286 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————‘———–‘———–
مسند أحمد
20417 – حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَكَرْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ أَبِي بَكَرَةَ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُلْتَمِسِهَا بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي عَشْرِ الْأَوَاخِرِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فِي الْوِتْرِ مِنْهُ» قَالَ: فَكَانَ أَبُو بَكَرَةَ «يُصَلِّي فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ كَصَلَاتِهِ فِي سَائِرِ السَّنَةِ فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ اجْتَهَدَ»
الجواب: على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيح المسند)
فالحديث في الصحيح المسند، لكن بلفظ ( … التمسوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو في خمس يبقين أو في ثلاث أواخر ليلة) وهنا في مسند أحمد (في الوتر منه) وإن كان المعنى واحد، لعل في اختلاف الألفاظ نوسع دائرة استنباط الفوائد ومنها أن الوتر تشمل الأوتار الباقية أو الأوتار الماضية. وأيضاً ندخل في الوتر ليلة تبقى
——-”——–”——-
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: شَدُّ الْمِئْزَرِ يَتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: هِجْرَانُ النِّسَاءِ، وَتَرْكُ غِشْيَانِهِنَّ.
وَالآخَرُ: الْجِدُّ وَالتَّشْمِيرُ فِي الْعَمَلِ.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأَمْرِ مِئْزَرِي، أَيْ: تَشَمَّرْتُ لَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كَنَّى بِذِكْرِ الإِزَارِ عَنِ الاعْتِزَالِ عَنِ النِّسَاءِ، وَيُكَنَّى عَنِ الأَهْلِ بِالإِزَارِ وَاللِّبَاسِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [الْبَقَرَة: 187] …
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَنْ شَهِدَ الْعَشَاءَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَدَ أَخَذَ بِحَظٍّ مِنْهَا. شرح السنة للبغوي ((6) / (390)) بتصرف يسير
مسألة: ليلة القدر تطلب في الأيام الوترية
وقال القاضي في «المجرد»: وفيها: (يعني: العشر الأواخر من رمضان) يجوز أن تطلب من كل وتر منه, ولكن لثلاث بقين وسبع بقين وتسع بقين أشد استحباباَ.
والظاهر أنها إحدى هذه الثلاث الليالي, وذلك:
730 – لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان: ليلة القدر في تاسعة تبقى, في سابعة تبقى, في خامسة تبقى». رواه احمد والبخاري وأبو داود. شرح العمدة لابن تيمية ((2) / (670)).
وفي رواية لأحمد ومسلم؛ قال: أرى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم في العشر الأواخر؛ فاطلبوها في الوتر منها.
وفي رواية للبخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان».
قال الشوكاني في النيل ((4) / (329)):
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَوْتَارِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي إخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِلْعُيُونِ مَا لَا يَظْهَرُ فِي سَائِرِ السَّنَةِ، إذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يَخْفَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَامَ لَيَالِيَ السَّنَةِ فَضْلًا عَنْ لَيَالِي رَمَضَانَ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالتَّكْذِيبِ لِذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ فَيَخْتَصُّ بِهَا قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ، وَالنَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَمْ يَحْصُرْ الْعَلَامَةَ
وَلَمْ يَنْفِ الْكَرَامَةَ
قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَقَدُ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَا يَنَالُهَا إلَّا مَنْ رَأَى الْخَوَارِقَ، بَلْ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَاسِعٌ، وَرُبَّ قَائِمٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إلَّا عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ خَارِقٍ، وَآخَرُ رَأَى الْخَوَارِقَ مِنْ غَيْرِ عِبَادَةٍ وَاَلَّذِي حَصَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ، وَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هِيَ بِالِاسْتِقَامَةِ بِخِلَافِ الْخَارِقَةِ وَقَدْ يَقَعُ كَرَامَةً وَقَدْ يَقَعُ فِتْنَةً.
و قال ابن تيمية في شرح العمدة: وهذه الأحاديث كلها تقتضي أنها تكون في هذه الليالي كلها, وقد كانت في عام من الأعوام في إحدى هذه الليالي, فتكون متنقلة في الليالي العشر.
