: 30 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبو عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
قال الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه
بَابٌ: المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، وَلاَ يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]
30 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَاكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ»
——–‘——–‘——–‘
فوائد الباب:
1 – قوله (المعاصي من أمر الجاهلية وَلاَ يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ) (أراد “البخاري” أن يبين أنه كفر لا يخرج من الملة خلافا للخوارج الذين يكفرون بالذنوب) قاله الحافظ في الفتح.
قال الكرماني في الكواكب الدراري 1/ 137:
قوله: (لا يكفر صاحبها) هذا هو مذهب الجماعة وأما عند الخوارج فالكبيرة موجبة للكفر وعند المعتزلة موجبة للمنزلة بين المنزلتين وصاحبها لا مؤمن ولا كافر. قوله: (إلا بالشرك) أي إلا بارتكاب الشرك. اهـ
2 – و (الجاهلية) زمان الفترة قبل الإسلام سميت بذلك لكثرة جهالاتهم. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
3 – قوله: (فيك جاهلية) معناه يريد إنك فى تعييره بأمه على خلق من أخلاق الجاهلية، لأنهم كانوا يتفاخرون بالأنساب، فجهلت وعصيت الله فى ذلك، ولم تستحق بهذا أن تكون كأهل الجاهلية فى كفرهم بالله تعالى قاله ابن بطال في شرحه على البخاري.
4 – قوله (لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ») فذكر موضع الشاهد من الحديث الذي سيذكره، وهذا إشارة إلى منهجه رحمه الله أنه يذكر الحديث تحت ترجمة معينة استدلالا به على ما ترجم به.
5 – قوله (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ: فَالشِّرْكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72] وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا: فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ، أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْفِرُ ذَلِكَ وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا: فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ ” أخرجه الإمام أحمد وغيره وفيه صدقة بن موسى وهو ضعيف وله شاهد من حديث أنس.
قلت سيف بن دورة:
وايضا له شاهد من حديث سلمان وأبي هريرة وراجع تحقيق مختصر الذهبي حيث قواه بحديث سلمان
لكن حديث سلمان وهو أمثلها للتقوية لحديث عائشة أنكره الذهبي في الميزان على يزيد بن سفيان. وضعف ابن حبان هذا الراوي بشدة في المجروحين.
أما حديث أنس ففيه زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري يروون المناكير
وأخرجه الطيالسي من طريق الربيع عن يزيد عن أنس والربيع بن صبيح ضعيف سيء الحفظ. ومثله شيخه يزيد بن أبان الرقاشي. قال ابن حبان في يزيد الرقاشي كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو لا يعلم. فلما كثر ذلك بطل الاحتجاج به المجروحين باختصار
وحديث عائشة تفرد به صدقة عن مكثر
وورد مقطوعا على قتادة أو الحسن على الشك يعني من كلام أحدهما أخرجه عبدالرزاق في مصنفه 11/ 183 … والسند صحيح.
6 – قوله (قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ) وعند الطحاوي في شرح معاني الآثار 7313 من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش عن المعرور” قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا , أَوْ مُعْتَمِرِينَ , فَلَقِينَا أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالرَّبَذَة”
7 – قوله (وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ) وعند عبد الرزاق في مصنفه 17965 من طريق الأعمش ” فَرَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ عَلَيْهِ بُرْدَةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ أُخْتُهَا”.
8 – قوله (فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ) فيه إشارة إلى أن فعل أبي ذر رضي الله عنه لم يكن واجبا عليه.
9 – قوله (فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ) وعند البخاري 6050 من طريق الأعمش “: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا”، وعند مسلم 1661 من طريق وكيع عن الأعمش به ” إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ”
10 – زاد من طريق آدم عن شعبة كما عند البخاري” فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”
11 – قوله («يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) وفي رواية عند مسلم من طريق الأعمش وفيه ” قُلْتُ: عَلَى حَالِ سَاعَتِي مِنَ الْكِبَرِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَفِي رِوَايَةِ أخرى عنده أيضا: «نَعَمْ عَلَى حَالِ سَاعَتِكَ مِنَ الْكِبَرِ» ”
12 – وفي رواية عند مسلم من طريق وكيع عن الأعمش ” قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ”.
