(2944 , 2945 , 2946 , 2947) فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
مجموعة: أحمد بن علي، وسلطان الحمادي ومحمد البلوشي وعدنان البلوشي، ومحمد سيفي، وعمر الشبلي، وأحمد بن خالد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله من ((52)) – (- كتاب: الفتن وأشراط الساعة)، (25) – بابٌ: فِي بَقِيَّةٍ مِن أحادِيثِ الدَّجّالِ
(124) – ((2944)) حَدَّثَنا مَنصُورُ بْنُ أبِي مُزاحِمٍ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الأوْزاعِيِّ، عَنْ إسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمِّهِ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «يَتْبَعُ الدَّجّالَ مِن يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيالِسَةُ».
(125) – ((2945)) حَدَّثَنِي هارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا حَجّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي أبُو الزُّبَيْرِ، أنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: أخْبَرَتْنِي أُمُّ شَرِيكٍ، أنَّها سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «لَيَفِرَّنَّ النّاسُ مِنَ الدَّجّالِ فِي الجِبالِ»، قالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: يا رَسُولَ اللهِ فَأيْنَ العَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: «هُمْ قَلِيلٌ»،
(125) – وحَدَّثَناهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قالا: حَدَّثَنا أبُو عاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهَذا الإسْنادِ
(126) – ((2946)) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ إسْحاقَ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ المُخْتارِ، حَدَّثَنا أيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ رَهْطٍ، مِنهُمْ أبُو الدَّهْماءِ وأبُو قَتادَةَ قالُوا: كُنّا نَمُرُّ عَلى هِشامِ بْنِ عامِرٍ، نَأْتِي عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَقالَ ذاتَ يَوْمٍ: إنَّكُمْ لَتُجاوِزُونِي إلى رِجالٍ، ما كانُوا بِأحْضَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي، ولا أعْلَمَ بِحَدِيثِهِ مِنِّي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «ما بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيامِ السّاعَةِ خَلْقٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجّالِ»،
(127) – ((2946)) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حاتِمٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ ثَلاثَةِ رَهْطٍ مِن قَوْمِهِ فِيهِمْ أبُو قَتادَةَ، قالُوا: كُنّا نَمُرُّ عَلى هِشامِ بْنِ عامِرٍ إلى عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُخْتارٍ، غَيْرَ أنَّهُ قالَ: «أمْرٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجّالِ».
(128) – ((2947)) حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ أيُّوبَ، وقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وابْنُ حُجْرٍ، قالُوا: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنِ العَلاءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قالَ: «بادِرُوا بِالأعْمالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، أوِ الدُّخانَ، أوِ الدَّجّالَ، أوِ الدّابَّةَ، أوْ خاصَّةَ أحَدِكُمْ أوْ أمْرَ العامَّةِ».
(129) – ((2947)) حَدَّثَنا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطامَ العَيْشِيُّ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ زِيادِ بْنِ رِياحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قالَ: «بادِرُوا بِالأعْمالِ سِتًّا: الدَّجّالَ، والدُّخانَ، ودابَّةَ الأرْضِ، وطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، وأمْرَ العامَّةِ، وخُوَيْصَّةَ أحَدِكُمْ»،
(129) – وحَدَّثَناهُ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوارِثِ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ، بِهَذا الإسْنادِ مِثْلَهُ.
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله: (” ((25)) – (بَابٌ: فِي بَقِيَّةِ أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ)).
“الدَّجَّالُ فِتنةٌ مِن أَعظمِ الفِتنِ إلى قِيامِ السَّاعةِ، وهوَ عَلامةٌ منَ العَلاماتِ الكُبرى لقيامِ السَّاعةِ، فمَن عُصِمَ منهُ فَقدْ نَجا”.
لذا “كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحذِّرُ أُمَّتَه فِتْنَةَ الدَّجالِ، وقدْ أَعْلَمَه اللهُ تعالَى بأُمورِ الدَّجَّالِ، وما يقَعُ معه مِن أحداثٍ، وبمَن سيَتْبَعُه مِن الجَهَلةِ والكفَّارِ واليهودِ؛ حتَّى نكونَ على حَذرٍ، وإيمانًا بصِدقِ رِسالتِه” صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7362)] ((2944)) -الحديث
شرح الحديث:
(عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بن أبي طلحة الأنصاري (عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) رضي الله عنه، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَتْبَعُ الدَّجَّالَ) بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وقيل: من الاتّباع بتشديد التاء؛ أي: يطيع الدجال (مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ) بفتح الهمزة، وتُكسر، وفتح الفاء: بلد معروف من بلاد الأرفاض، قال النوويّ رحمه الله: يجوز فيه كسر الهمزة، وفتحها، وبالباء، والفاء. انتهى. وفي «المشارق» بفتح الهمزة، وقيّدها أبو عبيد العكبري بكسر أوله، وأهل خراسان يقولونها بالفاء، مكان الباء، وفي «القاموس»: الصواب أنها أعجمية، وقد يكسر همزها، وقد يبدل باؤها فاء، وفي «المغني» بكسر الهمزة، وفتحها، وبفاء مفتوحة في أهل الشرق، وباء موحدة في الغرب. انتهى.
