290 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 2، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم)
———‘————‘———
مسند أحمد
20707 – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ، فَلَمَّا رَجَعْتُ اسْتَفْتَحْتُ، فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الْمَلِيحِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ»
قوله: «أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» في الصحيحين عن ابن عمر
وفي الصحيح المسند (1498) عن عمرو بن أوس
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
وصححه أحد طلاب الشيخ مقبل وقال باحث: سقط ابوقلابة من سند ابن ماجه.
وتابع اباقلابة قتادة عند ابن حبان وهو من طريق شعبة عن قتادة عن أبي المليح به
“”””””””””””””’
{اختلاف العلماء في الآذان و الإقامة في السفر}
اختلف العلماء فى الأذان والإقامة فى السفر، فاستحب طائفة أن يؤذن المسافر ويقيم لكل صلاة، روى ذلك عن سلمان، وعبد الله بن عمرو، وعن سعيد بن المسيب مثله، وهذا قول الكوفيين، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبى ثور، وقالت طائقة: هو بالخيار إن شاء أذن، وإن شاء أقام، روى ذلك عن على بن أبى طالب، وهو قول عروة، والثورى، والنخعى، وقالت طائفة: يجزئه إقامة، روى ذلك عن مكحول، والحسن البصرى، والقاسم، وكان ابن عمر يقيم فى السفر لكل صلاة إلا الصبح، فإنه كان يؤذن لها ويقيم. وفى المختصر عن مالك: ولا أذان على مسافر، وإنما الأذان على من يجتمع إليه لأذانه، وقال عطاء: إذا كنت فى سفر فلم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة، وقال مجاهد: إذا نسى الإقامة فى سفر أعاد،
والحجة لهما قوله عليه السلام، للرجلين: (أذنا وأقيما)، قالا: وأمره على الوجوب، والعلماء على خلاف قول عطاء، ومجاهد؛ لأن الإيجاب يحتاج إلى دليل لا منازع فيه، وجمهور العلماء على أنه غير واجب فى الحضر، والسفر الذى قصرت فيه الصلاة عن هيئتها أولى بذلك. قال ابن القصار: والجواب عن قوله للرجلين: (أذنا وأقيما)، فإنه أراد الفضل بدلالة قوله: (أذنا)، والواحد يجزئ عندهم. وأحاديث هذا الباب محمولة عند العلماء على استحباب الأذان والإقامة فى السفر، وقد جاءت آثار فى ترغيب الأذان والإقامة فى أرض فلاة، وأنه من فعل ذلك يصلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال. ” شرح صحيح البخاري لابن بطال” (2/ 257).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة
قال العلامة العباد حفظه الله: أنه بضجنان، وهو جبل قريب من مكة في جهة المدينة، والروايات المتعددة فيها أنه كان في سفر، فيدل ذلك على أن الجماعة في السفر مطلوبة؛ ولهذا كانوا يصلون جماعة وهم مسافرون، ولم يكن يصلي كل رجل في رحله أو في مكانه وحده، وإنما يجتمعون ويصلون جماعة، لكن في الليلة الباردة أو المطيرة أذن لهم أن يصلي كل رجل في رحله، أي: في المكان الذي هو فيه، فهذا الحديث من طرقه المتعددة يدل على أن المطر والبرد مسوغ لترك الجماعة الكبرى التي هي جماعة الإمام، أو الجماعة التي تكون لرئيس الجيش أو لرئيس المسافرين، وأن لكل رجل أن يصلي في رحله؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه أمر مناديه أن يقول: صلوا في رحالكم، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا الذي فعله، وهو إنما فعله مقتدياً برسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ” شرح سنن أبي داود”
قال العيني: في هذه الأحاديث تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار، وأنها متأكدة إذا لم يكن عذر، وأنها مشروعة في السفر، وأن الأذان مشروع في السفر. شرح سنن أبي داود (4/ 382).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: أن الإنسان يعذر بترك الجماعة فيما إذا كان بينه وبين المسجد ما يشق عليه من وحل أو ماء أو غيره، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينادي مناديه في الليلة المطيرة؛ أن صلوا في رحالكم يعني في أماكنكم، وذلك من أجل أن لا يشق على الناس، فأما إذا كان ماء بلا مشقة وبلا دحر ووحل؛ فإنه لا يعذر الإنسان بترك الجماعة. ” شرح رياض الصالحين” (3/ 313).
