصفه الأصلي، وهو الطهورية إلا بدليل.
وقد ثبت دليل عن النبي ﷺ على أن الماء المستعمل طاهر مطهر، كما جاء ذلك في حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها في وصف وضوء رسول الله ﷺ: أن النبي ﷺ مسح برأسه من فضل ماء كان في يده. رواه ابوداود
وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود والصحيحة.
فهذا الحديث يدل على أن الماء المستعمل طاهر مطهر، فلو كان غير مطهر لما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم في فرض الوضوء وهو مسح الرأس.
■-قال الشيخ عبدالمحسن العباد: والمقصود من ذلك: أن الرسول ﷺ مسح برأسه من ماء بقي في يديه بعد أن غمسهما في الإناء، فيكون ذلك الفضل الذي كان في يديه ليس فضل غسل اليدين إلى المرفقين، بل أخذ ماء جديدا ولكنه ما أخذه وصبه على رأسه صبا، وإنما كانت يداه مبلولة بفضل ماء جديد وليس مما بقي في اليدين من الرطوبة بعد غسل اليدين إلى المرفقين.(شرح سنن أبي دواد )
لكن قال صاحب الموسوعة الفقهية الميسرة : قال الألباني -حفظه الله-: “ولا حجة فيه على ما قالوا؛ إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما، وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بماء الرأس؛ كما دل عليه الحديث، فاتفقا ولم يتعارضا.
ويؤيد ما ذكرت: أنه صح عنه – صلى الله عليه وسلم -: “أنه مسح برأسه من فضل ماء كان في يده”.
وله شاهد من حديث ابن عباس في “المستدرك” (١/ ١٤٧) بسند حسن أيضا، ورواه غيره؛ فانظر: “التلخيص الحبير” (ص ٣٣).
وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبد الله بن زيد، ولكنه غير ثابت، بل هو شاذ كما ذكرت في “صحيح سنن أبي داود” (١١١)، وبينته في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (تحت ٩٩٥).
وجملة القول: فإنه أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد ابن حنبل -رضي الله عنهم- أجمعين؛ فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين. انتهى( مختصراً )
قلت( سيف ) يقصد حديث أخذ ماءا جديدا لرأسه، ولعل هذه المسألة نبحثها إن شاءالله في الوضوء
■- وقال ابن قدامة: … ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا؛ كالذي غسل به الثوب الطاهر.
وقال أيضا: ولأنه لو غمس يده في الماء؛ لم ينجسه، ولو مس شيئا رطبا؛ لم ينجسه.
(الموسوعة الفقهية الميسرة )
■- وقال ابن المنذر: وفي إجماع أهل العلم أن الندى الباقي على أعضاء المتوضئ والمغتسل وما قطر منه على ثيابهما طاهر، دليل على طهارة الماء المستعمل، وإذا كان طاهرا فلا معنى لمنع الوضوء به بغير حجة يرجع إليها من خالف القول. اهـ.
(الأوسط )(١/ ٢٨٨)
—————-
■-قلت سيف: فالراجح أن الماء المستعمل ما زال مطهرا وهو ترجيح الشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين ومقبل.( نقله بعض شيوخنا ورجحه )