قال القاري: وبه يُعلم أن أصفهان اثنان، فيطابق ما نقله ابن الملك من أنه قيل: المراد منه أصفهان خراسان، لا أصفهان الغرب، لكن في قوله: أصفهان خراسان مسامحة؛ لأن أصفهان إنما هو في العراق، ولكن لما كان خراسان في جهة الشرق أيضًا، وكان أشهر من العراق أضيف إليه بأدنى ملابسة. انتهى [«مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (16) / (13)].
وقوله: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ»: أصفهان مدينة في شرق إيران، وهي مقر الرافضة.
واليهود والرافضة بينهم علاقة حميمة، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذكر في منهاج السنة أن الرافضة يوافقون اليهود في كثير من الخصال، منها: أن «اليهود لا يصلون المغرب حتى تشتبك النجوم، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ- أَوْ: عَلَى الْفِطْرَةِ- مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ». [أخرجه أحمد ((17329))، وأبو داود ((418))]،
وكذلك الرافضة، واليهود إذا صلوا زالوا عن القبلة شيئًا، وكذلك الرافضة» [منهاج السنة، لابن تيمية ((1) / (31))].
ومنها: «أن اليهود حرموا الأرنب، والطحال، وكذلك الرافضة» [منهاج السنة، لابن تيمية ((1) / (33))]. [توفيق الرب المنعم، (8/ 359 – 360)].
وقوله: «عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ»: مفرده طيلسان، وهو: كساء لا تفصيل له ولا خياطة، يلبسه خواص العلماء والمشايخ، وجمعه: طيالس وطيالسة [لسان العرب، لابن منظور ((10) / (233))، القاموس المحيط، للفيروز آبادي ((1) / (296))].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “نوع رفيع من الثياب، المعنى: أنه يتبعه من أصفهان: وهي معروفة في مدن إيران، يتبعه منها سبعون ألف واحد يتبع هذا الدجال الخبيث”. [شرح رياض الصالحين].
(سَبْعُونَ أَلْفًا) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في جميع النُّسخ ببلادنا:» سبعون «بسين، ثم باء موحّدة، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين، قال: وفي رواية ابن ماهان:» تسعون ألفًا «بالتاء المثناة قبل السين، والصحيح المشهور الأول. انتهى [«شرح النوويّ» (18) / (85) – (86)].
وقال القاري رحمه الله: «الطيالسة» بفتح الطاء، وفي «القاموس»: الطيلس، والطيلسان مثلثة اللام، عن عياض وغيره: معرَّب، أصله تالسان، جَمْعه الطيالسة، والهاء في الجمع للعجمة، واستُدلّ بهذا الحديث على ذمّ لُبسه، ورواه السيوطي في رسالة سماها: «طيّ اللسان عن الطيلسان». انتهى. [«مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (16) / (13)].
وقال الحافظ رحمه الله في «الفتح»:. ونازع ابن القيم في «كتاب الهدي» من استدلّ بحديث التقنع على مشروعية لبس الطيلسان، بأن التقنع غير التطيلس، وجزم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبس الطيلسان، ولا أحد من أصحابه، ثم على تقدير أن يؤخذ من التقنع بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتقنع إلا لحاجة، ويردّ عليه حديث أنس: «كان صلى الله عليه وسلم يكثر القناع» ((الضعيفة 2356))، وقد ثبت أنه قال: «من تشبّه بقوم فهو منهم»، كما أخرجه أبو داود، من حديث ابن عُمر رضي الله عنهما، وعند الترمذيّ من حديث أنس: «ليس منّا من تشبّه بغيرنا»، وقد ثبت عند مسلم من حديث النوّاس بن سمعان في قصة الدجال: «يتبعه اليهود، وعليهم الطيالسة»، وفي حديث أنس أنه رأى قومًا عليهم الطيالسة، فقال: كأنهم يهود خيبر. (أخرجه البخاري 4208)
وعورض بما أخرجه ابن سعد بسند مرسل: «وُصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم الطيلسان، فقال: هذا ثوب لا يُؤَدَّى شكره»، وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة، فصار داخلًا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبد السلام في أمثلة البدعة المباحة، وقد يصير من شعائر قوم، فيصير تركه من الإخلال بالمروءة، كما نبَّه عليه الفقهاء أن الشيء قد يكون لقوم، وتركه بالعكس، ومثّل ابن الرفعة ذلك بالسُّوقيّ، والفقيه في الطيلسان. انتهى كلام الحافظ رحمه الله [«الفتح» (10) / (275)]، وهو بحث نفيسٌ والله تعالى أعلم.
وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه هذا من أفراد المصنّف رحمه الله تعالى.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7363)] ((2945)) – الحديث
شرح الحديث:
يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ شَرِيكٍ) العامريّة رضي الله عنها، (أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَفِرَّنَّ) بنون التوكيد، واللام للقسم؛ (يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟) قال الطيبيّ رحمه الله: الفاء في جواب شرط محذوف إذا كان هذا حال الناس، فأين المجاهدون في سبيل الله تعالى، الذابّون عن حريم الإسلام، المانعون عن أهله صولة أعداء الله، فكنى عنها بها [» الكاشف عن حقائق السنن” (11) / (3460)].