وحكى ابن عبد البر، عن أبي حنيفة وأصحابه: أن المسافر يكره له أن يصلي بغير أذان وإقامة، وأما الحاضر إذا صلى وحده فيستحب أن يؤذن ويقيم، وإن اكتفى بأذان أهل المصر وإقامتهم أجزأه. ” فتح الباري لابن رجب” (3/ 549).
تقال الصلاة في الرحال في نفس الآذان و اخره ونص الشافعي على ذلك
قال النووي في شرحه لمسلم: وفي حديث بن عباس رضي الله عنه أن يقول ألا صلوا في رحالكم في نفس الأذان وفي حديث بن عمر أنه قال في آخر ندائه والأمران جائزان نص عليهما الشافعي رحمه الله تعالى في الأم في كتاب الأذان وتابعه جمهور أصحابنا في ذلك فيجوز بعد الأذان وفي أثنائه لثبوت السنة فيهما لكن قوله بعده أحسن؛ ليبقى نظم الأذان على وضعه، ومن أصحابنا من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهذا ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس – رضي الله عنهما- ولا منافاة بينه وبين الحديث الأول -حديث ابن عمر رضي الله عنهما-؛ لأن هذا جرى في وقت وذاك في وقت وكلاهما صحيح”
قال الشوكاني في النيل (3/ 186): وفيه دليل على أن المؤذن في يوم المطر ونحوه من الأعذار لا يقول حي على الصلاة، بل يجعل مكانها: صلوا في بيوتكم.
قال العلامة ابن باز في تعليقه على البخاري: يقول: “الأفضل أن يكمل الأذان ثم يقول بعده صلوا في بيوتكم.
قال العلامة الألباني: إذا كان المسلم في بيته وأذن المؤذن مثلا لصلاة الظهر فيقول في أذانه إن شاء كما هو السنة المطردة حي على الصلاة حي على الفلاح ثم يلحق بهاتين الحيعلتين الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال أو يقيم هذه الجملة بدل الحيعلتين لا يقول في الأذان حي على الصلاة حي على الصلاة كما هو العادة والسنة وإنما يقيم مقامهما الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال , حينئذٍ من كان في رحله والأمطار تتنازل فلا يجب عليه الحضور إلى المسجد أي إن المطر شرعا سبب لإسقاط فرض من الفرائض ألا وهي صلاة الجماعة هذه السُنة الأولى. ” سلسلة الهدى و النور” انتهى
و الحديث فيه فائدة جواز ترك الجمعة و الجماعات اذا كان المطر خفيفا و لا تشترط المشقة، و لكن في الحقيقة لم أقف لكلام عالم يؤيد ما قلته و العلامة. ابن عثيمين ذكر ضابط المطر المشقة و ان تبل الثياب.
وجاء في الشرح الممتع لزاد المستقنع
قال المؤلف رحمه الله:
وَبَيْنَ العِشَاءَيْنِ لِمَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابِ، وَوَحَلٍ، وَرِيْحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَة، ………….
قوله: «ولمريض يلحقه بتركه مشقة» أي: يجوز الجمع لمريض يلحقه بترك الجمع مشقة أي تعب وإعياء، أيَّ مرض كان، سواء كان صداعاً في الرأس، أو وجعاً في الظهر، أو في البطن، أو في الجلد، أو في غير ذلك، ودليل ذلك ما يلي:
1 ـ عموم قول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
2 ـ حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «جمع النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر» قالوا: فإذا انتفى الخوف والمطر، وهو في المدينة انتفى السفر أيضاً، ولم يبق إلا المرض، وقد يكون هناك عذر غير المرض، ولكن ابن عباس: «سئل لماذا صنع ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته» أي: أن لا يلحقها حرج في عدم الجمع، ومن هنا نأخذ أنه متى لحق المكلف حرج في ترك الجمع جاز له أن يجمع، ولهذا قال المؤلف: «ولمريض يلحقه بتركه مشقة».
وفهم من قول المؤلف: أنه لو لم يلحقه مشقة، فإنه لا يجوز له الجمع وهو كذلك.
