302 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
————‘———–‘
الصحيحة
315 – ” كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لغو و لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشي
الرجل بين الغرضين، و تأديبه فرسه، و ملاعبته أهله، و تعلم السباحة “.
قلت سيف بن دورة: على شرط المتمم على الذيل
قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” 1/ 562:
أخرجه النسائي في ” كتاب عشرة النساء ” (ق 74/ 2) و الزيادة له،
و الطبراني في ” المعجم الكبير ” (1/ 89 / 2) و أبو نعيم في ” أحاديث أبي
القاسم الأصم ” (ق 17 – 18) من طريقين عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن
عبد الوهاب ابن بخت عن عطاء بن أبي رباح قال:
” رأيت جابر بن عبد الله و جابر بن عمير الأنصاريين يرتميان، فمل أحدهما فجلس
فقال له الآخر: كسلت؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فذكره.
قلت: و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الوهاب بن بخت و هو ثقة
اتفاقا.
و قال المنذري في ” الترغيب ” (2/ 170) بعد أن عزاه لـ ” المعجم “:
” بإسناد جيد “. و قال الهيثمي في ” المجمع ” (6/ 269):
” رواه الطبراني في ” الأوسط ” و ” الكبير ” و البزار، و رجال الطبراني رجال
الصحيح، خلا عبد الوهاب بن بخت و هو ثقة”
————‘——–
” أن اللهو المباح إذا شغله عن طاعة الله فيدخل في النهي، واللهو المحرم يكون باطلا سواء شغله ام لم يشغله “.
[الشرح]
(كل ما يلهو به الرجل المسلم) أي يشتغل ويلعب به (باطل) لا ثواب له (إلا رميه بقوس) احتراف عن رميه بالحجر والخشب (وتأديبه فرسه) أي تعليمه إياه بالركض والجولان على نية الغزو (وملاعبته أهله فإنهن من الحق) أي ليس من اللهو الباطل فيترتب عليه الثواب الكامل
قال القاراء وفي معناها كل ما يعين على الحق من العلم والعمل إذا كان من الأمور المباحة كالمسابقة بالرجل والخيل والإبل والتمشية للتنزه على قصد تقوية البدن وتطرية الدماغ ومنها السماع إذا لم يكن بالآلات المطربة المحرمة انتهى كلام القاراء. [تحفة الاحوذي: 5/ 11].
قال الإمام البخاري في صحيحه (باب كل لهو باطل).
قال ابن تيمية: وَكَمَا أَنَّ اللَّهْوَ الَّذِي يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق). صار هذا اللهو حقا. [القواعد النورانية: 191].
قال ابن عثيمين: قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب فإنه من اللهو الباطل المحرم. [فتاوى نور على الدرب].
[الضابط]
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (11/ 91): إذا شغله أي شغل اللاهي به عن طاعة الله أي كمن النهي بشيء من الأشياء مطلقا سواء كان مأذونا في فعله أو منهيا عنه كمن اشتغل بصلاة نافلة أو بتلاوة أو ذكر أو تفكر في معاني القرآن مثلا حتى خرج وقت الصلاة المفروضة عمدا فإنه يدخل تحت هذا الضابط.
وإذا كان هذا في الأشياء المرغب فيها المطلوب فعلها فكيف حال ما دونها وأول هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد والأربعة وصححه بن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر رفعه (كل ما يلهو به المرء المسلم باطل الا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله) الحديث وكأنه لما لم يكن على شرط المصنف استعمله لفظ ترجمة.
واستنبط من المعنى ما قيد به الحكم المذكور وإنما أطلق على الرمي أنه لهو لإمالة الرغبات إلى تعليمه لما فيه من صورة اللهو لكن المقصود من تعلمه الإعانة على الجهاد وتأديب الفرس إشارة إلى المسابقة عليها وملاعبة الأهل للتأنيس ونحوه. وإنما أطلق على ما عداها البطلان من طريق المقابلة لا أن جميعها من الباطل المحرم.
قوله: ومن قال لصاحبه تعال أقامرك أي ما يكون حكم قوله.
وقوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) الآية كذا في رواية أبي ذر والأكثر وفي رواية الأصيلي وكريمة (ليضل عن سبيل الله) الآية وذكر بن بطال أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة من مفهوم قوله تعالى (ليضل عن سبيل الله) فإن مفهومه أنه إذا اشتراه لا ليضل لا يكون مذموما. وكذا مفهوم الترجمة أنه إذا لم يشغله اللهو عن طاعة الله لا يكون باطلا لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق فكل شيء نص على تحريمه مما يلهي يكون باطلا سواء شغل أو لم يشغل وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء.
قال ابن تيمية: وأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو وسائر ضروب اللعب مما لا يُستعان به في حق شرعي فكله حرام وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم: أن عائشة -رضي الله عنها- وجواري معها يلعبن بالبنات وهو اللعب -والنبي صلى الله عليه وسلم يراهن فيرخص فيه للصغار ما لا يرخص فيه للكبار والصراع والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد به نصر الإسلام. [الإختيارات الفقهية: 497].
قال الشوكاني: قال الغزالي: قلنا قوله – صلى الله عليه وسلم – ” فهو باطل ” لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم فائدة انتهى.
وهو جواب صحيح لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح. على أن التلهي بالنظر إلى الحبشة وهم يرقصون في مسجده – صلى الله عليه وسلم – كما ثبت في الصحيح خارج عن تلك الأمور الثلاثة. [نيل الأوطار: 8/ 118].
قال الالباني: الأصل في الملاهي التي يلهو بها الناس ما عدا الأربع الخصال المذكورة في حديث جابر أنها باطل لغو لا قيمة له ولا ينبغي للمسلم أن يضيّع وقته من ورائها اللهم إلاّ إذا حسنت النية ولا أقل فيها أن يكون المقصود الترويح عن النفس مع ملاحظة الشروط التي سبق ذكرها. [فتاوى جدة].
الخلاصة: الباطل في الحديث ليس بمعنى محرم و إنما الذي لا فائدة فيه، و استثى الشارع الحكيم أربع خصال فيه منفعة، وكل شيء يشغلك عن الطاعة يدخل في النهي، و هناك من اللهو ما هو محرم كالنرد و غير ذلك، و الكيس الفطن لا يضيع أوقاته فيما لا فائدة فيه، بل قد يترتب بسبب اللهو ضياع الصلوات في المساجد كمشاهدة المباريات، و كذلك لعب كرة القدم في أوقات الصلاة و يمر و قتها بسبب اللعب و هذا لا يجوز و قيس على ذلك.