306 – رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري:
-بابُ الِاسْتِحاضَةِ
(306) – حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قالَ: أخْبَرَنا مالِكٌ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ أنَّها قالَتْ: قالَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ? -: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لا أطْهُرُ أفَأدَعُ الصَّلاَةَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ ولَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإذا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فاتْرُكِي الصَّلاَةَ، فَإذا ذَهَبَ قَدْرُها، فاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي»
————-
فوائد الباب:
1 – قوله (باب الاستحاضة) “وهي جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه ويقال من عرق يقال له العاذل بالمهملة والذال المعجمة” قاله الكرماني كما في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري. أي أنه ليس كالحيض.
2 – حديث عائشة رضي الله عنها سبق تخريجه وشرحه في كتاب الوضوء باب 63 غسل الدم حديث 228
3 – قولها (لا أطهر) وعند البخاري 228 من طريق أبي معاوية ” إني امرأة أستحاض فلا أطهر” وهي أوضح لهذا الباب وأخرجه النسائي عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله ?فقالت: إني (امرأة أستحاض) فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: «لا. إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي»
رواه النسائي في سننه وحكم عليه الألباني بالصحة.
4 – قوله (فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي) وعند البخاري 325 من طريق أبي أسامة ” دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي” فزاد ثم اغتسلي
5 – ترجم عليه البخاري فقال إقبال المحيض وإدباره
6 – ووقع ذلك لأم حبيبة ففي صحيح مسلم
(334)) حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا لَيْثٌ، ح، وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّها قالَتْ: اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللهِ ? فَقالَتْ: إنِّي أُسْتَحاضُ فَقالَ: «إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ فاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي» فَكانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ ” قالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: «لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شِهابٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ? أمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ أنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ ولَكِنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ هِيَ»، وقالَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوايَتِهِ ابْنَةُ جَحْشٍ ولَمْ يَذْكُرْ أُمَّ حَبِيبَةَ
7 – وسيأتي حديث أم حبيبة في البخاري
بابُ عِرْقِ الِاسْتِحاضَةِ
(327) – حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قالَ: حَدَّثَنا مَعْنٌ، قالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وعَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ?، أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَألَتْ رَسُولَ اللَّهِ ? عَنْ ذَلِكَ، فَأمَرَها أنْ تَغْتَسِلَ، فَقالَ: «هَذا عِرْقٌ» فَكانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ
8 – وقوله: (إذا أقبلت الحيضة) لعل المقصود بالإقبال هنا هو معرفة لون الدم ورائحته، أو أن المقصود من ذلك الأيام التي كانت تحيضها من قبل، فالإقبال يكون إما بهذا وإما بهذا، إما بمعرفة لون الدم ورائحته، أو بالأيام التي كانت تجلسها من الشهر قبل أن يحصل لها المرض.
قاله العباد في سنن أبي داود
9 – قال ابن رجب:
وأما قول النبي ?: «فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب عنك قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» – وفي رواية: «فإذا أدبرت». فقد اختلف العلماء في تأويله:
فتأوله الأكثرون، منهم مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد على أن المراد به اعتبار تميز الدم، وأن هذه المستحاضة كانَ دمها متميزًا، بعضه أسود وبعضه غير ذَلِكَ، فردها إلى زمن دم الحيض وهو الأسود الثخين، فإذا أقبل ذَلِكَ الدم تركت الصلاة، فإذا أدبر وجاء دم غيره فإنها تغتسل وتصلي.
فتح الباري لابن رجب
وسيأتي بإذن الله في آخر الفوائد مسألة هل ترجع المستحاضة إلى التمييز أم العادة
10 – وجاء في بعض الأحاديث: (اغسلي عنك الدم) وفي بعضها: (اغتسلي) وكلاهما لابد منه، فالاغتسال لابد منه لانتهاء الحيض، وغسل الدم أيضاً لابد منه عند الانتهاء من الحيض، فيكون ذكر الاغتسال وحده لا ينفي غسل الدم، وذكر غسل الدم لا ينفي الاغتسال، فيكون هذا من الاختصار، والأمران مطلوبان ولازمان.
