(2939) فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
مجموعة: أحمد بن علي، وعبد الله المشجري، ومحمد البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله من ((52)) – (- كتاب: الفتن وأشراط الساعة)، (22) – بابٌ: فِي الدَّجّالِ، وهُوَ أهْوَنُ عَلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ
(114) – ((2939)) حَدَّثَنا شِهابُ بْنُ عَبّادٍ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤاسِيُّ، عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ أبِي خالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قالَ: ما سَألَ أحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجّالِ أكْثَرَ مِمّا سَألْتُ، قالَ: «وما يُنْصِبُكَ مِنهُ؟ إنَّهُ لا يَضُرُّكَ» قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ مَعَهُ الطَّعامَ والأنْهارَ، قالَ: «هُوَ أهْوَنُ عَلى اللهِ مِن ذَلِكَ».
(115) – ((2939)) حَدَّثَنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عَنْ إسْماعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قالَ: ما سَألَ أحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، عَنِ الدَّجّالِ أكْثَرَ مِمّا سَألْتُهُ، قالَ: «وما سُؤالُكَ؟» قالَ: قُلْتُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَعَهُ جِبالٌ مِن خُبْزٍ ولَحْمٍ، ونَهَرٌ مِن ماءٍ، قالَ: «هُوَ أهْوَنُ عَلى اللهِ مِن ذَلِكَ»،
(115) – حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ نُمَيْرٍ، قالا: حَدَّثَنا وكِيعٌ، ح وحَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ إبْراهِيمَ، أخْبَرَنا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنا ابْنُ أبِي عُمَرَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، ح وحَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رافِعٍ، حَدَّثَنا أبُو أُسامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ إسْماعِيلَ، بِهَذا الإسْنادِ نَحْوَ حَدِيثِ إبْراهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ، وزادَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ فَقالَ لِي: «أيْ بُنَيَّ».
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله: (” [(22)]- (بابٌ: فِي الدَّجّالِ، وهُوَ أهْوَنُ عَلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ “).
قال الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله:
[(7348)] ((2939)) – شرح الحديث:
وقوله: («وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ)» ما «استفهاميّة إنكاريّة، و» يُنصب «بضمّ أوله، وفتحه، من الإنصاب، أو النَّصَب، وهو التعب والمشقّة؛ أي: ما يشقّ عليك، ويُتعبك منه؟.
قال القاضي عياض رحمه الله: وقوله: (وما ينصبك منه): أي: ما يتعبك من أمره فيشغلك من خوفه. قال ابن دريد: يقال: أنصبه المرض ونصبه وأنصبه أعلى. قال: وهو تغير الحال من مرض أو تعب. [إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 492]
وقوله: (إِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ») قال القرطبيّ رحمه الله: قوله: «إنه لا يضرّك» يَحْتَمِل أن يريد: لأنك لا تُدرك زمان خروجه، ويَحْتَمِل: أن يكون إخبارًا منه بأنه يُعْصَم من فتنته، ولو أدرك زمانه، واللَّه تعالى ورسوله أعلم. انتهى. [«المفهم» (5) / (472)].
هذا المعنى قد جاء ما يناقضه في أحاديث الدجال الآتية، فَيَحْتَمِل: أن يكون هذا القول صدر عنه صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه بما في تلك الأحاديث، ويَحْتَمِل: أن يعود الضمير إلى تمكين الدجال من أنهار الماء، وجبال الخبز؛ أي: فِعل ذلك على اللَّه هيّن، والأوَّل أسبق، والثاني لا يمتنع، واللَّه تعالى أعلم، قاله القرطبيّ رحمه الله [«إكمال المعلم» (7) / (27)].
وقوله: (قَالَ: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ») قال القاضي عياض رحمه الله [«المفهم» (5) / (472)]: معناه: هو أهون من أن يَجعل ما يَخلقه على يديه مضلًّا للمؤمنين، ومشكّكًا لقلوب الموقنين، بل ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض، فهو مثل قول الذي يقتله: ما كنت أشدّ بصيرةً مني فيك، لا أن قوله: «هو أهون على اللَّه من ذلك» إنه ليس شيء من ذلك معه، بل المراد: أهون من أن يجعل شيئًا من ذلك آيةً على صدقه، ولا سيما، وقد جُعل فيه آية ظاهرة في كَذِبه، وكفره، يقرأها من قرأ، ومن لا يقرأ، زائدة على شواهد كذبه، من حَدَثِه، ونقصه.
قال الحافظ: الحامل على هذا التأويل أنه ورد في حديث آخر مرفوع: «ومعه جبل من خبز، ونهر من ماء»، أخرجه أحمد، والبيهقيّ في «البعث» من طريق جُنادة بن أبي أمية، عن مجاهد، قال: انطلقنا إلى رجل من الأنصار، فقلنا: حدّثنا بما سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الدجال، ولا تحدّثنا عن غيره، فذكر حديثًا فيه: «تُمْطَرُ الأرضُ، ولا يَنبُتُ الشجر، ومعه جنة، ونار، فناره جنة، وجنته نار، ومعه جبل خبز. . .» الحديث بطوله، ورجاله ثقات، ولأحمد من وجه آخر عن جنادة، عن رجل من الأنصار: «معه جبال الخبز، وأنهار الماء»، ولأحمد من حديث جابر: «معه جبال من خبز، والناس في جَهد إلا من تبعه، ومعه نهران. . .» الحديث.
فدلّ ما ثبت من ذلك على أن قوله: «هو أهون على اللَّه من ذلك» ليس المراد به ظاهره، وأنه لا يَجعل على يديه شيئًا من ذلك، بل هو على التأويل المذكور، وقد تقدّم البحث بأتمّ مما هنا بالرقم المذكور، وباللَّه تعالى التوفيق. [البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 44/ 616].
وقال الراجحي: وقوله: ((هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ))؛ لأن الله سيبطل أمره ويضمحل، ويقتله المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وتنتهي فتنته، والله تعالى يعصم المؤمنين منه. [توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم 8/ 344].
قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لصحيح البخاري: قوله (ما يضرك منه قلت لأنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء) يعني: يشبع من يتبعه ويرويه ويجوع من يخالفهوه ويعطشهم، قال: (هو أهون على الله من ذلك) من أن يكون معه هذا الشيء؛ لأن الشيء الذي معه الجنة والنار التي معه كلها تمويه جنته نار وناره جنة، فهو أهون على الله من أن يجعل معه ثوابا أو عقابا لكن مع ذلك يفتن الله به الناس فتنة دنيا”. انتهى.
وقال الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله
[(7349)] [(7350)] (. . .) – الحديث
“في هذا الحديث: دليل على جواز قول الكبير لمن هو أصغر منه: ((أَيْ بُنَيَّ))، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أبو المؤمنين، قال تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}، فهو أبو المؤمنين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأَيْ: حرف نداء”. [توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم 8/ 344].
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ ما معَ الدَّجَّالِ مِن آياتٍ إنَّما هِيَ مِن عِندِ اللهِ تعالى ابتلاءً منه سُبحانَه للعِبادِ.
وفيه: أنَّ اللهَ سُبحانَه يُثَبِّتُ المُؤمِنين وَقتَ الابتلاءِ. [الدرر].
تنبيه: سبق في الباب السابق التوسع قي بيان مسائل هذه الأحاديث