3 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
1386 قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ رَآهُ كَئِيبًا، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَئِيبًا؟ لَعَلَّهُ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ قَالَ: لَا. وَأَثْنَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” كَلِمَةٌ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ، وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ ” فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُهَا. فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ” هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ؟ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: هِيَ وَاللهِ هِيَ. رجاله ثقات. إبراهيم بن مهدي هو المصيصي وثقه أبو حاتم وغيره. وفي التقريب: مقبول. واحتج به الشيخ مقبل رحمه الله، انظر اتحاف الخليل. ويحيى بن طلحة، قال عنه يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب: ثقة. الجواب: هو على الشرط ورجح الدارقطني في العلل هذا السند516
من فوائد الحديث:
اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بكلمة التوحيد، و كيف أنهم جعلوا الخوف ملازم لقلوبهم و حرصهم على فهم ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم سواء في الاعتقادات او العبادات أو الأحكام الشرعية، فينبغي علينا أن نهتم بهذه الكلمة (لا اله الا الله) وفهمها على الوجه الصحيح و أخذها من العلم الموثوق بهم، ويجب دراسة العقيدة ونشرها بين الناس فهي التي تربطك بالله.
وفيه ايضا: على اهل العلم ادخال السرور على من كانت له هموم او اصابه شيء أو راه كئيبا أن يزيل عنه ما اصابه، وان يقضي حاجته كما فعل عمر رضي الله عنه.
ومن فضل هذه الكلمة (لا اله الا الله) فيه تفريج الكربات و حصول الامن والامان، و الموت عليها عنوان السعادة في الدنيا والآخرة فينبغي على المسملم أن يعلم معناها والعمل بمقتضاها وتحقيق شروطها لكي ينجو من نار جهنم.
ولهذا أحببت الكلام بشيء مفصل عن هذه الكلمة العظيمة، راجيا من الله القبول والثواب.
فضل كلمة لا اله الا الله
اعلم أخا الإسلام أرشدك الله لطاعته ووفقك لمحبته أن خير الكلمات وأعظمها وأنفعها وأجلّها كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»؛ فهي العروة الوثقى، وهي كلمة التقوى، وهي أعظم أركان الدين، وأهم شعب الإيمان، وهي سبيل الفوز بالجنة والنجاة من النار، لأجلها خلق الله الخلق وأنزل الكتب وأرسل الرسل، وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة، وهي أصل الدين وأساسه ورأس أمره {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18]، والنصوص الواردة في فضلها وأهميتها وعظم شأنها كثيرة جداً في الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” وفضائل هذه الكلمة وحقائقها وموقعها من الدين فوق ما يصفه الواصفون ويعرفه العارفون وهي رأس الأمر كله “. مقال [شروط لا اله الا الله] للشيخ عبدالرزاق البدر.
قال تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
قال ابن كثير في التفسير [4/ 491]: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {مثلا كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا الله، {كشجرة طيبة} وهو المؤمن، {أصلها ثابت} يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، {وفرعها في السماء} يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء.
قال تعالى: فقال: {إنني براء مما تعبدون. إلا الذي فطرني فإنه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه}
قال ابن كثير في التفسير [7/ 255]: أي: هذه الكلمة، وهي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأوثان، وهي “لا إله إلا الله” أي: جعلها دائمة في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذرية إبراهيم، عليه السلام، {لعلهم يرجعون} أي: إليها.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله سيخلِّص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ كلُّ سجلٍ مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلاّت في كفة والبطاقة في كفَّةٍ فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء)) قال الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 53: ((صحيح)).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أفضل الدعاء الحمد لله، وأفضل الذكر لا إله إلا الله)) أخرجه الترمذي و صححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 5648.
عن معاذ رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة))
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله! أوصني. قال: ((إذا عملت سيئةً فأتبعها حسنة تمحها)). قال قلت: يا رسول الله! أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: ((هي أفضل الحسنات)) صحيح الترغيب والترهيب، رقم 3162
جاء في كتاب تسير العزيز الحميد 120: وأنه ليس المراد منها مجرد النطق فإذا كانت لا تعصم من استباح محرما أو أبى عن فعل الوضوء مثلا بل يقاتل على ذلك حتى يفعله فكيف تعصم من دان بالشرك وفعله واحبه ومدحه وأثنى على أهله ووالى عليه وعادى عليه وأبغض التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله وتبرأ منه وحارب أهله وكفرهم وصد عن سبيل الله كما هو شأن عباد القبور.