قاله العباد في سنن أبي داود
وقرر مثل ذلك ابن حجر راجع فتح الباري
11 – {وقَوْلُهُ ? لِلْمُسْتَحاضَةِ: إنّما ذَلِكَ عِرْقٌ ولَيْسَ بِالحَيْضَةِ} تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ الغُسْلِ لا لِوُجُوبِ الوُضُوءِ فَإنَّ وُجُوبَ الوُضُوءِ لا يَخْتَصُّ بِدَمِ العُرُوقِ بَلْ كانَتْ قَدْ ظَنَّتْ أنَّ ذَلِكَ الدَّمَ هُوَ دَمُ الحَيْضِ الَّذِي يُوجِبُ الغُسْلَ فَبَيَّنَ لَها النَّبِيُّ ? أنَّ هَذا لَيْسَ هُوَ دَمَ الحَيْضِ الَّذِي يُوجِبُ الغُسْلَ فَإنَّ ذَلِكَ يَرْشَحُ مِن الرَّحِمِ كالعَرَقِ وإنَّما هَذا دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ فِي الرَّحِمِ ودِماءُ العُرُوقِ لا تُوجِبُ الغُسْلَ وهَذِهِ مَسائِلُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَواضِعَ أُخَرَ. والمَقْصُودُ هُنا التَّنْبِيهُ عَلى فَسادِ قَوْلِ مَن يَدَّعِي التَّناقُضَ فِي مَعانِي الشَّرِيعَةِ أوْ ألْفاظِها ويَزْعُمُ أنَّ الشّارِعَ يُفَرِّقُ بَيْنَ المُتَماثِلَيْنِ بَلْ نَبِيُّنا مُحَمَّدٌ ? بُعِثَ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ بِالحِكْمَةِ والعَدْلِ والرَّحْمَةِ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي الحُكْمِ إلّا لِافْتِراقِ صِفاتِهِما المُناسِبَةِ لِلْفَرْقِ ولا يُسَوِّي بَيْنَ شَيْئَيْنِ إلّا لِتَماثُلِهِما فِي الصِّفاتِ المُناسِبَةِ لِلتَّسْوِيَةِ
قاله ابن تيمية في مجموع الفتاوى 20/ 526
12 – قال ابن حجر:
وفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ على إن المرأه إذا مَيَّزَتْ دَمَ الحَيْضِ مِن دَمِ الِاسْتِحاضَةِ تَعْتَبِرُ دَمَ الحَيْضِ وتَعْمَلُ عَلى إقْبالِهِ وإدْبارِهِ فَإذا انْقَضى قَدْرُهُ اغْتَسَلَتْ عَنْهُ ثُمَّ صارَ حُكْمُ دَمِ الِاسْتِحاضَةِ حُكْمَ الحَدَثِ فَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ لَكِنَّها لا تُصَلِّي
بِذَلِكَ الوُضُوءِ أكْثَرَ مِن فَرِيضَةٍ واحِدَةٍ مُؤَدّاةٍ أوْ مَقْضِيَّةٍ لِظاهِرِ قَوْلِهِ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ وبِهَذا قالَ الجُمْهُورُ وعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ أنَّ الوُضُوءَ مُتَعَلِّقٌ بِوَقْتِ الصَّلاةِ فَلَها أنْ تُصَلِّيَ بِهِ الفَرِيضَةَ الحاضِرَةَ وما شاءَتْ مِنَ الفَوائِتِ ما لَمْ يَخْرُجْ وقْتُ الحاضِرَةِ وعَلى قَوْلِهِمُ المُرادُ بِقَوْلِهِ وتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ أيْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ فَفِيهِ مَجازُ الحَذْفِ ويَحْتاجُ إلى دَلِيلٍ وعِنْدَ المالِكِيَّةِ يُسْتَحَبُّ لَها الوُضُوءُ لِكُلِّ صَلاة ولا يجب إلّا بِحَدَث آخَرَ وقالَ أحْمَدُ وإسْحاقُ إنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ فَرْضٍ فَهُوَ أحْوَطُ انتهى
13 – في مجموع الفتاوى 21/ 221 سئل عمن به رياح دائمه؟