وخصت العرب؛ لأن العرب هم الذين نشروا الإسلام وأظهروه، وقام على أكتافهم. [توفيق الرب المنعم، (8/ 360)].
حديث أم شريك رضي الله عنها هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7364)] (. . .) – (وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ).
[تنبيه]: رواية أبي عاصم عن ابن جريج هذه لم أجد من ساقها، فليُنظر، والله تعالى أعلم.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7365)] ((2946)) – (الحديث
شرح الحديث:
(عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ) العدويّ البصريّ، (عَنْ رَهْطٍ) بفتح الراء، وسكون الهاء، ويجوز فتحها: الجماعة ما دون العشرة من الرجال، ليس فيهم امرأة. (مِنْهُمْ أَبُو الدَّهْمَاءِ) قِرفة بن بُهيس، (وَأَبُو قَتَادَةَ) العدويّ تميم بن نُذير، وقيل: غيره. وفي رواية الحاكم: «فقال هشام: إن هؤلاء يجتازون إلى رجل، قد كنا أكثر مشاهدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وأحفظ عنه».
قال الإتيوبي عفا الله عنه: هذا الذي قاله هشام بن عامر رضي الله عنه هو عين النصيحة، وهو عين الإنصاف، وليس من باب الحسد، ولا الاستخفاف بقدر عمران رضي الله عنه، وإنما هو إرشاد لهؤلاء الذين قصّروا، وتركوا الاستفادة منه، واتّجهوا إلى غيره، مع أنه أعلى منه، وهكذا ينبغي للعالم إذا رأى من طلاب العلم تقصيرًا في الاستفادة منه، واشتغالًا بغيره ممن ليس في درجته علمًا، أو علوّ سند، فينبههم على تقصيرهم، ولا يتوهّم أن هذا يكون حسدًا، أو مدحًا للنفس، أو نحو ذلك، فقد قال يوسف عليه السلام: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: (55)]، فمدح نفسه بالحفظ والعلم؛ ليستفيد منه الناس، فهكذا ينبغي للعالم أن يتأسّى به، وله في ذلك الأجر العظيم، والله تعالى أعلم.
(سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا) نافية، (بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ) عليه السلام (إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ») قال النوويّ رحمه الله: المراد أكبر فتنةً، وأعظم شوكةً، وقال المناويّ رحمه الله: أي لا يوجد في هذه المدة المديدة أمرٌ أكبرُ؛ أي: مخلوق أعظم شوكةً من الدجال؛ لأن تلبيسه عظيم، وتمويهه، وفتنته كَقِطَع الليل البهيم، تدع اللبيب حيرانًا، والصاحي الفطن سكرانًا، لكن ما يظهر من فتنته ليس له حقيقة، بل تخييل منه، وشعبذة، كما يفعله السحرة، والمتشعبذون. انتهى [«فيض القدير» (5) / (433)].
وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: فيه وجهان:
أحدهما: عِظَم خَلْقه، فقد أخبرنا ابن الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمد بن سابق، قال: أخبرنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يخرج الدجال، وله حمار يركبه، عَرْض ما بين أذنيه أربعون ذراعًا».
والثاني: عِظَم فتنته، فإنه يقتل شخصًا، ثم يحييه، ومعه مثال جنة ونار، ويأمر السماء فتمطر، فيما يرى الناس، إلى غير ذلك من الفتن. انتهى [«كشف المشكل من حديث الصحيحين» ص (1146)]، والله تعالى أعلم.
قوله: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ»: المعنى: أن ما بين آدم وقيام الساعة حدث أكبر فتنة وأعظم شوكة وقوة من الدجال؛ لهذا شرع لنا أن نستعيذ بالله من فتنة المسيح الدجال في آخر كل صلاة، وفي الحديث الآخر: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ» [أخرجه أحمد ((19875))، وأبو داود ((4319))]، أي: فليبتعد عنه حتى لا يفتتن به.
[توفيق الرب المنعم، (8/ 360 – 361)].
وحديث هشام بن عامر رضي الله عنه، هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
تنبيه: حديث
جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يخرج الدجال، وله حمار يركبه، عَرْض ما بين أذنيه أربعون ذراعًا». ضعفه الألباني الضعيفة (1969) بتدليس أبي الزبير
لكن قال محققو المسند (14954):
إسناده على شرط مسلم، وأبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر. وانظر بسط أحاديث الدجال في كتاب “النهاية” لابن كثير 1/ 103 وما بعدها.
وأخرجه ابن خزيمة في “التوحيد” 1/ 102 من طريق أبي عامر العقدي، والحاكم 4/ 530 من طريق حفص بن عبد الله السلمي، كلاهما عن إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد- ولم يسق ابن خزيمة لفظه، ووقف الحاكم فيه إلى قوله: “وقامت الملائكة بأبوابها”
[مسند أحمد 23/ 212 ط الرسالة] والحديث في المسند مطول
وقال محقق المطالب العالية
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 161: 19382). عن وكيع، عن فطر، عن أبي الطفيل، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يخرج الدجال على حمار، رجس على رجس”.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعًا، ومن حديث حذيفة بن أُسيد رضي الله عنه موقوفًا عليه.