قال الامام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد:
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم:: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله».
وهذا من أعظم ما يبين معنى: ” لا أله إلا الله ” فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ولا دمه، فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها، ويا له من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع.
قال الشيخ السعدي في القول السديد (41): فتبين بذلك أنه: لا بد من اعتقاد وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، ومن الإقرار بذلك اعتقادا ونطقا، ولا بد من القيام بعبادة الله وحده طاعة لله وانقيادا، ولا بد من البراءة مما ينافي ذلك عقدا وقولا وفعلا.
ولا يتم ذلك إلا بمحبة القائمين بتوحيد الله وموالاتهم ونصرتهم، وبغض أهل الكفر والشرك ومعاداتهم، لا تغني في هذا المقام الألفاظ المجردة، ولا الدعاوى الخالية من الحقيقة، بل لا بد أن يتطابق العلم والاعتقاد والقول والعمل، فإن هذه الأشياء متلازمة متى تخلف واحد منها تخلفت البقية والله أعلم.
قال الشيخ العثيمين في القول المفيد [1/ 115]: فمثلاً لا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله ولا أعبد اللات، ولكن لا بد أن يكفر بها ويقول: إن عبادتها ليست بحق، وإلا، كان مقراً بالكفر.
فمن رضي دين النصارى ديناً يدنون الله به، فهو كافر لأنه إذا ساوى غير دين الإسلام مع الإسلام، فقد كذب قوله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه} [آل عمران: 85].
وبهذا يكون كافراً، وبهذا نعرف الخطر العظيم الذي أصاب المسلمين اليوم باختلاطهم مع النصارى، والنصارى يدعون إلى دينهم صباحاً ومساءاً، والمسلمون لا يتحركون، بل بعض المسلمين الذين ما عرفوا الإسلام حقيقة يلينون لهؤلاء، {ودوا لو تدهن فيدهنون} [القلم: 9]، وهذا من المحنة التي أصابت المسلمين الآن، وآلت بهم إلى هذا الذل الذي صاروا فيه.
قال الشيخ محمد بن ابراهيم في رسائل العقيدة: وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد لها، ولم يعمل بمقتضاها_فإن ذلك لا ينفعه، كما هي حال أبي طالب، فهو يعلم أن دين محمد حق، بل إنه ينطق بذلك ويعترف، حيث يقول مدافعاً عن الرسول”:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك لا عليك غضاضة وافرح وقر بذلك منك عيونا
ولقد علمت بأن دينَ محمدٍ من خير أديان البرية دينا
معنى كلمة لا اله الا الله
أي معنى لا إله إلا الله ألا معبود بحق إلا الله فشهادة أن لا إله إلا الله أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأنه “إله” بمعنى مألوه، والتأله التعبد. شرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين [48].
و الدليل على ذلك، {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير} الحج 62
قال الالباني رحمه الله: المسلمون لا يعلمون معنى: (لا إله إلا الله) إلا القليل منهم، ولذلك هم يقولون كلهم: لا إله إلا الله، ولكن إذا أردت أن تبين لهم أن ما يفعلونه من الإتيان إلى الأولياء والصالحين، والذبح عندهم، والنذر لهم، والحلف بهم، والصلاة عند مقابرهم إلخ، فهذا كافر بلا إله إلا الله؛ لأن معنى (لا إله إلا الله) ليس المعنى الذي ذكرناه عن الشاذلي: لا رب إلا الله، وإنما معناه: لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، وحينما يفهم المسلم كلمة الشهادة هذه الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) فهماً صحيحاً؛ فيجب أن يطبقه تطبيقاً صحيحاً كما فهمه فهماً صحيحاً، ومن هنا يظهر الفرق بين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم الصحيح، وبين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم غير الصحيح، تختلف تصرفاتهم في هذه الحياة.
