3 – نفح الطيب في شرح أحاديث في الترغيب والترهيب
نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
3 – (صحيح)
وعن أبي فراس رجل من أسلم قال نادى رجل فقال يا رسول الله ما ا يمان قال ا خ ص
وفي لفظ آخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
سلوني عما شئتم فنادى رجل يا رسول الله ما ا س م قال إقام الص ة وإيتاء الزكاة
قال فما ا يمان قال ا خ ص
قال فما اليقين قال التصديق
رواه البيهقي وهـو مرسل
——
على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
—–
يفهم من الحديث أن الإخلاص أساس العمل، والعمل الصالح حتي يقبل لا بد أن يكون فاعله مؤمنا و لا يقبل من الكافرين، و إن العبادة لا تقبل إلا إذا توفر فيها شرطا الإخلاص، والمتابعة.
ذكر ابن جرير في تفسيره عن السدي قوله: ” ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن “، قال: أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح، وأبَى أن يقبل الإسلام إلا بالإحسان.
العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون خالصاً لله عزوجل؛ لأن الله يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة/5].
الثاني: أن يكون موافقاً لما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم-، لأنه الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7].
الثالث: أن يكون فاعله مؤمناً؛ لأن الله يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97].
وإذا اختل شرط منها بطل العمل. [الفقه الاسلامي على ضوء الكتاب و السنة]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والعِبادَةُ والطّاعَةُ والِاسْتِقامَةُ ولُزُومُ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ ونَحْوُ ذَلِكَ مِن الأسْماءِ مَقْصُودُها واحِدٌ ولَها أصْلانِ:
أحَدُهُما «ألّا يُعْبَدَ إلّا اللَّهُ. و» الثّانِي «أنْ يُعْبَدَ بِما أمَرَ وشَرَعَ لا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِن البِدَعِ.
قالَ تَعالى: {فَمَن كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا}
وقالَ تَعالى: {بَلى مَن أسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ وهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ}
وقالَ تَعالى: {ومَن أحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ وهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا واتَّخَذَ اللَّهُ إبْراهِيمَ خَلِيلًا} فالعَمَلُ الصّالِحُ هُوَ الإحْسانُ وهُوَ فِعْلُ الحَسَناتِ.
و» الحَسَناتُ ” هِيَ ما أحَبَّهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ وهُوَ ما أمَرَ بِهِ أمْرَ إيجابٍ أوْ اسْتِحْبابٍ فَما كانَ مِن البِدَعِ فِي الدِّينِ الَّتِي لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً فَإنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّها ولا رَسُولُهُ فَلا تَكُونُ مِن الحَسَناتِ ولا مِن العَمَلِ الصّالِحِ كَما أنَّ مَن يَعْمَلُ ما لا يَجُوزُ كالفَواحِشِ والظُّلْمِ لَيْسَ مِن الحَسَناتِ ولا مِن العَمَلِ الصّالِحِ. وأمّا قَوْلُهُ. {ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا} وقَوْلُهُ: {أسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ} فَهُوَ إخْلاصُ الدِّينِ لِلَّهِ وحْدَهُ وكانَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صالِحًا واجْعَلْهُ لِوَجْهِكَ خالِصًا ولا تَجْعَلْ لِأحَدِ فِيهِ شَيْئًا. وقالَ الفُضَيْل بْنُ عِياضٍ فِي قَوْلِهِ: {لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلًا} قالَ: أخْلَصُهُ وأصْوَبُهُ قالُوا: يا أبا عَلِيٍّ ما أخْلَصُهُ وأصْوَبُهُ؟ قالَ:
إنّ العَمَلَ إذا كانَ خالِصًا ولَمْ يَكُنْ صَوابًا لَمْ يُقْبَلْ وإذا كانَ صَوابًا ولَمْ يَكُنْ خالِصًا لَمْ يُقْبَلْ حَتّى يَكُونَ خالِصًا صَوابًا والخالِصُ أنْ يَكُونَ لِلَّهِ والصَّوابُ أنْ يَكُونَ عَلى السُّنَّةِ. [مجموع الفتاوى ((10) / (172) – (17))].