1 – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” …. وله حمار يركبه، عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعًا”، الحديث.
أخرجه الإِمام أحمد (3/ 367)، والحاكم في المستدرك (4/ 530)، كلاهما من طريق إبراهم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: “وهو على شرط مسلم”.
وأورده الهيثمي في المجمع (7/ 344)، وقال: “رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح”.
2 – حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أُسيد رضي الله عنه، قَالَ: “لو خرج الدجال اليوم إلَّا
ودفنه الصبيان بالخذف، ولكنه يخرج في قلة من الناس ونقص من الطعام وسوء ذات بين، وخفة من الدين، فتطوى له الأرض … ” الحديث.
وفيه: “لا يسخر له من المطايا إلَّا الحمار، فهو رجس على رجس”.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 394: 20827) عن معمر، عن قتادة قال: نادى منادٍ بالكوفة: الدجال قد خرج، فجاء رجل إلى حذيفة بن أُسيد، فقال له: أنت جالس ها هنا وأهل الكوفة يقاتلون الدجال، فقال له حذيفة: اجلس … ثم قال: إنها كذبة صباغ ثم ذكر الحديث.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 529) من طريق هشام عن قتادة عن أبي الطفيل قال: كنت بالكوفة، فقيل: خرج الدجال … فذكر قصة بنحو عبد الرزاق، ثم أنه جاء إلى حذيفة بن أُسيد فقال … فذكر نحوه.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قلت: هذا موقوف على حذيفة بن أُسيد، وله حكم الرفع كما تقدم لأنه لا يقال با لرأي.
فالخلاصة أن حديث الباب بهذه الشواهد صحيح لغيره، والله أعلم
[المطالب العالية محققا 18/ 437]
لكن لفظة (عَرْض ما بين أذنيه أربعون ذراعًا) ليس لها شاهد
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7366)] (. . .) – الحديث
[تنبيه]: رواية عبيد الله بن عمرو الرقّي عن أيوب السختيانيّ هذه ساقها المقرئ الدانيّ رحمه الله في «السنن الواردة في الفتن»، فقال:
((25)) – وفيه «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر من الدجال، قد أكل الطعام، ومشى في الأسواق». انتهى [«السنن الواردة في الفتن» (1) / (225)].
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7367)] ((2947)) – الحديث
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله عنه؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا)؛ أي: اعملوا الأعمال الصالحات، واشتغلوا بها قبل مجيء هذه الست، التي هي تشغلكم عنها، وفي» النهاية «: تأنيث الست إشارة إلى أنها مصائبُ، ودَوَاهٍ [» حاشية السندي على ابن ماجه” (7) / (420)].
(أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ) وفي الرواية التالية:» وخُوَيِّصة أحدكم «، قيل: هي الموت، وفي» النهاية «: يريد: حادثة الموت التي تخص كل إنسان، وهو تصغير خاصّة، وصُغِّرت؛ لاحتقارها في جنب ما بعدها من البعث، والعرض، والحساب، وغير ذلك.
(أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ)؛ أي: قبل أن يتوجه إليكم أمر العامة، والرياسة، فيشغلكم عن صالح الأعمال.
وقال النوويّ رحمه الله: قوله: «بادروا إلخ»، وفي الرواية الثانية: الدجال، والدخان، إلى قوله: «وخويصة أحدكم» فذكر الستة في الرواية الأولى معطوفة بـ «أو» التي هي للتقسيم، وفي الثانية بالواو، قال هشام: خاصة أحدكم: الموت، وخويصة تصغير خاصّة، وقال قتادة: أمر العامة: القيامة، كذا ذكره عنهما عبد بن حميد. انتهى [«شرح النوويّ» (18) / (87)].
وفسر الراجحي في شرحه (أمر العامة) بالقيامة.
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: «بادروا»؛ أي: سابقوا بالأعمال الصالحة، واغتنموا التمكن منها قبل أن يُحال بينكم وبينها بداهية من هذه الدواهي المذكورة، فيفوت العمل للمانع، أو تُعدم منفعته لعدم القبول، وقد تقدّم القول على أكثر هذه الست.
وقوله: «وخاصّة أحدكم» يعني: به الموانع التي تخصّه مما يمنعه العملَ، كالمرض، والكِبَر، والفقر المنسي، والغنى المطغي، والعيال، والأولاد، والهموم، والأنكاد، والفتن، والمحن، إلى غير ذلك مما لا يتمكن الإنسان مع شيء منه من عمل صالح، ولا يَسْلَم له، وهذا المعنى هو الذي فصّله في حديث آخر، حيث قال: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك» [حديث صحيح، رواه الحاكم في «المستدرك» (4) / (306)].
