: 292 – رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
باب غسل ما يصيب من فرج المرأة.
292 – حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث عن الحسين؛ قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة: أن عطاء بن يسار أخبره؛ أن زيد بن خالد الجهني أخبره: أنه سأل عثمان بن عفان؛ فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره. قال عثمان: سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب -رضي الله عنهم-؛ فأمروه بذلك. قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره: أنه سمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
293 – حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن هشام بن عروة؛ قال: أخبرني أبي؛ قال: أخبرني أبو أيوب؛ قال: أخبرني أبي بن كعب؛ أنه قال: يا رسول الله، إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل. قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي. قال أبو عبد الله: الغسل أحوط، وذاك الآخر وإنما بينا لاختلافهم.
———————-
فوائد الباب:
1 – قوله: (غسل ما يصيب من فرج المرأة). أي يغسل ما مس المرأة منه. قاله ابن بطال في شرحه.
2 – “فيه: إما إضمار أو كناية؛ لأن تقديره: يغسل عضوا مس فرج المرأة، وهو من باب إطلاق اللازم وهو مس المرأة، وإرادة الملزوم وهو إصابة رطوبة فرجها”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري لشرح صحيح البخاري.
3 – حديث زيد بن ثابت عن جمع من الصحابة سبق تخريجه في الباب 34 من كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.
4 – حديث أبي أيوب عن أبي بن كعب. متفق عليه.
5 – قال الأثرم: سألت أحمد ابن حنبل عن حديث عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد، قال: سألت خمسة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وأبي بن كعب، فقالوا: الماء من الماء، فيه علة؟ قال: نعم، ما يروى من خلافه عنهم.
6 – قال يعقوب بن شيبة: “هو حديث منسوخ، كانت هذه الفتيا في أول الإسلام، ثم جاءت السنة بعد ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا جاوز الختان الختان، فقد وجب الغسل”. نقله ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري.
7 – “تم كتاب الغسل، اللهم اغسل عنا الأوزار واجعلنا من الطاهرين الأبرار، اللهم صل على محمد المصطفى سيد الأخيار حبيب الملك الجبار وآله الأشراف الأطهار وأصحابه المهاجرين والأنصار وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين” قاله الكرماني مع تصرف يسير.
8 – قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري:”روى وكيع عَن القاسم بنِ الفضل، عَن أبي جعفر محمد بنِ علي، قالَ:
قالَ المهاجرون: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، وقال الأنصار: الماء مِن الماء.
وروى ابن أبي شيبة، عَن حفص بنِ غياث، عَن حجاج، عَن أبي جعفر، قالَ:
أجمع المهاجرون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أن ما أوجب الحدين: الجلد والرجم، أوجب الغسل.
وروى إبراهيم بنِ مسلم الخوارزمي في كِتابِ الطهور عَن ابن نمير، عَن يحيى بنِ سعيد، عَن سعيد بنِ الميسب، قالَ: كانَ أبو بكر وعمر يأمران بالغسل- يعني: مِن الإكسال.
وروى مالك عَن ابن شهاب، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: إن عمر وعثمان وعائشة كانوا يقولون: إذا مس الختان الختان فَقد وجب الغسل.
وروى عبد الرزاق عَن معمر، عَن الزهري، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: كانَ عمر وعثمان وعائشة والمهاجرون الأولون يقولون: إذا مس الختان الختان فَقد وجب الغسل.
وروى وكيع، عَن محمد بنِ قيس الأسدي، عَن علي بنِ ربيعة، عَن علي، قالَ: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل.
وروى ابن أبي شيبة والأثرم بإسنادهما، عَن عاصم، عَن زر، عَن علي، قالَ: إذا التقى الختانان وجب الغسل.
وقد روي، عَن علي مِن وجوه متعددة.
فهؤلاء الخلفاء الراشدون – رضي الله عَنهُم – قَد أجمعوا على ذَلِكَ، معَ أن بعضهم روى عَن النبي-صلى الله عليه وسلم- خلاف، فلولا أنهم علموا أن ما خالف ذَلِكَ منسوخ، لما خالفوا ما سمعوا مِن النبي، ووافقهم على ذَلِكَ أكابر الصحابة، مِنهُم: ابنِ مسعود، وابن عمر، وأبو ذر، وأبو هريرة، ومعاذ بنِ جبل فقيه الأنصار، وأبو هريرة، وعائشة أم المؤمنين، وهي أعلم الناس بهذا، وإليها مرجع الناس كلهم.
