: 297 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال البخاري في كتاب الحيض من صحيحه:
باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض. وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته.
297 – حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين؛ سمع زهيرا عن منصور بن صفية؛ أن أمه حدثته؛ أن عائشة حدثتها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن.
———
1 – قوله: (قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض). “مراد البخاري بهذا الباب: أن قرب القارئ مِن الحائض ومن موضع حيضها لا يمنعه مِن القراءة؛ فإنه إذا لَم يكن للحيض تأثير في منع القراءة لَم يكن في إخبار عائشة بقراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن وَهوَ متكيء في حجرها في حال الحيض معنى، فإنها أرادت أن قرب فم القارئ للقرآن مِن محل الحيض لا يمنعه القراءة”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح.
2 – وقيل: “غرض البخاري في هذا الباب أن يدل على جواز حمل الحائض المصحف، وقراءتها للقرآن، لأن المؤمن الحافظ له أكبر أوعيته وها هو ذا -صلى الله عليه وسلم- أفضل المؤمنين بنبوته وحرمة ما أودعه الله من طيب كلامه في حجر حائض تاليا للقرآن”. قاله ابن بطال في شرحه.
3 – قوله: (وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته). أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7500 قال: حدثنا جرير، عن مغيرة؛ قال: كان أبو وائل -فذكره-. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: “إسناده صحيح”.
4 – حديث أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق -رضي الله عنها-. أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
5 – قولها: (كان يتكئ في حجري). أي: يميل بإحدى شقيه. قاله ابن الملقن في التوضيح، وعند البخاري 7549 من طريق سفيان: “ورأسه في حجري”. وعند أبي داود 260 وابن ماجه 634: ” يضع رأسه في حجري”.
6 – عن عطاء -رحمه الله- في الحائض تناول من المسجد الشيء؛ قال: نعم إلا المصحف. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7498 قال: حدثنا يعلى بن عبيد، عن عبد الملك، عن عطاء فذكره.
7 – أخرج الإمام أحمد في مسنده؛ قال:
حدثنا سفيان، عن منبوذ، عن أمه، قالت: كنت عند ميمونة، فأتاها ابن عباس، فقالت: يا بني، ما لك شعثا رأسك؟ قال: أم عمار مرجلتي حائض. قالت: أي بني، وأين الحيضة من اليد؟ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على إحدانا وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها، فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته، فتضعها في المسجد وهي حائض، أي بني، وأين الحيضة من اليد؟. أخرجه الإمام أحمد في مسنده 26810 واللفظ له، ومن طريق شيخ المصنف؛ أخرجه الحميدي في مسنده 312 وابن أبي شيبة في المصنف 2128 وأبو يعلى في مسنده 7081، وأخرج النسائي المرفوع منه 273، تابعه ابن جريج أخبرني منبوذ به. أخرجه الإمام احمد في مسنده 26834 قال: حدثنا عبد الرزاق – وهذا في مصنفه 1249 – ، وابن بكر، قالا: أخبرنا ابن جريج به.
فيه: منبوذ؛ قال ابن معين: ثقة. كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1905 وقال ابن سعد في الطبقات: قليل الحديث، روى عنه ابن عيينة. وأضاف البخاري ممن روى عنه: ابن جريج، وأورده ابن حبان في الثقات 11287. وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وأمه مقبولة. قاله الحافظ في التقريب. روى عنها ابنها وروى لها النسائي في سننه حديثا واحدا. فمثلها – أعني تابعية وصفها الحافظ بأنها مقبولة ولم تجرح- يضبط القصة، والمرفوع صححه الألباني لغيره.
8 – “وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتابعين، ومن بعدهم؛ مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا، إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل”. قاله الترمذي في سننه.
9 – “وقد اختلف العلماء في ذلك؛ فممن رخص للحائض والجنب في حمل المصحف بعلاقته: الحكم بن عيينة، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وحماد بن أبي سليمان، وهو قول أهل الظاهر … وقال جمهور العلماء: لا يمس المصحف حائض ولا جنب، ولا يحمله إلا طاهر غير محدث، روى ذلك عن ابن عمر، وهو قول مالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور “. قاله ابن بطال.