وقوله: «وأمر العامّة»: يعني: الاشتغال بهم فيما لا يتوجه على الإنسان فرضه، فإنَّهم يُفسدون من يقصد إصلاحهم، ويُهلكون من يريد حياتهم، لا سيما في مثل هذه الأزمان التي قد مَرِجَت فيها عهودهم، وخانت أماناتهم، وغلبت عليهم الجهالات، والأهواء، وأعانهم الظلمة السفهاء، وعلى هذا فعلى العامل بخويصة نفسه، والإعراض عن أبناء جنسه، إلى حلول رَمْسه، أعاننا الله على ذلك بفضله، وكرمه.
وقد جاءت هذه الستة في إحدى الروايتين، معطوفة بـ «أو»، فيجوز أن تكون للتنويع؛ أي: اتقوا أن يصيبكم أحد هذه الأنواع، ويصحّ أن تكون بمعنى الواو، كما جاء في الرواية الأخرى. انتهى [«المفهم» (7) / (308) – (309)]، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط].
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7368)] (. . .) – الحديث
والحديث من أفراد المصنّف، وقد مضى شرحه، ولله الحمد والمنّة.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7369)] (. . .) – (وَحَدَّثَنَاهُ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ).
[تنبيه]: رواية همّام بن يحيى عن قتادة هذه ساقها الإمام أحمد رحمه الله في «مسنده»، فقال:
((9267)) – الحديث …. وفيه وكان قتادة يقول إذا قال: «وأمر العامة» قال: أي: أمر الساعة. انتهى. [«مسند الإمام أحمد بن حنبل» (2) / (407)]. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف، وإضافة].
ثانيًا: ملحقات:
(المسألة الأولى): عَلاماتُ خُروجِه
عَن نافِعِ بن عُتْبةَ بنِ أبي وقَّاصٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَغْزونَ جَزيرةَ العَربِ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ فارسَ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ تَغْزونَ الدَّجَّالَ فيَفتَحُه اللهُ)). قال: فقال نافِعٌ: ((يا جابِرُ، لا نَرى الدَّجَّالَ يَخرُجُ، حَتَّى تُفتَحَ الرُّومُ)) [أخرجه مسلم (2900)].
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (قَولُه: ((تَغْزُونَ فارِسَ فيَفتَحُها اللهُ … الحَديث إلى آخِرِه)) هذا الخِطابُ وإن كان لأولَئِكَ القَومِ الحاضِرينَ فالمُرادُ هم ومَن كان على مِثلِ حالِهم مِنَ الصَّحابةِ والتَّابِعين الذينَ فُتِحَت بهم تِلكَ الأقاليمُ الْمَذكورةُ، ومَن يَكونُ بَعدَهم من أهلِ هذا الدِّين الذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ الله إلى قيامِ السَّاعةِ. ويَرجِعُ مَعنى هذا الحَديثِ إلى الحَديثِ الآخَرِ الذي قال فيه: لا تَزالُ طائِفةٌ من أمَّتي يُقاتِلونَ على الحَقِّ ظاهِرينَ لا يَضُرُّهم من خَذلَهم إلى قيامِ السَّاعةِ. [يُنظر: ((المفهم)) (7/ 237)].
تنبيه: الحديث المذكور [لم نقف عليه بتمام لفظه. وأخرجه مسلم (156) بنحوه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة … ))]،
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَمِعتُمْ بمَدينةٍ جانِبٌ مِنها في البَرِّ وجانِبٌ مِنها في البَحرِ؟)) قالوا: نَعَم، يا رَسولَ اللهِ، قال: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَغزوَها سَبعونَ ألفًا من بني إسحاقَ، … فبينَما هم يَقتَسِمونَ الْمَغانِمَ إذ جاءَهم الصَّريخُ، فقال: إنَّ الدَّجَّالَ قَد خَرجَ، فيَترُكونَ كُلَّ شَيءٍ ويَرجِعونَ)) [أخرجه مسلم (2920)].
وعَن حَفصةَ رَضِيَ الله عَنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما يَخرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يغْضَبُها)). [أخرجه مسلم (2932)].
وقال الطِّيبيُّ: (قَولُه: ((مِن غَضبةٍ يَغضَبُها)) … أي: أنَّه يَغضَبُ غَضبةً ليَخرُجَ بسَبَبِ غَضْبَتِه فيَدَّعي النُّبوَّةَ) [انظر: ((شرح المشكاة)) (11/ 3475)]. [العقدية].
(المسألة الثانية): خُروجُ الدَّجَّالِ من جِهةِ الْمَشرِقِ
عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَاتي المَسِيحُ من قِبَلِ المَشْرِقِ)) [أخرجه مسلم (1380) مُطَولًا].
وعَن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِن يَهودِ أصبَهانَ سَبعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ)) [أخرجه مسلم (2944)].
وعَن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ رَضِيَ الله عَنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال عَنِ الدَّجَّالِ: ((أَلَا إنَّه في بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا بَلْ من قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ، من قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، من قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هو، وَأَوْمَأَ بيَدِهِ إلى المَشْرِقِ)) [أخرجه مسلم (2942) مُطَولًا].
وعَن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عَنه قال: حَدَّثنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الدَّجَّالُ يَخرُجُ من أرضٍ بالمَشرِقِ يُقالُ لَها: خُراسانُ)) [أخرجه الترمذي (2237)، وابن ماجه (4072)، وأحمد (12) مُطَولًا. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2237)، وقال الترمذي: حسن غريب، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (1/ 27)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12)].