وحكى هذا عن أحمد نفسه, وهو مقتضى ما ذكره القاضي وغير من أصحابنا.
ومن أصحابنا من قال: إنها ليلة واحدة في كل سنة لا تتغير, وزعم أنه مقتضى كلام أحمد, وليس بصحيح.
وبكل حال؛ فلا نجزم لليلة بعينها أنها ليلة القدر على الإِطلاق, بل هي مبهمة في العشر؛ كما دلت عليه النصوص.
وينبني على ذلك: أنه لو نذر قيام ليلة القدر؛ لزمه, ولم يجزه في غيرها, فيلزمه قيام ليالي العشر كلها؛ كمن نذر ونسى صلاة من يوم لا يعلم عينها, ولو علق عتاقاً أو طلاقاً بليلة القدر قبل دخول العشر؛ حكم به إذا انقضى العشر, إن كان في أثناء العشر؛ حكم به في مثل تلك الليلة من العام المقبل؛ إن قيل: لا تنتقل, وإن قيل: تنتقل؛ لم يحكم به حتى ينصرم العشر من العام القابل, وهو الصواب. والله أعلم.
و بعض الصحابة من جزم بأنها ليلة السابعة و العشرين، وعن زر بن حُبيش؛ قال: «سمعت أبي بن كعب يقول: وقيل له: إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة؛ أصاب ليلة القدر. فقال أبي بن كعب: والله الذي لا إله إلا هو؛ إنها لفي رمضان (يحلف ما يستثني) , ووالله؛ إني لأعلم أي ليلة هي, هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها ليلة سبع وعشرين, وأمارتها تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها».
وعن قتادة: أنه سمع مطرفاً, عن معاوية بن أبي سفيان, عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر؛ قال: «ليلة سبع وعشرين». رواه أبو داود.
قال ابن باز السنة قيام ليلة القدر وهي تختص بالعشر الأواخر من رمضان، وأوتارها آكد من غيرها، وأرجاها ليلة سبع وعشرين، والمشروع الاجتهاد في طاعة الله جل وعلا في أيام العشر ولياليها، وليس قيام الليل واجبا وإنما هو مستحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر الأخيرة شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» والأحاديث في ذلك كثيرة والله ولي التوفيق. ” المجموع ” ((16) / (432)).
[و على العبد أن يجتهد في العشر الأواخر من قيام و تلاوة للقرآن و دعاء و استغفار].
قال ابن رجب قي اللطائف: وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضا قال سفيان الثوري الدعاء في تلك الليلة أحب إلي من الصلاة قال: وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق انتهى
ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء وإن قرأ ودعا كان حسنا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة مرتلة لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها والله أعلم
قال العلامة ابن باز: “من قام العشْرَ جميعاً، أدرك ليلة القدر. [الفتاوى (430) / (15)].
[علامات ليلة القدر]
قال العلامة ابن عثيمين: ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة.
أما علاماتها المقارنة فهي:
1 ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2 ـ الطمأنينة، أي: طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
3 ـ قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً
4 ـ أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة.
5 ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطاً، أكثر مما في غيرها من الليالي.
أما العلامات اللاحقة:
فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام.
وأما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تسكت، فإن قال قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة؟ فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة.
” الشرح الممتع ” ((6) / (496) – (497)).
وعلامتها ما تقدم أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها, كأنها الطست حتى ترتفع, ذكر معنى ذلك مرفوعاً في حديث أبي وابن مسعود, وجاء عن ابن عباس أيضاً
| [الشحناء تمنع بركة ليلة القدر] |
قال العَلّامَة ابْنُ عُثَيْمِين – رَحِمَه الله-:
[الشحناء تمنع بركة ليلة القدر، وأنه لا يغفر لاثنين بينهما شحناء وعداوة في هذه الليلة العظيمة].
سلسلة لقاءات الباب المفتوح [18]