30 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
”””””””””””””””””
مسند أحمد
22009 حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ” يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ ” قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: ” لَا يَشْهَدُ عَبْدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ” قَالَ: قُلْتُ:
أَفَلَا أُحَدِّثُ النَّاسَ؟ قَالَ: ” لَا، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلُوا عَلَيْهِ ”
قلت سيف: هو على شرط المتمم على الذيل؛
حيث خالف همام من هو أوثق منه في قتادة وهو هشام فجعله؛ همام من مسند معاذ بينما هو في الصحيح من طريق هشام من مسند أنس
وفي شرح علل الترمذي الكبير ذكر بعض الأئمة أنه إذا تعارضت رواية احد الأئمة المقدمين في قتادة أمثال هشام على رواية احد الشيوخ أمثال همام فتقدم رواية هشام.
وإنما وضعناه في المتمم على الذيل الذي نضع فيه الأحاديث المحتملة للتحسين. خاصة وله متابع
فقال محققو المسند:
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الطبراني في “الكبير” 20/ (76)، وابن منده في “الإيمان” (99) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع، عن سليمان التيمي، عن أنس، عن معاذ. وانظر ما سلف برقم (21998).
__________
الحديث في بيان فضل التوحيد، وفيه بيان أنه لا بد من النطق بلا إله إلا الله مع توطأ القلب، وفيه أن التوحيد سبب الدخول في الجنة والنجاة من النار، وفيه جواز كتمان العلم للمصلحة، فينبغي الإهتمام بهذه الكلمة وفهمها و العمل بمقتضاها، و هذه الكلمة (التوحيد) هي سبب سعادة العبد في الدنيا والآخرة، الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
سأبين بشيء من الشرح من كلام أهل العلم على بعض المسائل لأهميتها:
[التوحيد]
والتوحيد المطلوب يشمل ما أمر اللهجل وعلا به في كتابه من توحيده، وهو ثلاثة أنواع:
1 توحيد الربوبية.
2 وتوحيد الألوهية.
3 وتوحيد الأسماء والصفات.
فأما توحيد الربوبية: فمعناه توحيد الله بأفعاله. وأفعال الله كثيرة، منها: الخلق، والرِّزْق، والإحياء، والإماتة، وتدبير الملك، والنفع.
وأما توحيد الألوهية: فالألوهية مأخوذة من: ألَه يالَه إِلهة وأُلُوهةً: إذا عُبد مع المحبة والتعظيم. يقال: تَأَلَّه إذا عُبد مُعَظَّمًا مُحَبًّا، ففرقٌ بين العبادة والألوهة، فإن الألوهة عبادة فيها المحبة، والتعظيم، والرضا بالحال، والرجاء، والرغب، والرهب.
توحيد الأسماء والصفات:
وهو اعتقاد انفراد الربجل جلالهبالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة، والجلالة والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات، ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله، من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل.
[الشرك]
والشرك: هو اتخاذ شريك مع اللهجل وعلا في الربوبية، أو في العبادة، أو في الأسماء والصفات. والمقصود هنا: النهي عن اتخاذ شريك مع الله جل وعلا في العبادة، والأمر بتوحيده سبحانه.
التقسيم الأول: وهو تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر، فالأكبر: هو المخرج من الملة، والأصغر: ما حكم الشارع عليه بأنه شرك. وليس فيه تنديد كامل يُلْحِقُهُ بالشرك الأكبر، وعبَّر عنه بعض العلماء بقوله: ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر، فعلى هذا يكون الشرك الأكبر منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي.
فمثال الظاهر من الشرك الأكبر: عبادة الأوثان، والأصنام، وعبادة القبور، والأموات والغائبين. ومثال الباطن: شرك المتوكلين على المشايخ، أو على الآلهة المختلفة، أو كشرك المنافقين؛ لأن المنافقين مشركون في الباطن؛ فشركهم أكبر، ولكنه خفي، أي في الباطن، وليس في الظاهر.
وكذلك الشرك الأصغرعلى هذا التقسيممنه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي، فمثال الظاهر من الشرك الأصغر: لبس الحلقة، والخيط، وتعليق التمائم، والحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأعمال والأقوال. ومثال الباطن الخفي منه: يسير الرياء ونحو ذلك. فيكون الرياءعلى هذا التقسيم أيضامنه ما هو أكبر كرياء المنافقين الذين قال الله في وصفهم: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] [النساء: 142]، ومنه: ما يقع فيه بعض المصلين المتصنعين في صلواتهم؛ لأجل نظر الناس إليهم، ومنه ما هو أصغر كمن يحب التسميع أو المراءات.
تنبيه: استفدت ذلك من شروحات التوحيد للشيخ السعدي و الشيخ صالح ال الشيخ
قلت: فلا بد للعبد أن يحقق شروط هذه الكلمة العظيمة (التوحيد) و الإتيان بلازمها، و أن يوحد الله جل و علا في عبادته و ان يحذر من الشرك وأنواعه.
[بيان الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة]
وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة، وقالها خالصًا من قلبه مستيقنًا بها قلبه، غير شاك فيها بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه، دخل الجنة، لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك؛ فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة، وتواترت بأن كثيرا ممن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدًا أو عادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته. وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}. تيسير العزيز الحميد (63 64).
[التوحيد سبب الدخول في الجنة و النجاة من النار]
و قال أيضا: وحاصله: أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، ومقتض لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه، أو لوجود مانع.
ولهذا قيل للحسن إن ناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة
وقال وهب بن منبه، لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح.
[الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله]
أي يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة وفي رواية فأخبر بها معاذ عند موته تأثما أي تحرجا من الأثم قال الوزير أبو المظفر لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة فأما الأكياس الذين إذا سمعوا بمثل هذا ازدادوا في الطاعة ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة فلا وجه لكتمانها عنهم.
[تيسير العزيز الحميد (48)].
قال العلامة العثيمين: لأن الاتكال على رحمة الله يسبب مفسدة عظيمة هي الأمن من مكر الله.
وكذلك القنوط من رحمة الله، يبعد الإنسان من التوبة، ويسبب اليأس من رحمة الله، ولهذا قال الإمام أحمد: “ينبغي أن يكون سائرا إلى الله بين الخوف والرجاء، فأيهما غلب هلك صاحبه”، فإذا غلب الرجاء أدى ذلك إلى الأمن من مكر الله، وإذا غلب الخوف أدى ذلك إلى القنوط من رحمة الله.
وقال بعض العلماء: إن كان مريضا غلَّب جانب الرجاء، وإن كان صحيحا غلب جانب الخوف. وقال بعض العلماء: إذا نظر إلى رحمة الله وفضله؛ غلَّب جانب الرجاء، وإذا نظر إلى فعله وعمله؛ غلَّب جانب الخوف لتحصل التوبة.
ويستدلون بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} 1 أي: خائفة أن لا يكون تقبل منهم لتقصير أو قصور، وهذا القول جيد، وقيل: يغلب الرجاء عند فعل الطاعة ليحسن الظن بالله، ويغلِّب جانب الخوف إذا هم بالمعصية؛ لئلا ينتهك حرمات الله. القول المفيد (1/ 56).