في علل الدارقطني:
(68) – وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيِّ، عن أَبِي بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ.
فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو التَّيَّاحِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ.
حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ.
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، تَفَرَّدَ بِهِ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ وَدَلَّسَهُ عَنْهُ، وَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنَ الإسناد.
وَرَوَاهُ أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ وَيُكَنَّى: أَبَا سَعِيدٍ الْبَصْرِيَّ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ فَخَلَطَ فِي إِسْنَادِهِ.
وَأَصَحُّهَا إِسْنَادًا حَدِيثُ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ.
وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَوْقُوفًا.
وَلَا يَثْبُتُ عَنْ قَتَادَةَ. انتهى
وفي التقريب:
(3387) – عبد الله ابن شوذب الخراساني أبو عبد الرحمن سكن البصرة ثم الشام صدوق عابد من السابعة مات سنة ست أو سبع وخمسين بخ (4)
قال عَلِيٌّ القارِي: (((الدَّجَّالُ يَخرُجُ من أرضٍ بالمَشرِقِ يُقالُ لَها: خُراسانُ)): بضَمِّ أوَّلِه، في القاموسِ: إنَّه بلادٌ يَعني مَعروفةً بينَ بلادِ ما وراءَ النَّهرِ وبِلدانِ العِراقِ، مُعظَمُها الآنَ بَلِدةُ هراةَ الْمُسَمَّاةُ بخُراسانَ، كتَسميَةِ دِمشْقَ بالشَّامِ) [يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3479)].
وقال الْمُناويُّ: (((الدَّجَّالُ يَخرُجُ من أرضٍ)) يَعني بَلَدًا ((بالمَشرِقِ)) أي بجِهةِ الْمَشرِقِ ((يُقالُ لَها خُراسانُ)) بَلَدٌ كبيرٌ مَشهورٌ) [يُنظر: ((فيض القدير)) (3/ 539)].
وعَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ والْعِرَاقِ)) [أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا].
ولَعَلَّ الْمُرادَ بمَوضِعِ خُروجِه مَبدَأُ فتنَتِه ولَيسَ مَوضِعَ ميلادِه أو مَوضِعَ الجَزيرةِ الَّتي وُثِقَ فيها، وبِهذا -والله أعلَمُ- يَزولُ الإشكالُ الذي يُثيرُه كلامُ ابنِ حِبَّانَ بَعدَ إيرادِه حَديثَ ((يَخرُجُ الدَّجَّالُ من هاهنا، وأشارَ نَحوَ الْمَشرِقِ)) [أخرجه ابن حبان (6792)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (10/ 521) واللَّفظُ لهما، والحاكم (8609) باختلافٍ يسيرٍ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. صحَّحه ابن حبان، وصحَّح إسنادَه الحاكم]؛ حَيثُ قال ابنُ حِبَّانَ مُعَلِّقًا: (قَولُ أبي هُرَيرةَ: ((وأشارَ نَحوَ الْمَشرِقِ)) أرادَ به البَحرين؛ لأنَّ البَحرينِ مَشرِقُ الْمَدينةِ، وخُروجُ الدَّجَّالِ يَكونُ من جَزيرةٍ من جَزائِرِها، لا من خُراسانَ، والدَّليلُ على صِحَّةِ هذا أنَّه مُوثَقٌ في جَزيرةٍ من جَزائِرِ البَحرِ، على ما أخبَرَ تَميمٌ الدَّاري، ولَيسَ بخُراسانَ بَحرٌ ولا جَزيرةٌ) [يُنظر: ((صحيح ابن حبان)) (15/ 203)]. [العقدية].
فقد “دلت أحاديث وآثار كثيرة صحيحة على خروج الدجال من (خُراسان) و (أصبهان)، وهبوطه (خوز) و (كرمان) – وهي جميعاً الآن في (إيران) -، وينزل قرية (كوثا) -وهي في نحو منتصف الطريق بين (المحاويل) و (الصويرة)، وهي على (26) كيلو متراً من الأولى، وتعرف اليوم بـ (تل إبراهيم) و (تل جبل إبراهيم)؛ لوجود مرقد عليه قُبة في أعلى التل ينسب إلى إبراهيم [انظر: ” بلدان الخلافة الشرقية ” (ص 94 – 95)]، وسمي بـ (خلة) بين العراق والشام، ويدخل الأردن، ويبدأ هلاكه بـ (عقبة أفيق) وهي قرية من حوران في طريق (الغور)، والعامة تقول: (فيق)، تنزل هذه العقبة إلى (الغور) وهو الأردن، وهي عقبة طويلة نحو ميلين. أفاده ياقوت في ” معجم البلدان ” (1/ 233)، ثم يتحول إلى فلسطين، ويتم هلاكه في مدينة (اللد). ويسبقها – والله أعلم – إتيانه الحجاز، ونزوله بسبخة في المدينة – هي (سبخة الجرف) غربي جبل أحد -، وتفصيل ذلك حديثيّاً يطول، وأكتفي بالإحالة على المصادر … ” انتهى من [العراق في أحاديث وآثار الفتن].