نَعَمْ، حُكْمُهُ حُكْمُ أهْلِ الأعْذارِ: مِثْلِ الِاسْتِحاضَةِ وسَلَسِ البَوْلِ؛ والمَذْيِ؛ والجُرْحِ الَّذِي لا يَرْقَأُ؛ ونَحْوِ ذَلِكَ. فَمَن لَمْ يُمْكِنْهُ حِفْظُ الطَّهارَةِ مِقْدارَ الصَّلاةِ فَإنَّهُ يَتَوَضَّأُ ويُصَلِّي ولا يَضُرُّهُ ما خَرَجَ مِنهُ فِي الصَّلاةِ ولا يَنْتَقِضُ وضَوْءُهُ بِذَلِكَ بِاتِّفاقِ الأئِمَّةِ وأكْثَرُ ما عَلَيْهِ أنْ يَتَوَضَّأ لِكُلِّ صَلاةٍ. وقَدْ تَنازَعَ العُلَماءُ فِي المُسْتَحاضَةِ ومَن بِهِ سَلَسُ البَوْلِ وأمْثالُهُما مِثْلُ مَن بِهِ رِيحٌ يَخْرُجُ عَلى غَيْرِ الوَجْهِ المُعْتادِ؛ وكُلُّ مَن بِهِ حَدَثٌ نادِرٌ. فَمَذْهَبُ مالِكٍ: أنَّ ذَلِكَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ بِالحَدَثِ المُعْتادِ. ولَكِنَّ الجُمْهُورَ – كَأبِي حَنِيفَةَ؛ والشّافِعِيِّ؛ وأحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ – يَقُولُونَ: إنّهُ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ أوْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ. رَواهُ أهْلُ السُّنَنِ وصَحَّحَ ذَلِكَ غَيْرُ واحِدٍ مِن الحُفّاظِ؛ فَلِهَذا كانَ أظْهَرَ قَوْلَيْ العُلَماءِ أنَّ مِثْلَ هَؤُلاءِ يَتَوَضَّئُونَ لِكُلِّ صَلاةٍ أوْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ.
14 – وقال ابن حجر: (وادعى آخر أن قوله ” ثم توضئي ” من كلام عروة موقوفاً عليه، وفيه نظر، لأنه لو كان كلامه لقال ” ثم تتوضأ ” بصيغة الإخبار، فلما أتى بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله ” فاغسلي “).
قال بعض المحققين: واستدلال ابن حجر سبقه إليه ابن الجوزي في كتابه التحقيق وذكره الزيلعي في نصب الراية والكرماني في شرحه على البخاري.
-وقد رد العيني كلامَ ابن حجر فقال: (وهذا احتمال فلا يقع به القطع، ولا يلزم من مشاكلة الصيغتين الرفع).
-وقد جاء الأمر بالوضوء لكل صلاة للمستحاضة في أحاديث أخر، وكلها معلولة.
-قال ابن عبدالبر في التمهيد (16) / (99): (وأما الأحاديث المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، والوضوء لكل صلاة على المستحاضة، فكلها مضطربة لا تجب بمثلها حجة) وبين أن لفظة توضئي لكل صلاة من قول عروة كما في رواية البخاري الادراج: ففي صحيح البخاري (228) – حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو مُعاوِيَةَ، حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: جاءَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النَّبِيِّ ? فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأةٌ أُسْتَحاضُ …. – قالَ: وقالَ أبِي: – «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ»
فقوله قال أبي يعني عروة تدل على الادراج
-وقال ابن رجب: (وإنما المراد هنا أحاديث الوضوء لكل صلاة، وقد رويت من وجوه متعددة، وهي مضطربة أيضاً ومعللة).
وقد حذف مسلم لفظة الوضوء عمدا لشذوذها ورجح البيهقي أن هذه الكلمة من قول عروة سنن البيهقي (1) / (344)
وراجع فتح العلام شرح بلوغ المرام حيث ذكر ثمانية عشر راويا لم يذكروها.