13 – وفي رواية عند مسلم ” قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ” أي كررها.
14 – قوله (جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ) وعند أبي داود من طريق جرير عن الأعمش ” فضلكُمُ اللهُ عليهم، فمن لم يُلائِمكُم فبيعُوه، ولا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللهِ”
قال القاضي عياض في شرح مسلم 5/ 433:
قوله – عليه السلام -: ” هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ما يأكل ” الحديث، يشعر بأنه كان عبدا، وأن أبا ذر سماه رجلا من إخوانى؛ لقوله – عليه السلام – له: ” هم إخوانكم فمن كان أخوه تحت يده “.
15 – قوله (فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَاكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ) قال البغوي في شرح السنة ” هَذَا خطاب مَعَ الْعَرَب الَّذين لبوسُ عامتهم، وأطعمتهم مُتَقَارِبَة، يَاكُلُون الجَشِب، وَيلبسُونَ الخشن، فَأَمرهمْ أَن يُطعموا، ويُلبسوا رقيقَهم، مِمَّا يَاكُلُون وَيلبسُونَ، فَأَما من خَالف معاش السَّلف، وَالْعرب، فَأكل رَقِيق الطَّعَام، وَلبس جيِّد الثِّيَاب، فَلَو آسى رَقِيقه، كَانَ أحسن، فَإِن لم يفعل، فَلَيْسَ عَلَيْهِ لرقيقه إِلا مَا هُوَ الْمَعْرُوف من نَفَقَة رقيقَة بَلَده، وكِسوتهم”.
قال القاضي عياض في شرح مسلم 5/ 433:
وقوله: ” فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون “: حمله أبو ذر على ظاهره، فكان يلبس غلامه مثل لباسه، كما جاء فى الحديث، والأمر محمول على الاستحباب لا على الإيجاب بالاجماع، بل إن أطعمه من الخبز وما يقتاته كان قد أطعمه مما يأكل، لأن: من، للتبعيض ولا يلزمه أن يطعمه من كل ما يأكل على العموم من الأدم وطيبات العيش، ومع ذلك فيستحب أن [لا يستأثر] على عياله، [ولا يفضل] نفسه في العيش عليهم.
16 – قوله (وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُم) فيه “الإحسان إلى الخدم” قاله الترمذي في سننه، وكذلك جعلها البيهقي شعبة من شعب الإيمان في كتابه شعب الإيمان.
17 – فيه مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ قاله البخاري.
18 – “فيه أنه ” لاَ يُكَلَّفُ الْعَبْدُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لاَ يُطِيقُ” قاله البخاري في الأدب المفرد
19 – قال ابن العثيمين في تعليقه على البخاري: ثم ذكر حديث أبي ذر
وفيه حسن امتثال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فإن أبا ذر سب هذا الرجل – والظاهر أنه غلامه – فعيره بأمه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ” إنك امرؤ فيك جاهلية ” وذكر تمام الحديث.
وفيه أنه ينبغي الإحسان إذا كان أخوه تحت يده من خادم أو رقيق أو ما أشبه ذلك أن يطعمه مما يطعم و يلبسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه – يعني ما لا يطيق فإن كلفه فليعنه. وهذا من خصال الإسلام الحميدة. حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراعاة هؤلاء الخدم سواء كانوا مملوكين أو مأجورين اهـ
20 – قوله (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب) تابعه آدم بن أبي إياس كما عند البخاري 2545 تابعه محمد بن جعفر كما عند مسلم 1661 تابعه أبو داود الطيالسي كما عند أبي عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم 6506
21 – قوله (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) تابعه سفيان الثوري كما عند الترمذي 1945 والإمام أحمد في مسنده 21409.
22 – قوله (عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَب) وعند البخاري من طريق آدم بن أبي إساس ” حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ” تابعه الأَعْمَشُ كما عند البخاري 6050 و مسلم 1661 وأبي داود 5157و 5158 وابن ماجه 3690
23 – قوله (عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ) وعند البخاري من طريق آدم بن أبي إياس ” سَمِعْتُ المَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ” تابعه مورق العجلي مختصرا به وليس فيه موضع الشاهد أخرجه أبو داود 5161 ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 15778 والإمام أحمد في مسنده 21483
——–
مكرر بعد التصويب