(المسألة الثالثة): أتباعُه
عَن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِن يَهودِ أَصْبَهانَ سَبْعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ)). [أخرجه مسلم (2944)].
قال ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّ اليَهودَ يَتَأوَّلونَ البِشارةَ بالمَسيحِ على أنَّه لَيسَ هو عيسى بنَ مَريَمَ، بَل هو آخَرُ يَنتَظِرونَه، وهم في الحَقيقةِ إنَّما يَنتَظِرونَ الْمَسيحَ الدَّجَّالَ؛ فإنَّه الذي يَتْبَعُه اليَهودُ ويَخرُجُ مَعَه سَبعونَ ألفَ مُطيلِسٍ من يَهودِ أصبَهانَ، ويَقتُلُهم الْمُسْلِمونُ مَعَه، حَتَّى يَقولَ الشَّجَرُ والحَجَرُ: يا مُسْلِمُ هذا يَهوديٌّ ورائي تَعالَ فاقتُلْه، كما ثَبَت ذلك في الصَّحيحِ [أخرجه البخاري (2926)، ومسلم (2922) مُطَولًا باختلافٍ يسيرٍ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]، [يُنظر: ((الجواب الصَّحيح)) (2/ 289)].
وقال ابنُ حَجَرٍ: (قال أبو نُعَيمٍ في تاريخِ أصبَهانَ: كانتِ اليَهوديَّةُ من جُملةِ قُرى أصبَهانَ، وإنَّما سُمِّيَت اليَهوديَّةَ؛ لأنَّها كانت تَختَصُّ بسُكنى اليَهودِ، قال: ولَم تَزَلْ على ذلك إلى أنْ مَصَّرَها أيوبُ بن زيادٍ أميرُ مِصرَ في زَمَنِ الْمَهديِّ بنِ الْمَنصورِ، فسَكَنَها الْمُسلِمونَ، وبَقيَت لليَهودِ مِنها قِطعةٌ مُنفَرِدةٌ، وأمَّا ما أخرَجَه مُسْلِمٌ عَن أبي هُرَيرةَ مَرفوعًا قال: ((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ سَبعونَ ألفًا مَن يَهودِ أصبَهانَ)). فلَعَلَّها كانت يَهوديَّةَ أصبَهانَ يُريدُ البَلَدَ الْمَذكورَ لا أنَّ الْمُرادَ جَميعُ أهلِ أصبَهانَ يَهودٌ، وأنَّ القَدْرَ الذي يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنهم سَبعونَ ألفًا) [يُنظر: ((فتح الباري)) (13/ 328)].
وقال ابنُ بازٍ في الدَّجَّالِ: (يَخرُجُ من جِهةِ الشَّرقِ ويَتبَعُه مَن يَهودِ أصبَهانَ سَبعونَ ألفًا، وأصحابُه الآنَ في إيرانَ) [يُنظر: ((الحلل الإبريزية)) (4/ 406)].
وقال ابنُ عُثَيمين: (أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يَتبَعُه من يَهودِ أصفَهانَ سَبعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ، وهو نَوعٌ رَفيعٌ مِنَ الثِّيابِ، الْمَعنى أنَّه يَتبَعُه من أصفَهانَ، وهيَ مَعروفةٌ من مُدُنِ إيرانَ يَتبَعُه مِنها سَبعونَ ألفًا). [يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 623)].
أما ما ورد في حديث (أبي بكر: كأن وجوههم المجان المطرقة) والمَعنى أنَّ وُجوهَهم عَريضةٌ، ووَجَناتِهم مُرتَفِعةٌ كالمجَنَّةِ، وهذا الوَصفُ إنَّما يوجَدُ في طائِفةِ التُّركِ والأزبَكِ ما وراءَ النَّهرِ، ولَعَلَّهم يَأتونُ إلى الدَّجَّالِ في خُراسانَ، كما يُشيرُ إليه قَولُه: يَتبَعُه، أو يَكونونَ حينَئِذٍ مَوجودين في خُراسانَ، حَمَاه اللهُ من آفاتِ الزَّمانِ). [يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3479)].
وقال المُناويُّ: (((يَتبَعُه أقوامٌ)) مِنَ الأتراكِ واليَهودِ … [يُنظر: ((فيض القدير)) (3/ 539)]. [العقدية].
(المسألة الرابعة): مُدَّةُ لُبثِه في الأرضِ
عَنِ النَّواسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ الله عَنه قال: قُلنا: يا رسولَ اللهِ، وما لُبْثُهُ في الأرضِ؟ قال: ((أربَعونَ يَومًا؛ يَومٌ كسَنةٍ، ويَومٌ كشَهرٍ، ويَومٌ كجُمُعةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكم))، قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، فذلك اليَومُ الذي كسَنةٍ أتَكْفِينا فيه صَلاةُ يَومٍ؟ قال: ((لا، اقدُروا لُه قَدْرَه)). [أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا].
