29 – بَابُ شَيْبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
100 – (2341) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا» – قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهُ – وَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ ”
101 – (2341) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَضَبَ؟ فَقَالَ: «لَمْ يَبْلُغِ الْخِضَابَ كَانَ فِي لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ» قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَالَ فَقَالَ: نَعَمْ، بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ ”
102 – (2341) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخَضَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا»
103 – (2341) حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي رَأْسِهِ فَعَلْتُ»، وَقَالَ: لَمْ يَخْتَضِبْ «وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ» وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا ”
104 – (2341) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ” يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ ”
104 – وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بِهَذَا الْإِسْنَادِ
105 – (2341) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، جَمِيعًا، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعَ أَبَا إِيَاسٍ، عَنْ أَنَسٍ: ” أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا شَانَهُ اللهُ بِبَيْضَاءَ ”
106 – (2342) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءَ، وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ» قِيلَ لَهُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: «أَبْرِي النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا»
107 – (2343) حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضَ قَدْ شَابَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ»
107 – وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، بِهَذَا وَلَمْ يَقُولُوا: أَبْيَضَ قَدْ شَابَ
108 – (2344) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَانَ إِذَا دَهَنَ رَأْسَهُ لَمْ يُرَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِذَا لَمْ يَدْهُنْ رُئِيَ مِنْهُ»
109 – (2344) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ، وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ ”
الفوائد
——-
- معنى بعض الألفاظ الواردة
الحناء فممدود وهو معروف
وأما الكتم فبفتح الكاف والتاء المثناة من فوق المخففة هذا هو المشهور وقال أبو عبيدة هو بتشديد التاء وحكاه غيره وهو نبات يصبغ به الشعر يكثر بياضه أو حمرته إلى الدهمة قاله النووي
وقال القاري في المرقاة:
وقال العسقلاني الكتم الصرف يوجب سوادا مائلا إلى الحمرة والحناء توجب الحمرة فاستعمالهما يوجب ما بين السواد والحمرة اه ويؤيده ما في الصحاح الكتم نبت يخلط مع الوسمة للخضاب والمكتومة دهن للعرب أحمر ويجعل منه الزعفران أو الكتم ويقويه ما في المغرب عن
الأزهري إن الكتم نبت فيه حمرة ومنه حديث أبي بكر كان يخضب بالحناء والكتم وقال الجزري قد جرب الحناء والكتم جميعا فلم يسود بل يغير صفرة الحناء وحمرته إلى الخضرة ونحوها فقط من غير أن يبلغ إلى السواد كذا رأيناه وشاهدناه قلت الظاهر أن الخلط يختلف فإن غلب الكتم أسود وكذا إن استويا وإن غلب الحناء أحمر هذا اهـ.
قوله (وفي الرأس نبذ) ضبطوه بوجهين احدهما ضم النون وفتح الباء والثاني بفتح النون وإسكان الباء وبه جزم القاضي ومعناه شعرات متفرقة.
قوله (في صدغيه) الصدغ ما بين الأذن والعين ويسمى أيضا الشعر المتدلي عليه صدغا قاله العيني في عمدة القاري.
قلت سيف: ورد في البخاري 3550 قال: سألت أنسا: هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إنما كان شيء في صدغيه) نقله مع مجموعة من الأحاديث جامعو نضرة النعيم 1/ 433 في ذكر شيب النبي صلى الله عليه وسلم
ونقلو أيضاً من طريق عبدالله بن عقيل قال: …. أن عمر بن عبدالعزيز سأل أنس هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيت شعرا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم قد لون، قال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد متع بالسواد، ولو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة، وإنما هذا لون الطيب … ) أخرجه الحاكم
قوله شمطاته بالحركات الثلاث قال في (المطالع) شمطاته أي شيبه ثم قال وهذا يصحح قول الأصمعي إذا رأى الرجل البياض في رأسه فهو أشمط وفي (المغرب) الشمط بياض شعر الرأس يخالط سواده وعن الليث الشمط في الرجل شيب اللحية وهذا هو الذي يناسب حديث الباب قاله العيني في عمدة القاري
قال النووي رحمه الله: قوله (أعد شمطاته) وفي الرواية الاخرى كان قد شمط بكسر الميم اتفق العلماء على أن المراد بالشمط هنا ابتداء الشيب يقال منه شمط وأشمط اهـ.
(العنفقة) جاء في المرقاة: وإنما كان البياض في عنفقته وهي ما بين الذقن والشفة السفلى اهـ.
- مسألة شيب النبي صلى الله عليه وسلم وهل خضب.