وكذلك ورد من طريق محمد بن عمرو واستنكرها أبوحاتم وأشار إلى نكارتها النسائي وأبو داود
وكذلك حديث حمنة وأنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تجمع صلاتين الظهر والعصر وتغتسل لهما غسلا واحدا وتجمع المغرب والعشاء وتغتسل لهما غسلا واحدا وتغتسل للصبح ضعفه ابوحاتم والدارقطني وابن منده ونقل الاتفاق على تضعيفه من جهة عبد الله بن محمد بن عقيل فتح الباري لابن رجب (2) / (64)
15 – قال ابن رجب بعد أن ذكر حالات المستحاضة وذكر الخلاف هل ترد للعادة أو التمييز:
وقد ورد حديث عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في رد المستحاضة إلى غالب حيض الحُيض: من رواية حمنة بنت جحش، قالت: كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – استفتيه – فذكرت الحديث، إلى أن قالت – قالَ النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إنما ذَلِكَ من الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله – عز وجل -، ثم اغتسلي)) – وذكر الحديث.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
وفي رواية لأبي داود: ((وكذلك فافعلي في كل شهر، كما تحيض النساء، وكما يطهرن)).
وقال الترمذي: حسن صحيح. قالَ: وسألت محمداً – يعني: البخاري –
عنه، فقالَ: هوَ حديث حسن، وكذا قالَ أحمد بن حنبل: هوَ حسن صحيح –
هذا ما ذكره الترمذي.
ونقل حرب، عن أحمد، [أنه] قالَ: نذهب إليه، ما أحسنه من حديث.
واحتج به إسحاق وأبو عبيد، وأخذا به.
وضعفه أبو حاتم الرازي والدارقطني وابن منْده، ونقل الاتفاق على تضعيفه من جهة عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فإنه تفرد بروايته.
والمعروف عن الإمام أحمد أنه ضعفه ولم يأخذ به، وقال: ليس بشيء. وقال – مرة -: ليس عندي بذلك، وحديث فاطمة أصح منه وأقوى إسناداً. وقال – مرة -: في نفسي منه شيء.
ولكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة والأخذ به. والله أعلم انتهى
فتح الباري لابن رجب
16 – وقد اختلفت الآثار فيما يشرع على المستحاضة:
قال القعقاع سألت سعيد بن المسيب عن المستحاضة؟ فقال: ما أحد أعلم بهذا مني، إذا أقبلت الحيضة فلتدع الصلاة، وإذا أدبرت فلتغتسل، ولتغسل عنها الدم، ولتوضأ لكل صلاة. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1361 قال حدثنا ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن القعقاع بن حكيم به.
إسناده صحيح
– عن عروة، قال: المستحاضة تغتسل وتوضأ لكل صلاة. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1362 قال حدثنا حفص، وأبو معاوية، عن هشام به.
إسناده صحيح
-عن ابن عباس، قال: تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل مرة واحدة، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل مرة واحدة، ثم تغتسل للفجر، ثم تقرن بينهما. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1364 قال حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء به.
إسناد صحيح موقوف
-قال سعيد بن جبير: كنت عند ابن عباس، فجاءت امرأة بكتاب فقرأته، فإذا فيه إني امرأة مستحاضة، وإن عليا قال: تغتسل لكل صلاة، فقال ابن عباس: ما أجد لها إلا ما قال عليك.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1370 حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير به.
17 – قال عبد الله بن الإمام أحمد سمعت أبي يقول أذهب الى كل حديث منها على وجهه وعلى ما سأل النبي ? عنه
(164) – قال سألت أبي عن المستحاضة إذا كان لا يرقأ دمها كيف تصلي
قال تحتشي وتصلي وإن قطر الدم على الحصير وتتوضأ لكل صلاة
قلت لأبي إن صلت صلاتين بوضوء واحد
قال لا
(165) – قلت لأبي تطوع المرأة بعد الفرض بالوضوء الأول
قال نعم تطوع وتصلي صلاة فائتة إن ذكرتها حتى يدخل وقت الأخرى. جامع العلوم للإمام أحمد
18 – قال ابن رجب:
وقد روي الأمر للمستحاضة بالوضوء لكل صلاة عَن جماعة مِن الصحابة، مِنهُم: علي، ومعاذ، وابن عباس، وعائشة، وَهوَ قول سعيد بنِ المسيب، وعروة، وأبي
جعفر، ومذهب اكثر العلماء، كالثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد وغيرهم.
لكن؛ مِنهُم مِن يوجب عليها الوضوء لكل فريضة كالشافعي.
