: 307،308 – رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الحيض من صحيحه:
9 – باب غسل دم المحيض:
307 – حدثنا عبد الله بن يوسف؛ قال: أخبرنا مالك عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق؛ أنها قالت: سألت امرأة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة، كيف تصنع؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه”.
308 – حدثنا أصبغ؛ قال: أخبرني ابن وهب؛ قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه عن عائشة؛ قالت: “كانت إحدانا تحيض ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها فتغسله، وتنضح على سائره ثم تصلي فيه”.
فوائد الباب:
1 – يجب على المصلي إزالة النجاسة من بدنه وثوبه والبقعة التي يصلي عليها، لأن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، لقوله تعالى: (وثِيابَكَ فَطَهِّرْ) {المدثر: (4)}، ولما روى أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي ?: أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال لهم: لم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثًا، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإذا رأى خبثًا فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما.
وفي حديث أسماء -رضي الله عنها – الذي في الباب دليل على شرطية طهارة الثوب
2 – قوله: (غسل دم المحيض) سبق في كتاب الوضوء باب 63: غسل الدم وهو أعم من ترجمة الباب.
3 – وترجم ابن ماجه فقال “بَابٌ: فِي مَا جَاءَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ”. وقال الترمذي: ” باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب”. وقال أبو داود: ” باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها”.
4 – حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها- سبق تخريجه، وشرحه في الباب المذكور.
5 – “فيه استحباب فرك النجاسة اليابسة ليهون غسلها”. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
6 – قال السندي: قَوْلُهُ: (وتَنْضَحُ عَلى سائِرِهِ) أيْ لِأنَّهُ مَشْكُوكٌ وتَطْهِيرُ المَشْكُوكِ النَّضْحُ؛ كَما يَقُولُ بِهِ مالِكٌ أوِ النَّضْحُ عَلَيْهِ لِيَلِينَ ويَصِيرَ الكُلُّ عَلى لَوْنٍ واحِدٍ. والله أعْلَمُ. [حاشية السندي على ابن ماجه].
7 – “فيه الإفصاح بذكر ما يستقذر للضرورة”. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
8 – حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-. أخرجه البخاري وابن ماجه.
9 – قال ابن عساكر في أطرافه: “موقوف”. قاله ابن الملقن في التوضيح، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: هو محمول على أنهن كن يصنعن ذلك في زمنه -صلى الله عليه وسلم- وبهذا يلتحق هذا الحديث بحكم المرفوع”.
10 – “عن عدي بن دينار؛ قال: سمعت أم قيس بنت محصن أنها: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن دم الحيضة يصيب الثوب؟ قال: حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر “. أخرجه أبو داود 363 والنسائي 395 وابن ماجه 628. وأشار إليه الترمذي؛ بقوله: “وفي الباب عن … “. وصححه الألباني وأورده الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 1654 وقال: “حديث صحيح رجاله ثقات”.
11 – قوله: ” بضلع”. قال ابن الأثير في جامع الأصول: “الضلع للحيوان معروف، وقيل: أراد بالضلع هاهنا: عودا شبيها بالضلع عريضا معوجا”.
12 – “باب ذكر البيان أن النضح المأمور به هو في الموضع الذي لم يصبه الدم”. قاله البيهقي في السنن الكبرى.
13 – قال ابن بطال: “حديث عائشة يفسر حديث أسماء، وأن ما روته من نضح الدم؛ فمعناه الغسل كما قالت عائشة، فأما نضحها على سائره، فهو رش لا غسل، وإنما فعلت ذلك، لتطيب نفسها لأنها لم تنضح على مكان فيه دم”.
14 – قال ابن قدامة في المغني: “النجاسة إذا خفيت في بدن أو ثوب، وأراد الصلاة فيه لم يجز له ذلك حتى يتيقن زوالها، ولا يتيقن ذلك حتى يغسل كل محل يحتمل أن تكون النجاسة أصابته، فإذا لم يعلم جهتها من الثوب غسله كله. وإن علمها في إحدى جهتيه غسل تلك الجهة كلها، وإن رآها في بدنه، أو ثوب -هو لابسه- غسل كل ما يدركه بصره من ذلك، وبهذا قال النخعي والشافعي ومالك وابن المنذر”. انتهى.