أما اختلاف الرواية في قدر شيبه صلى الله عليه وسلم فقد قال النووي رحمه الله:
فالجمع بينها أنه رأى شيئا يسيرا فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه كما قال في الرواية الأخرى لم يشتد الشيب اي لم يكثر ولم يخرج شعره عن سواده وحسنه كما قال في الرواية الأخرى لم ير من الشيب إلا قليلاً اهـ.
وأما هل خضب عليه الصلاة والسلام أم لا
فالأكثرون على أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضب وإنما كان الطيب يضعف لون سواد شعره.
وقال النووي: المختار أنه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت وتركه في معظم الأوقات لحديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة قال فأخبر كل بما رأى اهـ.
وجاء في شرح الزرقاني نقلا عن الحافظ:
ويجمع بحمل نفي أنس على غلبة الشيب حتى يحتاج إلى خضابه ولم يتفق أنه رآه وهو يخضب
وحديث من أثبت الخضاب على أنه فعله لبيان الجواز وأنكر أحمد نفي أنس أنه خضب وذكر حديث ابن عمر ووافق مالك أنسا في إنكار الخضاب وتأول ما ورد في ذلك اهـ ملخصا
وقال القاضي اختلف العلماء هل خضب النبي صلى الله عليه و سلم أم لا فمنعه الأكثرون بحديث أنس وهو مذهب مالك وقال بعض المحدثين خضب لحديث أم سلمة هذا ولحديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم يصبغ بالصفرة قال: وجمع بعضهم بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة من كلام أنس في قوله، فقال: ما أدري في هذا الذي يحدثون إلا أن يكون شيء من الطيب الذي كان يطيب به شعره لأنه صلى الله عليه و سلم كان يستعمل الطيب كثيرا وهو يزيل سواد الشعر فأشار أنس إلى أن تغيير ذلك ليس بصبغ وإنما هو لضعف لون سواده بسبب الطيب، قال: ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعده لكثرة تطييب أم سلمة لها إكراما. هذا آخر كلام القاضي اهـ نقله النووي في شرحه.
وقال القاري والأظهر عندي أن نفي الخضاب محمول على الرأس وإثباته على بعض شعر اللحية من البياض.
قلت (سيف): ونفي أنس للخضاب معارض بما تقدم عن غيره من إثباته، والقاعدة المقررة أن الإثبات مقدم على النفي، خاصة أن من المثبتين ابن عمر رضي الله عنهما وهو في الغالب تلقاه من أخته حفصة، وهي ألصق برسول الله صلى الله عليه وسلم من أنس. انتهى ملخصا من موضعين
- حكم الاختضاب بالحنا والكتم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فإن في الحلال غني عنه، وذلك بأن يصبغ بالحناء والكتم أو بصبغ يكون بين الأسود والأحمر فيحصل المقصود بتغيير الشيب إلى صبغ حلال، وما أغلق باب يضر الناس إلا فتح لهم من الخير أبواب ولله الحمد. اهـ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين.
وسئل المفتي العام العلامة عبد العزيز آل الشيخ:
السؤال: ما حكم وضع الكتم السادة، ما عليه، يعني لا حنا، ولا شي على الشعر؟
الجواب: إذا لم يكن خالص السواد فلا مانع. (السائلة: هو يطلع اللون الأسود)، والله تركه أولى، إذا يوضع مع حنا، أو شيء يغير ذلك اللون الأسود لكان أفضل. اهـ من موقع الشيخ.
وقال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
أما إذا كان ليس بسواد، ولكنه شيء بين السواد والصفرة أو الحمرة فلا بأس به، وهذا هو الذي يقال له الكتم. وهذا لا يقال له سواد؛ لأنه بين السواد والحمرة والصفرة. اهـ.
- حكم الاختضاب بالأسود
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السواد. رواه مسلم
قال القاري في المرقاة: قال ميرك ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد وجنح النووي إلى أنها كراهة تحريم
وإن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ولم يرخص في غيره
ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمي
وأما خضب اليدين والرجلين فيستحب في حق النساء ويحرم في حق الرجال إلا للتداوي اهـ.
