284 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————-‘———–‘———-
مسند أحمد
20287 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، ” أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي إِلَّا صَلَاتَيْنِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ ”
قال صاحبنا ابوصالح:
(محمد بن جعفر، ووكيع) قالا: حدَّثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثي عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم، فَأسْلَمَ عَلَى أنَّهُ لاَيُصَلِّي إِلاَّ صَلاَتَيْنِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ.
وهذا الحديث إسناده صحيح متصل:
فشعبة وقتادة متفق على توثيقهما وجلالتهما، وقتادة معروف بالإرسال ويدلس فيتأنى في روايته، ولكن هذا الإسناد من رواية شعبة عنه، وشعبة لا يحدث عن شيوخه الذين ربما دلسوا إلا بما تحقق أنهم سمعوه، قال ابن حجر: «فالمعروف عنه أنه كان لا يحمل عن شيوخه المعروفين بالتدليس إلا ما سمعوه فقد روينا من طريق يحيى القطان عنه أنه كان يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال: سمعت وحدثنا حفظته وإذا قال: عن فلان تركته رويناه في المعرفة للبيهقي، وفيها عن شعبة أنه قال: كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش وأبو إسحاق وقتادة، وهي قاعدة حسنة تقبل أحاديث هؤلاء إذا كان عن شعبة ولو عنعنوها» النكت على ابن الصلاح (2/ 630) وقال نحوا من ذلك في طبقات المدلسين (ص58)
وهو متصل إذ الصحيح أنّ التابعي الثقة إذا قال: حدثني رجل من الصحابة أو عن رجل من الصحابة ونحو ذلك أنه حجة ما لم تدل قرينة على غير ذلك. وقد قال الحميدي -شيخ البخاريّ-: «إذا صح الإسناد عن الثقات إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة وإن لم يسم ذلك الرجل» وفي هذه المسألة مناقشات مبسوطة في موضعها من كتب علوم الحديث، وقول نصر بن عاصم: «عن رجل منهم» يشعر بمعرفته الصحابي وبسماعه منه.
وابن أبي عاصم ذكر هذا الحديث في مسند معاوية الليثي، وذكر قبله حديث قتادة عن نصر بن عاصم الليثي عن معاوية الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصبح الناس مجدبين فيأتيهم برزق من عنده فيقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، فاستفاد من هذا الحديث أن الرجل المبهم في حديث الصلاة أنه معاوية الليثي، وهذا المأخذ- في رأيي – قوي إن سلم هذا الحديث من علة الاضطراب!.
ونلحظ أنّ الإمام أحمد بن حنبل لم يذكر في مسند معاوية الليثي من مسنده إلا الحديث الثاني فقط والذي فيه التصريح باسمه، وكذلك فعل أبو داود الطيالسي في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير.
– ملحوظة:
– أخرج الحديث أبونعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (رقم7303) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدَّثنا محمد بن جعفر قال: حدَّثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم، فَأسْلَمَ ألا يصلي إِلاَّ صَلاَتَيْنِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ، فقال: «إن يقبل منه، فإذا دخل في الإسلام أمر بالخمس».
وقوله: «إن يقبل منه، فإذا دخل في الإسلام أمر بالخمس» زيادة غريبة وهي غير موجودة في المسند، ويظهر لي أنها زيادة تفسيرية من الراوي إمَّا من أبي نعيم أو من شيخه، والله أعلم.
1 – هذا الحديث يتعلق «بفقه دعوة الكفار إلى الإسلام» وهو التدرج معهم وتأليف قلوبهم ولذا بوّب ابن حجر على الحديث بقوله: «باب التألف على الإسلام» كما في المطالب العالية (9/ 537)، وهنا يتفطن أنه ربما لا يفقه بعض الكفار الدين الإسلامي حقيقة أو يثقل عليه شيء منه ولكن ما إن يدخل في الإسلام وتستقر حلاوة هذا الدين في قلبه حتى يكون أشد حماسا وتمسكا من بعض المسلمين الأصليين، وهذا أمر مشاهد، وقال أبو داود في السنن: حدثنا الحسن بن الصباح أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني إبراهيم عن أبيه عن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول: ” سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلمو”.