10 – “لقد جاءت آثار في نهي الجنب ومن ليس على طهر عن أن يقرأ شيئا من القرآن، ولا يصح منها شيء، وقد بينا ضعف أسانيدها في غير موضع”. قاله ابن حزم في المحلى 178/ وكأنه يعني بالآثار المرفوعة منها.
11 – قَالَ- أي الشافعي-: “وَأُحِبُّ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يَدَعَا الْقُرْآنَ حَتَّى يَطْهُرَا احْتِيَاطًا لِمَا رُوِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْحَدِيثِ يُثْبِتُونَهُ”. نقله البيهقي في معرفة السنن والآثار.
12 – عَنْ عبيدة؛ قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ». أخرجه من طريق ابْن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر به، طوروي عن ابن عباس خلافه. وسيأتي بعد بابين -بإذن الله-.
13 – عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرًا عَنِ الْمَرْأَةَ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، هَلْ تَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: لا. أخرجه ابن المنذر في الأوسط 621.
14 – “وقد كان النساء يحضن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة، لكان هذا ما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم – لأمته، وتعلمه أمهات المؤمنين، وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم – ذلك نهيا لم يجز أن تجعل حراما للعلم أنه لم ينه عن ذلك، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم”. قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى.
15 – قال ابن رجب:
“وقد اختلف الفقهاء في حمل المُحدِث المصحف بعلاقة: هل هوَ جائز، أم لا؟ وفيه قولان مشهوران، وممن رخص في ذَلِكَ: عطاء والحسن والأوزاعي والثوري، وكرهه مالك، وحرمه أصحاب الشَافِعي، وعن أحمد روايتان، ومن أصحابنا مِن جزم بجوازه مِن غير خلاف حكاه.
وأصل هَذهِ المسألة: منع المحدث مِن مس المصحف، وسواء كانَ حدثه حدثاً أكبر، وَهوَ مِن يجب عليهِ الغسل، أو أصغر، وَهوَ مِن يجب عليهِ الوضوء.
هَذا قول جماهير العلماء، وروي ذَلِكَ عَن علي وسعد وابن عمر وسلمان، ولا يعرف لَهُم مخالف مِن الصحابة، وفيه أحاديث عَن النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – متصلة ومرسلة. وخالف في ذَلِكَ أهل الظاهر.
وأجاز الحكم وحماد للمحدث مسه بظهر الكف دونَ بطنه. وعن الحسن؛ قالَ: لا بأس أن يأخذ المصحف غير المتوضاء فيضعه مِن مكان إلى مكان.
وعن سعيد بنِ جبير: أنَّهُ بال، ثُمَّ غسل وجهه ويديه، ثُمَّ أخذ المصحف فقرأ فيهِ.
رواهما عبد الرزاق.
وعن الشعبي، قالَ: مس المصحف مالم تكن جنباً. ذكره وكيع.
وأما الاستدلال بقولِهِ عز وجل: {لا يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] ففيه كلام ليسَ هَذا موضعه. والله أعلم.
وإن عدم الماء وتيمم، فله مس المصحف عندنا الشافعية والأكثرين، خلافاً للأوزاعي.
وفي الحديث: دلالة على جواز قراءة القرآن متكئاً، ومضطجعاً، وعلى جنبه، ويدخل ذَلِكَ في قول الله -عز وجل-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}. [آل عمران: 191].
[فتح الباري لابن رجب (2/ 19)].
16 – “باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الماهر بالقرآن مع الكرام البررة وزينوا القرآن بأصواتكم”. قاله البخاري.
هذا الاستنباط بديع من البخاري -رحمه الله تعالى-، فمن كان على مثل الهيئة التي كان عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه ينشد الراحة والمؤانسة فكانت راحته -صلى الله عليه وسلم- في تدبر القرآن ومراجعة حفظه.
17 – قوله: (سمع زهيرا). تابعه سفيان -هو الثوري- كما عند البخاري 7549 وأبي داود 260 وابن ماجه 634. تابعه داود بن عبد الرحمن المكي كما عند مسلم 301. تابعه سفيان بن عيينة كما عند النسائي 274.
18 – قوله: (عن منصور بن صفية). فنسب إلى أمه لشهرتها. قاله الحافظ في الفتح.
وعند الحميدي في مسنده:” ثنا منصور بن عبد الرحمن” وهو هو.
19 – قوله: (أن أمه حدثته). تابعها القاسم بن محمد. كما عند الإمام احمد في مسنده 24397 و24435.
…………………………….