قال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي:
هذا وقد ذكرنا دلائل المجوزين والمانعين مع بيان مالها وما عليها فعليك أن تتأمل فيها
وقد جمع الحافظ ابن القيم في زاد المعاد بين حديث جابر وحديث ابن عباس المذكورين بوجهين فقال فإن قيل: قد ثبت في صحيح مسلم النهي عن الخضاب بالسواد والكتم يسود الشعر فالجواب من وجهين أحدهما أن النهي عن التسويد البحت
فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر كالكتم ونحوه فلا بأس به فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة فإنها تجعله أسود فاحما وهذا أصح الجوابين الجواب الثاني: أن الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس كخضاب شعر الجارية والمرأة الكبيرة تغر الزوج والسيد بذلك وخضاب الشيخ يغر المرأة بذلك فإنه من الغش والخداع فأما إذا لم يتضمن تدليسا ولا خداعا فقد صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد الخ
قلت: الجواب الأول هو أحسن الأجوبة بل هو المتعين عندي وحاصله أن أحاديث النهي عن الخضب بالسواد محمولة على التسويد البحت والأحاديث التي تدل على إباحة الخضب بالسواد محمولة على التسويد المخلوط بالحمرة
هذا ما عندي والله تعالى أعلم اهـ.
قلت سيف: وهناك رسالة للشيخ مقبل (تحريم الخضاب بالسواد) ورد فيها على من زعم أن قوله (واجتنبوا السواد) مدرجة، وصحح حديث (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) وهو في الصحيح المسند 635
- حكم استخدام كريم يلمع الشعر الأسود
قالت بعض اللجان:
إذا كان هذا ليس صبغاً وإنما هو لمجرد التلميع فالظاهر أنه لا حرج فيه.
- حكم خضاب اليدين
قال الإمام ابن بطة العكبري (رحمه الله) في كتابه (الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة) صـ88: “ومن البدع أن يتزعفر الرجلُ , أو يخضّبُ يدهُ بالحناء”
قال النووي (رحمه الله تعالى) في المجموع (1/ 345 (فرع: “وأما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحبٌ للمتزوجةِ من النساء للأحاديث المشهورة فيه. وهو حرام على الرجال إلا لحاجة التداوي ونحوه. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) في الفتح (436/ 10) “باب الخضاب “: “وأما خضبُ اليدين والرجلين للرجال؛ فلا يجوز إلا في التداوي”. أهـ
قال في “عون المعبود”:
” وَفِي الْحَدِيث شِدَّة اِسْتِحْبَاب الْخِضَاب بِالْحِنَّاءِ لِلنِّسَاءِ ” انتهى.
وجاء في المرقاة للقاري:
وأما خضب اليدين والرجلين فيستحب في حق النساء ويحرم في حق الرجال إلا للتداوي اهـ.
قال العلامة الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
وخضاب اليدين بالنسبة للرجل لا يجوز إلا إذا كان لعلاج أو للتداوي، فلا بأس بذلك اهـ
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
أن خضاب الرجل بمناسبة الزواج أو غيره محرم، بل من كبائر الذنوب؛ لما فيه من المشابهة بالنساء ” انتهى.
“فتاوى نور على الدرب” (11/ 415 – 416)
وقالت علماء اللجنة:
أما الخضاب بالحناء للزينة فهو من خصائص النساء ولا يجوز للرجال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، وأما استعمال الحناء بوضعه على بعض الجسم للعلاج من المرض – إذا كان فيه فائدة – فهو جائز للرجال والنساء ” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (24/ 108 (.
- حكم نتف الشعر الأبيض
قال النووي رحمه الله:
قوله (عن أنس رضي الله عنه قال يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته) هذا متفق عليه قال أصحابنا وأصحاب مالك يكره ولا يحرم اهـ.
وقد سئل العلامة العثيمين رحمه الله:
ما حكم نتف الشيب من الرأس واللحية؟
أما من اللحية أو شعر الوجه فإنه حرام لأن هذا من النمص، فإن النمص نتف شعر الوجه واللحية منه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن النامصة والمتنمصة. ونقول لهذا الرجل إذا كنت ستتسلط على كل شعرة أبيضت فتنتفها فلن تبقى لك لحية، فدع ما خلقه الله على ما خلقه الله ولا تنتف شيئاً.
أما إذا كان النتف من شعر الرأس فلا يصل إلى درجة التحريم لأنه ليس من النمص اهـ
ـمجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر – باب السواك وآداب الفطرة
—
مشاركة سيف بن دورة:
كأن أغلب الفتاوى التي تجيز استعمال الحناء للتداوي اعتمادهم على ما أخرجه أبوداود 3858 من حديث عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن جدته سلمى خادم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً في رأسه إلا قال احتجم، ولا وجعاً في رجليه إلا قال اخضبهما.
لكنه حديث ضعيف رجح الترمذي رواية من رواه عن عبيد الله بن علي عن جدته سلمى
وعبيد الله لينه ابن حجر.
أما محققو المسند فحكموا على الحديث بالاضطراب (45/ 590) وكأن صاحب العون يذهب أيضا لاضطرابه.