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (ظاهِرُ هذا: أنَّ الله تعالى يَخرِقُ العادةَ في تِلكَ الأيَّامِ، فيُبطِئُ بالشَّمسِ عَن حَرَكَتِها الْمُعتادةِ … ) [يُنظر: ((المفهم)) (7/ 278 – 280)].
(المسألة الخامسة): ملخص سيرة الدجال وخروجه واتباعه
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
وَأَمَّا الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، الَّذِي رَوَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَفِيهِ قِصَّةُ الْجَسَّاسَةِ،
ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، بَعْدَ فَتْحِ الْمُسْلِمِينَ مَدِينَةَ الرُّومِ الْمُسَمَّاةَ بِقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَيَكُونُ بُدُوُّ ظُهُورِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ مِنْ حَارَةٍ بِهَا يُقَالُ لَهَا: الْيَهُودِيَّةُ. وَيَنْصُرُهُ مِنْ أَهْلِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ، عَلَيْهِمُ الْأَسْلِحَةُ وَالسِّيجَانُ، وَهَى الطَّيَالِسَةُ الْخُضْرُ، وَكَذَلِكَ يَنْصُرُهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ التَّتَارِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ،
فَيَظْهَرُ أَوَّلًا فِي صُورَةِ مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ، ثُمَّ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، ثُمَّ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ،
فَيَتْبَعُهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَهَلَةُ مِنْ بُنِيَ آدَمَ، وَالطَّغَامُ مِنَ الرَّعَاعِ وَالْعَوَامِّ، وَيُخَالِفُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَحِزْبِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ،
وَيَتَدَنَّى فَيَاخُذُ الْبِلَادَ بَلَدًا بَلَدًا، وَحِصْنًا حِصْنًا، وَإِقْلِيمًا إِقْلِيمًا، وَكُورَةً كُورَةً، وَلَا يَبْقَى بَلَدٌ مِنَ الْبِلَادِ إِلَّا وَطِئَهُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ،
وَمُدَّةُ مُقَامِهِ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِ النَّاسِ هَذِهِ، وَمُعَدَّلُ ذَلِكَ سَنَةٌ وَشَهْرَانِ وَنِصْفٌ،
وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ خَوَارِقَ كَثِيرَةً، يُضِلُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَيَثْبُتُ مَعَهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَيَزْدَادُونَ بِهَا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وَهُدًى إِلَى هُدَاهُمْ،
وَيَكُونُ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عليه السلام، مَسِيحِ الْهُدَى فِي أَيَّامِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ مَسِيحِ الضَّلَالَةِ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَيَلْتَفِتُ مَعَهُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُتَّقُونَ، فَيَسِيرُ بِهِمْ قَاصِدًا نَحْوَ الدَّجَّالِ، وَقَدْ تَوَجَّهَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ عَقَبَةِ أَفِيقَ، فَيَنْهَزِمُ مِنْهُ الدَّجَّالُ، فَيَلْحَقُهُ عِنْدَ بَابِ مَدِينَةِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ بِحَرْبَتِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَفُوتَنِي. وَإِذَا وَاجَهَهُ الدَّجَّالُ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ، فَتَكُونُ وَفَاتُهُ هُنَالِكَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ”. انتهى كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله. [البداية والنهاية لابن كثير (ت (774)) رحمه الله، (19/ 205 – 206)].
ثالثًا: فقه وفوائد الحديث:
(1) – (منها): في الحديث عَلَمٌ من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لإخباره عما يكون بعده.
2 – (منها): حرص الأنبياء على أممهم.
3 – (منها): إثبات ظهور الدجال، وبيان عظم فتنته، وأنها أشد فتنة تمر بالمسلمين.
4 – (منها): خطر فتنة الدجال.
5 – (منها): يخرج الدجال بين العراق والشام.
6 – (منها): إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم إلى ناحية المشرق بالفتنة؛ لأن الفتنة الكبرى هي فتنة الدجال، وتظهر من هناك، وكذلك فتن أخرى مثل حروب صفين كانت في ناحية المشرق، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وإيران ونحوها من المشرق.
7 – (منها): ذم البلدان التي يشيع فيها الفساد، ويتمرد أهلها.
8 – (منها): الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة.
9 – (منها): ذكر الموانع التي تشغل العبد من القيام بالأعمال الصالحة.
10 – (منها): بيان علامات الساعة التي لا ينفع بعدها العمل والإيمان.
11 – (منها): باب التوبة مفتوح لكل تائب، ولا يُردّ إلى أن تطلع الشمس من مغربها.
12 – (منها): جواز تعظيم شأن الكذاب والدجال لبيان شدة فتنته وتحذير الأمة منه.
13 – (منها): وجوب تحذير الأمة الإسلامية من الدجاجلة، ولذلك فاضت السنة تحذيراً وإخباراً ووصفاً ولم تترك مجالاً لذلك.
14 – (منها): شفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته وخوفه عليهم من الدجاجلة الذين يأتون من بعده. [الموسوعة الحديثية].
[تنويه]: عقد الشيخ حمود التويجري في إتحاف الجماعة (3/ 81 وما بعدها) بابا، بعنوان: “باب: ما جاء في قتل الدجال وأتباعه”.