فإذا قال قائل: ما مثال المشقة؟ قلنا: المشقة أن يتأثر بالقيام والقعود إذا فرق الصلاتين، أو كان يشق عليه أن يتوضأ لكل صلاة .. والمشقات متعددة.
فحاصل القاعدة فيه: أنه كلما لحق الإِنسان مشقة بترك الجمع جاز له الجمع حضراً وسفراً.
قوله: «وبين العشائين» أي: بين المغرب والعشاء، للأعذار التالية:
الأول:
قوله: «لمطر يبل الثياب» يعني: إذا كان هناك مطر يبل الثياب لكثرته وغزارته، فإنه يجوز الجمع بين العشائين، فإن كان مطراً قليلاً لا يبل الثياب فإن الجمع لا يجوز، لأن هذا النوع من المطر لا يلحق المكلف فيه مشقة، بخلاف الذي يبل الثياب، ولا سيما إذا كان في أيام الشتاء، فإنه يلحقه مشقة من جهة البلل، ومشقة أخرى من جهة البرد، ولا سيما إن انضم إلى ذلك ريح فإنها تزداد المشقة.
فإن قيل: ما ضابط البلل؟
فالجواب: هو الذي إذا عصر الثوب تقاطر منه الماء.
الثاني:
قوله: «ووحل» الوحل: الزلق والطين؛ فإذا كانت الأسواق قد ربصت من المطر فإنه يجوز الجمع، وإن لم يكن المطر ينزل، وذلك لأن الوحل والطين، يشق على الناس أن يمشوا عليه.
وعلم من قوله: بين العشائين أنه لا يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأسباب وهو المذهب. والراجح أنه جائز لهذه الأسباب وغيرها بين الظهرين والعشائين عند وجود المشقة بترك الجمع، كما يفيده حديث ابن عباس رضي الله عنه.
الثالث:
قوله: «وريح شديدة باردة» اشترط المؤلف شرطين للريح:
1 ـ أن تكون شديدة.
2 ـ وأن تكون باردة.
وظاهر كلامه: أنه لا يشترط أن تكون في ليلة مظلمة، بل يجوز الجمع للريح الشديدة الباردة في الليلة المقمرة أيضاً.
فإذا قال قائل: ما هو حد الشدة والبرودة؟
فالجواب على ذلك: أن يقال: المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة، والمراد بالبرودة ما تشق على الناس.
فإن قال قائل: إذا اشتد البرد دون الريح هل يباح الجمع؟ قلنا: لا لأن شدة البرد بدون الريح يمكن أن يتوقاه الإِنسان بكثرة الثياب، لكن إذا كان هناك ريح مع شدة البرد فإنها تدخل في الثياب، ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع؛ لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة، لكن لو فرض أن هذه الرياح الشديدة تحمل تراباً يتأثر به الإِنسان ويشق عليه، فإنها تدخل في القاعدة العامة، وهي المشقة، وحينئذٍ يجوز الجمع.
فإذا قال قائل: ما الدليل على اختصاص الجمع للريح الشديدة والمطر والوحل بالعشائين.
قلنا: الدليل أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «جمع بين العشائين في ليلة مطيرة» ولكن هذا الحديث فيه نظر، والذي رواه النجاد، وليس البخاري كما في بعض نسخ الروض.
وأيضاً كونه جمع في ليلة مطيرة لا يمنع أن يجمع في يوم مطير، لأن العلة هي المشقة، ولهذا كان القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار، كما يجوز الجمع بين العشائين، والعلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع.
فأسباب الجمع هي: السفر، والمرض، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ولكن لا تنحصر في هذه الأسباب الخمسة، بل هذه الخمسة التي ذكرها المؤلف كالتمثيل لقاعدة عامة وهي: المشقة، ولهذا يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين، وبين العشائين لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة، ويجوز الجمع أيضاً للإِنسان إذا كان في سفر وكان الماء بعيداً عنه، ويشق عليه أن يذهب إلى الماء ليتوضأ لكل صلاة، حتى وإن قلنا بعدم جواز الجمع في السفر للنازل، وذلك لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة.
انتهى كلامه رحمه الله.