لكن هناك قواعد أخرى يمكن بناء هذه الفتوى عليها
– وبالنسبة لنور الشيب فهو على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند حيث
أخرجه أحمد مطولاً 4/ 133 وفيه ( … من شاب شيبة في سبيل الله كان له نوراً يوم القيامة) وأما أبوداود فاختصره ولم يذكر هذه الفقرة وذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند 1016 واقتصر على لفظ أبي داود، والترمذي
وراجع تخريجنا لكشف الأستار 2973، والصحيحة 1756
-مما ورد في الخضاب حديث طارق بن أشيم: كان خضابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الورس والزعفران. وهو في الصحيح المسند
وسبق أن ابن عمر كان يصبغ بالصفرة أخرجه البخاري 166، ومسلم 1187، وأحمد 2/ 17
وفي بعض طرقه (يصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان ابن عمر يفعل ذلك. أخرجه أبوداود 4210 وقلنا في تخريجه إسناده صحيح
– وكذلك ورد من حديث أبي ذر (إن أحسن ما غير به هذا الشيب الحناء والكتم) أخرجه أبوداود، وصححه الشيخ مقبل في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين، وذكره الدارقطني في العلل 1136 وعلل بعض الأسانيد، ولم يعلل المتن
ثم وقفت على تراجع الشيخ مقبل حيث ذكر أن طريق الاجلح الراجح فيها الإرسال حيث قال النسائي بعد أن ذكر طريق الاجلح: خالفه الجريري وكهمس ا ه يعني رووه من طريق عبدالله بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا مرسلا.
وذكر الشيخ مقبل كذلك تعليل رواية معمر، ونقل تعليلها عن أبي حاتم، واستغرابها من الدارقطني.
لكن نقلنا في تخريجنا لسنن أبي داود 4205: أن له إسناد آخر عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى عن أبي ذر وهو صحيح، وورد عن ابن عباس عند أبي يعلى وإسناده حسن.
-ورد أن رجلاً مرَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم خضب بالحناء فقال صلى الله عليه وسلم: هذا احسن من هذا – يعني من الكتم ثم مرَّ به رجل بعد ذلك قد خضب بالصفر، فقال هذا: احسن من كله. قال العقيلي وارده في ترجمة حميد بن وهب: وفي الخضاب أحاديث من غير هذا الوجه صالحة الأسانيد بألفاظ مختلفة تشتمل على هذا المعنى.
– وورد حديث لأم سلمة أخرجه البخاري من طريق عثمان بن عبدالله بن موهب قال: دخلت على أم سلمة فأخرجت إلينا شعرا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخضوبا.
وزاد ابن ماجه بإسناد صحيح (مخضوبا بالحناء والكتم)
وعند البخاري؛ فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمرا
تنبيه: حديث محمد بن عبدالله بن زيد أن أباه شهد النبي صلى الله عليه وسلم عند المنحر هو ورجل من الأنصار، قال: فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه فأعطاه، فقسم منه على رجال، وقلَّم أظفاره فأعطاه صاحبه، فإنه عندنا لمخضوب بالحناء والكتم. وفي طريق الخضاب منهم: (خضبناه لكي لا يتغير).
لا يصح علله ابن خزيمة، والبخاري والترمذي وابن عدي والبغوي. والبيهقي. وراجع تخريجنا لمسند أحمد 16475
– وردت أحاديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة يدها كيد الرجل، لتبايع فلم يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة أو بحمرة. أخرجه البزار كما في الكشف 2993، وله طرق أخرى قال الإثيوبي حسنها الشيخ الألباني لشواهده لكن لا تطمئن النفس إليها. انتهى
المهم: ذكر ابن بطال في شرحه للبخاري: أنه لا يحل للمرأة التشبه بالرجال من الأفعال …. وترك تغيير الأيدي والأرجل من الخضاب الذي أمرن بتغييرها.
– ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكرموا الشعر. أخرجه أبوداود 4163 وهو صحيح، وراجع الصحيحة، 500، وتخريجنا لكشف الأستار 2974
– ما ورد عن عائشة وسألت عن خضاب الحناء فقالت: لا بأس به، ولكني أكرهه كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره ريحه، قال أبوداود تعني خضاب شعر الرأس.
أخرجه أبوداود 4166 وفيه كريمة مجهولة، وضعفه الألباني ومحققو المسند
– ورد إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم متفق عليه.
سبق كثير من هذه الأحكام في النهي عن السواد وغيره في فوائد مسلم.
-ورد في سنن أبي داود عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو (ذو وفرة بها ردع حناء، وعليه بردان اخضران) وهو في الصحيح المسند 1226 وفي رواية (وكان لطخ لحيته بالحناء)