15 – قال الترمذي في سننه:
“وقد اختلف أهل العلم في الدم يكون على الثوب فيصلي فيه قبل أن يغسله، فقال بعض أهل العلم من التابعين: إذا كان الدم مقدار الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد الصلاة. وقال بعضهم: إذا كان الدم أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك. ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم عليه الإعادة وإن كان أكثر من قدر الدرهم، وبه يقول أحمد، وإسحاق. وقال الشافعي: يجب عليه الغسل وإن كان أقل من قدر الدرهم، وشدد في ذلك”.
16 – قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: “مسألة: قال: وإذا لم تكن ثيابه طاهرة، وموضع صلاته طاهرا، أعاد. وجملة ذلك، أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي، وأصحاب الرأي. ويروى عن ابن عباس أنه قال: ليس على ثوب جنابة. ونحوه عن أبي مجلز وسعيد بن جبير والنخعي. وقال الحارث العكلي وابن أبي ليلى: ليس في ثوب إعادة، ورأى طاوس دما كثيرا في ثوبه، وهو في الصلاة فلم يباله. وسئل سعيد بن جبير، عن الرجل يرى في ثوبه الأذى وقد صلى؟ فقال: اقرأ علي الآية التي فيها غسل الثياب. ولنا قول الله تعالى: {وثِيابَكَ فَطَهِّرْ}. قال ابن سيرين: هو الغسل بالماء. وعن أسماء ابنة أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- قالت: سئل رسول الله ? عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال: اقرصيه، وصلي فيه. وفي لفظ قالت: سمعت امرأة تسأل رسول الله ?: كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر، أتصلي فيه، قال: تنظر فيه، فإن رأت دما فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتصل فيه. رواه أبو داود. وروي عن النبي ? أنه قال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله. متفق عليه. وفي رواية: لايستتره من بوله. ولأنها إحدى الطهارتين، فكانت شرطا للصلاة، كالطهارة من الحدث”. انتهى.
وما ذهب إليه الشوكاني بأنها لا تبطل الصلاة هو رأي له ولبعض أهل العلم -رحمهم الله تعالى- فلا حرج على من اقتنع به أن يتابعه عليه، وإن كان الأولى والأبرأ للذمة هو الأخذ بقول الجمهور.
والله أعلم.
17 – مسألة: النجاسة المؤثرة هي التي لا يعفى عنها، أما إن كانت مما يعفى عنه، فلا حرج على المرء أن يصلي بها مثل: أثر الاستجمار (اليسير) وأثر الدم … الخ.
18 – مسألة: من صلى وعلى ثوبه نجاسة -لا يعفى عنها- فإن صلى وهو عالم بها، فلا تصح صلاته، لأنه خالف أمر الله ورسوله، فوجب عليه إعادة الصلاة، وإن صلى وهو متلبس بالنجاسة على الثوب، لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة، ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: لا تفسد صلاته. وهو قول: ابن عمر، وعطاء، وسعيد ابن المسيب، وسالم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، وإسحاق، وابن المنذر، والشافعي في قول، وأحمد في رواية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
والثاني: يعيد الصلاة. وهو قول: أبي قلابة، والشافعي في الأصح، والإمام أحمد في رواية، وعليها المذهب، لأنها طهارة مشترطة للصلاة، فلم تسقط بجهلها، كطهارة الحدث.
والقول الثالث: قول ربيعة ومالك: أنه يعيد ما كان في الوقت ولا يعيد بعده.
[انظر المجموع للنووي ((3) / (162)) المغني لابن قدامة ((1) / (714)) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ((1) / (68))].
19 – مسألة: ما إذا كان يعلم بوجود النجاسة، وفي نيته إزالتها، ولكنه نسي وصلى، ثم تذكر بعد ذلك ففي وجوب الإعادة عليه خلاف بين العلماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء، لما تقدم من أن النبي ? صلى في نعليه، ثم خلعهما في أثناء الصلاة، لما أخبره جبريل أن بهما أذى، ومضى في صلاته، ولم يستأنفها، مع كون ذلك موجودًا في أول الصلاة، لكن لم يعلم به، فتكلفه للخلع في أثنائها، مع أنه لولا الحاجة لكان عبثًا أو مكروهًا … .يدل على أنه مأمور به من اجتناب النجاسة مع العلم، ومضيه يدل على العفو عنها في حال عدم العلم بها … .الخ. [مجموع الفتاوي (184) – (185) / (22)].
20 – … قوله: (حدثنا أصبغ) تابعه حرملة بن يحيى كما عند ابن ماجه 630.
21 – قوله: (أخبرني ابن وهب) وعند البيهقي في السنن الكبرى 4108: ” أنبأنا عبد الله بن وهب”.