من المخلص لله:
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير ((5) / (237)): قالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ أبِي لُبابَةَ قالَ: قالَ الحَوارِيُّونَ: يا رُوحَ اللَّهِ، أخْبِرْنا عَنِ المُخْلِصِ لِلَّهِ. قالَ: الَّذِي يَعْمَلُ لِلَّهِ، لا يُحِبُّ أنْ يَحْمَدَهُ النّاسُ.
الاخلاص في العبادة
قال العلامة ابن باز رحمه الله: (وإخلاص) لا بد من الإخلاص في العبادة لله وحده، صلاتك، صومك، صدقاتك، كلها لله وحده، مع المحبة، تحب الله محبة صادقة، تحب رسوله ، لا بد من محبة الله جل وعلا، وهكذا الصدق لا بد أن تكون صادقا في ذلك، بخلاف المنافقين يكذبون، أما أنت تقولها صادقا أنه لا معبود حق إلا الله.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: قَوْلُهُ تَعالى: (فاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ألا لِلَّهِ الدِّينُ الخالِصُ) أمَرَ اللَّهُ جَلَّ وعَلا نَبِيَّهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، أنْ يَعْبُدَهُ فِي حالِ كَوْنِهِ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، أيْ مُخْلِصًا لَهُ فِي عِبادَتِهِ، مِن جَمِيعِ أنْواعِ الشِّرْكِ صَغِيَرِها وكَبِيرِها، كَما هُوَ واضِحٌ مِن لَفْظِ الآيَةِ.
والإخْلاصُ، إفْرادُ المَعْبُودِ بِالقَصْدِ، فِي كُلِّ ما أمَرَ بِالتَّقَرُّبِ بِهِ إلَيْهِ، وما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، مِن كَوْنِ الإخْلاصِ فِي العِبادَةِ لِلَّهِ وحْدَهُ، لا بُدَّ مِنهُ، جاءَ فِي آياتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وقَدْ بَيَّنَ جَلَّ وعَلا، أنَّهُ ما أمَرَ بِعِبادَةٍ، إلّا عِبادَةً يُخْلِصُ لَهُ العابِدُ فِيها.
أمّا غَيْرُ المُخْلِصِ فَكُلُّ ما أتى بِهِ مِن ذَلِكَ، جاءَ بِهِ مِن تِلْقاءِ نَفْسِهِ، لا بِأمْرِ رَبِّهِ، قالَ تَعالى: (وما أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الآيَةَ [(98) \ (5)]، وقالَ جَلَّ وعَلا: (قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وأُمِرْتُ لِأنْ أكُونَ أوَّلَ المُسْلِمِينَ) إلى قَوْلِهِ تَعالى: (قُلِ اللَّهَ أعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِن دُونِهِ) [(39) \ (14)، (15)].وقَدْ قَدَّمْنا الكَلامَ عَلى العَمَلِ الصّالِحِ، وأنَّهُ لا بُدَّ فِيهِ مِنَ الإخْلاصِ، فِي أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ، فِي الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: (ويُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ) الآيَةَ. وفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَواضِعِ.
وقَوْلُهُ تَعالى فِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: (ألا لِلَّهِ الدِّينُ الخالِصُ) أيِ: التَّوْحِيدُ الصّافِي مِن شَوائِبِ الشِّرْكِ، أيْ: هُوَ المُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ وحْدَهُ، وهُوَ الَّذِي أمَرَ بِهِ.
وقَوْلُ مِن قالَ مِنَ العُلَماءِ: إنَّ المُرادَ بِالدِّينِ الخالِصِ كَلِمَةُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مُوافِقٌ لِما ذَكَرْناهُ. والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى. [أضواء البيان ((6) / (352))].
و من الاخلاص في العبادة البعد عن الرياء:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه على الحديث (من يُسمِّع يُسمِّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به) رواه البخاري ومسلم
قال: [قال الخطابي: معناه من عمل عملًا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه، وقيل من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثًا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة، ومعنى يرائي يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه، ومنه قوله تعالى: {مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها وهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إلّا النّارُ وحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} سورة هود الآيتين (15) – (16). وقيل: المراد من قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد، وكان ذلك جزاءه على عمله؛ ولا يثاب عليه في الآخرة] فتح الباري (11) / (409).