لن تجد مؤمناً بهذه الكلمة الطيبة على المعنى الصحيح يذبح لغير الله، وينذر لغير الله، ويحلف بغير الله، ويصلي لغير الله عند قبور الأولياء والصالحين، لن تجد عند هؤلاء شيئاً من ذلك، بينما الآخرون الله أكبر!! يذهبون عند من يسمى بسيدي شعيب، وانظروا إلى النذور هناك! ومن نذر لغير الله فهو ملعون، كما قال عليه السلام: (من ذبح لغير الله فهو ملعون) كيف ملعون وهو يقول: لا إله إلا الله؟! لم يفهم لا إله إلا الله. دروس للشيخ الالباني
أركانها:
النفي و الإثبات، قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
ففي قوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ} الإثبات، وفي قوله: {اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ} النفي. فدلت الآية على أنه لا بد في الإسلام من النفي والإثبات، فيثبت العبادة لله وحده، وينفي عبادة ما سواه، وهو التوحيد الذي تضمنته سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 3. وهو معنى قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 4.
قال ابن القيم: وطريقة القرآن في مثل هذا أن يقرن النفي بالإثبات، فينفي عبادة ما سوى الله، ويثبت عبادته، وهذا هو حقيقة التوحيد، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنًا للنفي والإثبات، وهذا حقيقة لا إله إلا الله. انتهى. تيسير العزيز الحميد [32].
شروطها:
والعلم واليقين والقبول … والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبه … وفقك الله لما أحبه
قال الحافظ الحكمي: هذه الشروط السبعة, ومعنى استكمالها اجتماعها في العبد والتزامه إياها بدون مناقضة منه لشيء منها, وليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له: أعددها لم يحسن ذلك, وكم حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيرا فيما يناقضها, والتوفيق بيد الله, والله المستعان.
الأول “العلم” بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك, قال الله عز وجل: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19] وقال تعالى: {إلا من شهد بالحق} [الزخرف: 86] أي: بلا إله إلا الله {وهم يعلمون} بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم. وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة” 1 مسلم “1/ 55/ ح43” في الإيمان
“واليقين” أي: والثانى اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما, فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن, فكيف إذا دخله الشك, قال الله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} إلى قوله: {أولئك هم الصادقون} [الحجرات: 15] فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي: لم يشكوا, فأما المرتاب فهو من المنافقين, والعياذ بالله.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: “أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة” مسلم “1/ 55 57/ ح27” في الإيمان
الثالث “القبول” لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه, وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قبلها وانتقامه ممن ردها وأباها كما قال تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون، فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} [الزخرف: 23 25].
الرابع “الانقياد” لما دلت عليه المنافي لترك ذلك, قال الله عز وجل: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} وقال تعالى: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى} [لقمان: 22] أي: بلا إله إلا الله {وإلى الله عاقبة الأمور} ومعنى يسلم وجهه أي: ينقاد وهو محسن موحد, ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسنا فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى.
الخامس “الصدق” فيها المنافي للكذب, وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه, قال الله عز وجل: {الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} [العنكبوت: 1 3] إلى آخر الآيات.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار” , فاشترط في إنجاء من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صدقا من قلبه, فلا ينفعه مجرد اللفظ بدون مواطأة القلب.
السادس “الإخلاص” وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك, قال الله تبارك وتعالى: {ألا لله الدين الخالص} [الزمر: 3]. وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه” وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلمقال: “إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل”
السابع “المحبة” لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها, وبغض ما ناقض ذلك, قال الله عز وجل: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} [البقرة: 165]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} [المائدة: 54]، فأخبرنا الله عز وجأن عباده المؤمنين أشد حبا له؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعو محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أندادا يحبونهم كحبه, وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه, وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه, واتباع رسوله صلى الله عليه وسلمواقتفاء أثره وقبول هداه. [معارج القبول للحافظ الحكمي (2/ 421 – 424). أختصرت الشروط وبتصرف.
انظر تيسير العزيز الحميد (ص87فما بعدها) حيث قال: (وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي في من قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة وقالها خالصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين .. فإنّ حقيقة التّوحيد انجذاب الرّوح إلى الله جملة).