ومنهم مِن يرى أنها تتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي بها ما شاءت مِن فرائض ونوافل حتَّى يخرج الوقت، وَهوَ قول أبي حنيفة، والمشهور عَن أحمد، وَهوَ – أيضاً – قول الأوزاعي والليث وإسحاق.
وقد سبق ذكر قول مِن لَم يوجب الوضوء بالكلية لأجل دم الاستحاضة، كمالك وغيره.
وهكذا الاختلاف في كل مِن بهِ حدث دائم لا ينقطع، كمن بهِ رعاف دائم أو سلس البول، أو [الريح]، ونحو ذَلِكَ.
وعن مالك رواية بوجوب الوضوء، كقول الجمهور
فتح الباري 2/ 51
19 – قال ابن رجب: وقد اختلف العلماء: هل يجب الغسل عليها لكل صلاة؟ على قولين، وأكثر العلماء: على أن ذَلِكَ ليس بواجب.
وكذلك اختلفوا: هل يجب عليها غسل الدم والتحفظ والتلجم عندَ كل صلاة؟ وفيه قولان، هما روايتان عن أحمد.
فتح الباري لابن رجب (2/ 51)
20 – تفصيل هل ترجع لعادتها أو تميزها:
حديث فاطمة بنت أبي حبيش [إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي ? إذا كان دمُ الحيضِه فإنه دم أسودُ يُعرفُ فامْسكِي عن الصلاةِ، فإذا كان الآخرُ فتَوَضَّئِي فإنّما هو عِرْقٌ] قال ابن حجر في البلوغ (137): رواه أبوداود، والنسائي، وصححه ابن حبان، والحاكم، واستنكره أبوحاتم. انتهى
قال أبوحاتم (117): لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر (العلل)،
قال النسائي: قد روي هذا الحديث غير واحد، ولم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عدي.
وقد أشار أبوداود في سننه إلى مثل ذلك، وقد أصاب أبوحاتم بتعصيب الخطأ بمحمد بن عمرو فأخلق به؛ فإنه ذو أوهام، أما تلميذه ابن أبي عدي وإن تفرد بالحديث أيضا إلا أنه ثقة، والحديث الذي في الصحيحين عن فاطمة أشهر بدون هذه اللفظة.
يعني: أن سائر الرواة يردونها إلى عادتها.
وعندنا المستحاضة على أقسام:
القسم الأول: المبتدئة
فلها حالتان:
الحالة الأولى: وهي أن يكون لها تمييز فتعمل به. خلافًا لأبي حنيفة الذي قال: ترجع للعادة، والجواب أن هذه مبتدئة لا عادة لها. ومن أدلة التمييز حديث عائشة (إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة .. ) وأثر ابن عباس – وسنده صحيح – أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي أخرجه ابن أبي شيبة والدارمي.
الحالة الثانية: المبتدئة التي ليس لها تمييز فالراجح أنها تصلي حتى تظهر صفة أنه حيض بقاء على الأصل، وهو أن لا تترك ما وجب عليها إلا إذا رأت دم الحيض.
القسم الثاني: المعتادة وهي التي كانت لها عادة سليمة قبل الاستحاضة ولها حالتان:
الحالة الأولى: التي ليس لها تمييز:
فالراجح أنها تعمل بالعادة لحديث فاطمة بنت أبي حبيش وبمعناه حديث عائشة في شأن أم حبيبة (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) وحديث أم سلمة (لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن) أخرجه أبوداود (274)
الحالة الثانية: المعتادة التي لها تمييز؛
إن اختلفت عادتها وتمييزها فقال مالك والشافعي وداود وهو رواية عن أحمد أنها ترجع إلى التمييز؛ لأن التمييز أضبط عند النساء، والعادة تتغير، والقرآن علق أحكام الحيض بالأذى (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى)
وقال أبوحنيفة وأبوعبيد وأحمد في أظهر الروايتين وإسحاق وهو وجه عند الشافعي واختاره ابن تيمية انها ترجع للعادة؛ لأن النبي أرجع النساء في الأحاديث السابقة للعادة ولم يستفصل هل هن مميزات أم لا. والراجح الرجوع للتمييز. انتهى ملخصا من شرح البلوغ المسمى فتح العلام