2 – وفي الحديث دليل على صحة الإسلام مع الشرط الفاسد فيقبل منه الإسلام قبولا مبدئيا ترغيبا له فيه ثم يرشد وينصح ويأمر بالخمس كلها لذا بوب مجد الدين ابن تيمية على هذا الحديث وغيره بقوله: «باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد» كما في المنتقى (2/ 4164) قلتُ: ويشبهه الشرط الفاسد في البيوع فيصح البيع مع فساد الشرط!.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
————–‘———–‘———-
يحتمل أن النبي عليه الصلاة و السلام قبل منه إسلامه لأنه كان حديث عهد بكفر، فإذا دخل الإسلام أمر بعد ذلك، و على الداعية الى الله أن يترفق في دعوته للناس و أن يحببهم الطاعة شيئا فشيء و لا يكثر عليهم فيمل بل يتدرج معهم.
قال ابن رجب الحنبلي:
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة، بل قد روي أنه قبِل من قوم الإسلام واشترطوا أن لا يزكوا، ففي مسند الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: اشترطت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليهم ولاجهاد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيتصدقون ويجاهدون.
وفيه أيضا: عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين فقبِل منه.
وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال: يصح الإسلام على الشرط الفاسد، ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها.
واستدل أيضا بأن حكيم بن حزام قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا آخرَّ إلا قائما.
قال أحمد: معناه أن يسجد من غير ركوع.
وخرج محمد بن نصر المروزي بإسناد ضعيف جدا عن أنس رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانتا فريضتين على من أقر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام، وذلك قول الله عز وجل {فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} – المجادلة -.
وهذا لا يثبت، وعلى تقدير ثبوته فالمراد منه: أنه لم يكن يقر أحدا دخل في الإسلام على ترك الصلاة والزكاة.
وهذا حق؛ فإنه صلى الله عليه وسلم أمر معاذا لما بعثه إلى اليمن أن يدعوهم أولا إلى الشهادتين وقال: إن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم بالصلاة ثم بالزكاة.
ومراده: أن من صار مسلما بدخوله في الإسلام أمر بعد ذلك بإقام الصلاة ثم بإيتاء الزكاة.
وكان من سأله عن الإسلام يذكر له مع الشهادتين بقية أركان الإسلام كما قال جبريل عليه الصلاة والسلام لما سأله عن الإسلام.
وكما قال للأعرابي الذي جاءه ثائر الرأس يسأله عن الإسلام …
” جامع العلوم الحكَم ” (1/ 84، 85).
وفي ” المنتقى “:
باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد!
عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الراوي على أن يصلي صلاتين فقبَل منه.
رواه أحمد.
وفي لفظ آخر له: ” على أن لا يصلي إلا صلاة فقبل منه “.
وعن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت فقال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك يقول: سيتصدقون ويجاهدون.
رواه أبو داود.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجل أسلم قال أجدني كارها قال أسلم وإن كنت كارها.
رواه أحمد.
قال الشوكاني:
هذه الأحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول الإسلام منه وإن شرط شرطا باطلا، وأنه يصح إسلام من كان كارها.
وقد سكت أبو داود والمنذري عن حديث وهب المذكور وهو وهب بن منبه وإسناده لا بأس به.
” نيل الأوطار ” (8/ 12، 13).
قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الثمر المستطاب 1/ 51:
ويجوز لولاة الأمر أن يقبلوا إسلام الكافر، ولو لم يرض بإقامة كل الصلوات الخمس.
وقال الرملي في (الفتاوى):
فقبل منه ذلك أي إسلامه بالشرط المذكور، وأخر وجوب بقية الصلوات الخمس عليه إلى وقت دخولها وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز.