298 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———-”———”——–
مسند أحمد:
21717 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ كِلَاهُمَا، قَالَ: شُعْبَةُ يَقُولُ ذَلِكَ، أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِائَةَ مُحَرَّرٍ، فَأَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى يُطِيلُهَا، وَصَلَّى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَوْفِ نَذْرَكَ، وَبَرَّ وَالِدَيْكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْوَالِدُ أَوْسَطُ بَابِ الْجَنَّةِ» فَحَافِظْ عَلَى الْوَالِدِ أَوْ اتْرُكْ
– إسناده حسن رجاله ثقات عدا عطاء بن السائب الثقفي وهو صدوق حسن الحديث، رجاله رجال البخاري
قلت سيف بن دورة: سبق تحت رقم 27511 اننا قلنا على شرط الذيل على الصحيح المسند، وكان من طريق سفيان الثوري وسمع من عطاء قبل الاختلاط، وقلنا تابعه شعبه وابن عيينة وغيرهما
———-‘——–
بر الوالدين في الطلاق
عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، فعن أبي عبد الرحمن السلمي: ((أن رجلا أتى أبا الدرداء، رضي الله عنه فقال: إن أمي لم تزل بي حتى تزوجت وإنها تأمرني بطلاقها وقد أبت علي إلا ذاك. فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدتك ولا أنا الذي آمرك أن تطلق، إنك إن شئت حدثتك بما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك الباب إن شئت أو أضعه)).
أبو الدرداء رضي الله عنه جعل من بر الوالدين أنهم إذا طلبوا منه طلاق زوجته أن يطيعهم في ذلك، و جعل عدم طاعته لوالديه من العقوق، و سيأتي تفصيل ذلك لاحقا.
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: فيه بيان فضل بر الوالدين.
قال الإمام البخاري في صحيحيه [باب عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ].
قال العلامة ابن باز رحمه الله: لا ريب أن بر الوالدين من أهم الفرائض ومن أعظم الواجبات، والله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتابه العظيم، مثل قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24] ومثل قوله سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36]، ومثل قوله جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] في آيات كثيرات فيها الحث على بر الوالدين، وفيها الأمر بذلك.
وقد صح عن رسول الله ما يدل على هذا المعنى أيضاً، فسئل عليه الصلاة والسلام قيل: يا رسول الله! أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها. قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، وفي الصحيحين عن أبي بكرة الثقفي عن النبي أنه قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -كررها ثلاثاً- قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور.
فبين عليه الصلاة والسلام أن من أكبر الكبائر العقوق للوالدين؛ فبرهما من أهم الواجبات ومن أعظم الفرائض، وعقوقهما من أقبح الكبائر والسيئات.
وفي الحديث الآخر: رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة بر الوالدين والإحسان إليهما والرفق بهما والأدب معهما في القول والعمل، ومن ذلك أن ينفق عليهما إذا كانا فقيرين وهو يستطيع النفقة، ومن ذلك مخاطبتهما بالتي هي أحسن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن وخفض الصوت، وعدم رفع الصوت عليهما، ومن ذلك السمع والطاعة لهما في المعروف إذا أمراه بشيء لا يخالف شرع الله وهو يستطيعه لا يضره ذلك، يطيعهما بالكلام الطيب والفعل الطيب.
منقول من موقع العلامة ابن باز.
قال الطيبي في شرح المشكاة: أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة، بل هي طاعة الله التي بلغت توصيتها من الله تعالى فحسب طاعتهما كطاعته. وكذلك العصيان والأذى. وهو من باب قوله تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله}.
الفائدة الثاني: هل تجب طاعة الوالدين عند الأمر بطلاق الزوجة؟
هذه المسألة فيها خلاف، و أشهرهما على قولين:
القول الأول: تجب طاعة الوالدين عند الأمر بطلاق الزوجة مطلقا، و دليله عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، فعن أبي عبد الرحمن السلمي: ((أن رجلا أتى أبا الدرداء، رضي الله عنه فقال: إن أمي لم تزل بي حتى تزوجت وإنها تأمرني بطلاقها وقد أبت علي إلا ذاك. فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدتك ولا أنا الذي آمرك أن تطلق، إنك إن شئت حدثتك بما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك الباب إن شئت أو أضعه)). . وهو قول الشوكاني و غيره من أهل العلم.
قال الشوكاني في النيل (6/ 263): هذا دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا في الإمساك. ويلحق بالأب الأم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب كما في حديث «من أبر يا رسول الله؟ فقال: أمك، ثم سأله فقال: أمك، ثم سأله فقال: أمك وأباك».
قلت سيف بن دورة:
وقال الإمام المناوي: “ولو أمر بطلاق زوجته قال جمع: امتثل لخبر الترمذي عن ابن عمر قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: طلقها
القول الثاني: يحرم الطلاق عند أمرهما له، و هو قول حسن البصري، و ابن تيمية و غيرها من أهل العلم.
قلت سيف بن دورة: مع أن ابن تيمية سيأتي له تفصيل حيث قال بعد ذكر المنع من الطلاق: (إلا أن يكونا مجتمعَين على معصية أو يكون أمره للبنت بمعصية الله والأم تأمرها بطاعة الله ورسوله الواجبة على كل مسلم) فيمكن أن يجعل ابن تيمية مع من فصل في المسألة.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه بل عليه أن يبر أمه وليس تطليق زوجته من بر أمه.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً عن امرأة و زوجها مُتَّفِقَين وأمُّها تريد الفرقة فلم تطاوعها البنت فهل عليها إثمٌ في دعاء أمها عليها؟ فأجاب رحمه الله: [إذا تزوجت المرأة لم يجب عليها أن تطيع أباها و لا أمها في فراق زوجها ولا في زيارتهم بل طاعة زوجها عليها إذا لم يأمرها بمعصية الله أحق من طاعة أبويها (وأيما امرأة ماتت وزوجها عليها راضٍ دخلت الجنة) و إذا كانت الأم تريد التفريق بينها و بين زوجها فهي من جنس هاروت وماروت لا طاعة لها في ذلك ولو دعت عليها اللهم إلا أن يكونا مجتمعَين على معصية أو يكون أمره للبنت بمعصية الله والأم تأمرها بطاعة الله ورسوله الواجبة على كل مسلم] مجموع فتاوى شيخ الإسلام 33/ 112.
و قد بين العلامة ابن عثيمين رحمه الله وفصل في جوابه:
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم طلاق الرجل لزوجته إذا طلب منه أبوه ذلك فقال:
” إذا طلب الأب من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين:
الأول: أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها مثل أن يقول: ” طلِّق زوجتك “؛ لأنها مريبة في أخلاقها كأن تغازل الرجال أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة وما أشبه ذلك. ففي هذا الحال يجيب والده ويطلقها؛ لأنه لم يقل ” طلِّقها ” لهوى في نفسه ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس فيطلقها.
الثانية: أن يقول الوالد للولد “طلِّق زوجتك ” لأن الابن يحبها فيغار الأب على محبة ولده لها، والأم أكثر غيرة فكثير من الأمهات إذا رأت الولد يحب زوجته غارت جدا حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها، نسأل الله العافية. ففي هذه الحالة لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه. ولكن يداريهما ويبقي الزوجة ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها.
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها، فجاءه رجل فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، قال له الإمام أحمد: لا تطلقها، قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك؟ قال: وهل أبوك مثل عمر؟
ولو احتج الأب على ابنه فقال: يا بني إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها، فيكون الرد مثل هذا، أي وهل أنت مثل عمر؟ ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول: عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله، فهذا هو جواب هذه المسالة التي يقع السؤال عنها كثيرا ” اهـ. الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/ 671.
فإذا كان الأب من أهل الصلاح و أمره بالطلاق لملصحة و سبب شرعي، و ليس لهوى فيطاع لذلك.
قال ابن العربي في شرحه: صح وثبت وأول من أمر ابنه بطلاق امرأته الخليل وكفى به أسوة وقدوة ومن بر الابن بأبيه أن يكره من كرهه وإن كان له محبا بيد أن ذلك إذا كان الأب من أهل الدين والصلاح يحب في الله ويبغض فيه ولم يكن ذا هوى قال: فإن لم يكن كذلك استحب له فراقها لإرضائه ولم يجب عليه كما يجب في الحالة الأولى فإن طاعة الأب في الحق من طاعة الله وبره من بره. فيض القدير
قلت سيف بن دورة:
قال ابن مُفلِح في ” الآداب الشرعية “:
لا تَجِبُ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ بِطَلاقِ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِطَلاقِ امْرَأَتِهِ لَمْ يَجِبْ. ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي:
ولا يجب الطلاق إذا أمره به أبوه فلا تلزمه طاعته في الطلاق؛ لأنه أمره بما لا يوافق الشرع (وإن أمرته به) أي الطلاق (أمه فقال) الإمام أحمد (لا يعجبني طلاق) لعموم حديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق ; (وكذا إذا أمرته) أمه (ببيع سريته) لم يلزمه بيعها (وليس لها) أي الأم (ذلك) أي أمره ببيع سريته ولا طلاق امرأته لما فيه من إدخال الضرر عليه.
قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على معالم السنن، قال رحمه الله: “أول من أمر ابنه بطلاق امرأته: إبراهيم عليه السلام، ومن بر الابن لأبيه أن يكره ما يكرهه أبوه، وإن كان محبا له، وأن يحب ما أحب أبوه، وإن كان ذا هوى، فإن لم يكن كذلك استحب له فراقها لإرضائه، ولم يجب عليه كحالة الأولى؛ لأن طاعة الأب في الحق من طاعة الله” تعليق ابن القيم على معالم السنن، 8/ 35.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن مطالبة الوالدة من ابنها طلاق زوجته دون سبب أو عيب في دينها بل لحاجة شخصية فأجابت بما نصها: ” إذا كان الواقع كما ذكر السائل من أن أحوال زوجته مستقيمة وأنه يحبها، وغالية عنده، وأنها لم تسئ إلى أمه وإنما كرهتها لحاجة شخصية، وأمسك زوجته وأبقى على الحياة الزوجية معها، فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه، لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ” إنما الطاعة في المعروف ” وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق عليها ومواساتها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته. فتاوى اللجنة الدائمة 20/ 29
وسئلت اللجنة الدائمة كذلك:
: هل أنا عاق أو عاص والدي لو رفضت أن أطلق زوجتي، وهل دعواته علي تدعو للقلق؟ وفي الوقت الحالي قررت أن استمر بمداراته والاتصال به باستمرار، متجاهلا موضوع طلبه، أرجو منكم الجواب بفتوى واضحة؛ لعلها تكون وسيلة لإرضاء الجميع.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من استقامة زوجتك، وقيامها بما أوجب الله عليها من حقوقه سبحانه، ومن حسن العشرة معك ومع والديك فلا حرج عليك في إبقائها زوجة لك، ولا يضرك غضب والدك ودعاؤه عليك من أجل ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما قصة إبراهيم الخليل مع ابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام في أمره ابنه أن يطلق زوجته وامتثال ابنه أمره، فقد كان لسوء خلقها في مقابلة والده، وتبرمها من المعيشة وشكواها من ضيق الحياة لا لمجرد الهوى، ولذا لم يأمره بطلاق الثانية لحسن مقابلتها ورضاها بالمعيشة وثنائها على الله تعالى وعلى الحياة الزوجية، وعليك أن تعامل والديك بالمعروف لقوله تعالى: سورة العنكبوت الآية 8 وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الآية (الجزء رقم: 25، الصفحة رقم: 150) بالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات ص 114: ” ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين … وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه ” اهـ.
والطلاق من غير سببٍ يبيحه يكرهه الله تعالى، لما فيه من هدر لنعمة الزوجية، وتعريض الأسرة للضياع والأولاد للتشتت، وقد يكون فيه ظلم للمرأة أيضا.
الزواج بمن لا يريدها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية “ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد أو البنت بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقاً، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفرُ منه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه: كان النكاح كذلك، وأولى، فإن أَكْلَ المكروه مرارة ساعة، وعِشْرة المكروه من الزوجين على طول، تؤذي صاحبه، ولا يمكنه فراقه”.
حق الوالدين مقدم اذا أمرها الزوج بعقوقهما:
قال الفوزان:
ولاشك أن حق الوالدين مقدم، وهو يأتي بعد حق الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء: 36]؛ فحق الوالدين متأكد.
فإذا كان الزوج سيحملها على معصية والديها وعلى عقوق والديها؛ فهي لا تطيعه في هذا؛ لأن حق الوالدين أسبق من حق الزوج، فإذا طلب منها أن تعق والديها؛ فإنها لا تطيعه في ذلك؛ لأن العقوق معصية، ومن أكبر الكبائر بعد الشرك. انتهى
فمتى منعها زوجها وحصل لأبيها مرض أو ضرر يستدعي حضورها جاز لها
الخروج بدون إذن الزوج، ومع ذلك عليها أن تلتمس رضا
الزوج وتحرص على إقناعه حتى لا يحصل فراق أو شنآن وعداوة بين الزوج والأقارب.
الزواج عند خشية الفتنة:
للعلماء المعاصرين فتاوى حول الزواج بالمرأة الصالحة اذا خشي على نفسه الفتنة ولو لم يرض والداه ويطيب خاطرهما. فلتراجع.