297 عون الصمد في شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
————-‘———–‘
سنن أبي داود:
60 – * حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين، قالوا حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا محمد بن عبدالرحمن عن عبد اللّه بن بسر- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب، من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: «السّلام عليكم، السّلام عليكم» وذلك أنّ الدّور لم يكن عليها يومئذ ستور»)
أخرجه أبو داود (5186) واللفظ له، وقال الألباني (3/ 974): صحيح، والمشكاة (4673). وحسّنه محقق جامع الأصول (6/ 584).
قال سيف وصاحبه: على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند.
وذكر محققو سنن أبي داود ط. الرسالة.
أن بقية صرح بالتحديث في الرواية التي ذكرها أبوداود حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين، قالوا حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا محمد بن عبدالرحمن عن عبدالله بن بسر
وكذلك صرح بالتحديث كما في كتاب القدر للفريابي حدثنا إسحاق بن راهوية حدثنا بقية بن الوليد اخبرني محمد بن عبدالرحمن اليحصبي أنه سمع عبدالله بن بسر به
———‘——–‘——–
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
(كان إذا أتى باب قوم) بنحو عيادة أو زيارة أو غير ذلك من المصالح (لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه) كراهة أن يقع النظر على ما لا يراد كشفه مما هو داخل البيت. ذكره المناوي في (فيض القدير: 5/ 87).
قال ابن حجر في الفتح (11/ 25): واستدل به على أن المرء لا يحتاج في دخول منزله إلى الاستئذان لفقد العلة التي شرع لأجلها الإستئذان نعم لو احتمل أن يتجدد فيه ما يحتاج معه إليه شرع له. ويؤخذ منه أنه يشرع الإستئذان على كل أحد حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد عن نافع كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن ومن طريق علقمة جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: أستأذن على أمي؟ فقال: ما على كل أحيانها تريد أن تراها. ومن طريق مسلم بن نذير بالنون مصغر: سأل رجل حذيفة: أستأذن على أمي؟ قال: إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره. ومن طريق موسى بن طلحة دخلت مع أبي على أمي، فدخل واتبعته، فدفع في صدري وقال: تدخل بغير إذن. ومن طريق عطاء؛ سألت بن عباس: أستأذن على أختي؟ قال: نعم. قلت: إنها في حجري قال أتحب أن تراها عريانة وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة.
الفائدة الثانية:
وهذا من الآداب الجميلة والأخلاق الكريمة، يعني: كون الإنسان لا يستقبل الباب؛ لأنه إذا استقبل الباب قد يرى من في الداخل، ولكنه إذا كان على اليمين أو الشمال يكون بعيداً عن أن يقع بصره على أمر لا يريد صاحب المكان أن ينظر إليه أو يطلع عليه. [شرح سنن ابي داود للعلامة العباد حفظه الله].
الفائدة الثالثة:
(ويقول السلام عليكم) أي أولا (السلام عليكم): أي ثانيا حتى يتحقق السماع والإذن وأراد بالتكرار التعدد لا الإقتصار على المرتين فإنه كان من عادته التثليث (وذلك) أي ما ذكر من عدم استقبال الباب ووجود الانحراف (أن الدور) جمع الدار أي أبوابها (لم تكن عليها يومئذ ستور) جمع ستر بالكسر وهو الحجاب. [عون المعبود: 14/ 61] بترقيم الشاملة.
الفائدة الرابعة:
هل يقدم الإستئذان أم السلام؟
قال البغوي: واختلفوا في أنه يقدم الاستئذان أم السلام؟ فقال قوم: يقدم الاستئذان يقول: أأدخل سلام عليكم، لقوله سبحانه وتعالى (حتى تستأنسوا) قيل: معناه أي: تستأذنوا (وتسلموا على أهلها). وقال قوم: يقدم السلام، فيقول: سلام عليكم أأدخل وهو الأولى، وقوله عز وجل (حتى تستأنسوا) قيل معناه: وتستأذنوا، وفيه تقديم وتأخير، أي: تسلموا وتستأذنوا.
و الصحيح و الله أعلم أن السلام يقدم على الإستئذان كما جاء عن كلدة بن حنبل أن صفوان بن أمية بعثه بلبن وجداية
وضغابيس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) والنبي (صلى الله عليه وسلم) بأعلى الوادي، قال: فدخلت عليه ولم أسلم ولم أستأذن، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ” إرجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟ ” وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ صفوان. [صحيح الادب المفرد: برقم (445)].
والجداية: الصغير من الظباء بفتح الجيم وكسرها. والضغابيس: صغار القثاء، واحدها ضغبوس.
قال العلامة السفاريني: وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى تَقْدِيمِ السَّلامِ عَلَى الاسْتِئْذَانِ خِلافًا لِبَعْضِهِمْ. [غذاء الألباب شرح منظومة الآداب: ج 1/ 238].
قال النووي على شرح مسلم: الصحيح الذي جاءت به السنة وقاله المحققون أنه يقدم السلام فيقول السلام عليكم أأدخل.
قال العلامة الشنقيطي: إعلم أن هذه الآية الكريمة دلت بظاهرها على أن دخول الإنسان بيت غيره بدون الإستئذان والسلام لا يجوز لأن قوله: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] الآية. نهي صريح، والنهي المتجرد عن القرائن يفيد التحريم على الأصح، كما تقرر في الأصول. [أضواء البيان].
الفائدة الخامسة:
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَرِّكَ نَعْلَهُ فِي اسْتِئْذَانِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ حَتَّى إلَى بَيْتِهِ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ يَتَنَحْنَحُ وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ: عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ إلَى مَنْزِلِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَاذِنَ؟ قَالَ: يُحَرِّكُ نَعْلَهُ إذَا دَخَلَ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: إنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَاذِنُ الرَّجُلَ عَلَى أَهْلِهِ أَعْنِي زَوْجَتَهُ قَالَ: مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ إنْ أَسْتَاذِنَ مَا يَضُرُّهُ؟ قُلْت زَوْجَتُهُ شوَهُوَ يَرَاهَا فِي جَمِيعِ حَالَاتِهَا فَسَكَتَ عَنِّي.
فَهَذِهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُسْتَحَبَّ فِيهَا الِاسْتِئْذَانُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالسَّلَامِ أَوْ قَوْلِهِ أَأَدْخُلُ؟ لِأَنَّهُ بَيْتُهُ وَمَنْزِلُهُ وَاسْتَحَبَّ إذَا دَخَلَ النَّحْنَحَةَ أَوْ تَحْرِيكَ النَّعْلِ لِئَلَّا يَرَاهَا عَلَى حَالَةٍ لَا يُعْجِبُهَا وَلَا تُعْجِبُهُ. [الآداب الشرعية لابن مفلح: ج 1/ 492].
الفائدة السادسة:
يحرم نظر الرجل في بيت غيره إلا بإذنه، والاستئذان لم يشرع إلا من أجل البصر، ومن تعدى واطلع ببصره على ما لايحل له بغير إذنٍ؛ ففقئت عينه، فإنه لا قصاص ولا دية. ومستند ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اطلع في بيت قومٍ بغير إذنهم، فقد حلَّ لهم أن يفقؤا عينه).رواه مسلم (2158). استفدته من كتاب الاداب من الشاملة.