وقد صح عنها؛ أنها افتت بذلك، وأمرت بهِ، وأن الصحابة الذين سمعوا منها رجعوا إلى قولها في ذَلِكَ؛ فإنها لا تقول مثل هَذا إلا عَن علم عندها فيهِ عَن رسول الله، لا سيما وقد علمت اختلاف الصحابة في ذَلِكَ.
وجمع عمر الناس كلهم على قولها، فلو كانَ قولها رأياً مجرداً عَن رواية لما استجازت رد روايات غيرها مِن الصحابة برأيها.
وقد روي عنها مِن وجوه كثيرة، وبعضها صحيح، كَما تقدم، أنها روته عَن رسول الله قولاً أو فعلاً.
فما بقي بعد ذَلِكَ سوى العناد والتعنت، ونعوذ بالله مِن مخالفة ما أجمع عليهِ الخلفاء الراشدون، وجمع عليهِ عمر كلمة المسلمين، وأفتت بهِ عائشة أم المؤمنين، أفقه نساء هَذهِ الأمة، وهي أعلم بمستند هَذهِ المسألة مِن الخلق أجمعين.
9 – القول بأن (الماء مِن الماء) نسخ بالأمر بالغسل مِن التقاء الختانين هوَ المشهور عند العلماء مِن الفقهاء والمحدثين، وقد قرره الشافعي، وأحمد، ومسلم بنِ الحجاج، والترمذي، وأبو حاتم الرازي وغيرهم مِن الأئمة. وقد روي معنى ذَلِكَ عَن سعيد بنِ المسيب وغيره مِن السلف.” انتهى قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
10 – “قال طائفة مِن العلماء: لما اختلفت الأحاديث في هَذا وجب الأخذ بأحاديث الغسل مِن التقاء الختانين، لما فيها مِن الزيادة التي لَم يثبت لها معارض، ولم تبرأ الذمة بدون الاغتسال؛ لأنه قَد تحقق أن التقاء الختانين موجب لطهارة، ووقع التردد: هل يكفي الوضوء أو لا يكفي دونَ غسل البدن كله؟ فوجب الأخذ بالغسل؛ لأنه لا يتيقن براءة الذمة بدونه. وهذا معنى قول البخاري: الغسل أحوط. ولذلك قالَ أحمد – في رواية ابن القاسم -: الأمر عندي في الجماع أن آخذ بالاحتياط فيهِ، ولا أقول: الماء مِن الماء”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح.
11 – “استقر مِن حينئذ العمل على الغسل مِن التقاء الختانين، ولم يصح عَن أحد مِن الصحابة بعد ذَلِكَ إظهار الفتيا بخلافه، فوجب اتباع سبيل المؤمنين، والأخذ بما جمع عليهِ الأمة أمير المؤمنين، والرجوع إلى مِن رجعت إليه الصحابة في العلم بهذه المسألة، وهي أم المؤمنين.
والمخالف يشغب بذكر الأحاديث التي رجع عنها رواتها، ويقول: هي صحيحة الأسانيد، وربما يقول: هي أصح إسناداً مِن الأحاديث المخالفة لها. ومن هنا: كره طوائف مِن العلماء ذكر مثل هَذهِ الأحاديث والتحديث بها؛ لأنها تورث الشبهة في نفوس كثير مِن الناس”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح.
12 – “المقصود بهذا: أن المسائل التي اجتمعت كلمة المسلمين عليها مِن زمن الصحابة، وقل المخالف فيها وندر، ولم يجسر على إظهارها لإنكار المسلمين عليهِ، كلها يجب على المؤمن الأخذ بما اتفق المسلمون على العمل بهِ ظاهراً؛ فإن هَذهِ الأمة لا يظهر أهل باطلها على أهل حقها، كَما أنها لا تجتمع على ضلالة”.
قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
13 – قوله: (قال أبو عبد الله: الغسل أحوط). قال ابن العربي المالكي: الأمر الصعب خلاف البخاري في ذلك، وحكمه أن الغسل مستحب وهو أحد أئمة الدين وأجل علماء المسلمين معرفة وعدلا .. إلى أن قال: ويحتمل قول البخاري الغسل أحوط يعني في الدين، وهو باب مشهور في أصول الفقه وهو الأشبه بإمامة الرجل وعلمه”.
قلت: والثاني هو المتبادر إلى الذهن والله أعلم.
قال الحافظ ابن حجر: “وهذا هو الظاهر من تصرفه”.